العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التصعيد مع إيران ينقذ نتنياهو من أزماته

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٢٢ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

اتفق‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التصعيد‭ ‬الأخير‭ ‬بين‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬و«إيران‮»‬،‭ ‬يشكل‭ ‬سابقة‭ ‬خطيرة‭ ‬للصراع‭ ‬المستقبلي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬المتنافستين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ومع‭ ‬انخراطهما‭ ‬فيما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬جيريمي‭ ‬بوين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬بـ«اللعبة‭ ‬القاتلة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تترك‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬برمته‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬‮«‬التصعيد‭ ‬الكارثي‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬حث‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬توخي‭ ‬‮«‬الحذر‮»‬‭. ‬وتحدث‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬إظهار‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬والحكمة‮»‬‭ ‬لتجنب‭ ‬الكارثة‭. ‬وفي‭ ‬الخليج،‭ ‬دعت‭ ‬السعودية،‭ ‬والإمارات‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ضبط‭ ‬النفس‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬مصالح‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬أو‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الأوسع،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬أولويات‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يبقى‭ ‬تشبثه‭ ‬بالسلطة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ائتلافه‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف،‭ ‬هو‭ ‬شغله‭ ‬الشاغل،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬إقالته‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬لمحاسبته‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الفساد‭ ‬السياسي‭ ‬المنسوبة‭ ‬إليه‭. ‬وعليه،‭ ‬رأى‭ ‬المحللون‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬التصعيد‭ ‬الأخير‭ ‬مع‭ ‬إيران‮»‬،‭ ‬يأتيان‭ ‬كـ«طوق‭ ‬نجاة‮»‬،‭ ‬و‮«‬شريان‭ ‬حياة‮»‬،‭ ‬له‭ ‬للاحتفاظ‭ ‬بالسلطة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانته‭ ‬السياسية،‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬انهيار‭ ‬شعبيته‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭.‬

وبالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يحاول‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكتسباته،‭ ‬ومصالحه‭ ‬الشخصية‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يعد‭ ‬‮«‬عاملا‭ ‬حاسما‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬التصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬سيتفاقم‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬نأت‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬الرد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المسلح‭ ‬على‭ ‬الانتقام‭ ‬الإيراني؛‭ ‬فإن‭ ‬ضعف‭ ‬النفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬غزة،‭ ‬ينذر‭ ‬بأن‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو،‭ ‬قد‭ ‬يشن‭ ‬هجوما‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لتداعياته‭ ‬الأوسع‭ ‬نطاقا‭. ‬ووصفه‭ ‬‮«‬واير‭ ‬ديفيز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬لطالما‭ ‬‮«‬نجا‭ ‬بحنكة‮»‬‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محاكمته‭ ‬بتهم‭ ‬الفساد‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬عرقلة‭ ‬المسيرة‭ ‬المهنية‭ ‬لأي‭ ‬سياسي‭ ‬آخر؛‭ ‬فقد‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬عقب‭ ‬الانتخابات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر2022،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬المستوطنون‭ ‬القوميون‭ ‬المتطرفون،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬،‭ ‬و«بتسلئيل‭ ‬سموتريش‮»‬‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬شالوم‭ ‬ليبنر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬قدم‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‮»‬،‭ ‬‮«‬لاحتضان‭ ‬التحالف‭ ‬الصهيوني‭ ‬الديني‭ ‬كشريك‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬شخصيا‭ ‬من‭ ‬‮«‬الخروج‮»‬‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬الفضيحة‭ ‬السياسية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬فشل‭ ‬أجهزة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬في‭ ‬توقع‭ ‬هجوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وأسلوب‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬غزة؛‭ ‬كانا‭ ‬بمثابة‭ ‬الضربة‭ ‬القاضية‭ ‬لما‭ ‬بقي‭ ‬من‭ ‬مصداقيته‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي‭. ‬وفي‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬أجري‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023،‭ ‬رأى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬4%‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬يعد‭ ‬مصدرا‭ ‬موثوقا‭ ‬للكشف‭ ‬عما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬رغم‭ ‬إخفاقاته‭ ‬في‭ ‬إحراز‭ ‬أي‭ ‬نصر،‭ ‬وفي‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬أراد‭ ‬15%‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أن‭ ‬يحتفظ‭ ‬بسلطاته‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭. ‬ومع‭ ‬قيام‭ ‬الداعمين‭ ‬العسكريين‭ ‬والاقتصاديين‭ ‬والدبلوماسيين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬أيضًا‭ ‬بتكثيف‭ ‬انتقاداتهم‭ ‬العلنية‭ ‬لاستراتيجيته،‭ ‬وتزايد‭ ‬الدعوات‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬الدعم‭ ‬له،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬آرون‭ ‬ميلر‮»‬،‭ ‬و«آدم‭ ‬إسرائيليفيتز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬محاصر‮»‬،‭ ‬ويواجه‭ ‬‮«‬اختبارا‭ ‬بشأن‭ ‬حياته‭ ‬السياسية‮»‬،‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬غرايم‭ ‬وود‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلة‭ ‬أتلانتيك‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬سلسلة‭ ‬التصعيد‭ ‬الأخيرة‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬بالغارة‭ ‬الجوية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬المجمع‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬لطهران‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬أبريل،‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬هدية‮»‬‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬‮«‬البائس‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬سنام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬و«بلال‭ ‬صعب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إطلاق‭ ‬إيران‭ ‬لحوالي‭ ‬300‭ ‬مسيرة‭ ‬وصاروخ‭ ‬باتجاه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬‮«‬غيّر‭ ‬شروط‭ ‬الاشتباك‭ ‬القائمة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‮»‬‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وأظهر‭ ‬‮«‬نهجًا‭ ‬أكثر‭ ‬حزما‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬طهران؛‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬وود‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُنسب‭ ‬إليه‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬‮«‬صد‭ ‬الهجوم‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

وتأكيدًا‭ ‬لهذا‭ ‬التحليل،‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬ميراف‭ ‬زونسزين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬شريان‭ ‬حياة‮»‬،‭ ‬لنتنياهو‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي؛‭ ‬حيث‭ ‬استعاد‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬الغرب‮»‬‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬صرفت‭ ‬الاهتمام‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المستمرة‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬حكومته‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬مضيفة‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬إجماع‭ ‬داخل‭ ‬دوائر‭ ‬التحليل‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الضربة‭ ‬الأولية‭ ‬على‭ ‬‮«‬دمشق‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬سوء‭ ‬تقدير‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬نتنياهو‭ ‬‮«‬رأى‭ ‬فيها‭ ‬فرصة‭ ‬استغلها‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬تداعياتها»؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬‮«‬جانب‭ ‬إيجابي‭ ‬واضح‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬‮«‬عزلتها‭ ‬الدبلوماسية‮»‬‭ ‬عن‭ ‬واشنطن‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬استعادة‭ ‬أهمية‭ ‬التنافس‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬كسبب‭ ‬لاستمرار‭ ‬احتلال‭ ‬غزة‭ ‬وتدميرها‭.‬

ومع‭ ‬تعزيز‭ ‬سلطته‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الداخل،‭ ‬وحصوله‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬غربي‭ ‬متجدد؛‭ ‬سلط‭ ‬‮«‬ديكستر‭ ‬فيلكنز‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلة‭ ‬نيويوركر‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السؤال‭ ‬الأهم‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬سترد‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬مع‭ ‬إيران؟‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬رفضت‭ ‬الانضمام‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬مضاد،‭ ‬وحثتها‭ ‬على‭ ‬‮«‬التفكير‭ ‬مليًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬عواقب‭ ‬ذلك؛‭ ‬فقد‭ ‬حذر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‭ ‬اللورد‭ ‬‮«‬كاميرون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬‮«‬سوف‭ ‬تتخذ‭ ‬قراراتها‭ ‬بنفسها‮»‬،‭ ‬و«ستفعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ضروري‮»‬،‭ ‬لمواجهة‭ ‬جميع‭ ‬التهديدات‭ ‬الإيرانية‭. ‬وعليه،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬والت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬هارفارد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬لديه‭ ‬‮«‬نفوذ‭ ‬أقل‮»‬‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬استشهد‭ ‬‮«‬فيلكنز‮»‬،‭ ‬بالقاعدة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬قيامها‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬والتي‭ ‬تقضي‭ ‬بضرورة‭ ‬‮«‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هجوم‭ ‬عليها،‭ ‬وبأشد‭ ‬قوة‭ ‬ممكنة‭ ‬غالبا»؛‭ ‬فإن‭ ‬العالم‭ ‬كان‭ ‬ينتظر‭ ‬ليرى‭ ‬ما‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬ردها‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬غربي‭. ‬وأوضحت‭ ‬‮«‬كورتني‭ ‬كوبي‮»‬،‭ ‬و«مونيكا‭ ‬ألبا‮»‬،‭ ‬و«موشيه‭ ‬جاينز‮»‬‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬شهادات‭ ‬مسؤولين‭ ‬في‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فإن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬شن‭ ‬‮«‬ضربات‭ ‬للمصالح‭ ‬الإيرانية‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬إيران‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬وشيكاً‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حقيقة‭ ‬تعهد‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬نفسها‭ ‬بالرد‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬بشن‭ ‬عمل‭ ‬عسكري‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬وأشد‭ ‬قوة‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانبها،‭ ‬هي‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬‮«‬العواقب‭ ‬الوخيمة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تطال‭ ‬البلدين‭ ‬فحسب،‭ ‬لكن‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬تداعياتها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الأمنية‭ ‬الأوسع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وحتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬ترد‭ ‬إسرائيل‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية،‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬وود‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإيراني‭ ‬يعد‭ ‬‮«‬انتصارا‮»‬،‭ ‬لنتنياهو‭ ‬شخصيا‭. ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظره،‭ ‬فإن‭ ‬رفض‭ ‬الأمريكيين‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬له‭ ‬للانتقام‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬يعفيه‭ ‬من‭ ‬‮«‬الالتزام‮»‬‭ ‬بالرد‭ ‬بمفرده‭. ‬ومع‭ ‬استعادة‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬والبريطاني‭ ‬لحربه‭ ‬مجددا،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬مضطرا‭ ‬إلى‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬وذلك‭ ‬لإطالة‭ ‬أمد‭ ‬حربه‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬واتفقت‭ ‬‮«‬زونسزين‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬وأكدت‭ ‬أن‭ ‬التصعيد‭ ‬الأخير‭ ‬سيساعده‭ ‬على‭ ‬‮«‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬التهديد‭ ‬بغزو‭ ‬رفح‮»‬،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬‮«‬مظهر‭ ‬الاستمرار‭ ‬بالمفاوضات‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‮»‬‭. ‬

واستمرار،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬إميل‭ ‬حكيم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬عدم‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬يمكن‭ ‬لنتنياهو‭ ‬أن‭ ‬يتفاوض‭ ‬مع‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬للسماح‭ ‬له‭ ‬بغزو‭ ‬رفح،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭ ‬يحتمون‭ ‬فيما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬أطلال‭ ‬المدينة‭. ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظره،‭ ‬فإن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإيراني‭ ‬برمته‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬انتصارًا‭ ‬مؤكدا‭ ‬لسياسة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬اليمينية،‭ ‬لكنه‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الشعور‭ ‬‮«‬بهذا‭ ‬الانتصار‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يجعله‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬تجنب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المخاطرة‭ ‬في‭ ‬الرد‮»‬‭. ‬وبسبب‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية،‭ ‬حذر‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الخطوة‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬المعقد‭ ‬عالي‭ ‬المخاطر‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران،‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬بعد‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬تلاشي‭ ‬انتقادات‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬لسلوك‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وتعهد‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬و«لندن‮»‬،‭ ‬و«برلين‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬بمضاعفة‭ ‬دعمها‭ ‬العسكري‭ ‬لها؛‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬زونسزين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬ينتظر‭ ‬ليرى‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬ستشن‭ ‬هجوما‭ ‬مضادا‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أوضح‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الرد‭ ‬بالقوة‭ ‬على‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إحباطها؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬وود‮»‬،‭ ‬استشهد‭ ‬بـ«عدم‭ ‬كفاءة‮»‬‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬حرب‭ ‬غزة،‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحلفاءه‭ ‬‮«‬يبحثون‭ ‬باستمرار‭ ‬عن‭ ‬مراوغات‭ ‬جديدة‭ ‬ومبتكرة‮»‬،‭ ‬لغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الإخفاق‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬يمكن‭ ‬التذرع‭ ‬بأن‭ ‬عدم‭ ‬الرد‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الرضوخ‭ ‬لرأي‭ ‬العقل‭ ‬والحكمة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬كون‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬‮«‬بارعا‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مصالحه‭ ‬الشخصية‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تأثير‭ ‬نجاحاته‭ ‬السياسية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬استهداف‭ ‬أحد‭ ‬القادة‭ ‬الإيرانيين‭ ‬رفيعي‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬ثم‭ ‬اعتراض‭ ‬الردة‭ ‬الانتقامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬بمساعدة‭ ‬حلفائه‭ ‬الغربيين،‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬قصيرًا‮»‬‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬أوربان‭ ‬كونينغهام‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬عالقا‭ ‬في‭ ‬‮«‬مأزق‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الدفاع‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬حوالي‭ ‬130‭ ‬رهينة‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مصيرهم‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬المفقودين،‭ ‬فإن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬سيجد‭ ‬نفسه‭ ‬قريبا‭ ‬تحت‭ ‬الضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬وفي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬فإن‭ ‬خيار‭ ‬التصعيد‭ ‬مع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬وسيلة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبي،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬ائتلافه‭ ‬متماسكًا،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬ضمان‭ ‬بقائه‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬منصبه‮»‬‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يظهر‭ ‬التصعيد‭ ‬الحالي‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬كشريان‭ ‬حياة‭ ‬آخر‭ ‬لنتنياهو‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬إثارة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التوترات‭ ‬الخارجية‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬تخفيف‭ ‬حدة‭ ‬الضغوط‭ ‬الدولية‭ ‬والخارجية‭ ‬المتزايدة‭ ‬عليه‭ ‬بسبب‭ ‬حربه‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وتهديده‭ ‬بغزو‭ ‬رفح‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬ينطوي‭ ‬عليها‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬بابًا‭ ‬لموجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والصراعات‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بأكملها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تهديد‭ ‬الاستقرار‭ ‬العالمي‭. ‬

ومع‭ ‬استخدام‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لكل‭ ‬التكتيكات‭ ‬المتاحة‭ ‬مسبقًا‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلطته،‭ ‬فإنه‭ ‬سيستمر‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬حماية‭ ‬نفسه،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استبعاد‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا