يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
«دولة» المليشيات الإيرانية
هذا الخبر تكرر كثيرا في الأشهر القليلة الماضية، وتحديدا منذ ان بدأت حرب الإبادة الصهيونية على غزة.
يقول الخبر إن إيران أمرت المليشيات التابعة لها في الدول العربية وخصوصا في العراق ولبنان بعدم التصعيد في مواجهة أمريكا والكيان الصهيوني، وذلك من منطلق حرص إيران على عدم توسعة الصراع الدائر ولتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع أمريكا. يرتبط بهذا أخبار أخرى عن زيارات عدة قام بها مسؤولون إيرانيون عسكريون وسياسيون للعراق ولبنان خصوصا لنقل نفس الرسالة إلى المليشيات.
في الفترة الماضية قرأنا مثل هذه الأخبار كثيرا بصيغ مختلفة.
الكل أصبح يقرأ هذه الأخبار ويمر عليها مرور الكرام ولا يتوقف عندها أبدا كما لو أنها أخبار عادية جدا.
حقيقة الأمر انها ليست كذلك. هذه الأخبار تعبر عن كارثة بكل معنى الكلمة للدول العربية.
ما معنى ان إيران تأمر المليشيات العميلة لها بوقف التصعيد مع أمريكا ويتم تنفيذ أوامرها.
يعني أولا ما سبق أن كتبت عنه من قبل من لعبة كبرى تجري بين إيران وأمريكا بعيدا عن المواقف والتصريحات المعلنة من البلدين. أمريكا تسترضي إيران وتغضّ النظر عن كل ممارساتها في المنطقة. وإيران تريد التهدئة مع إدارة بايدن ومساعدة بايدن شخصيا خوفا من فوز ترامب في الانتخابات القادمة. وكل هذا على حساب العرب والمصالح العربية.
لكن الأهم من هذا ما تعينه هذه الأخبار فيما يتعلق بالدول العربية التي توجد بها هذه المليشيات العميلة لإيران.
هذه مليشيات في خدمة إيران ومصالحها لا في خدمة الدول التي تنتمي اليها، العراق او لبنان او اليمن او سوريا.
هذه مليشيات تأتمر بأوامر إيران وتنفذ هذه الأوامر فورا ومن دون تفكير، ولا تعطي أي اعتبار لحكومات دولها او طلباتها.
هذه مليشيات لا يعنيها من قريب أو بعيد ان كانت ممارساتها تدمّر المصلحة الوطنية للدول العربية التي تنتمي اليها، فالمصلحة الإيرانية بالنسبة لها مقدسة لا يعلوها شيء.
بسبب وجود هذه المليشيات العميلة وتوحشها وعمالتها لإيران، الدولة الوطنية لا وجود لها، والحكومة ليس لها كلمة. أصبحت المليشيات هي التي تحكم. ليست هذه المليشيات دولة داخل الدولة. هي الدولة نفسها. في العراق ولبنان واليمن، الدولة هي دولة مليشيات. الدولة أسيرة بيد هذه المليشيات ولا وجود لها، وليس لحكوماتها أي دور فعلي فاعل. الحكومة في العراق عاجزة في مواجهة المليشيات العميلة لإيران ولا حول لها ولا قوة. الحكومة اللبنانية أسيرة بيد حزب الله ولا حول لها ولا قوة. واليمن نفس الشيء تحت رحمة مليشيات إرهابية عميلة لإيران.
مهما فعلت هذه المليشيات وهددت المصلحة الوطنية لا أحد يستطيع ان يتحداها. إشارة واحدة من إيران كافية كي تحدد لهذه المليشيات ما تفعل وما لا تفعل خدمة للمصالح الإيرانية.
هذا هو المعنى الأكبر للأخبار التي تقول إن إيران أمرت المليشيات بعدم التصعيد فامتثلت للأمر.
غير ان لهذه الأخبار معنى آخر لا يخفى على أحد.
هذه الأخبار تذكير لنا بالخيبة العربية.. تذكير لنا بالعجز العربي عن حماية أنفسنا وحماية دولنا ومجتمعاتنا في مواجهة المشروع الطائفي التوسعي الإجرامي الإيراني.. تذكير لنا بالعجز العربي عن ردع إيران ومواجهة خطرها الداهم على دولنا وعلى أمننا القومي.. هذا العجز الذي أدى في النهاية إلى احتلال إيران الفعلي لأربع دول عربية ووضع مقدرات هذه الدول بيد مليشيات ومنظمات إرهابية طائفية.. دول عربية ليس لها وجود فعلي كدول عربية مستقلة بسبب عجزنا وضعفنا.. هل هناك خيبة أكثر من هذا؟
هذا هو معنى أخبار أصبحنا نقرأها ونمرّ عليها مرور الكرام وكأنها عادية جدا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك