العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

دور «المدن الذكية» في عصر التحول الرقمي

بقلم: د. أسعد حمود السعدون {

السبت ٠٩ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

تتسابق‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والورش‭ ‬العلمية‭ ‬لدراسة‭ ‬إمكانات‭ ‬إضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الذكي‭ ‬على‭ ‬مدنها،‭ ‬وإظهارها‭ ‬بأنها‭ ‬المدن‭ ‬الأفضل‭ ‬للعيش‭ ‬والتعايش‭ ‬الإنساني،‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مراتب‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ (‬Innovation‭ ‬Cities™‭ ‬Index‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬ظهر‭ ‬عام‭ ‬2007م‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬نشر‭ ‬تقارير‭ ‬دورية‭ ‬تتعلق‭ ‬بترتيب‭ ‬المدن‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬تصنيف‭ ‬تطور‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬نواح‭ ‬عديدة،‭ ‬يصل‭ ‬عددها‭ ‬إلى‭ (‬162‭) ‬مؤشرًا‭.  ‬كما‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬حيزا‭ ‬ديناميكيا‭ ‬للمنافسة‭ ‬بين‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والاتصالات‭ ‬وشركات‭ ‬التطوير‭ ‬العقاري،‭ ‬التي‭ ‬تتسابق‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬تطبيق‭ ‬مفهوم‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬لاسيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬طـرح‭ ‬البنـك‭ ‬الـدولي‭ ‬شـعار‭ ‬‮«‬المدن‭ ‬هي‭ ‬المستقبل‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬التقريـر‭ ‬الـذي‭ ‬أصـدره‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬2015م‭ ‬والذي‭ ‬تضمـن‭ ‬خلاصة‭ ‬اسـتطلاعات‭ ‬الـرأي‭ ‬التـي‭ ‬أجرتهـا‭ ‬مجموعـة‭ ‬البنك‭ ‬الـدولي‭ ‬بعنـوان‭ ‬المـدن‭ ‬التنافسـية‭ ‬مـن‭ ‬أجـل‭ ‬الوظائـف‭ ‬والنمـو‭: ‬مـاذا‭ ‬ومـن‭ ‬وكيـف؟‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيـز‭ ‬القـدرات‭ ‬التنافسـية‭ ‬للمـدن‭ ‬والارتقـاء‭ ‬بالمسـتويات‭ ‬المعيشـية‭ ‬للسـكان‭. ‬وكانـت‭ ‬الإجابـة‭ ‬الأهـم‭ ‬ضمـن‭ ‬التقريـر‭ ‬هـي‭ ‬الاعتـماد‭ ‬عـلى‭ ‬نـماذج‭ ‬‮«‬الـمدن‭ ‬الذكيـة‮»‬‭ ‬في‭ ‬تطويـر‭ ‬البنيـة‭ ‬التحتيـة‭ ‬والخدمـات‭ ‬العامـة‭. ‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭  ‬Smart‭ ‬Cities‭ ‬بأنها‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬حلولا‭ ‬تكنولوجية‭ ‬مبتكرة‭ ‬بهدف‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬الحياة‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬يتلقاها‭ ‬المواطنون‭ ‬والزوار‭ .‬

‭ ‬كما‭ ‬عرفت‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬تفصيلا‭ ‬بأنها‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬عملية‭ ‬دمج‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬ونظم‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭ ‬مع‭ ‬عمليات‭ ‬وأنظمة‭ ‬المدينة‭ ‬التقليدية‭ ‬لأجل‭ ‬تحسين‭ ‬إدارة‭ ‬العمليات‭ ‬المختلفة‭ ‬والأصول‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬وبمشاركة‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬الفاعلة‭ ‬فيها‭ ‬مثل‭ (‬الحكومة‭ ‬‭ ‬الهيئات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬‭ ‬المواطنون‭) ‬بإضفاء‭ ‬عناصر‭ ‬الذكاء‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬قطاعاتها‭ ‬المختلفة،‭ ‬ويقصد‭ ‬بالذكاء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬سرعة‭ ‬ودقة‭ ‬الاستجابة‭ ‬للمتطلبات‭ ‬وحل‭ ‬المشكلات‭ ‬والقضايا‭ ‬والانشغالات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الأطراف‭ ‬الفاعلة‭ ‬فيها‭ ‬عبر‭ ‬تحديدها‭ ‬وتحليلها‭ ‬باستخدام‭ ‬وتوظيف‭ ‬التقنيات‭ ‬المعاصرة،‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬كميات‭ ‬ضخمة‭  ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات‭ ‬الآنية،‭ ‬وبما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬أو‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬القضايا‭ ‬الحضرية‭ ‬والبيئية‭ ‬المتفاقمة،‭ ‬ويمكنها‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬حلول‭ ‬تكنولوجية‭ ‬مبتكرة‭ ‬لإدارة‭ ‬مواردها‭ ‬وبناها‭ ‬التحتية،‭ ‬وعصرنة‭ ‬خدماتها‭ ‬مثل‭ ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬وشبكات‭ ‬التزويد‭ ‬بالمياه،‭ ‬وشبكات‭ ‬التزود‭ ‬بالطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬وتخطيط‭ ‬وتنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬التخضير‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬بيئة‭ ‬صحية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مجالات‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬الواعدة‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬النهوض‭ ‬بقطاع‭ ‬الصحة‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلته‭ ‬وفقا‭ ‬للنظم‭ ‬الذكية،‭ ‬والاستخدامات‭ ‬المجتمعية‭ ‬للمشروعات‭ ‬العقارية،‭ ‬والمواصلات،‭ ‬والشبكات‭ ‬التعليمية،‭ ‬والاستدامة،‭ ‬والحوسبة‭ ‬السحابية،‭ ‬والبيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬ضبط‭ ‬الأمن،‭ ‬وخدمات‭ ‬إطفاء‭ ‬الحرائق‭ ‬وتحقيق‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الرفاهية‭  ‬للسكان‭ ‬واستخدام‭ ‬الروبوتات‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬و‭ ‬التقنيات‭ ‬الأخرى‭ ‬المعاصرة‭. ‬ويشمل‭ ‬مفهوم‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬أيضا‭ ‬جوانب‭ ‬اجتماعية‭ ‬عديدة‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭ ‬لسكان‭ ‬المدن‭. ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬مثلا‭ ‬فكرة‭ ‬المشاركة‭ (‬Link‭ ‬Sharing‭) ‬أو‭ ‬إشراك‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬تخطيط‭ ‬مشرعات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬والإسهام‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تصور‭ ‬عن‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬يتطلع‭ ‬للعيش‭ ‬فيها‭. ‬وبما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الارتقاء‭ ‬بجودة‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭. ‬

وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬سعي‭ ‬حكومة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لإضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الذكي‭ ‬على‭ ‬نشاطات‭ ‬إداراتها‭ ‬التنفيذية‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬العامة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وإنفاذا‭ ‬لرؤية‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‭ ‬وتوجيهات‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬المعظم،‭ ‬وصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬فإنها‭ ‬تدفع‭ ‬باتجاه‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬العلمية‭ ‬والعملية‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬استراتيجية‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬خدمة‭ ‬لشعب‭ ‬البحرين‭ ‬الذكي‭. ‬ومنها‭ ‬قمة‭ ‬البحرين‭ ‬للمدن‭ ‬الذكية‭ ‬والتي‭ ‬انطلقت‭ ‬نسختها‭ ‬السابعة‭ ‬برعاية‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬خلال‭ ‬المدة‭ (‬5-6‭) ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬الجاري‭ ‬بمركز‭ ‬الخليج‭ ‬للمؤتمرات‭ ‬في‭ ‬المنامة‭.‬

وبتنظيم‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬سمارت‭ ‬وي‭ ‬المتخصصة‭ ‬بتنظيم‭ ‬المعارض‭ ‬والملتقيات‭.‬

وقد‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬القمة‭ ‬وتقديم‭ ‬أوراقها‭ ‬النقاشية‭ ‬مجموعة‭ ‬منتخبة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬والمتحدثين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الاختصاص‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬واستدامة‭ ‬المدن،‭ ‬والتطوير‭ ‬العقاري،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭.‬

ومما‭ ‬ينبغي‭ ‬تأكيده‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تزخر‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬والإمكانات‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تحويل‭ ‬محافظاتها‭ ‬وقطاعاتها‭ ‬المتعددة،‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬نهضة‭ ‬عقارية‭ ‬متواصلة،‭ ‬إلى‭ ‬مدن‭ ‬ذكية‭. ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬عرضه‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬بمشروعات‭ ‬عديدة‭ ‬قائمة،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬نفذت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سعيها‭ ‬للتحول‭ ‬الرقمي‭ ‬والتقني‭ ‬الشامل‭. ‬

{ أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا