العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل ستخضع إسرائيل لقرار «مجلس الأمن» بوقف الحرب في غزة؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠١ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬العدوانية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬تم‭ ‬إحباط‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار؛‭ ‬بسبب‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬،‭ ‬لحماية‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬وعدوانها‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

ونتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬السياسة،‭ ‬تمكن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬تصعيد‭ ‬جرائمه‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين،‭ ‬وتدمير‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬المساكن‭ ‬والمدارس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمنشآت‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة؛‭ ‬ما‭ ‬أوجد‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬خطيرة،‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬تعرض‭ ‬أغلبية‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬لخطر‭ ‬المجاعة‭ ‬الشديدة‭. ‬وفيما‭ ‬رفضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الضغوط‭ ‬العالمية‭ ‬لوقف‭ ‬حربها،‭ ‬ومطالبات‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬بعدم‭ ‬مواصلة‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬رفح،‭ ‬لاكتظاظها‭ ‬بمليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬من‭ ‬المدنيين؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يُشير‭ ‬إلى‭ ‬نفاد‭ ‬صبر‭ ‬ودعم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬والحلفاء‭ ‬الغربيين‭.‬

وعقب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬الفاشلة‭ ‬والمعطلة،‭ ‬أصدر‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬‮«‬2728‮»‬،‭ ‬الداعي‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬جميع‭ ‬الرهائن،‭ ‬والسماح‭ ‬العاجل‭ ‬بتدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬داخل‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬امتناع‭ ‬ممثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬التصويت،‭ ‬فقد‭ ‬اعتُبر‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬قبولا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بوقف‭ ‬عرقلة‭ ‬الدعوات‭ ‬المنادية‭ ‬بإنهاء‭ ‬الحرب‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صدور‭ ‬بيان‭ ‬دبلوماسي‭ ‬عالمي،‭ ‬فإنه‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬فقدت‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬وحلفائه‭ ‬السياسيين‭ ‬اليمينيين،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الالتزام‭ ‬بشروط‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2024؛‭ ‬فإن‭ ‬احتمالات‭ ‬موافقتها‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬أعمالها‭ ‬العسكرية،‭ ‬تبدو‭ ‬‮«‬ضئيلة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬تمت‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬غزة،‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬إلى‭ ‬الفشل‭ ‬السياسي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬للدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬القتل‭ ‬والتدمير‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أو‭ ‬تحميلها‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬الانتهاكات‭ ‬المتعددة‭ ‬الموثقة‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬التساؤل‭.. ‬لماذا‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬استشهاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32‭ ‬ألف‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬والمعاناة‭ ‬الهائلة‭ ‬لمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬الآخرين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المجاعة‭ ‬الحادة؛‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬إجماع‭ ‬دولي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭.‬

ويطالب‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬‮«‬2728‮»‬،‭ ‬بوقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء‭ ‬الخمسة‭ ‬عشر‭ ‬الدائمين‭ ‬والمتناوبين‭ ‬في‭ ‬المجلس؛‭ ‬صوتت‭ ‬14‭ ‬دولة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والصين،‭ ‬لصالح‭ ‬القرار،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬امتنعت‭ ‬أمريكا‭ ‬عن‭ ‬التصويت،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استخدمت‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬قرارات‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسبب‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬لهجتها‭ ‬نحو‭ ‬الحرب،‭ ‬ورفض‭ ‬حماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬المساءلة،‭ ‬فإنه‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬أقر‭ ‬أخيرا‭ ‬بحقيقة‭ ‬انتهاكها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وعزمها‭ ‬على‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬جيريمي‭ ‬بوين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬بعدم‭ ‬عرقلة‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬هو‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬قررت‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الكلمات‭ ‬القوية‭ ‬ليست‭ ‬كافية‮»‬‭ ‬لوقف‭ ‬تدمير‭ ‬إسرائيل‭ ‬الشجر‭ ‬والحجر‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬سببها‭ ‬ذلك‭. ‬ومع‭ ‬وجود‭ ‬إجماع‭ ‬دولي‭ ‬على‭ ‬حتمية‭ ‬وقف‭ ‬الحرب،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬بوين‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تقرر‭ ‬الآن‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬ستحترم‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‭ ‬المدعوم‭ ‬بقوة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬تقييم‭ ‬كيفية‭ ‬رد‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬القرار،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬تاريخها‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ -‬وأبرزها‭ ‬القرار‭ ‬242‭ ‬لعام‭ ‬1967،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يتعلق‭ ‬باحتلالها‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬ومرتفعات‭ ‬الجولان‭ ‬‭ ‬وكذلك‭ ‬رد‭ ‬فعلها‭ ‬على‭ ‬الأوامر‭ ‬الأولية‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية»؛‭ ‬يظهر‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬تغيير‭ ‬قد‭ ‬طرأ‭ ‬على‭ ‬موقفها‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬كتّاب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬دي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬غيرت‭ ‬أفعالها‭ ‬أو‭ ‬سلوكها‭ ‬الإجرامي‮»‬،‭ ‬لتجنب‭ ‬إلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬بالمدنيين،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬واصلت‭ ‬حملتها‭ ‬العسكرية‭ ‬بطريقة‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬بالمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬حاول‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬تقويض‭ ‬تصويت‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الادعاء‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬أضر‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬بمفاوضات‭ ‬الهدنة‭ ‬مع‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬استدعاء‭ ‬مفاوضيه‭ ‬من‭ ‬قطر‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬المحادثات،‭ ‬كبينة‭ ‬على‭ ‬رفضه‭ ‬إجماع‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

وطوال‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬الماضية،‭ ‬رفضت‭ ‬‮«‬قوات‭ ‬الاحتلال‮»‬،‭ ‬الانصياع‭ ‬إلى‭ ‬مطالبات‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وحلفائها‭ ‬الغربيين،‭ ‬وأبرزهم‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و‮«‬المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬بكبح‭ ‬جماح‭ ‬عدوانها‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭.. ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلا‭ ‬حول‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬سيتخذونها‭ ‬إذا‭ ‬واصلت‭ ‬بالفعل‭ ‬حربها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عزمها‭ ‬على‭ ‬ذلك؟‭ ‬وردا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بوين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نقطة‭ ‬القوة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الأمريكيين‭ ‬هي‭ ‬سيطرتهم‭ ‬على‭ ‬إمدادات‭ ‬الأسلحة‭ ‬وحظرها‮»‬‭ ((‬قررت‭ ‬يوم‭ ‬28‭/‬3‭/‬2024‭ ‬استئناف‭ ‬تزويد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالطائرات‭ ‬والقنابل‭)). ‬وبالفعل،‭ ‬حظرت‭ ‬‮«‬كندا‮»‬،‭ ‬صادراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭. ‬وفي‭ ‬‮«‬المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬وقع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬130‭ ‬برلمانيا‭ ‬على‭ ‬رسالة‭ ‬تدعو‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬كاميرون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يحذو‭ ‬حذو‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬أوتاوا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بواشنطن،‭ ‬يعتقد‭ ‬أغلبية‭ ‬الناخبين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬بضرورة‭ ‬وقف‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وكذلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والسياسيين‭. ‬وكانت‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬طالبت‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬بفرض‭ ‬‮«‬تعليق‭ ‬فوري‮»‬‭ ‬لجميع‭ ‬عمليات‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تستخدم‭ ‬لخلق‭ ‬‮«‬انتهاكات‭ ‬صريحة‭ ‬للقانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‮»‬؛‭ ‬فإن‭ ‬الدعم‭ ‬الموجه‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬بين‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قويا‭. ‬ومع‭ ‬تعهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬الجمهوري‭ ‬اليميني‭ ‬المتشدد‭ ‬‮«‬مايك‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬بدعوة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬لإلقاء‭ ‬كلمة‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭ -‬كبيان‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬دعمهم‭ ‬المستمر‭ ‬للحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‭ ‬فإن‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تلقي‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬قبل‭ ‬انعقاد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬القادم،‭ ‬خاصة‭ ‬بشأن‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬قطع‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإسرائيل‭.‬

وحتى‭ ‬لو‭ ‬تحدى‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬التوقعات،‭ ‬واتخذ‭ ‬موقفا‭ ‬جريئا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستبعد‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬السري‭. ‬وكدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬أفلتت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬عملية‭ ‬بيع‭ ‬لصادرات‭ ‬عسكرية‭ ‬أمريكية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬من‭ ‬رقابة‭ ‬الكونجرس،‭ ‬والذي‭ ‬يجب‭ ‬قبل‭ ‬الموافقة‭ ‬عليها‭ ‬عدة‭ ‬اشتراطات‭ ‬أمنية‭ ‬وتمويل‭ ‬نقدي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬‮«‬آري‭ ‬تولاني‮»‬،‭ ‬مدير‭ ‬مراقبة‭ ‬المساعدة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬والذي‭ ‬رفض‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬معتبرا‭ ‬إياه‭ ‬‮«‬طريقة‭ ‬مثيرة‭ ‬للقلق‭ ‬للغاية‭ ‬لتجنب‭ ‬الشفافية‭ ‬والمساءلة‮»‬‭.‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬الشكوك‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بردود‭ ‬أفعال‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬حيال‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تمريره‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬اندلاع‭ ‬القتال،‭ ‬وليس‭ ‬قبل‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬قد‭ ‬جعل‭ ‬موت‭ ‬المدنيين‭ ‬جوعا‭ ‬بمثابة‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬أخلاقية‭ ‬وسياسية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تبريرها‭. ‬وبينما‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬بوين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬الفيتو‭ ‬ضد‭ ‬قرار‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬هو‭ ‬‮«‬محاولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمريكيين‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬الاتهامات‭ ‬بأنهم‭ ‬مكّنوا‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬التمادي‭ ‬في‭ ‬حربها»؛‭ ‬فإن‭ ‬واقع‭ ‬فشل‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬الانصياع‭ ‬لدعوات‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر،‭ ‬وممارسة‭ ‬ضغوط‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬لإنهاء‭ ‬حربها،‭ ‬والسماح‭ ‬بدخول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬لعبت‭ ‬‮«‬دورا‭ ‬مهما‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة،‭ ‬والتي‭ ‬ستستمر‭ ‬تداعياتها‭ ‬خلال‭ ‬عقود‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ترحيب‭ ‬السفير‭ ‬الفرنسي‭ ‬لدى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬‮«‬نيكولا‭ ‬دي‭ ‬ريفيير‮»‬،‭ ‬بكيفية‭ ‬إظهار‭ ‬القرار‭ ‬2728‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بإمكانه‭ ‬التحرك‭ ‬عندما‭ ‬يبذل‭ ‬جميع‭ ‬أعضائه‭ ‬الجهد‭ ‬اللازم‭ ‬للاضطلاع‭ ‬بمسؤولياتهم»؛‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬صمت‭ ‬المجلس‭ ‬بشأن‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬كان‭ ‬أمر‭ ‬فجا‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬قبلت‭ ‬وبشكل‭ ‬منقوص‭ ‬الآن‭ ‬نداءات‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬بشأن‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬حقيقة‭ ‬وقوفها‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬سابقة،‭ ‬تعني‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬ما‭ ‬حدث‭. ‬ولعل‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬بدت‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬وصفت‭ ‬بها‭ ‬الأمينة‭ ‬العامة‭ ‬لـ«منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬‮«‬أنياس‭ ‬كالامار‮»‬،‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬طال‭ ‬انتظاره‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬لحماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية،‭ ‬وتوفير‭ ‬الوسائل‭ ‬العسكرية‭ ‬لتدمير‭ ‬غزة،‭ ‬شجع‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬وحلفاءه‭ ‬السياسيين،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الإدانة‭ ‬العالمية،‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬الحرب،‭ ‬وعرقلة‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬آلاف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالموت‭ ‬والمعاناة‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يترك‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬الأمريكي‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬بلا‭ ‬أدنى‭ ‬تغيير‭ ‬لاسيما‭ ‬وأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬عازمة‭ ‬على‭ ‬تجاهل‭ ‬قرارات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬و«محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شعور‭ ‬بالحرج‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬لا‭ ‬تزالان‭ ‬قادرتين‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬إسرائيل‭ ‬الإجرامي‭ ‬واللاإنساني،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬الأسلحة،‭ ‬أو‭ ‬الاعتراف‭ ‬بانتهاكاتها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي؛‭ ‬فإنه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لقادة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الشجاعة‭ ‬والإرادة،‭ ‬فإن‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬التغيير‭.‬

وعليه،‭ ‬فمع‭ ‬إصدار‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬أخيرا‭ ‬قرارا‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬فإن‭ ‬تعنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الموثق‭ ‬جيدا‭ ‬تجاه‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام،‭ ‬سيؤدي‭ ‬حتما‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬جون‭ ‬هوفمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬‮«‬كاتو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جميع‭ ‬المؤشرات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حدة‭ ‬الحرب،‭ ‬ومعاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سوف‭ ‬تزداد‭ ‬سوءا‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا