العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل هناك إمكانية لإنجاح صيغة «حل الدولتين»؟

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٠٤ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

يعد‭ ‬الأردن‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الدول‭ ‬والجهات‭ ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬فرض‭ ‬حل‭ ‬الدولتين…دوليا،‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬استمر‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬كله‭ ‬منزاح‭ ‬نحو‭ ‬اليمين‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬كبيرة‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬السياسيٍ؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬اليمين‭ ‬لن‭ ‬يقبل‭ ‬ذاتيا‭ ‬بهذا‭ ‬‮«‬الحل‮»‬،‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬فرضه،‭ ‬وبالذات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إسرائيلي‭ ‬أعلن‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬فخور‭ ‬بجهوده‭ ‬التاريخية‭ ‬لمنع‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‮»‬،‭ ‬لا،‭ ‬بل‭ ‬يعتبر‭: ‬‮«‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تشكل‭ ‬خطرا‭ ‬وجوديا‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬استعاد‭ ‬عديد‭ ‬الساسة‭ ‬والمراقبين‭ ‬بالذاكرة‭ ‬مؤتمر‭ ‬مدريد،‭ ‬وكيف‭ ‬أجبر‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬حينه‭ (‬إسحاق‭ ‬شامير‭) ‬إلى‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬العاصمة‭ ‬الإسبانية‭ ‬والمشاركة‭ ‬بالمؤتمر‭.‬

لكن‭ ‬تبين‭ ‬لاحقا‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬مؤتمر‭ ‬مدريد‭ ‬فخا،‭ ‬هدفه‭ ‬منح‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬لتوسيع‭ ‬الاستعمار‭/ ‬‮«‬الاستيطان‮»‬‭ ‬وتحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاختراق‭ ‬للساحات‭ ‬العربية‭ ‬باسم‭ ‬السلام،‭ ‬حيث‭ ‬انقلبت‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬على‭ ‬تعهداتها‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬سلطة‭ ‬فعلية‭ ‬او‭ ‬حقيقية،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬اليوم‭ ‬تتمادى‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أيضاً‭.‬

من،‭ ‬إذن،‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬حل‭ ‬الدولتين؟‭ ‬أو‭ ‬لنقل‭: ‬من‭ ‬يرفض‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬باستثناء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني؟‭! ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬توقعت‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬لها‭ ‬الكيان‭ ‬طرف‭ ‬خيط‭ ‬يسمح‭ ‬لواشنطن‭ ‬بدفع‭ ‬رؤيتها‭ ‬السياسية،‭ ‬وبضمنها‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬للكيان‭ ‬تماطل،‭ ‬وعليه‭ ‬تواصل‭ ‬واشنطن‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬إحباطها،‭ ‬فيما‭ ‬يواصل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬إظهار‭ ‬دعم‭ ‬متنوع‭ ‬للكيان‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ويرفض‭ ‬الاستجابة‭ ‬لدعوات‭ ‬مشرعين‭ ‬ديمقراطيين‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬اشتراط‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬بموافقة‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬على‭ ‬خطة‭ ‬خروج‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬وإنهائها‭ ‬وبحث‭ ‬مستقبل‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بموجب‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ (‬بايدن‭) ‬لمستقبل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كله،‭ ‬مركزا‭ ‬اعتقاده‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬لتطبيع‭ ‬علاقات‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬يتأتى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬أيضاً‭ ‬أمن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬أن‭ (‬بايدن‭) ‬يواجه‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬إنجازات‭ ‬في‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬قبيل‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والكونجرس،‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬المقبل‭.‬

الآن،‭ ‬تتصاعد‭ ‬الضغوط‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬للعمل‭ ‬نحو‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬يؤمن‭ ‬العالم‭ ‬بأنه‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬لا‭ ‬غير‭. ‬ففكرة‭ ‬الدولتين‭ ‬‮«‬لشعبين‮»‬‭ ‬تحظى‭ ‬بدعم‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬ممثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬جوزيب‭ ‬بوريل‭ ‬حين‭ ‬قال‭: ‬‮«‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬إسرائيل‭ ‬تزرع‭ ‬الكراهية،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬علينا‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬بشكل‭ ‬ملموس‭ ‬أكثر‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭.‬

من‭ ‬المؤكد‭ ‬ألا‭ ‬حل‭ ‬الآن‭ ‬إلا‭ ‬بفرض‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬إذا‭ ‬افترضنا‭ ‬أن‭ ‬النوايا‭ ‬الأمريكية‭ ‬سليمة،‭ ‬وأنهم‭ ‬بحق‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬الحل،‭ ‬ولذا،‭ ‬يجب‭ ‬الدفع‭ ‬بهذا‭ ‬الاتجاه‭. ‬واليوم،‭ ‬ونحن‭ ‬نلاحظ‭ ‬‮«‬عجز‮»‬‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬المستدام‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بوعد‭ ‬إعادة‭ ‬القنصلية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬وفتح‭ ‬مكتب‭ ‬لمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬واشنطن؛‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬أي‭ ‬أمل‭ ‬لقيام‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬فلسطينية‮»‬‭ ‬إلا‭ ‬بحل‭ ‬دولي‭ ‬عبر‭ ‬مؤتمر‭ ‬شبيه‭ ‬بمؤتمر‭ ‬مدريد‭ ‬تدعمه‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭. ‬وفيما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬لننسى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أفقاً‭ ‬سياسياً،‭ ‬ويصبح‭ ‬حينها‭ ‬الحل‭ ‬الأوحد‭ ‬لإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬المقاومة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المسلحة‭ ‬منها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا