العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

جريمة إسرائيلية شنيعة أخرى في قطاع غزة!

بقلم: د. رمزي بارود

الاثنين ١٥ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

وصفت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قتلها‭ ‬المتعمد‭ ‬لسبعة‭ ‬من‭ ‬عمال‭ ‬الإغاثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬خطأ‭ ‬فادح‮»‬،‭ ‬و«حدث‭ ‬مأساوي‮»‬‭ ‬‮«‬يقع‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تكذب‭. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المزعومة‭ ‬برمتها‭ -‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ -‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كانت‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب،‭ ‬والتي‭ ‬تستمر‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬لبعضها‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬فقد‭ ‬استغرق‭ ‬الأمر‭ ‬شهورًا‭ ‬لقبول‭ ‬الحقيقة‭ ‬الواضحة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬كانت‭ ‬تكذب‭ ‬بشأن‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬والأهداف‭ ‬العسكرية‭ ‬لاستهدافها‭ ‬المستمر‭ ‬للمستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬والملاجئ‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المرافق‭ ‬المدنية‭.‬

لذا،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬تكذب‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشأن‭ ‬قتل‭ ‬الأجانب‭ ‬الستة‭ ‬وسائقهم‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬من‭ ‬المطبخ‭ ‬المركزي‭ ‬العالمي‭ (‬WCK‭). ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ارتكاب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬الفظيعة‭ ‬فإنه‭ ‬يستبعد‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬إسرائيل‭ ‬بقول‭ ‬الحقيقة‭ ‬الآن‭.‬

ولحسن‭ ‬الحظ،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬يصدقون‭ ‬رواية‭ ‬إسرائيل‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بـالمطبخ‭ ‬المركزي‭ ‬العالمي،‭ ‬أو‭ ‬مذابحها‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬غزة‭. ‬وقالت‭ ‬المنظمة‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مقرا‭ ‬لها،‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬صدر‭ ‬بتاريخ‭ ‬5‭ ‬أبريل،‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬التحقيق‭ ‬بشكل‭ ‬موثوق‭ ‬في‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬مسألة‭ ‬استهداف‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأجانب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توضع‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬أكبر‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تتكتم‭ ‬على‭ ‬نواياها‭ ‬لحرمان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬ضروريات‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬تجسدت‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت‭ ‬بتاريخ‭ ‬9‭ ‬أكتوبر‭ ‬عندما‭ ‬راح‭ ‬يهدد‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬كهرباء،‭ ‬ولا‭ ‬طعام،‭ ‬ولا‭ ‬وقود،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بات‭ ‬مغلقا‮»‬‭.‬

في‭ ‬البداية،‭ ‬فُهم‭ ‬هذا‭ ‬التصريح،‭ ‬وغيره‭ ‬الكثير،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬نتيجة‭ ‬لرغبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬معاقبة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬تكتيكها‭ ‬النموذجي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬العقاب‭ ‬الجماعي‭.‬

ولكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬واستنادا‭ ‬إلى‭ ‬تصريحات‭ ‬مسؤولين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬آخرين،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تريد‭ ‬تطهير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عرقيا‭ ‬تماما‭.‬

تم‭ ‬رفض‭ ‬الخطة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬والدول‭ ‬العربية،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

لكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬مازالت‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريش،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الهجرة‭ ‬الطوعية‮»‬‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬الإنساني‭ ‬الصحيح‮»‬‭. ‬واتفق‭ ‬معه‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬‮«‬مشكلتنا‭ ‬هي‭ (‬إيجاد‭) ‬الدول‭ ‬المستعدة‭ ‬لاستيعاب‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬ونحن‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

ولكن‭ ‬لكي‭ ‬يحدث‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬استيفاء‭ ‬عدة‭ ‬شروط‭ ‬أساسية‭:‬

أولاً،‭ ‬اضطر‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬2‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬إلى‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب،‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬المصرية‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭. ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭.‬

ثانياً،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬غزة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬جميع‭ ‬المستشفيات‭ ‬والعيادات‭.‬

وكانت‭ ‬الأمثلة‭ ‬الأكثر‭ ‬وضوحاً‭ ‬هي‭ ‬المذبحة‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬المستشفى‭ ‬الأهلي‭ ‬المعمداني‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وحمام‭ ‬الدم‭ ‬والتدمير‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬لأكبر‭ ‬مجمع‭ ‬طبي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬مجمع‭ ‬الشفاء،‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭.‬

انسحب‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬مجمع‭ ‬الشفاء،‭ ‬ترك‭ ‬وراءه‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬المشاهد‭ ‬مأساوية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الحرب‭ ‬الحديثة‭. ‬ودُفنت‭ ‬مئات‭ ‬الجثث‭ ‬على‭ ‬عجل‭ ‬في‭ ‬مقابر‭ ‬جماعية‭ ‬وسط‭ ‬مبانٍ‭ ‬متفحمة‭ ‬وأطلال‭ ‬لا‭ ‬توصف‭.‬

وكانت‭ ‬أطراف‭ ‬الأطفال‭ ‬تبرز‭ ‬من‭ ‬التراب،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تقييد‭ ‬أسر‭ ‬بأكملها‭ ‬وإعدامها‭ ‬معًا،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬العالم‭ ‬وقتًا‭ ‬طويلاً‭ ‬لفهمها،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬شرحها‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬السابق‭ ‬نفتالي‭ ‬بينيت،‭ ‬وبلا‭ ‬مبالاة،‭ ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬يُقتل‭ ‬‮«‬مدني‭ ‬واحد‮»‬‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الشفاء‭. ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬إسرائيل‭ ‬تكذب‭.‬

ثالثاً،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬استهداف‭ ‬معظم‭ ‬الملاجئ‭ ‬والمخابز‭ ‬والأسواق‭ ‬وشبكات‭ ‬الكهرباء‭ ‬ومولدات‭ ‬المياه،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬حتى‭ ‬يدرك‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬تقطعت‭ ‬بهم‭ ‬السبل،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬هناك‭ ‬أصبحت‭ ‬ببساطة‭ ‬غير‭ ‬مستدامة‭ ‬أو‭ ‬ممكنة‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬أدركوا‭ ‬تمامًا‭ ‬خطة‭ ‬إسرائيل‭ ‬النهائية‭ ‬لإحداث‭ ‬مجاعة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬قاوم‭ ‬الفلسطينيون‭. ‬وكانت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المضادة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬بقاء‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬وعدم‭ ‬دفع‭ ‬أولئك‭ ‬المتمركزين‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬إلى‭ ‬صحراء‭ ‬سيناء‭.‬

وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المعركة‭ ‬المستمرة‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الجارية‭: ‬سعي‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وإصرار‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬والبقاء‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬غزة‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬بالتحديد‭ ‬قتلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عددًا‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬تسهيل‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬ووسط‭ ‬غزة‭.‬

ووفقاً‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬قتلت‭ ‬بالفعل‭ ‬196‭ ‬عاملاً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬قبل‭ ‬مقتل‭ ‬الأجانب‭ ‬الستة‭.‬

ولا‭ ‬يشمل‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الأطباء‭ ‬والطواقم‭ ‬الطبية‭ ‬وعمال‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬ورؤساء‭ ‬الشرطة‭ ‬وضباطها،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬إسرائيل‭ ‬إفراغها‭ ‬من‭ ‬سكانها‭.‬

وحتى‭ ‬عندما‭ ‬سمحت‭ ‬إسرائيل،‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬دولي،‭ ‬بدخول‭ ‬مساعدات‭ ‬محدودة‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬تكرر‭ ‬قتل‭ ‬وجرح‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬تجمعوا‭ ‬يائسين‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الإمدادات‭ ‬المنقذة‭ ‬للحياة‭.‬

ووفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬أبريل‭ ‬عن‭ ‬المرصد‭ ‬الأورو‭ ‬متوسطي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬قتلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬563‭ ‬فلسطينياً‭ ‬وأصابت‭ ‬1523‭ ‬عندما‭ ‬قصفت‭ ‬أشخاصاً‭ ‬كانوا‭ ‬ينتظرون‭ ‬المساعدات‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬قصفت‭ ‬مراكز‭ ‬التوزيع‭ ‬والعمال‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭.‬

وشهدت‭ ‬منطقة‭ ‬دوار‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬غزة‭ ‬وحدها‭ ‬مقتل‭ ‬256‭ ‬لاجئا‭ ‬يتضورون‭ ‬جوعا،‭ ‬فيما‭ ‬استشهد‭ ‬230‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬الرشيد‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬المدينة‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬عشوائيًا،‭ ‬إذ‭ ‬استهدفت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أيضًا‭ ‬وقتلت‭ ‬41‭ ‬ضابط‭ ‬شرطة‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬مع‭ ‬متطوعين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬عشائر‭ ‬غزة‭ ‬لمساعدة‭ ‬وكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للاجئين،‭ ‬الأونروا،‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬المنكوبين‭ ‬بالمجاعة‭.‬

وحتى‭ ‬العشائر‭ ‬نفسها‭ ‬استُهدفت‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬قصف‭ ‬لا‭ ‬ترحم‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭. ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬نتيجة‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬عمال‭ ‬المطبخ‭ ‬المركزي‭ ‬العالمي،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يعلن‭ ‬الكيان‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬المساعدات‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يشارك‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭. ‬وهكذا‭ ‬تحول‭ ‬جوع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬مجاعة‭ ‬بأتم‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭.‬

لقد‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬عملية‭ ‬القتل‭ ‬الأخيرة‭ ‬للموظفين‭ ‬الدوليين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لخدمة‭ ‬الهدف‭ ‬نفسه‭: ‬ضمان‭ ‬عدم‭ ‬السماح‭ ‬بأي‭ ‬آلية‭ ‬لتوزيع‭ ‬المساعدات‭.‬

ومن‭ ‬المفارقات‭ ‬أن‭ ‬مشاركة‭ ‬المطبخ‭ ‬المركزي‭ ‬العالمي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬نتيجة‭ ‬لاتفاق‭ ‬تم‭ ‬التفاوض‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يحرم‭ ‬سلطات‭ ‬غزة‭ ‬وحتى‭ ‬الأونروا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬المساعدات‭ ‬وتوزيعها‭.‬

يجب‭ ‬إيقاف‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأي‭ ‬ثمن‭ ‬ومحاسبة‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬عمليات‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا