العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حرب غزة وخديعة حل الدولتين

بقلم: د. إبراهيم أبراش {

الجمعة ١٦ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

مع‭ ‬اشتداد‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وحالة‭ ‬الإحراج‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬واشنطن‭ ‬والغرب‭ ‬بسبب‭ ‬مشاركتهما‭ ‬فيها‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬مشاركة‭ ‬الصهاينة‭ ‬عاد‭ ‬الحديث‭ ‬مجدداً‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وعن‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬فهل‭ ‬هي‭ ‬صحوة‭ ‬ضمير‭ ‬عند‭ ‬الغرب‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬ممانعة‭ ‬للفكرة؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تُعيد‭ ‬الحقوق‭ ‬لأصحابها؟‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬مناورة‭ ‬ومحاولة‭ ‬توظيف‭ ‬هذه‭ ‬الجولة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬كما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬السابقة‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬لتكريس‭ ‬الانقسام‭ ‬وصناعة‭ ‬دويلة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬منزوعة‭ ‬السلاح‭ ‬وخاضعة‭ ‬أمنياً‭ ‬لإسرائيل؟

من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعارض‭ ‬ولوج‭ ‬مسار‭ ‬سياسي‭ ‬جاد‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭ ‬وإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعارض‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مطلب‭ ‬فلسطيني‭ ‬رسمي‭ ‬وشعبي،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬الضعيف‭ ‬والمشكوك‭ ‬في‭ ‬التجديد‭ ‬له‭ ‬لولاية‭ ‬قادمة‭ ‬جاد‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬وغزة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وحل‭ ‬عادل‭ ‬لقضية‭ ‬اللاجئين‭.‬

فواشنطن‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أعاقت‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬منذ‭ ‬تبنيها‭ ‬للموقف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الرافض‭ ‬له‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬وقوفها‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أي‭ ‬تحرك‭ ‬دولي‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يستقيم‭ ‬أو‭ ‬يتناسب‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬مع‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ومع‭ ‬تصريحات‭ ‬اليمين‭ ‬الصهيوني‭ ‬وكل‭ ‬قادة‭ ‬الاحتلال‭ ‬عن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ووصفهم‭ ‬بالحيوانات‭ ‬البشرية‭ ‬والمطالبة‭ ‬بترحيلهم‭ ‬خارج‭ ‬فلسطين‭ ‬وكيف‭ ‬تكون‭ ‬واشنطن‭ ‬صادقة‭ ‬وهي‭ ‬لم‭ ‬تعترف‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية؟‭.‬

الحديث‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬ومطالبة‭ ‬نتنياهو‭ ‬بالقبول‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬مجرد‭ ‬خدعة‭ ‬للتغرير‭ ‬بالرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬وتبييض‭ ‬واشنطن‭ ‬صفحتها‭ ‬التي‭ ‬تلوثت‭ ‬بسبب‭ ‬وقوفها‭ ‬الأعمى‭ ‬وراء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومزاعمه‭ ‬عن‭ ‬مبررات‭ ‬الحرب‭ ‬ولإنقاذ‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬مأزقها‭ ‬السياسي‭ ‬ومن‭ ‬متابعتها‭ ‬قانونياً‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬أيضاً‭ ‬تعزيز‭ ‬الخلافات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الداخلية‭.‬

الموقف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الرافض‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬ليس‭ ‬تكتيكياً‭ ‬بهدف‭ ‬انتزاع‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التنازلات‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ولا‭ ‬لأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يريدون‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬العنف‭ ‬والعمل‭ ‬المسلح‭ ‬أو‭ ‬لأنهم‭ ‬‮«‬إرهابيون‮»‬‭ ‬ودولتهم‭ ‬ستهدد‭ ‬إسرائيل‭ ‬والمنطقة‭ ‬إلخ،‭ ‬الرفض‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شبر‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬وخصوصاً‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬موقف‭ ‬استراتيجي‭ ‬ومبدأي‭ ‬وينبع‭ ‬من‭ ‬العقيدة‭ ‬اليهودية‭ ‬الصهيونية،‭ ‬فحتى‭ ‬لو‭ ‬تحول‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬لملائكة‭ ‬سلام‭ ‬فلن‭ ‬يغير‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عقيدتهم‭ ‬التوراتية‭ ‬والصهيونية‭ ‬شيئاً،‭ ‬وتجربة‭ ‬اتفاقية‭ ‬أوسلو‭ ‬والتزام‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الممثل‭ ‬الشرعي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بعملية‭ ‬السلام‭ ‬والاعتراف‭ ‬بقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬يؤكد‭ ‬ذلك‭. ‬

هم‭ ‬يرفضون‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬لأن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها‭ ‬يشكك‭ ‬بالرواية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التوراتية‭ ‬حول‭ ‬أرض‭ ‬الميعاد‭ ‬وإسرائيل‭ ‬التوراتية،‭ ‬والتوراتيون‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يحكمون‭ ‬اسرائيل‭ ‬اليوم‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يعترفون‭ ‬حتى‭ ‬بوجود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وعليه‭ ‬فإن‭ ‬فكرة‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬عملية‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وفي‭ ‬أفضل‭ ‬الحالات‭ ‬ستعمل‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬كيان‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وربما‭ ‬يتجه‭ ‬التفكير‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬توسيعه‭ ‬تجاه‭ ‬سيناء،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬منزوعة‭ ‬السلاح‭ ‬ويخضع‭ ‬للسيطرة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

الآن‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬كذب‭ ‬قادة‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬حديثهم‭ ‬المُعلن‭ ‬عن‭ ‬مبررات‭ ‬الحرب‭ ‬وأهدافها‭.‬

‭ ‬لكن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الرفض‭ ‬المصري‭ ‬لتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لسيناء‭ ‬أيضاً‭ ‬والموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬والعالمي‭ ‬المعلن‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر‭ ‬وكل‭ ‬المسيرات‭ ‬والمظاهرات‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭ ‬المنددة‭ ‬بالاحتلال‭ ‬وممارساته‭..  ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخططه‭. ‬إن‭ ‬ما‭ ‬سيفشل‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬هو‭ ‬وحدة‭ ‬وطنية‭ ‬فلسطينية‭ ‬تنهي‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬والأيديولوجي‭ ‬وتشكيل‭ ‬قيادة‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬تتبنى‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬عقلانية‭ ‬لمرحلة‭ ‬الحرب‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب،‭  ‬فانتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬نهاية‭ ‬القضية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ففلسطين‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭.‬

إن‭ ‬التعنت‭ ‬والرفض‭ ‬الصهيوني‭ ‬وانغلاق‭ ‬أفق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬لا‭ ‬يمس‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬الحقوق‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬المستقلة‭ ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬مواصلة‭ ‬نضاله‭ ‬وانتزاع‭ ‬حقه‭ ‬بدولة‭ ‬مستقلة‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬مع‭ ‬عودة‭ ‬اللاجئين‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬الممكنة‭ ‬لأن‭ ‬الدولة‭ ‬ليست‭ ‬منحة‭ ‬أو‭ ‬منَّة‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬وواشنطن‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬حق‭ ‬وطني‭ ‬تاريخي‭. ‬

 

{ أكاديمي‭ ‬فلسطيني‭ ‬مختص

‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا