العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الصناعات العسكرية والتنمية الاقتصادية المستدامة

بقلم: د. أسعد حمود السعدون {

الجمعة ٠٥ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

يأتي‭ ‬إعلان‭ ‬اتحاد‭ ‬الغرف‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2024‭  ‬بتشكيل‭ ‬أول‭ ‬لجنة‭ ‬وطنية‭ ‬متخصصة‭ ‬بالصناعات‭ ‬العسكرية،‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬النجاح‭ ‬المتحقق‭ ‬في‭ ‬أهداف‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬2030‭  ‬في‭ ‬إشراك‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وتفعيل‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬العسكري‭ ‬الحكومي،‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬أهمية‭ ‬الالتزام‭ ‬بتوطين‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬منطلقة‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬تنموية‭ ‬مهمة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الأثر‭ ‬الإيجابي‭ ‬لتوطين‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الإنفاق‭ ‬العسكري‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يتعداه‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬أنشطة‭ ‬صناعية‭ ‬وخدمات‭ ‬مساندة‭ ‬كالمعدات‭ ‬الصناعية‭ ‬والاتصالات‭ ‬وتقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الاسهام‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستدامة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬إنفاقا‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬عند‭ ‬إعداد‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬تحتل‭ ‬المركز‭ ‬الثالث‭ ‬عالميا،‭ ‬وتستورد‭ ‬نحو‭ (‬98%‭) ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإنفاق‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬ولا‭ ‬ينتج‭ ‬محليا‭ ‬سوى‭ ‬نسبة‭ (‬2%‭). ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬قطاع‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬الوطنية‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ (‬7‭) ‬شركات‭ ‬ومركزي‭ ‬أبحاث‭ ‬فقط‭. ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬الرؤية‭ ‬هدفت‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬بما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ (‬50%‭) ‬من‭ ‬الإنفاق‭ ‬العسكري‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030م،‭ ‬وقد‭ ‬حققت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬الرؤية‭ ‬نجاحات‭ ‬مميزة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬وتمكنت‭ ‬من‭ ‬توسيع‭ ‬دائرة‭ ‬الصناعات‭ ‬الوطنية‭ ‬لتشمل‭ ‬الصناعات‭ ‬الأكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬مثل‭ ‬صناعة‭ ‬الطيران‭ ‬العسكري،‭ ‬وبناء‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬والصناعات‭ ‬المساندة‭ ‬لها،‭ ‬بما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬وخفض‭ ‬من‭ ‬استيراد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬العسكرية‭ ‬السعودية‭. ‬وإن‭ ‬آلية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬الحيوي‭ ‬رسمته‭ ‬الرؤية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استثمارات‭ ‬مباشرة‭ ‬وشراكات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬الراسخة‭ ‬القدم‭ ‬عالميا‭ ‬وإقليميا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬وذلك‭ ‬لأجل‭ ‬نقل‭ ‬المعرفة‭ ‬والتقنية‭ ‬وتوطين‭ ‬الخبرات‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التصنيع‭ ‬والصيانة‭ ‬والبحث‭ ‬والتطوير،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إشراك‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬السعودي‭ ‬الذي‭ ‬أسند‭ ‬إليه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحلقات‭ ‬التصنيعية‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التصنيع‭ ‬العسكري،‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬صناعة‭ ‬الأسلحة‭ ‬والأعتدة،‭ ‬وصناعة‭ ‬السفن‭ ‬والزوارق‭ ‬البحرية‭ ‬المقاتلة،‭ ‬وصناعات‭ ‬أخرى‭ ‬عديدة‭.‬

وانتشرت‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬مجمعات‭ ‬صناعية‭ ‬عسكرية‭ ‬متخصصة‭ ‬ومتكاملة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬ومعاهد‭ ‬تدريب‭ ‬وتأهيل‭ ‬للمواطنين‭ ‬متخصصة‭ ‬بالصناعات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وإن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تعزيز‭ ‬المكانة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمملكة‭ ‬وتدعيم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬عبر‭ ‬تدعيم‭ ‬قدرات‭ ‬جيوشها‭ ‬الوطنية‭ ‬بأسلحة‭ ‬ومعدات‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الإقليم‭ ‬دون‭ ‬شروط‭ ‬أو‭ ‬تحفظات‭ ‬أو‭ ‬ضوابط‭ ‬تقيد‭ ‬قرارها‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬الشركة‭ ‬السعودية‭ ‬للصناعات‭ ‬العسكرية،‭ ‬والتي‭ ‬مثلت‭ ‬رافدا‭ ‬مهما‭ ‬وحاضنة‭ ‬رئيسية‭ ‬لدعم‭ ‬واحتضان‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬ومنتجات‭ ‬صناعية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العسكري،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬التدريب‭ ‬والتأهيل‭ ‬التقني‭ ‬للشباب‭ ‬السعودي‭ ‬للعمل‭ ‬والإبداع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭. ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬القاعدة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لنقل‭ ‬الخبرة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والتقنية‭ ‬لقطاع‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬وتجاوز‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬لاسيما‭ ‬أنها‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬يتسم‭ ‬بتعدد‭ ‬التحديات‭ ‬والصعوبات‭ ‬والمحاذير‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬صاحبة‭ ‬القدم‭ ‬الراسخة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬فكيف‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬وطنية‭ ‬جديدة‭ ‬وفي‭ ‬قطاع‭ ‬يتسم‭ ‬بالتسارع‭ ‬التقني‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬وأن‭ ‬وفرت‭ ‬المستلزمات‭ ‬المادية‭ ‬والتقنية‭ ‬والبشرية‭ ‬له‭ ‬وبظروف‭ ‬سياسية‭ ‬وأمنية‭ ‬إقليمية‭ ‬وعالمية‭ ‬غير‭ ‬مستقرة‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الإرادة‭ ‬الوطنية‭ ‬الصادقة‭ ‬لقيادة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ممثلة‭ ‬بخادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬أطال‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عمره،‭ ‬وصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين،‭ ‬ومتابعتهم‭ ‬المتواصلة‭ ‬للشركة،‭ ‬وحسن‭ ‬اختيار‭ ‬الإدارات‭ ‬التنفيذية‭ ‬لها،‭ ‬والحماس‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تميز‭ ‬به‭ ‬الشباب‭ ‬السعودي‭ ‬واندفاعه‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬قد‭ ‬ذلل‭ ‬الصعوبات،‭ ‬وحقق‭ ‬النجاح‭ ‬تلو‭ ‬النجاح‭.‬

ومما‭ ‬ينبغي‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬بالاعتزاز‭ ‬بأن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتصنيع‭ ‬العسكري‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬امتد‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الأخرى،‭ ‬فقد‭ ‬شهدت‭ ‬مبادرات‭ ‬مميزة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬توطين‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية،‭ ‬ففي‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬ظهرت‭ ‬صناعة‭ ‬عسكرية‭ ‬متنوعة‭ ‬أبرزها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬صناعة‭ ‬الزوارق‭ ‬والسفن‭ ‬الحربية،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ودولة‭ ‬قطر،‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬تجهيز‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬بقطاعاتها‭ ‬المختلفة‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭ ‬التي‭ ‬تميزت‭ ‬بمواصفاتها‭ ‬وإمكانياتها‭ ‬العالية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المهام‭ ‬العسكرية،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬سوقها‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وإنما‭ ‬تم‭ ‬تصدير‭ ‬منتجاتها‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ودول‭ ‬أاوروبية‭ ‬عديدة‭.‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا