أخطر التحولات التي شهدتها إسرائيل في السنوات الأخيرة هو تحول التطرف والتحريض على العنف والعنصرية، من خطاب جماعات صهيونية متشددة إلى منظومة حكم كاملة يسيطر عليها التطرف والكراهية والتحريض على القتل.
إن رفض منظومة الحكم الإسرائيلية بزعامة نتنياهو لحل الدولتين وإدانة مسار أوسلو لم يكن مجرد رفض سياسي من حكومة متطرفة لمقترح سياسي آخر، إنما بات هذا الرفض يمثل تيارا مهيمنا على منظومة الحكم والمجتمع.
ولذا لم يكن غريبا أن يطالب وزير المالية الإسرائيلي «بتسلئيل سموتريتش»، الذي يرأس حزب «الصهيونية الدينية» المنضوي داخل التحالف الحكومي الحاكم، «بتشجيع» فلسطينيي غزة البالغ عددهم 2.4 مليون تقريبًا على مغادرة القطاع إلى دول أخرى.
واللافت أن سموتريتش قال كلاما تحريضيا وعنصريا قبل عملية 7 أكتوبر بحوالي 6 أشهر، أثناء زيارة خاصة إلى باريس وذكر «إن فكرة الشعب الفلسطيني مصطنعة ولا يوجد شيء اسمه دولة فلسطينية ولا تاريخ فلسطيني»، وتحدث على منصة وخلفه صورة تظهر خريطة إسرائيل تشمل الضفة الغربية المحتلة وغزة والأردن.
وقد استخدم نتنياهو –وتقريبا كل قادة ما تعرف بالأحزاب المدنية في إسرائيل، وليس فقط الأحزاب الدينية– مفردات دينية تحرض على القتل والتدمير، فقد استدعى نتنياهو نبوءة «إشعياء» لتبرير مواصلة حربه على غزة، وقال «نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام، وسينتصر النور على الظلام».
غير أن الحاخام «مانيس فريدمان» تحدث صراحة عن أن الطريقة الوحيدة لخوض حرب أخلاقية هي الطريقة اليهودية: «دمِّر أماكنهم المقدسة، واقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم». وأن تلك هي قيم التوراة التي ستجعل الإسرائيليين «النور الذي يشع للأمم التي تعاني الهزيمة بسبب هذه الأخلاقيات (الغريبة) المُدمِّرة التي اخترعها الإنسان».
والحقيقة أن هذا الخطاب يتقاطع فقط مع كل خطاب متطرف اعتاد أن يصف المخالفين له عقائديا بأوصاف مشابهة.
أما وزير التراث الإسرائيلي، عميحاى إلياهو، فقال إن أحد خيارات إسرائيل في الحرب على غزة، هو «إسقاط قنبلة نووية».
الرئيس الإسرائيلي «إسحاق هرتزوغ» الذي يصنفه البعض بالمعتدل، قال إن جميع سكان غزة «مسؤولون» عن هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل، وإن هذا الخطاب بشأن عدم علم المدنيين أو عدم تورطهم فيه غير صحيح على الإطلاق.
أما وزير الدفاع يوآف جالانت فقد سبق وقال «نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقًا لذلك».
ولنا أن نسترجع تاريخ القادة العسكريين العرب الذين دخلوا في حروب أو مواجهات ضد إسرائيل، فلن نجد تصريحا واحدا لمسؤول عربي – عسكري أو مدني – يصف سكان إسرائيل «بالحيوانات البشرية» مهما كان موقفه الداخلي منهم ومهما كانت قسوة الحروب التي دخلها ضدهم.
لم يعد التطرف في إسرائيل يقتصر فقط على جماعات صهيونية أو أحزاب دينية متطرفة، إنما صار منظومة حكم متكاملة، وهو سيفرض تحديات كبيرة على دول المنطقة التي اختارت طريق التسوية والسلام.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك