يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
حول قرار محكمة العدل
القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في الدعوى المرفوعة من جنوب إفريقيا يعتبر قرارا تاريخيا مهما على الرغم من التحفظات التي أبداها البعض.
القرار متعلق بطلب جنوب إفريقيا في دعواها باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الإبادة الجماعية في غزة، وليس حكما في قضية الإبادة نفسها التي ستستغرق فترة طويلة.
بشكل عام يمكن ابداء الملاحظات التالية على قرار المحكمة:
أولا: المحكمة في قرارها أمرت الكيان الصهيوني (باتخاذ كل التدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة). وقالت المحكمة (إنه يتعين على إسرائيل ضمان عدم ارتكاب قواتها إبادة جماعية واتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني. كما قالت إنه على إسرائيل تقديم تقرير إلى المحكمة في غضون شهر واحد حول ما تفعله لتنفيذ الأمر).
صحيح ان قرار المحكمة لم يتضمن جزما بارتكاب اعمال إبادة في غزة، ولم يكن هذا هو موضوع القرار، لكنه في الحقيقة لم يترك مجالا كبيرا للشك بأن دعوى ارتكاب جرائم الإبادة لها ما يبررها.
ما كان للمحكمة أن تطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع الإبادة وتطالب الكيان الصهيوني بتقديم تقرير حول ذلك بعد شهر لو لم تكن لديها مبررات بوجود الإبادة.
كما أن رفض المحكمة لطلب الكيان الصهيوني برد دعوى جنوب إفريقيا حول الإبادة الجماعية وتسجيلها أن الدعوى منطقية تأكيد للقناعة بوقوع هذه الإبادة.
ثانيا: صحيح أن المحكمة لم تأمر في إطار الإجراءات العاجلة بالوقف الفوري للحرب كما كان مأمولا، إلا أن قرارها هو مؤشر واضح أيضا على أن وقف الحرب خطوة حاسمة. فلا يمكن بداهة منع أعمال الإبادة ووقف التدمير والقتل كما ذكرت المحكمة من دون أن يوقف الكيان الصهيوني الحرب.
ثالثا: المحكمة، أقرت في حكمها بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية. وذكرت أن الفلسطينيين مجموعة تحظى بالحماية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
الذي قررته المحكمة مهم جدا ليس فقط لتأكيد اختصاص المحكمة في نظر قضية الإبادة الجماعية، لكن أيضا هو إشارة واضحة لحق الشعب الفلسطيني في الحماية الدولية وأنه من الآن فصاعدا يجب على كل دول العالم والمنظمات الدولية التعامل مع هذه القضية بالجدية الواجبة.
نقول إنه رغم تحفظات البعض يعتبر قرار المحكمة تاريخيا له أهمية كبرى.
لأول مرة في التاريخ يوضع الكيان الصهيوني في قفص الاتهام والإدانة الدولية القضائية الرسمية. ينهي هذا الحكم الحصانة التي ظل الكيان الصهيوني يتمتع بها لعقود. والأمر يتعلق باتهام قضائي دولي بارتكاب أبشع الجرائم التي تعرفها البشرية.. جرائم الإبادة الجماعية.
وقرار المحكمة يعتبر في حد ذاته أكبر تطور حدث على الصعيد الدولي يفضح العدو الصهيوني وجرائمه في غزة، ويسقط كل دعاوى آلته الإعلامية ومعها الآلة الإعلامية الغربية التي حاولت تزييف الحقائق. القرار يلفت أنظار العالم كله إلى الحد الذي وصلت إليه هذه الجرائم الصهيونية في بشاعتها وفي خرقها للقانون الدولي.
وقرار المحكمة في جوهره ليس موجها إلى الكيان الصهيوني وحده وإنما إلى أمريكا وكل الدول الغربية التي شاركت في هذه الجرائم وتبررها وتدافع عنها.
العالم كله يعلم أن الدول الغربية الكبرى شريكة في ارتكاب جرائم الإبادة بالدعم المهول الذي تقدمه للكيان الصهيوني وتتحمل القدر نفسه من المسئولية. وبالتالي يدرك الكل أن قرار المحكمة يلزم هذه الدول أيضا بوقف هذه الإبادة.
ومع أهمية قرار محكمة العدل يبقى السؤال المهم بداهة هو: وماذا بعد القرار؟.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك