يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
نصيحة من تروتسكي لبايدن
تحدثت في مقال سابق عن الانتقادات الحادة التي يوجهها ساسة وأعضاء كونجرس وكتاب أمريكيون لإدارة الرئيس الأمريكي بايدن بسبب ردها الذي اعتبروه ضعيفا ومتخاذلا على إيران بعد استهداف قاعدة أمريكية ومقتل وإصابة عدد من الجنود.
والحقيقة أن هناك حالة من الغضب في أوساط محللين أمريكيين وصحف أمريكية كبرى بسبب ضعف إدارة بايدن وعجزها عن ردع إيران وحماية المصالح الأمريكية من التهديد الذي تمثله هي والقوى والمليشيات العميلة لها.
صحف أمريكية كبرى نشرت في الأيام الماضية مقالات حادة انتقادا للرئيس بايدن وإدارته. ويكفي مثالا على هذا أن نتوقف عند مقالين نشرتهما صحيفتان أمريكيتان كبيرتان.
صحيفة «وول ستريت جورنال» نشرت مقالا افتتاحيا بعنوان «هل سيتمكن بايدن من ردع إيران في نهاية المطاف؟». يتوقف المقال عند الضربات الأخيرة التي شنتها أمريكا ضد مواقع في العراق وسوريا ومدى جديتها وجدواها، وتشير بداية إلى حقيقة أن أمريكا حرصت بأشكال مختلفة على أن تحذر هذه المليشيات مسبقا. تشير الصحيفة إلى حرص المسؤولين الأمريكيين على أن يعلنوا على امتداد أيام عدة أنهم لن يستهدفوا إيران مباشرة، وإنما المليشيات في العراق وسوريا، وهو بمثابة تحذير مسبق واضح كي يستعدوا. وتقول: «إن قيادات المليشيات لا يمكنهم أن يدّعوا أنهم لم يتلقوا تحذيرا، وإذا كان بينهم من لم يبتعد عن المناطق المستهدفة فهؤلاء ولا شك هم أكثر الإرهابيين في العالم صمما».
مقال وول ستريت جورنال يشير الى تصريح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الذي لوح فيه «بالقدرة على عمل المزيد»، وتساءلت: المهم هو هل ستستخدم الولايات المتحدة ما يكفي من تلك القدرة لإرسال رسالة ردع جادة إلى إيران؟
ردا على السؤال تقول إن الهجمات الانتقامية الأمريكية حتى الآن ضعيفة ولم تأت بالنتيجة المرجوّة منها، والتحذيرات الأمريكية العديدة التي سبقت هذه الهجمات ترسل رسالة مفادها أن الولايات المتحدة لا ترغب في إنزال أضرار جسيمة بالمليشيات، وهذه بدورها قد تترجم ذلك على أنه دليل على المخاوف الأمريكية من التصعيد.
في التقييم النهائي تقول الصحيفة: «إن الهجمات على الأمريكيين من المرجح ألا تنتهي إلا إذا كانت خشية العدو من التصعيد تفوق خشية الرئيس بايدن من الأمر نفسه».
الصحيفة تقول بوضوح إن الرئيس بايدن خائف من التصعيد ضد إيران، وإيران ليست خائفة، وطالما استمر هذا هو الحال فلن يتوقف الخطر الإيراني.
صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بدورها نشرت مقالا يذهب في الاتجاه نفسه. موضوع المقال هو: هل الضربات الأمريكية ضد المليشيات العميلة لإيران في العراق وسوريا كفيلة بردع إيران ومواجهة خطرها؟
كاتب المقال يشير بداية إلى أنه منذ أكتوبر الماضي، كان هناك حوالي 160 هجوما على القوات الأمريكية في العراق وسوريا. هذا ناهيك عن الهجمات المباشرة التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن على سفن البحرية الأمريكية في البحر الأحمر.
ويقول الكاتب إن أمريكا وجهت الضربات الأخيرة المحدودة على أمل
إرسال رسالة إلى طهران لتجنب التصعيد.
لكن في رأي الكاتب ان مثل هذه الضربات لن تفي بالغرض ولن تضع حدا للاستفزازات الإيرانية في المنطقة، ولن تحقق هدف بايدن بوقف التصعيد.
يورد الكاتب مقولة للزعيم الثوري ليون تروتسكي يقول فيها: «قد لا تكون مهتما بالحرب.. لكن الحرب مهتمة بك».
وبناء على هذه المقولة يقول الكاتب: «قد لا نكون مهتمين بشنّ الحرب على إيران، لكن إيران مهتمة بشن الحرب علينا».
يعتبر الكاتب في النهاية أنه لا يوجد حل لردع إيران ووقف هجمات عملائها إلا باستهدافها مباشرة كما فعلت أمريكا في «عملية فرس النبي» عام 1988، وهي عملية عسكرية أطلقت ردا على لغم إيراني كاد أن يغرق فرقاطة أمريكية خلال فترة كانت طهران تهاجم فيها باستمرار سفن النفط في الخليج العربي. وفي هذه العملية أغرقت البحرية الأمريكية ست سفن إيرانية ودمّرت منشأتين للاستخبارات الإيرانية على منصات نفط قديمة.
ويختم الكاتب المقال بالقول: «استخدمت إيران وكلاءها لإشعال الحرائق في جميع أنحاء الشرق الأوسط. لن يتم إخمادها حتى يتم القضاء على مصدر الحرائق نفسه، أي المرجل ذاته».
المقالان يلخصان كما نرى وجهة نظر مهمة مطروحة في أمريكا اليوم ترفض سياسة إدارة بايدن تجاه إيران وطريقته في التعامل مع التهديد الذي تمثله هي وعملاؤها في المنطقة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك