دائمًا ما كان الحديث عن المسرح البحريني مرتبط بعلاقة حميمة تجمع الممثل بالمسرح، هذه العلاقة تأصلت منذ سنوات بعيدة ترأس فيها المسرح البحريني ريادة حمل شعلة بناء المسرح والانخراط فيه بحب وشغف ومخرجة لفنانين كبار على المستوى الخليجي، أمثال خالد الرويعي وزهرة عرفات وعلي الغرير وخليل الرميثي وغيرهم من الفنانين الذين لا يسعني ذكرهم، فهم كثيرون، خرجوا من قوقعة هذا المسرح الذي بدأ أول نواته عبر أول خطوات التعليم المدرسي النظامي، بجهود الأساتذة المعلمين الأفاضل القادمين من الوطن العربي، والذين بجهودهم عرف الجمهور البحريني حركة الفن المسرحي، أي منذ ما يقارب المائة عام، ارتبطت بأول تأسيس تعليمي نظامي متمثل في مدرسة الهداية الخليفية عام 1919.
ومن «الأعمال المسرحية التي قدمت في المدارس الحكومية منها مسرحيات «القاضي بأمر الله» 1925م، «وفود العرب على كسرى» 1927م، «امرؤ القيس»، «أبو القاسم الطنبوي» 1928م، «ثعلبة»، و«داحس والغبراء» 1932. وذكر أيضا المسرحيات التي قدمتها المدارس الأهلية أبرزها «وامعتصماه» 1931م، «وليم تل»، «بين الدولتين»، «سيف الدولة بن حمدان» 1931م، «المعتصم بأمر الله» 1941م، «الميت الحي» و«شهامة العرب».
ومن بعد هذا التاريخ المرتبط بالتعليم الأساسي، تشكلت رؤى لظهور كيانات مسرحية متعددة مستقلة مثل مسرح أوال ومسرح الجزيرة والمسرح الأهلي، ومسرح الصواري ومسرح الريف ومسرح جلجامش، ومسرح البيادر ومسرح الدانة والمسرح الوطني الذي يعد أهم مسرح في الشرق الأوسط. أعوام مضت أصلت رسائل عدية بالحراك المسرحي، فظهر الكثير من الوجوه التي درست فن المسرح أكاديميا وانشغلت به كرسالة فنية إنسانية عالية الإبداع، فجاء هذا التنوع بظهور المخرجين المحترفين والممثلين المحترفين والذين شاركوا برسائلهم الفنية في تحريك رواكد ثقافة المسرح وأهميته ليس في البحرين وحدها وإنما في الوطن العربي والخليج، حتى وصل فنان المسرح إلى الثقافة العالمية اسما وعملا.
هؤلاء الذين بدأوا صغاراً ليكبروا ويكونوا علامة فارقة في الفن الخليجي والعربي والسؤال الذي يؤلم كل غيور على ثقافة فن المسرح (مسرحنا إلى أين؟) في وقتنا الحالي مازال مسرحنا بحاجة جادة إلى توظيف هذا التاريخ في مفهوم الثقافة المسرحية المحلية أولاً بعلاقة جمهور يريد التنوع ويريد أن يرى من يحتضن جهوده ويستثمرها في بناء اقتصاد داعم للوطن أسسه استثمار المسرح ودعمه وخلق المنافسة الشريفة في التحدي حتى لا يضيع تاريخنا العريق في مهب الريح، وأن تكون لنا رسالتنا في بناء صرح أكبر مما هو عليه، لأن أي عمل لا يستثمر في بناء الأوطان يكون خرج المعادلة.
والبناء ليس بالفرقة بقدر ما هو بالانصهار والاندماج في روح الثقافة الشاملة والتي لها أسس بناء الإنسان أولاً، واستثمار عطائه في بناء الأجيال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك