العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إلى أين تتجه حرب إسرائيل الانتقامية في غزة؟!

بقلم: د. رمزي بارود {

الجمعة ٢٣ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

لقد‭ ‬بدا‭ ‬الأمر‭ ‬غريبًا،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬خارج‭ ‬السياق،‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬السياسي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬موشيه‭ ‬فيجلين‭ ‬لقناة‭ ‬آروتس‭ ‬شيفا‭-‬إسرائيل‭ ‬الوطنية‭ ‬الإخبارية‭ ‬إن‭ ‬‮«‬المسلمين‭ ‬لم‭ ‬يعودوا‭ ‬خائفين‭ ‬منا‮»‬‭.‬

جاءت‭ ‬تصريحات‭ ‬فيجلين‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬أكتوبر،‭ ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وبدء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬ذلك‭.‬

عضو‭ ‬الكنيست‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬تحدى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬على‭ ‬زعامة‭ ‬حزب‭ ‬الليكود،‭ ‬اقترح‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المقابلة‭ ‬‮«‬أنه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استعادة‭ ‬خوف‭ ‬المسلمين،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أن‭ ‬يحول‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬رماد‭ ‬على‭ ‬الفور‮»‬‭.‬

يرى‭ ‬فيجلين‭ ‬أن‭ ‬غزة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬اليابسة‭ ‬البالغة‭ ‬365‭ ‬كيلومترًا‭ ‬مربعًا‭. ‬لقد‭ ‬فهم،‭ ‬عن‭ ‬حق،‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬لا‭ ‬تتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بالقوة‭ ‬النارية،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬بالتصورات‭ ‬والرؤى،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬تصورات‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬والعرب،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬المسلمين‭ ‬أيضاً‭.‬

لقد‭ ‬كشفت‭ ‬أحداث‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬باعتبارها‭ ‬دولة‭ ‬ضعيفة‭ ‬ومعرضة‭ ‬للخطر،‭ ‬وبالتالي‭ ‬نقلت‭ ‬فكرة‭ ‬إلى‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬‭ ‬بل‭ ‬وإلى‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬المتصورة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬‮«‬جيش‭ ‬إسرائيل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬وهم‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬تشكل‭ ‬مشكلة‭ ‬الإدراك‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬إسرائيل‭. ‬لقد‭ ‬عبر‭ ‬فيغلين‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الانقسام‭ ‬بلغته‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬المعتادة،‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬أكثر‭ ‬القيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‮«‬ليبرالية‮»‬‭ ‬تشاركه‭ ‬قلقه‭.‬

فحين‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إسحاق‭ ‬هرتزوج،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مدنيون‭ ‬أبرياء‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يجهز‭ ‬مجتمعه‭ ‬وحلفاءه‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬فحسب‭ ‬لواحدة‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬أعمال‭ ‬الانتقام‭ ‬العسكري‭ ‬التي‭ ‬عرفها‭ ‬التاريخ‭. ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬أراد‭ ‬إعادة‭ ‬الخوف‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬أعداء‭ ‬إسرائيل‭ ‬المفترضين‭.‬

وفي‭ ‬أحدث‭ ‬بيان‭ ‬في‭ ‬1‭ ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الشاباك‭ ‬السابق‭ ‬كارمي‭ ‬جيلون،‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬القناة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬12‭ ‬الإخبارية‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لن‭ ‬يكونوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬هجوم‭ ‬آخر‭ ‬مثل‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭.‬

من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬نخطئ‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬تعليقات‭ ‬جيلون‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تقييم‭ ‬عسكري‭ ‬عقلاني‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬الحال،‭ ‬وذلك‭ ‬ببساطة‭ ‬لأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬فشلت‭ ‬فشلاً‭ ‬ذريعاً‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭.‬

كان‭ ‬جيلون‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬علم‭ ‬النفس‭. ‬فهو‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬كانت‭ ‬دائماً‭ ‬حرباً‭ ‬انتقامية،‭ ‬حرباً‭ ‬هدفت‭ ‬إلى‭ ‬استخلاص‭ ‬فكرة‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬العقل‭ ‬الجمعي‭ ‬للفلسطينيين‭.‬

ولكي‭ ‬نفهم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬وجود‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقوة‭ ‬جيشها‭ ‬‭ ‬أو‭ ‬تصورها‭ ‬‭ ‬فيتعين‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتفحص‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬المبكر‭ ‬للصهيونية،‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬المؤسسة‭ ‬لإسرائيل‭.‬

إن‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬اليميني‭ ‬الذي‭ ‬يتزعمه‭ ‬نتنياهو‭ ‬هو‭ ‬الوريث‭ ‬المباشر‭ ‬للأيديولوجية‭ ‬اليمينية،‭ ‬الفاشية‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬التي‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬المفكر‭ ‬الصهيوني‭ ‬فلاديمير‭ ‬جابوتنسكي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬المنظرين‭ ‬للصهيونية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬كانت‭ ‬قومية‭ ‬راديكالية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أفكاره‭ ‬تفرعت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬للصهيونية‭ ‬الدينية،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ألهمتها‭.‬

وخلافًا‭ ‬للصهاينة‭ ‬الأكثر‭ ‬ليبرالية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة،‭ ‬كان‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬صريحًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالنوايا‭ ‬الصهيونية‭ ‬والأهداف‭ ‬النهائية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

فقد‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬الجدار‭ ‬الحديدي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1923‭: ‬‮«‬إن‭ ‬المصالحة‭ ‬الطوعية‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬غير‭ ‬واردة،‭ ‬سواء‭ ‬الآن‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المستقبل‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬استعمار‭ ‬أرض‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬الناس‭ ‬بالفعل،‭ ‬فعليك‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‮»‬‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬حامية‭ ‬عسكرية‭ ‬نيابة‭ ‬عنك‮»‬‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬جابوتنسكي،‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬برمته‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭: ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬هي‭ ‬مغامرة‭ ‬استعمارية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهي‭ ‬تصمد‭ ‬أو‭ ‬تسقط‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مسألة‭ ‬القوة‭ ‬المسلحة‮»‬‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬تواصل‭ ‬إسرائيل‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬الجدران‭ ‬الحديدية‮»‬،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬حقيقية‭ ‬أو‭ ‬متخيلة‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬كان‭ ‬جدار‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬الحديدي‭ ‬جدارًا‭ ‬رمزيًا‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬حصنًا‭ ‬منيعًا‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية،‭ ‬تم‭ ‬تعزيزه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العنف،‭ ‬والقهر‭ ‬الجائر‭ ‬للسكان‭ ‬الأصليين،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬تصميمه‭ ‬لغرض‭ ‬طردهم‭.‬

إن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬البارزين‭ ‬بدأوا‭ ‬بسرعة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬خطط‭ ‬للتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصهيونية‭ ‬لم‭ ‬تتخل‭ ‬أبدًا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الأفكار‭ ‬المبكرة‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬لغة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬أقدم‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬نفسها‭.‬

ولكن‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬فإنه‭ ‬كان‭ ‬ليشعر‭ ‬بالخجل‭ ‬التام‭ ‬من‭ ‬أحفاده،‭ ‬الذين‭ ‬سمحوا‭ ‬لمصالحهم‭ ‬الشخصية‭ ‬بأن‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬يقظتهم‭ ‬في‭ ‬إبقاء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حبيسين،‭ ‬مسحوقين‭ ‬بجدار‭ ‬حديدي‭ ‬دائم‭ ‬التوسع‭ ‬والتمدد‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تم‭ ‬اختراق‭ ‬الجدار‭ ‬الحديدي،‭ ‬جسديا،‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬ونفسياً‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الضرر‭ ‬الجسدي‭ ‬يمكن‭ ‬إصلاحه‭ ‬بسهولة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬إصلاح‭ ‬الضرر‭ ‬النفسي‭.‬

إن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬يائسة‭ ‬لرفع‭ ‬تكاليف‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬تصل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬إلى‭ ‬استنتاج‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬عقيمة‭ ‬بالفعل،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭.‬

ولكن‭ ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬إسرائيل‭ ‬إعادة‭ ‬زرع‭ ‬الخوف‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬الجماعي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني؟‭ ‬ولماذا‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الخوف‭ ‬شرطا‭ ‬أساسيا‭ ‬لبقاء‭ ‬إسرائيل؟

وقال‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬في‭ ‬تغريدة‭ ‬على‭ ‬تويتر‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬فبراير،‭ ‬إن‭ ‬السلام‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يتبدد‭ ‬أمل‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬الدولة‭ ‬اليهودية‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العرب‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يدعون‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬أحد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سموتريتش‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬ستؤدي‭ ‬تلقائيًا‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬الخيال‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬النقاء‭ ‬العنصري‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬هنا‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬السياسي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬العربي،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الأمل‮»‬‭ ‬العربي‭. ‬إنها‭ ‬طريقة‭ ‬مختلفة‭ ‬للقول‭ ‬إن‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬التصور‭ ‬الجماعي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬بأن‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ممكنة‭.‬

ومرة‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لهذه‭ ‬الفكرة‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬يوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي،‭ ‬كان‭ ‬نتنياهو‭ ‬أكثر‭ ‬صراحة‭ ‬في‭ ‬وصفه‭ ‬لنفس‭ ‬الفكرة،‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬الآمال‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬سحقها‮»‬‭.‬

في‭ ‬الأثناء‭ ‬تتواصل‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬السحق‭ ‬والتدمير‭ ‬الهمجي‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭.‬

هذه‭ ‬المرة،‭ ‬تتبنى‭ ‬إسرائيل‭ ‬نسخة‭ ‬أكثر‭ ‬تطرفا‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬‮«‬الجدار‭ ‬الحديدي‮»‬‭ ‬لأن‭ ‬الطبقات‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعتقد‭ ‬حقا،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبير‭ ‬نتنياهو،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬صراع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وجودها‮»‬‭.‬

من‭ ‬خلال‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬الوجود،‭ ‬يشير‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكانتها‭ ‬كدولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬عنصرية‭ ‬يهودية،‭ ‬وتوسع‭ ‬استعماري‭ ‬استيطاني،‭ ‬واحتكار‭ ‬للعنف‭ ‬وتطلق‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النزعة‭ ‬اسم‭ ‬الردع‭.‬

وتشير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والخبراء‭ ‬القانونيين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭.‬

في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬لن‭ ‬تغير‭ ‬التصور‭ ‬الجديد‭ ‬بأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لديهم‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬ستسمح‭ ‬لهم،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بالرد،‭ ‬بل‭ ‬بتحقيق‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا