العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لماذا يشكل نتنياهو مشكلة للجميع؟

بقلم: باسم برهوم

الجمعة ١٢ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬نتنياهو‭ ‬يمثل‭ ‬النموذج‭ ‬الأسوأ‭ ‬للقيادات‭ ‬السياسية،‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬متهم‭ ‬بالفساد،‭ ‬أناني،‭ ‬وشعبوي‭ ‬يستخدم‭ ‬المقولة‭ ‬الميكافيلية‭ ‬‮«‬الغاية‭ ‬تبرر‭ ‬الوسيلة‮»‬‭ ‬بأبشع‭ ‬أشكالها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ادعاءاته‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬تبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬لخدمة‭ ‬شخصه‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬قناعة‭ ‬راسخة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬كذلك‭ ‬فهو‭ ‬يترجمها‭ ‬بكل‭ ‬المعايير‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬مصلحته‭. ‬صحيح‭ ‬هو‭ ‬سليل‭ ‬أسرة‭ ‬يمينية‭ ‬تمتد‭ ‬جذورها‭ ‬إلى‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتطرف‭ ‬والمثير‭ ‬للجدل‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬جابوتنسكي‭ ‬زعيم‭ ‬التنقحيين،‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬أكثر‭ ‬وحشية‭ ‬ودموية‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وينادون‭ ‬بدولة‭ ‬صهيونية‭ ‬واسعة‭ ‬تضم‭ ‬شرق‭ ‬الأردن‭ ‬ومساحات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬سيناء‭ ‬ومن‭ ‬شمال‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬فإن‭ ‬نتنياهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مزيج‭ ‬سياسي‭ ‬وأيديولوجي‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬يطمئن،‭ ‬أو‭ ‬يمنح‭ ‬الثقة‭ ‬لأحد،‭ ‬فهو‭ ‬مفجر‭ ‬للأزمات‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬المراعاة‭ ‬الاخلاقية‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬أقرب‭ ‬حلفائه‭.‬

ظهر‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬عام‭ ‬1984‭ ‬مندوبا‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬أصبح‭ ‬نائبا‭ ‬لوزير‭ ‬الخارجية‭ ‬وعضوا‭ ‬في‭ ‬الكنيست،‭ ‬واشتهر‭ ‬نتنياهو‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬ناطقا‭ ‬باسم‭ ‬حكومة‭ ‬اليميني‭ ‬شامير‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬عام‭ ‬1991،‭ ‬وخصوصا‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تتعرض‭ ‬لقصف‭ ‬صاروخي‭ ‬من‭ ‬العراق‭. ‬نتنياهو‭ ‬أصبح‭ ‬رئيسا‭ ‬للوزراء‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬وهو‭ ‬أكثر‭ ‬زعيم‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬يحتل‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬والتي‭ ‬مجموعها‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬15‭ ‬عاما‭.‬

برز‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كصقر‭ ‬متشدد‭ ‬يرفض‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ويجاهر‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬الاعتراف‭ ‬بوجودهم،‭ ‬ومتوعدا‭ ‬بتدمير‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬وإلغاء‭ ‬كل‭ ‬التزام‭ ‬إسرائيل،‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬أوسلو‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬خطأ‭ ‬تقترفه‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭. ‬وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كثف‭ ‬الاستيطان‭ ‬والتهويد،‭ ‬وفي‭ ‬أولى‭ ‬خطوات‭ ‬التحدي‭ ‬لأوسلو‭ ‬أقر‭ ‬بناء‭ ‬مستوطنة‭ ‬‮«‬هار‭ ‬هوما‮»‬‭ ‬جبل‭ ‬أبو‭ ‬غنيم‭ ‬بين‭ ‬القدس‭ ‬وبيت‭ ‬لحم‭ ‬عام‭ ‬1997،‭ ‬وأمر‭ ‬بحفر‭ ‬الأنفاق‭ ‬تحت‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى،‭ ‬وقام‭ ‬بكل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تدمير‭ ‬أي‭ ‬فرصة‭ ‬للسلام‭.‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬العالم‭ ‬تحول‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬سياسي‭ ‬ثقيل‭ ‬مزعج‭ ‬ويسير‭ ‬بعكس‭ ‬التوجهات‭ ‬العامة‭ ‬للسياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬ولا‭ ‬يراعي‭ ‬أصول‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬متعجرف،‭ ‬مشاكس‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ضبطه‭ ‬وكاره‭ ‬للسلام‭. ‬

وفي‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬شاكلة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬ترامب‭. ‬المرعب‭ ‬للسياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬الذي‭ ‬كاد‭ ‬يعصف‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عبر‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬الدستور‭ ‬ودفع‭ ‬أتباعه‭ ‬لاقتحام‭ ‬مبنى‭ ‬الكونجرس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬أناني‭ ‬متعجرف‭ ‬لا‭ ‬يرعي‭ ‬أصول‭ ‬العلاقات،‭ ‬هما‭ ‬مكيافيليان‭ ‬لا‭ ‬هدف‭ ‬لهم‭ ‬سوى‭ ‬تبرير‭ ‬مصالحهم‭.‬

‭ ‬نتنياهو‭ ‬الذي‭ ‬ادخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬أخطر‭ ‬أزمة‭ ‬داخلية‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬قبل‭ ‬حربه‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬وكاد‭ ‬يدخلها‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭. ‬قام‭ ‬باستغلال‭ ‬هجوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬حماس‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬حد،‭ ‬وأفرغ‭ ‬كل‭ ‬السواد‭ ‬في‭ ‬داخله‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬بربرية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬أساسا‭ ‬وفي‭ ‬الضفة‭ ‬بأشكال‭ ‬أخرى‭ ‬وفرض‭ ‬حصارا‭ ‬ماليا‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إضعافها‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬حد‭ ‬وإنهاء‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬تماما‭.‬

تصرفات‭ ‬نتنياهو‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬الوقت‭ ‬متعبة‭ ‬ومرهقة‭ ‬حتى‭ ‬لحلفائه‭ ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬يمثل‭ ‬حالة‭ ‬خطيرة‭ ‬لأن‭ ‬لا‭ ‬هم‭ ‬له‭ ‬سوى‭ ‬نفسه‭ ‬ومصلحته‭ ‬الأنانية،‭ ‬وهو‭ ‬خطير‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬العالم‭ ‬لكونه‭ ‬لا‭ ‬يقيم‭ ‬أي‭ ‬وزن‭ ‬لا‭ ‬للأعراف‭ ‬أو‭ ‬القيم‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬بالشكل‭.‬

يمثل‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليوم‭ ‬عقبة‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬عقلاني‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬وفرض‭ ‬الاستقرار‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب،‭ ‬المزيج‭ ‬العقلي‭ ‬والأيديولوجي‭ ‬والشخصي‭ ‬لهذا‭ ‬الرجل‭ ‬يعيق‭ ‬اليوم‭ ‬مسألة‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬ويتسبب‭ ‬في‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفتك‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

نتنياهو‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬هدم،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يحتمل‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬نتنياهو‭ ‬يؤمن‭ ‬ولو‭ ‬بالحد‭ ‬الأدنى‭ ‬بالسلام‭ ‬أو‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬اختبأ‭ ‬نتنياهو‭ ‬خلف‭ ‬موضوع‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ليبدو‭ ‬انه‭ ‬ايجابي‭ ‬وعامل‭ ‬بناء،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬القفز‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قد‭ ‬ثبت‭ ‬انه‭ ‬وصفة‭ ‬هدم‭ ‬وليس‭ ‬بناء،‭ ‬وصفة‭ ‬لاستمرار‭ ‬الفوضى‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهي‭ ‬حقيقية‭ ‬بدأ‭ ‬العالم‭ ‬يكتشف‭ ‬بؤسها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬بؤس‭ ‬وجود‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬

إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬وإدارات‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬منذ‭ ‬الرئيس‭ ‬كلينتون‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1996‭ ‬إلى‭ ‬1999‭ ‬الذي‭ ‬دعم‭ ‬عودة‭ ‬حزب‭ ‬العمل‭ ‬للحكم،‭ ‬مرورا‭ ‬بفتور‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬أوباما‭ ‬ونتنياهو،‭ ‬والآن‭ ‬مع‭ ‬بايدن‭. ‬

الفترة‭ ‬الأكثر‭ ‬ازدهارا‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬نتنياهو‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬هي‭ ‬عندما‭ ‬فاز‭ ‬الجمهوري‭ ‬ترامب،‭ ‬وقدم‭ ‬هدية‭ ‬لنتنياهو‭ ‬هدية‭ ‬ثمينة‭ ‬عندما‭ ‬اعترف‭ ‬بالقدس‭ ‬الموحدة‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2017‭.‬

العالم‭ ‬أجمع‭ ‬سئم‭ ‬وجود‭ ‬نتنياهو‭ ‬والجميع‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬حتى‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬ينتظر‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭ ‬ليهل‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا