العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إلى متى هذا التآمر الأمريكي ضد الشعب الفلسطيني؟

بقلم: رامي رشيد

السبت ١٦ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬ألقى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬خطابه‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭ ‬المعروف‭ ‬‮«‬بحالة‭ ‬الاتحاد‮»‬،‭ ‬وبعد‭ ‬التطرق‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬سيقوم‭ ‬بإنشاء‭ ‬ميناء‭ ‬على‭ ‬ساحل‭ ‬غزة‭ ‬هدفه‭ ‬تلقي‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لتوزيعها‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬والدواء‭ ‬وكل‭ ‬مستلزمات‭ ‬الحياة‭ ‬الآدمية‭!‬

والراشح‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الميناء‭ ‬العائم‭ ‬سيبدأ‭ ‬رصيفه‭ ‬من‭ ‬قبرص‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬370‭ ‬كم‭ ‬عن‭ ‬ساحل‭ ‬غزة‭ ‬وسيكون‭ ‬ميناء‭ ‬لارنكا‭ ‬القبرصي‭ ‬هو‭ ‬نقطة‭ ‬الانطلاق‭ ‬للسفن‭ ‬المحملة‭ ‬بالمساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وستكون‭ ‬مساحة‭ ‬الميناء‭ ‬حوالي‭ ‬6‭ ‬كيلو‭ ‬مترات‭ ‬مربعة‭ ‬وستدفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كلفته،‭ ‬وسيشمل‭ ‬مستشفيات‭ ‬عائمة‭ ‬ومطاعم‭ ‬كبيرة‭ ‬ومراكز‭ ‬إيواء‭ ‬مخصصة‭ ‬للطواقم‭ ‬الطبية‭ ‬والأمنية‭ ‬والألف‭ ‬جندي‭ ‬أمريكي‭ ‬المصاحبين‭ ‬للميناء‭!‬

وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نوضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ستة‭ ‬معابر‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬يستطيع‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬عبرها‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬معبر‭ ‬رفح‭ ‬هذا‭ ‬المعبر‭ ‬الذي‭ ‬تخضعه‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ ‬للإغلاق‭ ‬من‭ ‬طرفها‭ ‬ومنع‭ ‬دخول‭ ‬الشاحنات‭ ‬بحجج‭ ‬أمنية‭ ‬واهية‭ ‬لإحكام‭ ‬الحصار‭ ‬على‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬الباسل‭ ‬لتجويعهم،‭ ‬وإذا‭ ‬تم‭ ‬السماح‭ ‬للشاحنات‭ ‬بالعبور‭ ‬فيكون‭ ‬العدد‭ ‬غير‭ ‬كاف‭ ‬والمساعدات‭ ‬تكون‭ ‬مقننة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬هو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬قطرة‭ ‬في‭ ‬محيط‭!‬

وفي‭ ‬تصريحه‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬الميناء‭ ‬العائم‭ ‬يقول‭ ‬المقرر‭ ‬الأممي‭ ‬المعني‭ ‬بالغذاء‭ ‬إنها‭ ‬فكرة‭ ‬خبيثة،‭ ‬ومنسقة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تصرح‭ ‬بأن‭ ‬الجو‭ ‬والبحر‭ ‬ليسا‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬الأرض،‭ ‬ويجمع‭ ‬الخبراء‭ ‬المنصفون‭ ‬المتابعون‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الأهداف‭ ‬المهمة‭ ‬هو‭ ‬إلغاء‭ ‬وكالة‭ ‬غوث‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬‭.‬

وهناك‭ ‬تقدير‭ ‬أن‭ ‬يستغرق‭ ‬إنشاء‭ ‬هذا‭ ‬الميناء‭ ‬العائم‭ ‬عدة‭ ‬شهور،‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الشهور‭ ‬تمنح‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ ‬فرصة‭ ‬كافية‭ ‬لتجويع‭ ‬سكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مع‭ ‬إطلاق‭ ‬يد‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬الهجمات‭ ‬الفتاكة‭ ‬بمدينة‭ ‬رفح‭ ‬حيث‭ ‬يتكدس‭ ‬مليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬فلسطيني‭ ‬غزاوي‭.‬

في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يحتدم‭ ‬السباق‭ ‬الانتخابي‭ ‬ويسعى‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬لحشد‭ ‬كل‭ ‬طاقات‭ ‬حزبه‭ ‬خلفه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دلت‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬على‭ ‬صعوبة‭ ‬عودته‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬الرئاسة،‭ ‬فربما‭ ‬طرح‭ ‬موضوع‭ ‬الميناء‭ ‬العائم‭ ‬يرمم‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬شعبيته‭ ‬التي‭ ‬فقدها‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الأمريكان‭ ‬العرب‭ ‬والأمريكان‭ ‬الأفارقة‭ ‬ويسار‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وشبابه‭.‬

فلسطينيًا‭ ‬لنا‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وخداعها،‭ ‬ولنا‭ ‬كل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الشك‭ ‬بأي‭ ‬خطوة‭ ‬تخطوها‭ ‬فهي‭ ‬المهندس‭ ‬واللاعب‭ ‬الأساسي‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وهي‭ ‬الداعم‭ ‬المزود‭ ‬بكل‭ ‬آلة‭ ‬الدمار‭ ‬التي‭ ‬تفتك‭ ‬بأهلنا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬وهي‭ ‬صاحبة‭ ‬الغطاء‭ ‬السياسي‭ ‬لدولة‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الهيئات‭ ‬والمحافل‭ ‬الدولية‭.‬

وأنا‭ ‬أقتبس‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الناشط‭ ‬الأمريكي‭ ‬البارز‭ ‬جيمس‭ ‬زغبي‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬لقد‭ ‬فشلنا‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمركزية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهيمنا‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬ومنعنا‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬ولم‭ ‬ندرك‭ ‬التأثير‭ ‬الكارثي‭ ‬لسياساتنا‭ ‬على‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭.‬

دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬تود‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬هذا‭ ‬الميناء‭ ‬العائم‭ ‬أن‭ ‬تغلق‭ ‬معبر‭ ‬رفح‭ ‬إغلاقًا‭ ‬تامًا‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تواصل‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭ ‬مع‭ ‬الشقيقة‭ ‬الكبرى‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬محور‭ ‬‮«‬فيلادلفيا‮»‬‭ ‬تدعم‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الاحتلالي‭.‬

ويهدف‭ ‬الاحتلال‭ ‬إلى‭ ‬فصل‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭ ‬عن‭ ‬جنوبه‭ ‬وتكريس‭ ‬الاحتلال‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭ ‬تعد‭ ‬بالسنين‭ ‬وليس‭ ‬بالشهور،‭ ‬وتقليص‭ ‬مساحة‭ ‬القطاع،‭ ‬بقضم‭ ‬شريط‭ ‬شرق‭ ‬القطاع‭ ‬حتى‭ ‬جنوبه‭ ‬وهي‭ ‬عدة‭ ‬كيلومترات‭ ‬داخل‭ ‬القطاع‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬للوسط‭ ‬للجنوب،‭ ‬بهدف‭ ‬إبعاد‭ ‬القطاع‭ ‬عن‭ ‬مستوطنات‭ ‬غلاف‭ ‬غزة،‭ ‬وربما‭ ‬تملأ‭ ‬الكيلومترات‭ ‬المقضومة‭ ‬بالمستوطنين‭ ‬الذين‭ ‬سيحميهم‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬كما‭ ‬يعلن‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬الفاشي‭ ‬العنصري‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬‭.‬

ويهدف‭ ‬الميناء‭ ‬العائم‭ ‬إلى‭ ‬فك‭ ‬الارتباط‭ ‬بين‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬وتعميق‭ ‬الفصل‭ ‬بينهما‭ ‬سياسيًا‭ ‬وجغرافيا‭ ‬وإداريًا‭ ‬وجمركيًا،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬أمل‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬متواصلة‭ ‬قابلة‭ ‬للحياة،‭ ‬وتهدف‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬إلى‭ ‬الانفكاك‭ ‬عن‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬كليًا‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬بإغلاق‭ ‬كل‭ ‬المعابر‭ ‬الخمسة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تربطها‭ ‬بالقطاع‭. ‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬أحالت‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬جحيم‭ ‬انعدمت‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬سبل‭ ‬الحياة‭ ‬الآدمية،‭ ‬هل‭ ‬سيكون‭ ‬هذا‭ ‬الميناء‭ ‬هو‭ ‬بوابة‭ ‬الهجرة‭ ‬الطوعية‭ ‬لقطاعات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬شعبنا،‭ ‬وهناك‭ ‬مخططات‭ ‬تجري‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭ ‬وسفارات‭ ‬أجنبية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لهذا‭ ‬الهدف‭.‬

ولن‭ ‬نكون‭ ‬مغالين‭ ‬حين‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬سعيها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬ودولة‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬عملها‭ ‬الدؤوب‭ ‬لتكون‭ ‬الدولة‭ ‬المتفوقة‭ ‬عسكريًا‭ ‬وصناعيًا‭ ‬وأمنيًا‭ ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬أيضًا،‭ ‬أن‭ ‬تسيطرا‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬لنهب‭ ‬خيراته‭ ‬من‭ ‬غاز‭ ‬طبيعي‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬باطن‭ ‬بحر‭ ‬غزة‭ ‬بكميات‭ ‬مهولة‭!‬

وأخيرًا‭ ‬هناك‭ ‬التنافس‭ ‬الأمريكي‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬والصين،‭ ‬فاحتلال‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬يضعف‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬الصيني‭ ‬لصالح‭ ‬طريق‭ ‬الهند‭ ‬المنافس،‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬أهناك‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬الخير‭ ‬لشعبنا‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني؟

الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تدعم‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬الشمس‭ ‬تشرق‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬كل‭ ‬قادتها‭ ‬وينظرون‭ ‬لنا‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬دولة‭ ‬الكيان،‭ ‬فمتى‭ ‬نستطيع‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬تجميع‭ ‬قوانا‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬بمفهوم‭ ‬المصالح؟

{‭ ‬كاتب‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا