يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الأمن والهوية العربية
توقفت مطولا أمام الكلمة التي ألقاها الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية في الاجتماع الأخير لوزراء الداخلية العرب في تونس.
الوزير قدم في كلمته تحليلا دقيقا للتحديات التي يواجهها الأمن العربي اليوم، ولكيفية مواجهة هذه التحديات حفظا لأمن الدول والمجتمعات العربية.
بطبيعة الحال حين يجتمع وزراء الداخلية العرب فإن اهتمامهم الأساسي ينصب بحكم مواقعهم على الأوضاع الأمنية العربية سواء على صعيد الأمن الوطني لكل دولة، أو الأمن العربي العام، وكيفية حماية هذا الأمن.
وكما نعلم فإن الآراء قد تختلف والرؤى قد تتباين حول كيفية تحقيق الأمن الوطني للدول العربية والأمن القومي العربي العام وما هي الأولويات والمطلوب في هذا السياق.
وزير الداخلية في كلمته قدم منظورا مهما للأمن العربي وكيفية حمايته، ولفت النظر الى جوانب حاسمة قد لا تكون واضحة بالنسبة إلى الكثيرين.
الوزير في كلمته طرح أربعة جوانب وقضايا كبرى هي:
1 – ان العالم العربي يمر حاليا بظروف استثنائية. وهذه الظروف تحتم العمل على تقوية جبهتنا الأمنية العربية وتحقيق الاستقرار والطمأنينة. وهذا هو ما يتطلع إليه كل مواطن عربي.
2 - ان الهوية العربية تتعرض اليوم لأخطار داهمة تهددها على المستويات الفكرية والاجتماعية والسياسية. هذه الأخطار تهدد جوهر الهوية العربية بثوابتها وقيمها.
3 – ان المحافظة على هويتنا العربية هي حائط الصد الأول والطريق السليم لقوتنا وصلابة أمننا واستقرار مجتمعنا. ذلك ان الهوية هي الحافظ للأمن الاجتماعي وهي التجسيد للانتماء العربي بكل ما يرتبط بذلك من قيم ومبادئ، وباعتبار ان الهوية هي رمز حضارتنا والدالة على قوة ومتانة دولنا واستقرار أمننا المشترك.
4 – انه لتحقيق هذا الهدف لا بد من وضع الآليات المناسبة والسُبل الكفيلة للنهوض بهويتنا العربية. والمطلوب هنا ليس مجرد الأفكار والتأكيدات النظرية وانما اعداد المبادرات والبرامج العملية التي يمكن أن تتبناها أمانة مجلس وزراء الداخلية العرب من أجل تعزيز الهوية العربية وتقويتها.
هذه القضايا والجوانب التي اثارها وزير الداخلية في كلمته تقدم كما نرى طرحا دقيقا ورؤية واضحة لجوهر الأخطار التي تهدد الأمن العربي ولما هو المطلوب لحمايته.
الوزير ركز في كلمته على الأخطار التي تهدد الهوية العربية ولماذا يعتبر الحفاظ على الهوية هو جوهر أي استراتيجية عربية لحماية الأمن.
وهذا طرح صحيح تماما.
إذا تأملنا الظروف الصعبة التي مر بها الوطن العربي على امتداد السنوات الطويلة الماضية وما تعرضت له الدول العربية من هجمات وخطط اجنبية تستهدفها، سنجد انه في القلب من هذه الهجمات والخطط استهداف الهوية القومية العربية.
الدول والقوى المعادية للدول العربية تفعل هذا وتضع على رأس خططها العمل على تحطيم الهوية والولاء القومي العربي عبر عشرات السبل والأساليب. تفعل هذا لأنها تعلم ان مصدر القوة الأساسي هو الهوية والانتماء القومي العربي وهي القاعدة الراسخة لأي جهود توحيدية عربية على كل المستويات وللقوة العربية الموحدة.
في نفس الوقت، فإن هناك قوى وجماعات محلية في الدول العربية تلعب نفس الدور الاجرامي التخريبي للهوية الوطنية العربية لشعوبنا. هذه القوى والجماعات تحارب الهوية الوطنية الجامعة والانتماء القومي العربي وتسعى الى اعلاء شأن هويات طائفية وتدمير النسيج والاستقرار الاجتماعي. هذه القوى والجماعات تسعى الى تدمير المصدر الأساسي للقوة في مجتمعاتنا. ونتيجة هذا إشاعة الفوضى وتدمير الدولة. وهذا ما شهدناه يحدث في أكثر من دولة عربية.
يتضح من كل هذا ان الحفاظ على الهوية وتكريس الولاء الوطني والقومي في دولنا العربية هي بالفعل مهمة وطنية قومية عربية كبرى يجب ان تكون لها الأولوية المطلقة.
والأمر المهم هنا،، وهو ما حرص وزير الداخلية على تأكيده، ان الحفاظ على الهوية على هذا النحو لا يتطلب مجرد تعبيرات أو مواقف انشائية، وانما يتطلب استراتيجية ورؤية وخططا وبرامج لتحقيق هذا الهدف.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك