كتبه: حسين خليل
مبتعدة هذه المرة عن تناول الموروث الشعبي في حكاياتها، تحاول الكاتبة زهراء مبارك أن تدخل عالم الكتابة لليافعين، أبناء وبنات اليوم، في الرواية التي صدرت مؤخرًا تحت عنوان ويجا، التي تتناول قضايا اجتماعية حساسة متعلقة بالفتيات في عمر المراهقة.
بطلات الرواية هنّ ثلاث فتيات، في عمر الرابعة عشرة، يخضن تجارب غير مألوفة، منها تجربتهم مع لوح ويجا، الذي سميت الرواية باسمه، وهو لوح خشبي مرسوم عليه الأحرف الأبجدية مع بعض الأرقام والرموز، ويوصف بأنه يستخدم للتواصل مع الأرواح.
الرواية تتطرق بجرأة إلى موضوعات من قبيل التدخين لدى المراهقات، وتعاطي الحبوب المخدرة، ومشاهدة الأفلام غير المناسبة، ومسألة (البويات)، والدخول إلى عالم السحر، وحفلات عبدة الشيطان، والتفكير في الهروب من المنزل، وتصل ذروة الموضوعات إلى مسألة الانتحار.
الرواية تتأرجح بين الفرح والحزن، والبهجة والخوف، الرقص والتوتر، البراءة والغدر، لتنتهي بحريق كبير، يأكل كل شيء، مع أمل أن تنبعث الحياة من جديد من تحت الرماد.
قارئ الرواية سيلمس محاولة الكاتبة في وضع نفسها مكان الفتاة المراهقة، بكل ما لها من مشاعر وأحاسيس وأفكار وتطلعات، بل أكثر من ذلك، فحتى اللغة من حيث المفردات والتراكيب، خصوصًا الحوارات، هي من صميم حياة الفئة العمرية المستهدفة.
وحتى رسم الشخصيات، جاء ليتوافق مع ما يقنع القراء من هذه الفئة، فلا تجد الشخصيات المصقولة بشكل مفرط، بل الشخصيات الحقيقية، الفوضوية بدرجة ما، التي تتصارع في داخلها عوامل القوة والضعف.
اهتمت الكاتبة بالتفاصيل في رسمها للشخصيات، باعتبار أن كل تفصيل سيكشف الكثير عن الشخصية، فمن طريقة اللبس، إلى طريقة المشي، إلى طبيعة التساؤلات، فهناك الطالبة التي تسأل عن إكسسوارات المعلمة من أين تشتريها؟ أو الطالبة التي تحاول إخفاء رائحة التدخين من خلال مضغ العلكة ورش المكان بالعطر.
موضوع الأسرة طرح بشكل محوري في الرواية، فهناك الأسرار التي لا تحكيها الفتاة لأسرتها بل لصديقاتها، وهناك الأسرار التي لا تبوح بها الفتاة إلا لصندوق الأسرار الذي وضعته لهم المعلمة في المدرسة، وهناك العنف الأسري، أو التدليل الزائد، وصولًا إلى الأسر المفككة.
الرواية تعرض العديد من نماذج الآباء والأمهات، الذين من حيث لا يشعرون يساهمون في ضياع أبنائهم.
غطّت الكاتبة بشكل مهم التغيرات الاجتماعية التي تعيشها الأسر اليوم، فهناك من يعتمد على طلب الوجبات من المطاعم بدل إعدادها في البيت أو حتى الذهاب لاستلامه، وهناك الأم التي تلمس تغيرات نفسية تعيشها ابنتها فتتصفح حسابات البنت على مواقع التواصل في محاولة لاكتشاف أسباب ذلك.
كما أن العلاقات بين الأصدقاء أخذت مناحي متعددة، جرّت بدورها إلى مشكلات جديدة، مثل الابتزاز الإلكتروني الذي قد تتعرض له الفتاة عندما يطلب منها صديقها عبر موقع للدردشة أن ترسل إليه صورًا خاصة، ثم يستعمل تلك الصور ضدها.
قد يتصور القارئ أن سقف الموضوعات في الرواية عالٍ، لكن بما أن الرواية موجهة لليافعين، فإن الكاتبة استطاعت أن تجعل طرح هذه القضايا ضمن حدود معينة، يحددها الشعور بالمسؤولية، وضرورة أن يكون هناك ضوء في نهاية الطريق.
يذكر أن للكاتبة رواية بعنوان (الحفيز)، وقصة للأطفال بعنوان (الحصالة الذكية)، ولها العديد من الروايات غير المنشورة ورقيًا والتي تنشرها عبر وسائط التواصل الاجتماعي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك