يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
مرافعات محكمة العدل
تواصل محكمة العدل الدولية الاستماع إلى مرافعات مختلف دول العالم حول الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ومن المقرر أن تقدم 52 دولة مرافعاتها أمام المحكمة.
هذه المرافعات تأتي في إطار استجابة المحكمة لطلب قدمته لها الجمعية العامة للأمم المتحدة. الجمعية العامة طلبت من المحكمة إبداء رأي استشاري حول «العواقب القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، من احتلالها المطول واستيطانها وضمها للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967». كما طلبت الجمعية العامة من المحكمة إبداء الراي حول «تأثير تلك السياسات والممارسات على الوضع القانوني للاحتلال، وما العواقب القانونية التي تترتب على هذا الوضع بالنسبة إلى جميع البلدان والأمم المتحدة».
بطبيعة الحال كما هو متوقع فإن كل دول العالم تقريبا التي تقدم مرافعاتها تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير شرعي وغير قانوني ويجب أن ينتهي، وكل ما يقدم عليه الاحتلال من استيطان أو تغيير للتركيبة الديمغرافية غير شرعي ويجب أن يزول. كما تؤكد الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني من جانب الاحتلال والمستوطنين، وأن بقاء الاحتلال تهديد للأمن والسلم في المنطقة والعلم كله.. وهكذا.
كل دول العالم تؤكد هذا في مرافعاتها باستثناء أمريكا التي قالت شيئا شاذا غريبا جدا.
في مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية، قالت أمريكا: «إن الدعوة إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة تتطلب وضع الاحتياجات الأمنية لإسرائيل في الاعتبار» وقالت إنه «لا ينبغي أن تخلص محكمة العدل إلى أن إسرائيل ملزمة قانونا بالانسحاب من الأراضي المحتلة على الفور».
أي إن أمريكا تطلب من محكمة العدل الدولية ألا تفتي بضرورة إنهاء الاحتلال والانسحاب من الأراضي المحتلة بحجة «احتياجات إسرائيل الأمنية». أي إنها تريد بعبارة أخرى أن يبقى أمر الانسحاب من عدمه بيد المحتل الغاصب نفسه وحسب احتياجاته. قمة الاستهانة والاحتقار للقانون الدولي والقيم الإنسانية.
الحقيقة إن الأمر لم يكن بحاجة إلى أخذ رأي محكمة العدل ولا إلى تقديم هذه المرافعات لتحديد الموقف من الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، ولا لمعرفة تأثيرات الاحتلال والجرائم التي ارتكبها ومدى مشروعيته أم لا.
أصلا بحكم القانون الدولي الاحتلال الصهيوني ليس له أي شرعية وجريمة يجب أن تنتهي. وكل ما ترتب على الاحتلال من آثار يعد بحكم القانون الدولي باطلا.
وهل العالم بحاجة إلى أن يعرف اليوم بالذات ما ترتب على الاحتلال من جرائم وهو يشاهد جرائم الإبادة في غزة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف وكل هذا الدمار الذي ارتكبه العدو الصهيوني؟!
القيمة الوحيدة لهذه المرافعات والرأي الاستشاري الذي ستقدمه محكمة العدل أنه يلقي الأضواء أكثر على جرائم الاحتلال وضرورة إنهائه ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
لكن يبقى أن القضية الأساسية ليست هل الاحتلال شرعي أو قانوني أم لا، وإلى أي حد يدمر حياة الشعب الفلسطيني.
القضية الأساسية إن العالم إزاء عدو صهيوني محتل غاصب يعتبر نفسه فوق القانون الدولي وبمقدوره أن يفلت من العقاب مهما ارتكب من جرائم حرب وإبادة على مرأى ومسمع من العالم كله. والعدو يعلن صراحة أنه لا يلتزم بأي قرار أو رأي لمحكمة العدل سواء كان استشاريا أو ملزما.
والكل يعلم في العالم أنه ما كان للعدو أن يتصرف على هذا النحو لولا الدعم اللامحدود الذي تقدمه قوى عظمى في مقدمتها أمريكا لاحتلاله ولجرائمه، ولولا عجز العالم في مواجهة الكيان الصهيوني.
لهذا المهمة المطروحة أمام العالم اليوم ليست البت في مدى قانونية أو شرعية الاحتلال أم لا، ولا بمعرفة جرائمه، وإنما كيف يمكن إجبار الكيان الصهيوني على إنهاء هذا الاحتلال، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك