العدد : ١٧٠٥٨ - الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٨ - الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

الإمبراطور العاري ووجهه القبيح!

{ في‭ ‬منتدى‭ ‬دافوس‭ ‬الأخير،‭ ‬وهو‭ ‬المنتدى‭ ‬الدولي‭ ‬المعروف،‭ ‬تحدث‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬‮«‬مالطا‮»‬‭ ‬حديثًا‭ ‬صريحًا‭ ‬وهو‭ ‬يصف‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إليها‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬والعجز‭ ‬الذي‭ ‬يتخلل‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬تحت‭ ‬التأثير‭ ‬الأمريكي‭ ‬والوجه‭ ‬القبيح‭ ‬لأمريكا‭ ‬وهي‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سلوكياتها‭ ‬اللاقانونية‭ ‬واللا‭ ‬أخلاقية‭ ‬واللا‭ ‬إنسانية‭! ‬قال‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬وجهك‭ ‬قبيحًا‭ ‬فلا‭ ‬تلم‭ ‬المرآة‭! ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الوجه‭ ‬القبيح‭ ‬ليس‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إنما‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬موقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ ‬وهو‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬والسماح‭ ‬لها‭ ‬بفعل‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭! ‬وأعتقد‭ ‬حتى‭ ‬ضد‭ ‬مصالح‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬والإسرائيليين‭. ‬إذًا‭ ‬تعلمون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المشكلة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭: ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تحب‭ ‬التجول‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬‮«‬متنكرة‮»‬‭ ‬بملابس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬والديموقراطية،‭ ‬ولكن‭ ‬الإمبراطور‭ ‬لا‭ ‬يرتدي‭ ‬أي‭ ‬ملابس‭! ‬والمثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وكلمة‭ ‬‮«‬خصي‮»‬‭ ‬تبدأ‭ ‬بـ‮«‬EU‮»‬‭ ‬أيضاً‭! ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬كان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬خصي‮»‬‭ ‬أي‭ ‬‮«‬مخصي‮»‬‭ ‬في‭ ‬حرملك‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حول‭ ‬هذا‭! ‬وحتى‭ ‬تتوقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المجازر‭ ‬أو‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تعلم‭ -‬إسرائيل‭- ‬أنها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭! ‬وبعد‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬لا‭ ‬شيء‭! ‬إنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬بشرا‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬وتقول‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نقتل‭ ‬بشراً‮»‬‭! ‬

{ بهذا‭ ‬التصريح‭ ‬لوزير‭ ‬خارجية‭ ‬‮«‬مالطا‮»‬‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬كبير‭ ‬وأمام‭ ‬العلن،‭ ‬أضاف‭ ‬إلى‭ ‬الوعي‭ ‬العالمي‭ ‬ما‭ ‬يعرفه‭ ‬هذا‭ ‬الوعي‭ ‬أصلاً‭ ‬ومنذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭! ‬وأن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تعبر‭ ‬في‭ ‬واقعها،‭ ‬لا‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬المبادئ‭ ‬الدولية‭! ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬اكتسبته‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬قبيح‭ (‬هو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬وجه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭) ‬التي‭ ‬تسلطت‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬‮«‬الأعلى‮»‬‭! ‬وقادت‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬مسارات‭ ‬ومطبات‭ ‬دولية‭ ‬خطيرة‭ ‬انعدمت‭ ‬فيها‭ ‬ومعها‭ ‬العدالة‭ ‬والمبادئ‭ ‬والقوانين‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية‭! ‬فدخلت‭ ‬بذلك‭ ‬مسارات‭ ‬القبح‭ ‬العالمي‭ ‬‮«‬الذي‭ ‬أنتجته‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭! ‬وتبعتها‭ ‬فيه‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬دور‭ ‬‮«‬المخصي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الحرملك‭ ‬الأمريكي‭!‬

{ هذا‭ ‬الوعي‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يتصاعد‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهيكلية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الدولي‮»‬‭ ‬بقيادة‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب،‭ ‬هي‭ ‬بالفعل‭ ‬هيكلية‭ ‬خربة‭ ‬وباتت‭ ‬مكشوفة‭ ‬للعيان‭!‬،‭ ‬تماما‭ ‬مثل‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬الإمبراطور‭ ‬العاري‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ (‬رغم‭ ‬عريه‭) ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬دور‭ ‬التنكر‭ ‬بلباس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وسيادة‭ ‬القانون‭ ‬والديموقراطية‭!‬،‭ ‬ولكن‭ ‬اليوم‭ ‬بات‭ ‬‮«‬الجميع‮»‬‭ ‬يعرف‭ ‬أنه‭ ‬عار‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬اللباس‭! ‬وأن‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬‮«‬جديد‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬تسيطر‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬وبشكل‭ ‬انفرادي‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬العالم‭ ‬ككل،‭ ‬وإنما‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نظاما‭ ‬بقيادة‭ ‬عالمية‭ ‬متعددة‭ ‬الأقطاب،‭ ‬تراعي‭ ‬مصالح‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬والقوى،‭ ‬وتحقق‭ ‬جوهر‭ ‬المنظومة‭ ‬الحقوقية‭ ‬للإنسان‭ ‬وللقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتؤسس‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬المشاركة‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تسلط‭ ‬أو‭ ‬محاباة‭ ‬لدول‭ ‬بعينها،‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬دول‭ ‬استعمارية‭! ‬وما‭ ‬انحيازها‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلا‭ ‬لأنه‭ ‬يحقق‭ ‬دوراً‭ (‬وظيفيا‭) ‬لهذا‭ ‬النظام‭ ‬الاستعماري‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والغرب‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬

{ إن‭ ‬الأحداث‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬أنتجتها‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬جعلت‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يدرك‭ ‬الوجه‭ ‬القبيح‭ ‬لهذا‭ ‬التسلط‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬عجزت‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬الموقف‭ ‬الإنساني‭ ‬والأخلاقي‭ ‬الصحيح‭ ‬بسبب‭ ‬دعم‭ ‬أمريكا‭ ‬لتلك‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬بصمت‭ ‬الحملان‭ ‬الخائفة‭ ‬أو‭ ‬العاجزة‭! ‬ولكن‭ ‬جعلت‭ ‬دولا‭ ‬أخرى‭ ‬ترفع‭ ‬صوتها‭ ‬ويرفع‭ ‬رؤساؤها‭ ‬وجوههم‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬هذا‭ ‬القبح‭ ‬والعري‭ ‬المكشوف‭ ‬أمامهم‭ ‬ولكل‭ ‬العالم،‭ ‬وسواء‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬أو‭ ‬لشعوب‭ ‬العالم،‭ ‬فهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أجاد‭ ‬قي‭ ‬توصيف‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬البقاء‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الصمت،‭ ‬لأنه‭ ‬أزاح‭ (‬ستار‭ ‬الزيف‭ ‬الأخير‭) ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬وتمارسه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬‮«‬الحرملك‭ ‬الأمريكي‮»‬‭!‬

وحتما‭ ‬المواقف‭ ‬تنتجها‭ ‬الشجاعة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الحقيقة‭ ‬وما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬بشاعة‭! ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يجدي‭ ‬بعد‭ ‬اليوم‭ ‬التنكر‭ ‬بلباس‭ ‬الفضيلة‭ ‬فالإمبراطور‭ ‬الأمريكي‭ ‬رآه‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬عاريا‭! ‬ولن‭ ‬يتماهى‭ ‬مع‭ ‬تنكره‭ ‬الأحرار‭ ‬والعقلاء‭ ‬في‭ ‬العالم‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا