العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أقوال «بايدن» لا تتوافق مع أفعاله في الحرب على غزة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ١١ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

من‭ ‬الصعب‭ ‬إنكار‭ ‬التناقض‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭. ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬المتكررة‭ ‬التي‭ ‬تبدي‭ ‬فيها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التعاطف‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مع‭ ‬استشهاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32‭.‬000‭ ‬فلسطيني،‭ ‬وتدمير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مساكن‭ ‬القطاع،‭ ‬ووصول‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المجاعة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬تبقى‭ ‬حليفة‭ ‬رئيسية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وتمدّها‭ ‬بكل‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬العسكري،‭ ‬وبينما‭ ‬قامت‭ ‬مؤخرا‭ ‬بتمرير‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬بالضرورة‭ ‬تحولًا‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬الحقيقية‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭. ‬

وفي‭ ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬وجه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬مسؤول‭ ‬نشط‭ ‬بالحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬انتقادات‭ ‬لاذعة‭ ‬لسياسات‭ ‬حكوماتهم‭ ‬تجاه‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬رسالتهم‭ ‬المشتركة‭ ‬تخاذلاً‭ ‬واضحاً،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول،‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وغيرها،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬جراء‭ ‬الحرب‭ ‬المستمرة‭. ‬ورغم‭ ‬التصريحات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬تبرز‭ ‬التزام‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بقيم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬فقد‭ ‬وفرت‭ ‬الأسلحة‭ ‬المتطورة‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬توقفت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬عن‭ ‬إرسال‭ ‬الإمدادات‭ ‬العسكرية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬دعمها‭ ‬العسكري،‭ ‬وتم‭ ‬توثيق‭ ‬استخدام‭ ‬القنابل‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصنع‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

ومع‭ ‬الترحيب‭ ‬بعدم‭ ‬استخدام‭ ‬واشنطن‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ (‬الفيتو‭) ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬ضد‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2728،‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وعدم‭ ‬عرقلته‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬مرات‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬قبل؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬تغييرًا‭ ‬فعليًّا‭ ‬في‭ ‬موقفها‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب،‭ ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬جون‭ ‬هدسون،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست،‭ ‬فإن‭ ‬إبقاء‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬ومستشاريه،‭ ‬ملتزمين،‭ ‬بنقل‭ ‬القنابل،‭ ‬والطائرات‭ ‬المقاتلة‭ ‬بقيمة‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات،‭ ‬يُظهر‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬بشدة‭ ‬ضد‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬علق‭ ‬جيريمي‭ ‬بوين،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬على‭ ‬تمرير‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ -‬سابق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭- ‬بقوله‭ ‬إن‭ ‬بايدن،‭ ‬قد‭ ‬قرر‭ ‬أخيرًا‭ ‬أن‭ ‬الكلمات‭ ‬القوية‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬ليست‭ ‬كافية،‭ ‬وذلك‭ ‬عقب‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بسبب‭ ‬رفض‭ ‬الأخيرة‭ ‬وقف‭ ‬تدميرها‭ ‬لغزة،‭ ‬والمنع‭ ‬المتعمد‭ ‬للمساعدات‭ ‬الإنسانية؛‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬جوليان‭ ‬بورغر،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬أن‭ ‬الشعور‭ ‬بانتهاج‭ ‬واشنطن‭ ‬نهجا‭ ‬مختلفا‭ ‬تجاه‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬نتيجة‭ ‬تمرير‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬لم‭ ‬يدم‭ ‬سوى‭ ‬أربعة‭ ‬أيام‭ ‬فقط،‭ ‬مع‭ ‬تواتر‭ ‬الأخبار‭ ‬بشأن‭ ‬موافقتها‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مع‭ ‬علمها‭ ‬بأنها‭ ‬ستستخدم‭ ‬في‭ ‬قصف‭ ‬غزة؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أنها‭ ‬تتحدث‭ ‬بطريقة،‭ ‬وتتصرف‭ ‬بشكل‭ ‬آخر‭.‬

وتزود‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إسرائيل‭ ‬بـ‭ ‬3‭.‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬وحدها‭ ‬كل‭ ‬عام‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تعليق‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬لإسرائيل؛‭ ‬فإن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬واشنطن،‭ ‬يجعل‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وتُظهر‭ ‬بيانات‭ ‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام،‭ ‬أنه‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2019‭ ‬و2023،‭ ‬جاءت‭ ‬69%‭ ‬من‭ ‬إمدادات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬أمريكا،‭ ‬و30%‭ ‬من‭ ‬ألمانيا،‭ ‬واستحوذت‭ ‬إيطاليا‭ -‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬مورد‭- ‬على‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬1%‭ ‬من‭ ‬المبيعات‭. ‬

ووثق‭ ‬المعهد،‭ ‬كيف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬سلمت‭ ‬واشنطن،‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬آلاف‭ ‬القنابل،‭ ‬والصواريخ‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭. ‬وللقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬عمدت‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬أي‭ ‬إشراف‭ ‬من‭ ‬الكونجرس،‭ ‬عبر‭ ‬استخدام‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬لسلطة‭ ‬الطوارئ،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬التحويلات‭ ‬قذائف‭ ‬دبابات‭ ‬بقيمة‭ ‬106‭ ‬ملايين‭ ‬دولار،‭ ‬وذخائر‭ ‬مدفعية‭ ‬بقيمة‭ ‬147‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭. ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وصف‭ ‬جوش‭ ‬بول،‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ -‬الذي‭ ‬استقال‭ ‬بسبب‭ ‬سياسة‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭- ‬عمليات‭ ‬النقل‭ ‬هذه‭ ‬بأنها‭ ‬مخزية‭ ‬وجبانة،‭ ‬والتي‭ ‬تحكم‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬بالموت‭.‬

وتشمل‭ ‬الجولة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬النقل‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عنها‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست،‭ ‬قنابل‭ ‬زنة‭ ‬2000‭ ‬رطل،‭ ‬و500‭ ‬قنبلة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬إم‭ ‬كيه‭ ‬82،‭ ‬تزن‭ ‬500‭ ‬رطل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭ ‬متقدمة‭. ‬وأشار‭ ‬بورغر،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التردد‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬بشأن‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬دفعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الفتاكة،‭ ‬كان‭ ‬يتعلق‭ ‬بـ‭ ‬1800‭ ‬قنبلة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬إم‭ ‬كيه‭ ‬84،‭ ‬والتي‭ ‬تمت‭ ‬الموافقة‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الذخائر‭ ‬لعبت‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬غزة‭.‬

ونتيجة‭ ‬لهذا،‭ ‬لاقت‭ ‬سياسة‭ ‬بايدن،‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬قوية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬حزبه‭ ‬الديمقراطي‭. ‬واعترف‭ ‬السيناتور‭ ‬جيف‭ ‬ميركلي،‭ ‬بأن‭ ‬أمريكا‭ ‬متواطئة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المأساة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تزويد‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بالقنابل‭ ‬والذخائر‭. ‬وفي‭ ‬جهودهم‭ ‬لمنع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة،‭ ‬أثارت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين،‭ ‬بقيادة‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي‭ ‬السابق‭ ‬بيرني‭ ‬ساندرز،‭ ‬مسألة‭ ‬قانون‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية‭ ‬لعام‭ ‬1961،‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬مساعدة‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تقيد‭ ‬توصيل‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬إسرائيل‭. ‬

ووفقا‭ ‬لآخر‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أجرته‭ ‬مؤسسة‭ ‬جالوب،‭ ‬فإن‭ ‬غالبية‭ ‬الأمريكيين‭ ‬55%‭- ‬يعارضون‭ ‬الهجمات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬غزة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يوافق‭ ‬27%‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭. ‬وأشار‭ ‬بورغر،‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الحكوميين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أسئلة‭ ‬يومية‭ ‬حول‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تصبح‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية،‭ ‬مشروطة‭ ‬بتغيير‭ ‬السلوك‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬المدنيين،‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬

ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬الاستياء‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬تسليح‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬فقط؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬اعتراف‭ ‬بايدن،‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬بأن‭ ‬الهجمات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬غزة،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تجاوزت‭ ‬كل‭ ‬الحدود،‭ ‬أوضح‭ ‬كبير‭ ‬منسقي‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬جوزيب‭ ‬بوريل،‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬يعتقدون‭ ‬حقًا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأبرياء‭ ‬استشهدوا،‭ ‬فيجب‭ ‬عليهم‭ ‬منع‭ ‬تزويد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالأسلحة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منع‭ ‬وقوع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭.‬

وكما‭ ‬أوضح‭ ‬هدسون،‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬عمليات‭ ‬نقل‭ ‬الذخائر‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصنع‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬لاستخدامها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬لن‭ ‬تجعل‭ ‬بايدن،‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬محظورة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الظروف‭. ‬وأشار‭ ‬بورغر،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬فعلي‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ملتزمة‭ ‬بتسليح‭ ‬حليفتها‭ ‬والسماح‭ ‬للحرب‭ ‬بالاستمرار‭. ‬ويتأكد‭ ‬هذا‭ ‬التقييم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتراف‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬جون‭ ‬كيربي،‭ ‬بأن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وأنها‭ ‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الأدوات‭ ‬والقدرات‭ ‬وأنظمة‭ ‬الأسلحة‭ ‬لمواصلة‭ ‬الحرب‭.‬

وعليه،‭ ‬أوضح‭ ‬بورغر،‭ ‬أن‭ ‬التوقعات‭ ‬بحدوث‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أمر‭ ‬مستبعد‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الإصدار‭ ‬المرتقب‭ ‬لتقييم‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬انتهكت‭ ‬قوانين‭ ‬الحرب‭ ‬الدولية،‭ ‬والمقرر‭ ‬تقديمه‭ ‬إلى‭ ‬الكونجرس‭ ‬بحلول‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مذكرة‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬تُذكر‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتلقى‭ ‬أسلحة‭ ‬أمريكية‭ ‬بالالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وعدم‭ ‬عرقلة‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية؛‭ ‬فقد‭ ‬اعترف‭ ‬آرون‭ ‬ميلر،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي،‭ ‬بأنه‭ ‬سيصاب‭ ‬بالذهول‭ ‬إذا‭ ‬أصدرت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬حكمًا‭ ‬بأن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لم‭ ‬يلتزموا‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭.‬

وبينما‭ ‬حث‭ ‬السيناتور‭ ‬الديمقراطي‭ ‬كريس‭ ‬فان‭ ‬هولن،‭ ‬بمجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬نفوذها‭ ‬بفعالية،‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬التزامات‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعدم‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬حال‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت،‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬لتكون‭ ‬مصحوبة‭ ‬بقائمة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬أرادت‭ ‬بلاده‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬بطريقة‭ ‬سريعة‭. ‬وكما‭ ‬أوضحت‭ ‬يولاند‭ ‬كنيل،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬فرض‭ ‬أي‭ ‬نفوذ‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬أعقبتها‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬مطالب‭ ‬حليفتها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬الواضحة‭ ‬والمستمرة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الأسباب‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬بايدن،‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬إيقاف‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تبرر‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬قرار‭ ‬مواصلة‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الأخيرة‭. ‬وأكد‭ ‬بورغر،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يعقد‭ ‬نتنياهو،‭ ‬اتفاقا‭ ‬مع‭ ‬الجمهوريين‭ -‬في‭ ‬ظل‭ ‬اعتقاده‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬خان‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مواجهتها‭ ‬للإرهاب‭- ‬وبالتالي‭ ‬فقدانه‭ ‬دعم‭ ‬الناخبين‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة‭. ‬وأوضح‭ ‬أسامة‭ ‬أندرابي،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬ديمقراطيو‭ ‬العدالة،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬معينة،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬والحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أن‭ ‬يقررا‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لجعلنا‭ ‬متواطئين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الدعم؟‭. ‬وشبه‭ ‬راي‭ ‬أبيلا،‭ ‬سياسات‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بوضع‭ ‬ضمادة‭ ‬على‭ ‬جرح‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬إصبع‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬يتألم،‭ ‬بينما‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬طعنه‭ ‬في‭ ‬صدره‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الغربي‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬ضد‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬فإن‭ ‬حكومات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ترفض‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬اتخاذ‭ ‬أية‭ ‬إجراءات‭ ‬ملموسة،‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬نفوذها‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭. ‬ويبقى‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬تجاهلت‭ ‬عمدا‭ ‬قرارات‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بإنهاء‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬ترفض‭ ‬بنفس‭ ‬السهولة‭ ‬أية‭ ‬كلمات‭ ‬لاذعة‭ ‬أو‭ ‬انتقادات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين‭. ‬وأوضحت‭ ‬علياء‭ ‬الإبراهيمي،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أن‭ ‬الشجاعة‭ ‬السياسية‭ ‬ضرورية‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وعلى‭ ‬استمرار‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬إليها،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬كلمات‭ ‬وأفعال‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ببساطة‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا