العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تنامي تأثير دونالد ترامب على الساحة السياسية الأمريكية

بقلم: د. جيمس زغبي

الثلاثاء ٣٠ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

إن‭ ‬الفوز‭ ‬الحاسم‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الحزبية‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬أيوا‭ ‬وتقدمه‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التمهيدية‭ ‬المقبلة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬حداً‭ ‬لأوهام‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجمهوريين‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬متمسكين‭ ‬بالأمل‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬إنقاذ‭ ‬حزبهم‭ ‬من‭ ‬براثنه‭. ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬لأن‭ ‬أعداء‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬لا‭ ‬يفهمون‭ ‬سيطرته‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬الناخبين‭.‬

ويواصل‭ ‬الجمهوريون‭ ‬المحبطون،‭ ‬والمعروفون‭ ‬باسم‭ (‬لن‭ ‬ندعم‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬أبدا‭)‬،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬المؤسسيين،‭ ‬العمل‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬الرجل‭ ‬فقط‭. ‬إنهم‭ ‬يتصرفون‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬اعتقادهم‭ ‬بأنه‭ ‬لو‭ ‬أمكن‭ ‬التغلب‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬إيقافه،‭ ‬لكان‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ (‬طبيعيًا‭)‬،‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭.‬

ليس‭ ‬هناك‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬يمثل‭ ‬مشكلة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬إنه‭ ‬نرجسي‭ ‬مريض‭ ‬ويميل‭ ‬إلى‭ ‬المبالغات‭ ‬الغريبة‭ ‬أو‭ ‬الافتراءات‭ ‬الصريحة‭. ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬وصفه‭ ‬بأنه‭ ‬محتال‭ ‬وكاره‭ ‬للنساء‭ ‬ومحرض‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الفئات‭ ‬الضعيفة‭.‬

لقد‭ ‬عرف‭ ‬الكثيرون‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الحثيثة‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬قيادة‭ ‬حزبه‭ ‬وآخرون‭ ‬لتشويه‭ ‬سمعته‭ ‬أو‭ ‬إزاحته،‭ ‬فقد‭ ‬ازدادت‭ ‬قوة‭ ‬ترامب‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬سقوط‭ ‬منافسيه‭ ‬الواحد‭ ‬تلو‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬الطريق‭.‬

يوم‭ ‬21‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الحزبية‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬أيوا،‭ ‬انسحب‭ ‬حاكم‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬رون‭ ‬ديسانتيس‭ ‬من‭ ‬السباق‭ ‬ليكون‭ ‬مرشحًا‭ ‬عن‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭.‬

هناك‭ ‬سببان‭ ‬رئيسيان‭ ‬وراء‭ ‬فشل‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬كبح‭ ‬دونالد‭ ‬جماح‭ ‬ترامب‭. ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬عزله‭ ‬يتجاهلون‭ ‬الحقيقة‭ ‬البسيطة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬قاعدة‭ ‬دعمه‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬السخط‭ ‬العميق‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬ظهوره‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬السياسي‭ ‬الوطني‭.‬

والثاني‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الهجمات‭ ‬ضد‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المؤسسات‭ ‬والأفراد‭ ‬الذين‭ ‬استهدفهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق،‭ ‬فإن‭ ‬هجماتهم‭ ‬لم‭ ‬تؤد‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬شعبيته‭ ‬بين‭ ‬أنصاره‭.‬

ترامب‭ ‬ليس‭ ‬الديماغوجي‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المعاصرة‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬حركة‭ ‬شعبوية‭ ‬يمينية‭. ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يناصر‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬السبعينيات،‭ ‬والذي‭ ‬أسسه‭ ‬الحاكم‭ ‬الراحل‭ ‬جورج‭ ‬والاس،‭ ‬وحركات‭ ‬الأغلبية‭ ‬الأخلاقية‭/‬التحالف‭ ‬المسيحي‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬و‭(‬لواء‭ ‬المذراة‭) ‬بقيادة‭ ‬بات‭ ‬بوكانان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬وحزب‭ ‬الشاي‭ ‬المناهض‭ ‬لباراك‭ ‬أوباما‭ ‬وحركات‭ (‬بيرثر‭). ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬مهدت‭ ‬الطريق‭ ‬لصعود‭ ‬ترامب‭.‬

منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬عانى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬البيض‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة‭ ‬والطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬وثقافية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬شعور‭ ‬مقلق‭ ‬بفقدان‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬حياتهم‭ ‬ومستقبلهم‭.‬

كانت‭ ‬فترة‭ ‬الستينيات‭ ‬والسبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مؤلمة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬ثلاث‭ ‬حركات‭ ‬تحولية‭ ‬هزت‭ ‬المجتمع‭ ‬والسياسة‭ ‬والثقافة‭: ‬حركة‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية؛‭ ‬والحركات‭ ‬المثيرة‭ ‬للانقسام‭ ‬العميق‭ ‬المؤيدة‭ ‬والمعارضة‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬فيتنام؛‭ ‬وثورة‭ ‬ثقافية‭ ‬قلبت‭ ‬الأعراف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المقبولة‭ ‬رأساً‭ ‬على‭ ‬عقب‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬هذه‭ ‬الحركات،‭ ‬كان‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬الرئيس‭ ‬ريتشارد‭ ‬نيكسون‭ ‬آنذاك‭ (‬الأغلبية‭ ‬الصامتة‭): ‬حوادث‭ ‬عنصرية‭ ‬صريحة‭ ‬أو‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬بدوافع‭ ‬عنصرية؛‭ ‬إظهار‭ ‬الوطنية‭ ‬المفرطة‭ ‬أو‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬ومؤسساته‭ ‬وقيمه‭ ‬المعلنة؛‭ ‬وأخيرًا،‭ ‬الشعور‭ ‬بالتحرر‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬الجذري‭.‬

على‭ ‬مدى‭ ‬خمسين‭ ‬عاماً،‭ ‬ظل‭ ‬الأمريكيون‭ ‬يجسدون‭ ‬صدماتهم‭ ‬في‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬التغيرات‭ ‬المرهقة‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬هذين‭ ‬العقدين‭ ‬المشؤومين‭. ‬وظهرت‭ ‬مظاهر‭ ‬الخوف‭ ‬ذات‭ ‬الدوافع‭ ‬العنصرية‭ ‬من‭ (‬الآخرين‭)‬،‭ ‬سواء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬إفريقي،‭ ‬أو‭ ‬اللاتينيين،‭ ‬أو‭ ‬المهاجرين‭.‬

وباعتبارنا‭ ‬كنا‭ ‬مدفوعين‭ ‬بالآلام‭ ‬التي‭ ‬تكبدناها‭ ‬نتيجة‭ ‬لهزائمنا‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬خارجية،‭ ‬أو‭ ‬خسائرنا‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬نتيجة‭ ‬لإغلاق‭ ‬المصانع‭ ‬والمناجم،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬فقد‭ ‬شهدنا‭ ‬إما‭ ‬الإفراط‭ ‬والمبالغة‭ ‬في‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬إضفاء‭ ‬طابع‭ ‬رومانسي‭ ‬على‭ (‬ماضي‭ ‬أمريكا‭ ‬العظيم‭).‬

وأخيرا،‭ ‬فإن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬شعروا‭ ‬بالتهديد‭ ‬بسبب‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القيم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬المقبولة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬سعوا‭ ‬إلى‭ ‬اليقين،‭ ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬انتهى‭ ‬بهم‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬ملجأ‭ ‬في‭ ‬اعتناق‭ ‬المعتقدات‭ ‬الدينية‭ ‬الأصولية‭.‬

وقد‭ ‬أدى‭ ‬الانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬2008‭-‬2009‭ ‬وانتخاب‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬إلى‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الخيوط،‭ ‬ما‭ ‬مهد‭ ‬الطريق‭ ‬لظهور‭ ‬ترامب‭. ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬أسابيع،‭ ‬هبطت‭ ‬سوق‭ ‬الأوراق‭ ‬المالية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬محو‭ ‬معاشات‭ ‬التقاعد‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة،‭ ‬وتضاعفت‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة،‭ ‬وأصبح‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خمسة‭ ‬منازل‭ ‬معرضاً‭ ‬لخطر‭ ‬الاغلاق‭ ‬بسبب‭ ‬الرهن‭.‬

خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬أشار‭ ‬أخي‭ ‬جون‭ ‬زغبي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استطلاعاته‭ ‬أظهرت‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬ثلثي‭ ‬الناخبين‭ ‬يشيرون‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬الأمريكي‭. ‬ومع‭ ‬انتخاب‭ ‬أوباما،‭ ‬انقض‭ ‬الجمهوريون‭ ‬على‭ ‬عرقه‭ ‬و‭(‬كونه‭ ‬أجنبي‭)‬،‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬أوباما‭ ‬أمريكياً‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬وكان‭ ‬ترامب‭ ‬أحد‭ ‬المؤيدين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬لهذا‭ ‬الجنون‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الشروط‭ ‬المسبقة‭ ‬لصعود‭ ‬ترامب‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬وتجلت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬أشكال‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬كان‭ ‬فنانا‭ ‬بارعا‭ ‬عرف‭ ‬كيف‭ ‬يستغل‭ ‬المخاوف‭ ‬ويعزف‭ ‬على‭ ‬وتر‭ ‬انعدام‭ ‬الأمان‭ ‬الذي‭ ‬شعر‭ ‬به‭ ‬جمهوره‭ ‬وكيف‭ ‬يبرز‭ ‬القوة‭ ‬واليقين‭ ‬الذي‭ ‬يتوقون‭ ‬إليه‭.‬

راح‭ ‬ترامب‭ ‬يؤكد‭ ‬لمؤيديه‭ ‬أنه‭ ‬يتفهم‭ ‬محنتهم،‭ ‬وأنه‭ ‬وحده‭ ‬الذي‭ ‬يملك‭ ‬القوة‭ ‬والعزم‭ ‬لإنقاذهم‭. ‬وهو‭ ‬يحذر‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬الذين‭ ‬يجلبون‭ ‬العنف‭ ‬ويستولون‭ ‬على‭ ‬الوظائف،‭ ‬ومن‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحظى‭ ‬بالاحترام‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬مثل‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬والمحاكم‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭.‬

وبعد‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬سيطرت‭ ‬حركته‭ ‬على‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬وقد‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬المؤسسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬والديمقراطيون،‭ ‬فإنه‭ ‬أصبح‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭.‬

لعل‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬تنامي‭ ‬قوة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬هو‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلت‭ ‬لمحاسبته‭ ‬على‭ ‬سلوكياته‭ ‬المزعجة‭ ‬وغير‭ ‬القانونية‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬يتهمها‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه‭ ‬بالتآمر‭ ‬ضده‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬نزاهة‭ ‬المحاكم،‭ ‬ومكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي،‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وبالطبع‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬نجح‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬تحصين‭ ‬نفسه‭ ‬ضد‭ ‬هجماتهم‭.‬

لقد‭ ‬ظل‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬يتمسك‭ ‬بورقته‭ ‬الرابحة‭ ‬في‭ ‬استمالة‭ ‬أنصاره‭ ‬ويردد‭ ‬على‭ ‬أسماعهم‭ ‬أنه‭ ‬وحده‭ ‬الذي‭ ‬يفهم‭ ‬آلامهم‭ ‬ومخاوفهم‭ ‬وإحباطاتهم،‭ ‬وأنه‭ ‬وحده‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عنهم‭ - ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الهجوم‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬هجوم‭ ‬عليهم‭.‬

إنهم‭ ‬يتشبثون‭ ‬به‭ ‬وبالشعور‭ ‬بالأمان‭ ‬واليقين‭ ‬الذي‭ ‬يمنحهم‭ ‬إياه‭. ‬وبالتالي،‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬إدانته‭ ‬بتهمة‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬أو‭ ‬المحاكمات‭ ‬المتزامنة‭ ‬بتهمة‭ ‬الاحتيال‭ ‬المالي‭ ‬والتحريض‭ ‬وسوء‭ ‬التعامل‭ ‬والكذب‭ ‬بشأن‭ ‬الحيازة‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬لملفات‭ ‬حكومية‭ ‬سرية‭.‬

قد‭ ‬يخسر‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات،‭ ‬لكن‭ ‬حركته‭ ‬ستظل‭ ‬وستستمر‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬تهديد‭ ‬بالعنف،‭ ‬وربما‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬يناير‭ ‬2021‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬التسامح‭ ‬مع‭ ‬الفوضى‭ ‬وأعمال‭ ‬التعصب‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬المساءلة‭ ‬مطلوبة،‭ ‬فإن‭ ‬مجرد‭ ‬هزيمة‭ ‬ترامب‭ ‬ومعاقبته‭ ‬هو‭ ‬وأتباعه‭ ‬ليس‭ ‬كافيا‭. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬طريق‭ ‬مختصر‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المأزق‭. ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬تحقير‭ ‬أو‭ ‬مهاجمة‭ ‬أنصار‭ ‬ترامب،‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬متضافرة‭ ‬لمعالجة‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تكمن‭ ‬وراء‭ ‬شعورهم‭ ‬بعدم‭ ‬الأمان‭ ‬والسخط‭.‬

إن‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬البناءة‭ ‬والتقدمية‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬الاحترام‭ ‬والاهتمام‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬بين‭ ‬عشية‭ ‬وضحاها،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬بذل‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬فإن‭ (‬الترامبية‭) ‬سوف‭ ‬تتفاقم‭ ‬وتنمو‭ ‬ويزداد‭ ‬زخمها‭.‬

 

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا