العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حلف الناتو وروسيا.. صراع دون مواجهة عسكرية

بقلم: د. أشرف محمد كشك {

الاثنين ٠١ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬السابع‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬قال‭  ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬أمام‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الطيارين‭ ‬الروس‭ ‬إن‭ ‬‮«‬روسيا‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬أي‭ ‬خطط‭ ‬تجاه‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬وأنها‭ ‬لن‭ ‬تهاجم‭ ‬بولندا‭ ‬أو‭ ‬دول‭ ‬البلطيق‭ ‬أو‭ ‬جمهورية‭ ‬التشيك‮»‬‭ ‬ولكنه‭ ‬أضاف‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬قام‭ ‬الغرب‭ ‬بتزويد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بمقاتلات‭ ‬إف‭-‬16‭ ‬فسوف‭ ‬تسقطها‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‮»‬‭ ‬وقال‭ ‬‮«‬إن‭ ‬تلك‭ ‬الطائرات‭ ‬بإمكانها‭ ‬حمل‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬ولكنها‭ ‬ستكون‭ ‬أهدافاً‭ ‬مشروعة‭ ‬لروسيا‭ ‬إذا‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬ثالثة‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬جاءت‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬تصريح‭ ‬مهم‭ ‬للغاية‭ ‬صدر‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬روب‭ ‬باور‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الناتو‭  ‬وقال‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الحلف‭ ‬مستعد‭ ‬لصراع‭ ‬محتمل‭ ‬مع‭ ‬روسيا‮»‬،‭ ‬وتضمن‭ ‬حديث‭  ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬نقاطاً‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الحلف‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توسع‭ ‬شرقاً‭ ‬باتجاه‭ ‬روسيا‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬عام‭ ‬1991‮»‬،‭ ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬احتدام‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الراهن‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭  ‬مثار‭ ‬تساؤلات‭ ‬وجهت‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬باحثي‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬ممن‭ ‬يعدون‭ ‬رسائل‭ ‬دكتوراه‭ ‬حول‭ ‬الناتو‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الحدث‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬تحولاً‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الطرفين‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬احتدام‭ ‬الصراع‭ ‬؟‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬ضم‭ ‬روسيا‭ ‬لشبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬كان‭ ‬تحولاً‭ ‬مهماً‭  ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬موجات‭ ‬توسع‭ ‬الناتو‭ ‬ومحاولة‭ ‬‮«‬قضم‮»‬‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬هي‭ ‬جذور‭ ‬الصراع‭ ‬الراهن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬موجات‭ ‬متتالية‭ ‬من‭ ‬الانضمام‭ ‬وفق‭ ‬برنامج‭ ‬الشراكة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬استحدثه‭ ‬الناتو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬تأهيل‮»‬‭ ‬الدول‭ ‬الراغبة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬عضوية‭ ‬الحلف‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬عليها‭ ‬استيفاء‭ ‬معايير‭ ‬محددة‭ ‬بشأن‭ ‬إصلاح‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬وكذلك‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لتصبح‭ ‬مؤهلة‭ ‬لنيل‭ ‬عضوية‭ ‬الحلف‭ ‬وبمقتضى‭ ‬ذلك‭ ‬البرنامج‭ ‬حصلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬على‭ ‬عضوية‭ ‬الناتو،‭ ‬ولم‭ ‬يمثل‭ ‬ذلك‭ ‬مشكلة‭ ‬لروسيا‭ ‬فكل‭ ‬دولة‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬روسيا‭ ‬قبلت‭ ‬بتأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬الناتو‭ ‬‭ ‬روسيا‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬كآلية‭ ‬للتشاور‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الحلف‭ ‬وكان‭ ‬المجلس‭ ‬يجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬ومن‭ ‬خلاله‭ ‬عبرت‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬مخاوفها‭ ‬للغرب‭ ‬بشأن‭ ‬موجات‭ ‬التوسع‭ ‬المتتالية‭ ‬وقدم‭ ‬الحلف‭ ‬رؤيته‭ ‬لقبول‭ ‬عضوية‭ ‬دول‭ ‬جديدة‭.‬

ولكن‭ ‬وكما‭ ‬أشرت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المقالات‭ ‬فإن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تختلف‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬جذري‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬سعى‭ ‬الحلف‭ ‬إلى‭ ‬التمدد‭ ‬فيها‭ ‬لكونها‭ ‬تعكس‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬العازلة‭ ‬وحال‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬عضوية‭ ‬الناتو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يعني‭ ‬تماساً‭ ‬استراتيجياً‭ ‬مباشراً‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬بما‭ ‬ينهي‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬العمق‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬مقومات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدول‭ ‬الكبرى‭ ‬والتي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديها‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬الفناء‭ ‬الخلفي‮»‬‭ ‬كمتطلب‭ ‬لحماية‭ ‬أمنها‭ ‬القومي‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تخوض‭ ‬صراعاً‭ ‬ممتداً‭.‬

‭  ‬ونأتي‭ ‬إلى‭ ‬السؤال‭ ‬الأصعب‭: ‬هل‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬الناتو‭ ‬وروسيا؟‭ ‬وتكمن‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬التساؤل‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التصريحات‭ ‬المتبادلة‭ ‬فحتى‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭ ‬وضعت‭ ‬روسيا‭ ‬شروطاً‭ ‬واضحة‭ ‬ومحددة‭ ‬لذلك‭ ‬وهي‭ ‬أنها‭ ‬سوف‭ ‬تقوم‭ ‬بضرب‭ ‬أي‭ ‬قوات‭ ‬أطلسية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬فيه‭ ‬روب‭ ‬باور‭ ‬‮«‬أنه‭ ‬لا‭ ‬نية‭ ‬لنشر‭ ‬قوات‭ ‬أطلسية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الروسية‭ ‬وأن‭ ‬أحد‭ ‬شروط‭ ‬عضوية‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬الناتو‭ ‬هو‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬عمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬على‭ ‬أراضيها‮»‬‭.‬

ويعني‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬إننا‭ ‬إزاء‭ ‬صراع‭ ‬ممتد‭ ‬تجاوز‭ ‬الثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬دون‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬مباشرة‭ ‬لأن‭ ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬بمفهوم‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬التقليدية‭  ‬فحسب،‭ ‬فمع‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬يحتل‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬تصنيف‭ ‬جيوش‭ ‬العالم‭ ‬بعدد‭ ‬جنود‭ ‬يبلغ‭ ‬مليونا‭ ‬و300‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬فإن‭ ‬جيوش‭ ‬7‭ ‬دول‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الناتو‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬32‭ ‬مع‭ ‬انضمام‭ ‬السويد‭ ‬رسمياً،‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ولكن‭ ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬بالقدرات‭ ‬التقليدية‭ ‬فروسيا‭ ‬تتفوق‭ ‬نووياً‭ ‬بحوالي‭ ‬6255‭ ‬رأسا‭ ‬نوويا‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬6056‭ ‬لدى‭ ‬الناتو،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬تلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬خيار‭ ‬مستبعد‭ ‬ولكنه‭ ‬ورقة‭ ‬يتم‭ ‬توظيفها‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬وتقدم‭ ‬لنا‭ ‬أزمة‭ ‬الصواريخ‭ ‬الكوبية‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬دروساً‭ ‬مستفادة‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬بنصب‭ ‬صواريخ‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬كوبا‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬90‭ ‬ميلاً‭ ‬عن‭ ‬سواحل‭ ‬فلوريدا‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬آنذاك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الطرفين‭ ‬نجحا‭ ‬في‭ ‬نزع‭ ‬فتيل‭ ‬أزمة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬13‭ ‬يوماً‭ ‬كادت‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬مواجهة‭ ‬نووية‭.‬

ولست‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬الأطلسية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬عدم‭ ‬نية‭ ‬الحلف‭ ‬خوض‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬ليس‭ ‬لتوازن‭ ‬القوى‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬أشرت‭ ‬إليه‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬أرتكز‭ ‬في‭ ‬تحليلي‭ ‬إلى‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية،‭ ‬ففي‭ ‬المفهوم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الناتو‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬وهو‭ ‬بمثابة‭ ‬مراجعة‭ ‬أمنية‭ ‬تصدر‭ ‬كل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬يحدد‭ ‬الحلف‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬المخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬دوله‭ ‬الأعضاء‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهتها‭ ‬فبرغم‭ ‬استحواذ‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬جل‭ ‬تلك‭ ‬الوثيقة‭ ‬فإن‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬حدد‭ ‬الحلف‭ ‬سبل‭ ‬مواجهتها؟‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬المفهوم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬وبكل‭ ‬وضوح‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يسعى‭ ‬الناتو‭ ‬إلى‭ ‬المواجهة‭ ‬ولا‭ ‬يشكل‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬على‭ ‬الاتحاد‭ ‬الروسي‭ ‬ولكنه‭ ‬سوف‭ ‬يواصل‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬بشكل‭ ‬موحد‭ ‬ومسؤول‮»‬‭ ‬وحدد‭ ‬المفهوم‭ ‬ثلاث‭ ‬مهام‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة‭ ‬وهي‭ ‬الردع‭ ‬والدفاع،‭ ‬منع‭ ‬الأزمات‭ ‬وإدارتها،‭ ‬الأمن‭ ‬التعاوني،‭ ‬ويعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الحلف‭ ‬كما‭ ‬أشرت‭ ‬يقوم‭ ‬بإدارة‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وفقاً‭ ‬لتطوراتها‭ ‬دون‭ ‬مواجهة‭ ‬عسكرية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تحرص‭ ‬عليه‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬ولذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستغربا‭ ‬أن‭ ‬تتعالى‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بضرورة‭ ‬قبول‭ ‬خيار‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الغربي‭ ‬لأوكرانيا‭.‬

ومع‭ ‬استبعاد‭ ‬سيناريو‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬المباشرة‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬تقدم‭ ‬دروساً‭ ‬ثلاثة‭ ‬مستفادة‭ ‬لأوروبا‭ ‬ودول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أيضاً،‭ ‬أولها‭: ‬فكرة‭ ‬الأمن‭ ‬الذاتي،‭ ‬فحالة‭ ‬الانكشاف‭ ‬الأمني‭ ‬الأوروبي‭ ‬أمام‭ ‬القوة‭ ‬الروسية‭ ‬تتطلب‭ ‬تفكير‭ ‬أوروبا‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬استراتيجي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديها‭ ‬بديل‭ ‬أمني‭ ‬يتكامل‭ ‬مع‭ ‬الناتو‭ ‬ولا‭ ‬يتعارض‭ ‬معه،‭ ‬وثانيها‭: ‬فكرة‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬الصراعات،‭ ‬وربما‭ ‬تلك‭ ‬الفكرة‭ ‬سوف‭ ‬تشهد‭ ‬مراجعات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تأثير‭ ‬توظيف‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬الصراعات،‭ ‬ومنها‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬سواء‭ ‬جواً‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وبرا‭ ‬وبحراً‭ ‬في‭ ‬التطورات‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬والبحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬وثالثها‭: ‬حالة‭ ‬التحول‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬النظام‭ ‬العالمي،‭ ‬صحيح‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬المبكر‭ ‬القول‭ ‬إننا‭ ‬أمام‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬ولكن‭ ‬انتظام‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تكتلات‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومنها‭ ‬البريكس‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬مقدمة‭ ‬ومؤشراً‭ ‬مهماً‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬التحول‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬دائماً‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬الأقوال‭ ‬والأفعال‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬المحتدم‭.‬

{‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا