يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
صحافتنا في الظلام
هذا أمر أستغرب له جدا ويحزنني ككاتب وصحفي ومواطن عربي.
كل الأخبار والمعلومات المتعلقة بالمواقف والتحركات العربية وخصوصا فيما يتعلق بحرب الإبادة في غزة وما بعدها نعرفه من الصحافة الغربية وليس من الصحافة العربية أو أي مصدر إعلامي عربي.
كل الذي نعرفه كصحافة عربية عن مواقف الدول العربية هي التصريحات الرسمية المعلنة التي يدلي بها المسؤولون العرب، أو البيانات التي تصدر عن اجتماعات عربية.
الكل يعلم أن مثل هذه التصريحات والبيانات المعلنة موجهة عموما إلى الرأي العام ولا تعكس بالضرورة المواقف الفعلية أو طبيعة التحركات والأدوار العملية للدول العربية.
مثل هذه المعلومات عن المواقف والتحركات العربية نعرفها من الصحافة الغربية.
أقول هذا لأنني في الفترة الماضية قرأت عدة تقارير نشرتها صحف مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال» عن المواقف والتحركات العربية فيما يتعلق بتطورات حرب غزة وما بعدها.
هذه التقارير تتحدث مثلا عن أن عدة دول عربية بحثت في اجتماعات مع أمريكا تفاصيل خطة لمستقبل غزة وأوضاع ما بعد الحرب بما في ذلك وضع السلطة الفلسطينية ودورها وأيضا أدوار محتملة لدول عربية وموضوع إطلاق مفاوضات سلام بهدف إقامة الدولة الفلسطينية.
تقدم هذه التقارير معلومات عن هذه الموضوعات وموقف الدول العربية.
بالطبع لا نعلم ما إذا كانت هذه المعلومات صحيحة أم لا، لكن بالتأكيد لها قدر من الصحة، فهي تستند إلى مصادر غربية تقدم هذه المعلومات للصحافة.
المهم أن مثل هذه المعلومات عن بحث خطة أو خطط عربية ومناقشتها مع أمريكا لا تعلم الصحف العربية عنها شيئا.
في الغرب يهتم المسؤولون بين الحين والآخر بإمداد الصحافة بمثل هذه المعلومات. هم يفعلون ذلك لأسباب كثيرة قد يكون منها مثلا معرفة ردود الفعل العامة على مثل هذه المعلومات.
في الدول العربي لا أحد يهتم من المسؤولين بشكل عام بأن يضع الصحافة في الصورة وإمدادها بمثل هذه المعلومات.
لن نناقش هنا أسباب ذلك، وإن كان لدينا في الدول العربية تاريخ طويل وتقاليد أصبحت راسخة في هذا المجال.
الأمر المؤكد أن تغييب الصحافة عن مثل هذه التطورات المهمة ليس في مصلحة أحد ولا في المصلحة العامة.
كما يحدث في الغرب من مصلحة الدول العربية أن تعرف ردود الفعل على مثل هذه الخطط عن غزة مثلا. ومن الممكن جدا أن تبدي الصحافة والكتاب ملاحظات مهمة يكون من شأنها ترشيد هذه الخطط أو لفت النظر إلى قضايا أو جوانب قد تكون غائبة عن المسؤولين.
نتيجة هذا الوضع الحادث اليوم فيما يتعلق بحرب الإبادة الصهيونية على غزة، وفيما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية عموما وغزة خصوصا، نحن في الصحافة نعلم جيدا، كما يعلم الكل، ما خطط العدو الصهيوني وفيما يفكر، وأيضا كيف تفكر أمريكا والدول الأوروبية، لكننا لا نعرف ما الخطط والرؤى والتصورات العربية، بافتراض أنها موجودة فعلا.
نحن في الوضع الراهن نواجه في الوطن العربي تحديات مصيرية لا تتعلق بغزة فقط وإنما بكل المستقبل العربي. ليس جديدا القول بأن مخططات ما بعد غزة كما يضعها العدو الصهيوني ويتعاطف معها أو يؤيدها الغرب من الممكن أن تحدد مستقبل الدول العربية برمته وليس القضية الفلسطينية فقط.
الأمر يتوقف في الجانب الأساسي منه بالطبع على موقف الدول العربية وما سوف تفعله في مواجهة هذه المخططات.
في ظل هذا من المهم إشراك الصحافة وأهل الرأي فيما تفكر فيه الدول العربية من خطط وما تقوم به من تحركات.
لكن الحادث للأسف أن المسؤولين العرب يتركون الصحافة العربية في الظلام بلا معلومات عن أي شيء.
الأمر العجيب أنهم يريدون من الصحافة أن تدافع عن مواقفهم وتحركاتهم وتقف معهم.
كيف تدافع الصحافة عن أمر لا تعرفه ولا علم لها به؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك