العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تنامي الاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين في الضفة الغربية

بقلم: د. رمزي بارود

الاثنين ٢٩ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

لو‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر،‭ ‬لكانت‭ ‬أنظارنا‭ ‬منصبة‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الأحداث‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬أحداثا‭ ‬مزلزلة،‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬مسرحاً‭ ‬لأعنف‭ ‬حملة‭ ‬عسكرية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬منذ‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الثانية‭ (‬2000-2005‭).‬

وحتى‭ ‬وقت‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬فقد‭ ‬قتل‭ ‬منذ‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬360‭ ‬فلسطينيا‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فيما‭ ‬أصيب‭ ‬الآلاف‭ ‬واعتقل‭ ‬آلاف‭ ‬آخرون‭.‬

وتتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام،‭ ‬بفارق‭ ‬كبير،‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬والذي‭ ‬صنفته‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بالفعل‭ ‬باعتباره‭ ‬العام‭ ‬الأكثر‭ ‬عنفًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2005‭.‬

ولكن‭ ‬كيف‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬المنطق‭ ‬الكامن‭ ‬وراء‭ ‬العنف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أنها‭ ‬تخضع‭ ‬بالفعل‭ ‬للاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والسيطرة‭ (‬الأمنية‭) ‬المشتركة‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية؟

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬صادقين‭ ‬في‭ ‬ادعائهم‭ ‬بأن‭ ‬حربهم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ليست‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬حماس،‭ ‬فلماذا‭ ‬يهاجمون‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬بهذه‭ ‬الشراسة،‭ ‬ويقتلون‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الخلفيات‭ ‬السياسية‭ ‬والأيديولوجية‭ ‬المختلفة،‭ ‬ويزهقون‭ ‬أرواح‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الخلفيات‭ ‬السياسية‭ ‬والأيديولوجية‭ ‬المختلفة،‭ ‬وكذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأطفال‭ ‬أيضا؟

تكمن‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬السياسية‭ ‬المتنامية‭ ‬للمستوطنين‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

تاريخياً،‭ ‬هناك‭ ‬نوعان‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬بشكل‭ ‬روتيني‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭: ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والعنف‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬المستوطنون‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

ويدرك‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬تماماً‭ ‬أن‭ ‬الظاهرتين‭ ‬مرتبطتان‭ ‬ارتباطاً‭ ‬جوهرياً‭. ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يهاجم‭ ‬المستوطنون‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬تحت‭ ‬حماية‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يشن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬عمليات‭ ‬اجتياح‭ ‬وغارات‭ ‬عنيفة‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لصالح‭ ‬المستوطنين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭.‬

لكن‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بدأت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬هذين‭ ‬الكيانين‭ ‬العنيفين‭ ‬تتغير،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬صعود‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والذي‭ ‬يقع‭ ‬معظمه‭ ‬داخل‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬ومؤيديهم‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭.‬

لذلك،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مفاجئًا‭ ‬أن‭ ‬الوزراء‭ ‬اليمينيين‭ ‬المتطرفين‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرفة،‭ ‬إيتامار‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬وبتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬مستوطنون‭.‬

وحالما‭ ‬تولى‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬بدأ‭ ‬بالترويج‭ ‬لفكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬الحرس‭ ‬الوطني‭ ‬وبعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬تمكن،‭ ‬وبدعم‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بفرق‭ ‬الأمن‭ ‬المدنية‭.‬

وحتى‭ ‬المسؤولون‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬مثل‭ ‬يائير‭ ‬لابيد،‭ ‬وصفوا‭ ‬جيش‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬الجديد‭ ‬بأنه‭ (‬مليشيا‭ ‬خاصة‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬فيما‭ ‬قاله‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستمر،‭ ‬فإن‭ ‬هدفه‭ ‬الفعلي‭ ‬من‭ ‬استمرارها‭ - ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭ - ‬هو‭ ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬النادرة‭ ‬لتحقيق‭ ‬جميع‭ ‬رغبات‭ ‬المتطرفين‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭.‬

ولنتذكر‭ ‬أن‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬جاء‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬وعود‭ ‬بضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وتوسيع‭ ‬المستوطنات،‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأماكن‭ ‬المقدسة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أفكار‭ ‬متطرفة‭ ‬عديدة‭ ‬أخرى‭.‬

وكان‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬هدفا‭ ‬رئيسيا‭ ‬لبن‭ ‬جفير‭ ‬وأتباعه،‭ ‬الذين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنه‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬الهيكل‭ ‬الثالث‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬ثالث‭ ‬أقدس‭ ‬حرم‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬ستتمكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬المقدسة‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬رفض‭ ‬لغة‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬السياسية‭ ‬الغريبة‭ ‬باعتبارها‭ ‬تطرفا‭ ‬سياسيا‭ ‬هامشيا،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬هو‭ ‬أقوى‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بسبب‭ ‬قدرته‭ ‬باستخدام‭ ‬ستة‭ ‬مقاعد‭ ‬في‭ ‬الكنيست،‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭ ‬أو‭ ‬كسره‭.‬

وبينما‭ ‬يتصرف‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬نتيجة‭ ‬لليأس،‭ ‬فإن‭ ‬وزير‭ ‬دفاعه‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت‭ ‬يكافح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استعادة‭ ‬سمعة‭ ‬جيشه‭ ‬الممزقة‭. ‬ويسير‭ ‬آخرون،‭ ‬مثل‭ ‬وزير‭ ‬مجلس‭ ‬الحرب،‭ ‬بيني‭ ‬غانتس،‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬سياسي‭ ‬رفيع‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يُنظر‭ ‬إليهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬الذين‭ ‬كسروا‭ ‬الوحدة‭ ‬السياسية‭ ‬الهشة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الأكثر‭ ‬حساسية‭.‬

لا‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬بن‭ ‬جفير‭. ‬فهذا‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬نفسه‭ ‬سليلاً‭ ‬سياسياً‭ ‬لأمثال‭ ‬مئير‭ ‬كاهانا‭ ‬سيئ‭ ‬السمعة،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬المدافعين‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬الدينية‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬الحروب‭ ‬الدينية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬نتيجة‭ ‬لظروف‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬فوضوية،‭ ‬فهو‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المرغوبة‭.‬

أحد‭ ‬الشروط‭ ‬الأساسية‭ ‬هو‭ ‬العنف‭ ‬الهمجي،‭ ‬حيث‭ ‬يُقتل‭ ‬الأشخاص‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬الاشتباه‭ ‬في‭ ‬كونهم‭ (‬إرهابيين‭). ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬18‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬قال‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬لضباط‭ ‬شرطة‭ ‬الحدود‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬لقاعدة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭: (‬لديكم‭ ‬دعم‭ ‬كامل‭ ‬مني‭)‬،‭ ‬وحثهم‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬كل‭ (‬إرهابي‭)‬،‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يشكلوا‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬ينظر‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬باعتبارهم‭ ‬إرهابيين‭ ‬محتملين،‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬ينظر‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬إسرائيل‭ (‬المعتدل‭) ‬إسحاق‭ ‬هرتسوج‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬باعتبارهم‭ (‬مسؤولين‭) ‬عن‭ ‬تصرفات‭ ‬حماس‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يقتل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هناك‭ ‬بنفس‭ ‬الحصانة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يقتلون‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مسؤولي‭ ‬الأمن‭ ‬والمخابرات‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬حذروا‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬شن‭ ‬جبهة‭ ‬حرب‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فإن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬خيار‭ ‬آخر‭ ‬سوى‭ ‬خوض‭ ‬تلك‭ (‬الحرب‭) ‬المفترضة‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال‭. ‬لماذا؟

ينظر‭ ‬قطاع‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬باعتباره‭ ‬فاشلاً‭ ‬لعدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬هجمات‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬أو‭ ‬الرد‭ ‬عليها‭ ‬بنجاح،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬استرداد‭ ‬شرفهم‭ ‬الملطخ،‭ ‬فإنهم‭ ‬سعداء‭ ‬بخوض‭ (‬حرب‭) ‬أقل‭ ‬تحديًا‭ ‬ضد‭ ‬المقاتلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المعزولين‭ ‬وغير‭ ‬المجهزين‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

بن‭ ‬جفير،‭ ‬بالطبع،‭ ‬مستعد‭ ‬للتلاعب‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬لصالحه‭. ‬وهو‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬بالضبط،‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬وتعذيب‭ ‬السجناء،‭ ‬وهدم‭ ‬المنازل،‭ ‬وإحراق‭ ‬الممتلكات‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭.‬

ولعل‭ ‬أعظم‭ ‬إنجازات‭ ‬بن‭ ‬جفير،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬هو‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬اندماج‭ ‬مثالي‭ ‬بين‭ ‬المصالح‭ ‬السياسية‭ ‬للمستوطنين،‭ ‬والحكومة،‭ ‬وأجهزتها‭ ‬الأمنية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هدفه‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬سرقة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬أو‭ ‬توسيع‭ ‬بعض‭ ‬المستوطنات‭. ‬فهو‭ ‬يريد‭ ‬حرباً‭ ‬دينية،‭ ‬حرباً‭ ‬ستؤدي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أيضاً‭.‬

وتشكل‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬فرصة‭ ‬مثالية‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬الشريرة‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬تستمر‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الفرص‭ ‬للصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬لاكتساب‭ ‬أتباع‭ ‬جدد،‭ ‬وإرساء‭ ‬جذور‭ ‬أعمق‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭ ‬السياسية‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬النهاية‭ ‬المفاجئة‭ ‬للحرب‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تهميش‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية‭ ‬لسنوات‭ ‬قادمة‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا