العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

دلالات قرار «الأمم المتحدة» حول الذكاء الاصطناعي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

شهدت‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬خطوات‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إصدار‭ ‬قانون‭ ‬ينظم‭ ‬استخدامات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬ففي‭ ‬13‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬وافق‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬تشريع‭ ‬جديد‭ ‬يضيف‭ ‬قيودًا‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الأنظمة‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬عالية‭ ‬المخاطر،‭ ‬مثل‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬والتعليم‭. ‬وفي‭ ‬21‭ ‬مارس،‭ ‬اعتمدت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتوافق‭ ‬الآراء‭ -‬193‭ ‬دولة‭- ‬أول‭ ‬قرار‭ ‬دولي‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬سياسات‭ ‬الخصوصية،‭ ‬ويضمن‭ ‬سلامة‭ ‬وأمان‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات،‭ ‬والإشراف‭ ‬على‭ ‬مخاطرها‭ ‬المحتملة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التوافق‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬القرار،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غير‭ ‬ملزم،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تنفيذ‭ ‬ومراقبة‭ ‬أنشطة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الخبيثة‭. ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬تنظيم‭ ‬واستخدام‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬بشكل‭ ‬آمن،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يشتد‭ ‬فيه‭ ‬التنافس‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تحذير‭ ‬المراقبين‭ ‬بشأن‭ ‬قوة‭ ‬الضوابط‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬مطوري‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التطور‭ ‬السريع‭ ‬لتقنياته‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬باتت‭ ‬تعكس‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬شتى،‭ ‬بل‭ ‬تتفوق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات؛‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬دافعًا‭ ‬وراء‭ ‬تنظيم‭ ‬استخداماته‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬أقرها‭ ‬قادة‭ ‬الصناعة‭ ‬أنفسهم‭ ‬ووصفوها‭ ‬بأنها‭ ‬تهدد‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭. ‬وقبل‭ ‬إصدار‭ ‬القرار،‭ ‬جرت‭ ‬مناقشات‭ ‬حول‭ ‬أفضل‭ ‬السبل‭ ‬لمعالجة‭ ‬القضية‭ ‬في‭ ‬المنتديات‭ ‬الدولية،‭ ‬مثل‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع،‭ ‬ومجموعة‭ ‬العشرين،‭ ‬وقمة‭ ‬سلامة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023،‭ ‬والتي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬قانون‭ ‬ينظم‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات،‭ ‬والذي‭ ‬وصفه‭ ‬ماريانو‭ ‬كويلار،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬السلام‭ ‬الدولي،‭ ‬بأنه‭ ‬فتح‭ ‬فصلاً‭ ‬جديدًا‭ ‬في‭ ‬دبلوماسية‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؛‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وضع‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬تقليل‭ ‬المخاطر،‭ ‬وتأمين‭ ‬فوائد‭ ‬أكبر‭ ‬لهذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬السريعة‭ ‬التطور‭.‬

وقبل‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬انعقاد‭ ‬قمة‭ ‬بريطانيا،‭ ‬قامت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بتشكيل‭ ‬هيئة‭ ‬استشارية‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؛‭ ‬لتعزيز‭ ‬سلامة‭ ‬وشمولية‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات،‭ ‬وصياغة‭ ‬قانون‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والصين،‭ ‬إجراءات‭ ‬أحادية‭ ‬بشأن‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬فإن‭ ‬قانون‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬يبقى‭ ‬أول‭ ‬تشريع‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬ينظم‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬متدرج،‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬تدارك‭ ‬المخاطر،‭ ‬مع‭ ‬الالتزام‭ ‬بالشفافية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬تقنياته‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬المجتمعية‭ ‬الرئيسية‭.‬

ومع‭ ‬تولي‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬التشريعية‭ ‬المبكرة‭ ‬لتنظيم‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬تتطلع‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى‭ ‬أيضًا‭ ‬للقيام‭ ‬بأدوار‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭. ‬وأشار‭ ‬روبرت‭ ‬هارت،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فوربس،‭ ‬إلى‭ ‬حرص‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬نفسها‭ ‬كزعيم‭ ‬عالمي،‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس،‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬وأن‭ ‬اعتماده‭ ‬وتطويره‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بطريقة‭ ‬تحمي‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬أذى‭ ‬محتمل‭. ‬واستشهد‭ ‬هارت،‭ ‬بكيف‭ ‬بذل‭ ‬الدبلوماسيون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬مؤخرًا‭ ‬جهودًا‭ ‬متضافرة‭ ‬لتكثيف‭ ‬وتولي‭ ‬دور‭ ‬قيادي‭ ‬في‭ ‬حوكمته‭ ‬العالمية‭ ‬أيضًا‭.‬

وكانت‭ ‬واشنطن‭ ‬قد‭ ‬قدمت،‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬المشاورات‭ ‬والمفاوضات‭ ‬قرارًا‭ ‬إلى‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬يدعو‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬أنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الآمنة،‭ ‬والجديرة‭ ‬بالثقة،‭ ‬حيث‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬العالمية،‭ ‬وتجنب‭ ‬التصميمات‭ ‬غير‭ ‬المناسبة‭ ‬أو‭ ‬الضارة‭ ‬لأنظمته،‭ ‬وتطويرها،‭ ‬ونشرها،‭ ‬واستخدامها‭ ‬بطريقة‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وسد‭ ‬الفجوة‭ ‬الرقمية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬والفقيرة،‭ ‬وضمان‭ ‬حصول‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والقدرات‭ ‬اللازمة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬فوائد‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬متنوعة،‭ ‬مثل‭ ‬التنبؤ‭ ‬بأنماط‭ ‬الطقس،‭ ‬والممارسات‭ ‬الزراعية،‭ ‬وتدريب‭ ‬العمال،‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬وقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬القرار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصين،‭ ‬المنافس‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الرئيسي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬ريشي‭ ‬إينجار،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يعتبر‭ ‬نقطة‭ ‬مضيئة‭ ‬بسبب‭ ‬إدراج‭ ‬لغة‭ ‬تضمن‭ ‬امتثال‭ ‬أنظمته‭ ‬لمعايير‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬واعتبر‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬التوافق‭ ‬العالمي‭ ‬حول‭ ‬ضرورة‭ ‬وضع‭ ‬قواعد‭ ‬واضحة‭ ‬لتنظيم‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬لتجنب‭ ‬التهديدات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنشأ‭ ‬عنها،‭ ‬فيما‭ ‬يعكس‭ ‬تحولاً‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬الدولية‭ ‬نحو‭ ‬الضوابط‭ ‬والسياسات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتكنولوجيا،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المعارك‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬التي‭ ‬دارت‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الغربية‭ ‬ومنافسيها‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حول‭ ‬الضوابط‭ ‬الجديدة‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬وآليات‭ ‬التجسس‭ ‬الإلكترونية‭.‬

ويتضح‭ ‬مدى‭ ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬التوافقي‭ -‬باعتباره‭ ‬شيئًا‭ ‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬السهل‭ ‬تحقيقه‭- ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعليق‭ ‬سفيرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ليندا‭ ‬توماس‭-‬جرينفيلد،‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬قليلا‭ ‬ما‭ ‬يتفق‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬ما،‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬الجانب‭ ‬الأكثر‭ ‬دعما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬هو‭ ‬الإجماع‭ ‬الواسع‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تشكيله‭ ‬باسم‭ ‬دفع‭ ‬التقدم‭ ‬والازهار‭ ‬والابتكار‭.‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬قانون‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ -‬المذكور‭ ‬أعلاه‭- ‬أشار‭ ‬المراقبون‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬الرئيسية‭ ‬والمناطق‭ ‬الرمادية‭ ‬الغامضة‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬هارت،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نصه‭ ‬بالأساس‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬الفوائد‭ ‬المحتملة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجلبها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامه‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائية‭ ‬لعام‭ ‬2030،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر،‭ ‬وتحسين‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي،‭ ‬ومعالجة‭ ‬المناخ،‭ ‬وتغيير‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬التعليم؛‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬ريتشارد‭ ‬جوان،‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفوائد‭ ‬كان‭ ‬جهدًا‭ ‬متعمدًا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واشنطن‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬نوايا‭ ‬حسنة‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأسهل‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬استخدامه‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬على‭ ‬التقدم،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬والسلامة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬دانيال‭ ‬لوفر،‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬آكسيس‭ ‬ناو،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬إجماع‭ ‬دولي‭ ‬حول‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لتعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬ستظل‭ ‬هناك‭ ‬مفاوضات‭ ‬وتسويات‭ ‬لازمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الغاية،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬والمنافسين‭ ‬الاقتصاديين،‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والصين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬بجعل‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬يرضى‭ ‬بأدنى‭ ‬القيود،‭ ‬أو‭ ‬الضوابط‭ ‬لأنشطته،‭ ‬مضيفا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬اقتصرنا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نجعل‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬تتفق‭ ‬عليه،‭ ‬فعندئذ‭ ‬لن‭ ‬نذهب‭ ‬بطموحاتنا‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭.‬

وبهذا‭ ‬المعنى،‭ ‬أشار‭ ‬إينجار،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬النقاط‭ ‬الغائبة‭ ‬الملحوظة‭ ‬بالقرار،‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬تناول‭ ‬الاستخدام‭ ‬العسكري‭ ‬المحتمل‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬كان‭ ‬متعمدا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭. ‬ووصف‭ ‬هارت،‭ ‬هذا‭ ‬التجاهل‭ ‬بأنه‭ ‬خطير‭ ‬بشكل‭ ‬خاص؛‭ ‬لأنه‭ ‬يترك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الحاسمة،‭ ‬بلا‭ ‬معالجة،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أنها‭ ‬ستشكل‭ ‬مستقبل‭ ‬تطوير‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وقد‭ ‬تنشئ‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الانقسام‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬عليها‭ ‬مستقبلا‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬نوايا‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬قادته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬ستؤدي‭ ‬شروطه‭ ‬لمعالجة‭ ‬أوجه‭ ‬التعاون‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬المخاطر؛‭ ‬فإن‭ ‬إنفاذ‭ ‬مهام‭ ‬التنظيم‭ ‬والضوابط‭ ‬المستقبلية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬يشكل‭ ‬مسألة‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬معالجتها‭ ‬بعد‭. ‬وباعتباره‭ ‬قرارًا‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬قرار‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لا‭ ‬يتمتع‭ ‬بنفس‭ ‬صلاحيات‭ ‬التنفيذ‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬بموافقة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬ليدرير،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬مقياسًا‭ ‬عالميا‭ ‬يجب‭ ‬الالتزام‭ ‬به،‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬هارت،‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬تمريره‭ ‬فلن‭ ‬يُلزم‭ ‬البلدان‭ ‬بالامتثال‭ ‬لنماذج‭ ‬حوكمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬ولا‭ ‬الانصياع‭ ‬لمجموعة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬فرضها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬ضمن‭ ‬ولاياتها‭ ‬القضائية‭. ‬

وبسبب‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬حذر‭ ‬لوفر،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬فعليًا‭ ‬بدعمها‭ ‬لقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بشأن‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬أمرا‭ ‬مفروغا‭ ‬منه،‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬يقف‭ ‬عند‭ ‬مجرد‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬رسالة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬استخدامات‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬فحسب‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬ملامح‭ ‬دور‭ ‬تطوير‭ ‬واستخدام‭ ‬آليات‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص؛‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الكبرى،‭ ‬مثل‭ ‬جوجل،‭ ‬وأمازون،‭ ‬ومايكروسوفت،‭ ‬وأوبن‭ ‬إيه‭ ‬آي،‭ ‬تلعب‭ ‬أدوارًا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬وتطوير‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬وأوضح‭ ‬هارت،‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لم‭ ‬يحدد‭ ‬ملامح‭ ‬النهج‭ ‬الشامل‭ ‬لتعامل‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬الخاص‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتخصصة،‭ ‬واصفا‭ ‬القرار‭ ‬بأنه‭ ‬خجول‭ ‬نسبيًا‭ ‬في‭ ‬تطرقه‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬داخل‭ ‬ولاياتها،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬التزام‭ ‬شركاتها،‭ ‬سوى‭ ‬بـمزيج‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬التنظيمية‭ ‬والإشرافية‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬الحالية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الانتقادات،‭ ‬رحب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن،‭ ‬بهذا‭ ‬الجهد‭ ‬التاريخي‭ ‬والنهج‭ ‬العالمي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬لضبط‭ ‬تطوير‭ ‬واستخدام‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الناشئة‭ ‬القوية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬سفراء‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬بريطانيا،‭ ‬واليابان،‭ ‬وسنغافورة،‭ ‬وهولندا،‭ ‬والمغرب،‭ ‬بشكل‭ ‬مشترك‭ ‬أن‭ ‬تمرير‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬يوم‭ ‬جيد‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وللتعددية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬

على‭ ‬العموم‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬قانون‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التابع‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬الفردية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬أمريكا،‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬والصين؛‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬ثغرات‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬قرار‭ ‬دولي‭ ‬تقره‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬استخدام‭ ‬وتنظيم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬معالجتها‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬القوية‭ ‬لتحسين‭ ‬معالم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وعدم‭ ‬استغلالها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الخبيثة‭. ‬

وفي‭ ‬الأخير،‭ ‬فإن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إجماعا‭ ‬دوليا،‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬أنظمة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬تتطور‭ ‬بسرعة‭ ‬البرق،‭ ‬وضبط‭ ‬فعاليتها‭ ‬واستخداماتها،‭ ‬والموافقة‭ ‬على‭ ‬الاستخدام‭ ‬الآمن‭ ‬والشفاف‭ ‬لها،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المنافسة‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬هي‭ ‬شهادة‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬إدراك‭ ‬الدول‭ ‬لحجم‭ ‬المخاطر‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬ترك‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬رقابة‭ ‬أو‭ ‬مساءلة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا