يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
من يريد أن يحاسب بايدن
عرضت أمس لما جاء في مقال مهم لكاتب أمريكي فند فيه الدعاوى الزائفة التي يتم الترويج لها إعلاميا في أمريكا حول وجود خلافات حادة بين الرئيس الأمريكي بايدن وإدارته مع الكيان الصهيوني حول حرب الإبادة في غزة، وأن هناك حالة من الغضب وعدم الرضا عما يفعله رئيس الكيان نتنياهو.
بالإضافة إلى العوامل الكثيرة التي قدمها الكاتب لتفنيد هذه المزاعم ولإثبات أن حقيقة الموقف الأمريكي تتمثل في الدعم الكامل اللا مشروط لكل ما يفعله الكيان الصهيوني. لنا أن نتأمل موقف بايدن وإدارته من التطور الأخير في حرب الإبادة المتمثل في تهديد العدو الصهيوني باجتياح رفح وتهجير أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني نازح موجودين في المنطقة.
كل دول العالم تقريبا هبت بمجرد إعلان العدو الصهيوني خططه لاجتياح رفح وحذرت من نتائج كارثية مروعة غير مسبوقة، وأعلنت رفضها لما يعتزم العدو القيام به، لكن ماذا كان موقف أمريكا؟
هنا أيضا خرجت أجهزة إعلام أمريكية بتقارير توحي أو تقول صراحة إن بايدن متحفظ أو غير راض عن خطط الكيان الصهيوني باجتياح غزة.
هذا كذب. موقف بايدن وإدارته غير هذا تماما.
منذ أن أعلن الكيان الصهيوني خططه الإجرامية باجتياح رفح، أجرى بايدن اتصالا هاتفيا مع نتنياهو، وبعد اللقاء وفي تصريحات تالية قيل للعالم إن بادين أعرب عن أن اجتياح رفح يجب ألا يحدث قبل تأمين خروج الفلسطينيين من المنطقة.
وفي وقت لاحق أعلن المسؤولون الأمريكيون أنه يجب ألا يحدث هذا الاجتياح إلا وفق خطة واضحة.
لنتأمل جيدا هذا الموقف وماذا يعني بالضبط.
يعني ببساطة وبوضوح تام ان أمريكا لا تعارض أبدا لا اجتياح رفح، ولا قيام الكيان الصهيوني بطرد أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني موجودين في رفح. وتعلم إدارة بايدن جيدا أنه ليس هناك أي مكان آمن في غزة يمكن أن يذهب إليه الفلسطينيون.
يعني بعبارة أخرى، موقف إدارة بايدن في جوهره هو تأييد لموجة كبرى أخرى من الإبادة الصهيونية في غزة.
ليس هناك أي معنى آخر للموقف الأمريكي غير هذا.
ولم تكتف إدارة بايدن بهذا. صحيفة «وول ستريت جورنال» ذكرت نقلا عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين أنه قبل تنفيذ الكيان الصهيوني خطة اجتياح رفح قررت إدارة بايدن إرسال قنابل وغيرها من الأسلحة المتطورة إلى إسرائيل لتعزيز قوتها العسكرية.
وكي تكتمل الصورة ولا يكون هناك أي مجال للشك حول حقيقة الموقف الأمريكي هددت أمريكا أمس بأنها سوف تستخدم الفيتو مرة أخرى في مجلس الأمن لمنع صدور قرار بوقف الحرب تنفيذا لأوامر محكمة العدل الدولية.
هذه القضية مهمة بالنسبة إلى العرب. أعني قضية معرفة حقيقة الموقف الأمريكي بلا أي أوهام والتصرف على هذا الأساس.
والأمر هنا -باختصار شديد- أن العرب يرتكبون خطأ فادحا إن هم راهنوا على موقف أمريكا سواء في جهود وقف الحرب أو في أي ترتيبات لما بعد الحرب.
أمريكا -ببساطة- شريك كامل وبلا أي تحفظ مع العدو الصهيوني في حرب الإبادة وفي كل مخططاته، ولن تقف في أي وقت وفي أي ظرف في وجه العدو أو تتحفظ على جرائمه.
الكاتب الأمريكي الذي عرضت لما كتبه بخصوص القضية قال في نهاية مقاله إن من يريد أن يحاسب الرئيس الأمريكي بايدن يجب ألا يحاسبه بناء على التقارير الإعلامية الكاذبة والمضللة التي تتحدث عن خلافات مع الكيان الصهيوني أو عن أنه غاضب أو يشعر بعدم الرضا عما يجري، وإنما بناء على مواقفه الفعلية من حرب الإبادة التي تجري.
بعبارة أدق، من يريد أن يحاسب بايدن فليحاسبه على أساس أنه شريك كامل في كل جرائم الإبادة في غزة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك