العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

مأساة عالم بلا زعامات

الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭ ‬لديه‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬يرددها‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭. ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬مشاكل‭ ‬العالم‭ ‬اليوم،‭ ‬وأحد‭ ‬أكبر‭ ‬أسباب‭ ‬أزماته‭ ‬ومآسيه،‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬زعامات‭ ‬تاريخية‭ ‬كبرى‭.‬

يقول‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬إن‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬به‭ ‬زعامات‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬المكانة‭ ‬والوزن‭ ‬والتأثير‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لزعامات‭ ‬مثل‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬أو‭ ‬نهرو،‭ ‬أو‭ ‬ماوتسي‭ ‬تونج،‭ ‬أو‭ ‬تشرشل،‭ ‬أو‭ ‬ايزنهاور‭. ‬هذا‭ ‬بالطبع‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬الزعامات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬العالم‭ ‬عبر‭ ‬القرون‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬تطور‭ ‬البشرية‭.‬

وفي‭ ‬رأيه‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬زعامات‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬الوزن‭ ‬والتأثير‭ ‬والمكانة‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬وضياع‭ ‬وانهيار‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬وانهيار‭ ‬حتى‭ ‬للقيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والقانونية‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أنها‭ ‬حاكمة‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‭ ‬ولسلوك‭ ‬الدول‭.‬

هذه‭ ‬القضية‭ ‬موضع‭ ‬تحليل‭ ‬وجدل‭ ‬فكري‭ ‬وسياسي‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجدل‭ ‬هناك‭ ‬قضايا‭ ‬كثيرة‭ ‬مطروحة‭. ‬كيف‭ ‬تظهر‭ ‬الزعامة‭ ‬في‭ ‬التاريخ؟‭.. ‬هل‭ ‬الأمر‭ ‬متعلق‭ ‬فقط‭ ‬بالمواهب‭ ‬والقدرات‭ ‬الفطرية‭ ‬والكاريزما‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬البعض؟‭ ‬أم‭ ‬إن‭ ‬الظروف‭ ‬المحيطة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬الدور‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬الزعيم؟‭.. ‬وكيف‭ ‬نفسر‭ ‬انتهاء‭ ‬عصر‭ ‬الزعامات‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم؟‭.. ‬وهكذا‭.‬

الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬فإن‭ ‬زعامات‭ ‬أحدثت‭ ‬تحولا‭ ‬جذريا‭ ‬هائلا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬وتاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬كلها‭. ‬ويصعب‭ ‬تصور‭ ‬حدوث‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬توجد‭ ‬هذه‭ ‬الزعامات‭. ‬ينطبق‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬أدوار‭ ‬الزعامات‭ ‬السياسية‭ ‬والشعبية‭ ‬والفكرية‭.‬

هل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬حركة‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬والقوة‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭ ‬والستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬توجد‭ ‬زعامات‭ ‬مثل‭ ‬عبدالناصر‭ ‬ونهرو‭ ‬وتيتو‭ ‬وكاسترو؟‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬مثلا‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الفكر‭ ‬الإنساني‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬الثورة‭ ‬الاشتراكية‭ ‬الفكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬الفكر‭ ‬الرأسمالي‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يوجد‭ ‬كارل‭ ‬ماركس؟‭.. ‬هل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬أوروبا‭ ‬حركة‭ ‬الإصلاح‭ ‬الديني‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يوجد‭ ‬مارتن‭ ‬لوثر؟‭.. ‬هل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬نشهد‭ ‬الصين‭ ‬اليوم‭ ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تثير‭ ‬فزع‭ ‬وخوف‭ ‬الغرب‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬ماوتسي‭ ‬تونج؟‭.. ‬هل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬مصر‭ ‬الحديثة‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬من‭ ‬نهضة‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يوجد‭ ‬زعيم‭ ‬مثل‭ ‬محمد‭ ‬علي؟

قل‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬كثير‭ ‬جدا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الزعامة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭.‬

المهم‭ ‬أني‭ ‬فكرت‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬التي‭ ‬يثيرها‭ ‬الأستاذ‭ ‬أنور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬غياب‭ ‬الزعامة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم،‭ ‬وأنا‭ ‬أتابع‭ ‬كما‭ ‬الكل‭ ‬تطورات‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

القضية‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬غزة‭ ‬تشهد‭ ‬أشنع‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬ضد‭ ‬شعب‭ ‬فلسطيني‭ ‬أعزل‭. ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬كله‭. ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بادرت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬واتخذت‭ ‬موقفا‭ ‬إجراميا‭ ‬بتأييد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬همجية،‭ ‬تقول‭ ‬اليوم‭ ‬إنها‭ ‬تريد‭ ‬وقف‭ ‬الحرب،‭ ‬وتريد‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭.. ‬وهكذا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تقف‭ ‬عاجزة‭ ‬تماما‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الصهاينة‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬مما‭ ‬تريد‭.‬

السؤال‭ ‬هو‭: ‬لو‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬اليوم‭ ‬زعيم‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬للزعامة‭ ‬من‭ ‬وزن‭ ‬وتأثير،‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬ستتخذ‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬المخزية‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة؟

هل‭ ‬كان‭ ‬رؤساء‭ ‬وقادة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬سيقفون‭ ‬هكذا‭ ‬أذلاء‭ ‬خائفين‭ ‬أمام‭ ‬إرهابي‭ ‬مجرم‭ ‬حرب‭ ‬وإبادة‭ ‬مثل‭ ‬نتنياهو‭ ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬شيئا؟

بالطبع‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وعجزها‭ ‬وهوانها‭ ‬أمام‭ ‬إبادة‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا