العدد : ١٧٠٥٨ - الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٨ - الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

صدمة الوعي والجندي الأمريكي الذي أحرق نفسه!

{‭ ‬‮«‬آرون‭ ‬بوشنيل‮»‬‭ ‬الجندي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬البالغ‭ ‬25‭ ‬عاما،‭ ‬الذي‭ ‬توفي‭ ‬الإثنين‭ ‬الماضي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أحرق‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬السفارة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بواشنطن‭! ‬هو‭ ‬أبرز‭ ‬عنوان‭ ‬لاحتجاج‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي‭ ‬ضد‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬مشهد‭ ‬الحرق‭ ‬كان‭ ‬شديد‭ ‬الإيلام،‭ ‬وقد‭ ‬اكتسح‭ ‬الفيديو‭ ‬الذي‭ ‬سجله‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬وهو‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ (‬تحرير‭ ‬فلسطين‭) ‬ويضيف‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬متواطئا‭ ‬في‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‮»‬‭! ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬وهو‭ ‬يرتدي‭ ‬الزي‭ ‬العسكري،‭ ‬واصفا‭ ‬حملة‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بأنها‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬سيفعله‭ ‬بنفسه‭ ‬ليس‭ ‬بنفس‭ ‬خطورة‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وفيما‭ ‬هو‭ ‬يحترق‭ ‬كان‭ ‬يصرخ‭ ‬‮«‬فلسطين‭ ‬حرة‮»‬‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬والاحتجاج‭ ‬القاسي‭ ‬ضد‭ ‬البربرية‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وكونه‭ ‬جنديا‭ ‬بالقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حاول‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكي‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬وطأته‭ ‬ووطأة‭ ‬رمزية‭ ‬الحدث‭! ‬وحيث‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬شريك‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬هذه،‭ ‬ومسؤولوها‭ ‬يواجهون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تجمع‭ ‬أو‭ ‬مؤتمر‭ ‬صرخات‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بأنهم‭ ‬مجرمو‭ ‬حرب،‭ ‬ومصاصو‭ ‬دماء‭ ‬وقتلة‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭! ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬استطلاعات‭ ‬أخيرة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬نصف‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬حاليا‭ ‬هم‭ ‬ضد‭ ‬سياسة‭ ‬بلدهم‭ ‬بدعم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها،‭ ‬وأن‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والمالي‭ ‬والإعلامي‭ ‬واللوجستي‭ ‬واستخدام‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬أطال‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬بالقصف‭ ‬والتجويع‭! ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬بحكم‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬حاولت‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬التلاعب‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬المقتضب‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬للمحكمة،‭ ‬فيما‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بشعوبه‭ ‬وبعض‭ ‬حكامه‭ ‬يقفون‭ ‬مذهولين‭ ‬أمام‭ ‬مجريات‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬فتكت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تفتك‭ ‬بالبشر‭ ‬وأكثرهم‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭ ‬ومرضى،‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ (‬حرب‭ ‬التجويع‭) ‬فيما‭ ‬آلاف‭ ‬الشاحنات‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬بوابة‭ ‬رفح‭ ‬ولا‭ ‬بلد‭ ‬يشق‭ ‬ستار‭ ‬الحصار،‭ ‬ليدخل‭ ‬تلك‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬المتضورين‭ ‬جوعا‭ ‬في‭ ‬عراء‭ ‬برد‭ ‬الخيام‭ ‬وحمى‭ ‬الأوبئة‭!‬

{‭ ‬الإعلام‭ ‬الصهيوني‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬الدرس‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬هذا‭ ‬الجندي‭ ‬الأمريكي‭ ‬والتضحية‭ ‬بنفسه‭ (‬حرقا‭) ‬لإيقاظ‭ ‬ضمير‭ ‬من‭ ‬نام‭ ‬ضميرهم‭ ‬أو‭ ‬مات‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬وسماسرة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭! ‬القضية‭ ‬هنا‭ ‬أوسع‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الشرارة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬البوعزيزي‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬لتقوم‭ ‬الثورة‭ ‬وترتفع‭ ‬نيرانها‭ ‬لاحقا‭! ‬القضية‭ ‬هنا‭ (‬إبادة‭ ‬جماعية‭) ‬يشهدها‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي‭ ‬مباشرة‭ ‬وببث‭ ‬مباشر‭! ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وشعوب‭ ‬أوروبا‭ ‬كلها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ (‬زيف‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية‭) ‬وانعدام‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬حكوماتها‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الجندي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬ضحية‭ ‬بشاعة‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬بيد‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬‭! ‬هو‭ ‬نموذج‭ ‬لمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬الذين‭ ‬دمرتهم‭ ‬حروب‭ ‬بلدهم‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬وفي‭ ‬العراق‭ ‬وفي‭ ‬أفغانستان‭ ‬وفي‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭! ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الارتجاجات‭ ‬العقلية‭ ‬والاضطرابات‭ ‬النفسية‭ ‬لحقت‭ ‬بعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬منهم‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬آثارها‭ ‬باقية‭ ‬عليهم‭! ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬دخلت‭ ‬الحرب‭ ‬الأمريكية‭ ‬باليد‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أكثر‭ ‬الفصول‭ ‬قساوة‭ ‬ووحشية‭! ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬وفي‭ ‬أمريكا‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ (‬صدمة‭ ‬جماعية‭) ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬بـ‭(‬الهزيمة‭ ‬الحضارية‭) ‬أمام‭ ‬ما‭ ‬يرتكبه‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬‭ ‬غربي‭!‬

{‭ ‬الحريق‭ ‬الذي‭ ‬التهم‭ ‬جسد‭ ‬الجندي‭ ‬الأمريكي‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬فاقت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبقها،‭ ‬نيرانه‭ ‬تأكل‭ ‬اليوم‭ ‬ضمائر‭ ‬كل‭ ‬أحرار‭ ‬العالم‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا‭ ‬وتنبئ‭ ‬عن‭ ‬صحوة‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الوعي‭ ‬العالمي‭ ‬والغربي‭ ‬تجاه‭ ‬أجندات‭ (‬الصهيونية‭ ‬والماسونية‭ ‬العالمية‭) ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬فيها‭ ‬النخب‭ ‬الشيطانية‭ ‬وسماسرة‭ ‬الحروب‭ ‬وتجار‭ ‬الاستخفاف‭ ‬بحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬وكل‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاقيات‭!‬

{‭ ‬‮«‬آرون‭ ‬بوشنيل‮»‬‭ ‬علامة‭ ‬صارخة‭ ‬لهذا‭ ‬الوعي‭ ‬والاحتجاج‭ ‬وعدم‭ ‬القبول‭ ‬بالتواطؤ‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭! ‬ودعوته‭ ‬إلى‭ ‬تحرير‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬باتت‭ ‬دعوة‭ ‬شبابية‭ ‬تكتسح‭ ‬الغرب،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬الصحوة‭ ‬المؤلمة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬زيف‭ ‬‮«‬الإعلام‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬مارس‭ ‬التضليل‭ ‬والتلفيق‭ ‬والزيف‭ ‬والأكاذيب‭ ‬على‭ ‬الوعي‭ ‬الغربي‭ ‬والعالمي‭ ‬طوال‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬ومنذ‭ ‬نشأة‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬غزة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬أبدا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬والغربي‭ ‬كما‭ ‬قبله،‭ ‬وخاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬بالنظام‭ ‬الدولي‭ ‬‮«‬المهترئ‮»‬‭ ‬والفارغ‭ ‬من‭ ‬محتواه‭ ‬في‭ ‬جوانبه‭ ‬الأساسية‭ (‬الأممية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والقانونية‭)‬،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الجوانب‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭!‬

هناك‭ ‬صدمة‭ ‬تجتاح‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬كلها‭ ‬وهي‭ ‬تحاول‭ ‬بالتظاهر‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬كابوس‭ (‬الانهزام‭ ‬الإنساني‭) ‬أمام‭ ‬وحشية‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة،‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬مهندسوها‭ ‬‮«‬الدمويون‮»‬‭ ‬إيقافها‭! ‬وكما‭ ‬قلنا‭ ‬ونعيد‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬فلسطين‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بحريتها‭ ‬اليوم‭ ‬وإنما‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬تشعر‭ ‬بأنها‭ ‬تريد‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬زيف‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‮»‬‭!‬

وسواء‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬الغرب‭ ‬أو‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬فكلهم‭ ‬معا‭ ‬دخلوا‭ ‬التاريخ‭ ‬بعار‭ ‬البربرية‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬النازية‭ ‬والفاشية‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم‭ ‬كلها‭ ‬تشهد‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا