العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

جهود العرب الأمريكيين في بناء الهوية وتعزيز المشاركة السياسية

بقلم: د. جيمس زغبي

الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

لقد‭ ‬استغرق‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬لتعزيز‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبناء‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬النواحي‭.‬

واليوم‭ ‬يتم‭ ‬استهداف‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬تقويض‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أو‭ ‬تقسيم‭ ‬مجتمعهم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬طائفية،‭ ‬أو‭ ‬إسكات‭ ‬أصواتهم‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭.‬

دعونا‭ ‬بداية‭ ‬نستعرض‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭.‬

قبل‭ ‬ستة‭ ‬عقود‭ ‬فقط،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬مجتمع‭ ‬عربي‭ ‬أمريكي‭ ‬منظم،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬ومعظمهم‭ ‬من‭ ‬نسل‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الموجة‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان،‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬شكلوها‭ ‬هوياتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬ببلدهم‭ ‬أو‭ ‬قراهم،‭ ‬كما‭ ‬جمعت‭ ‬الأندية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أحفاد‭ ‬بعض‭ ‬القرى‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وكما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬مجتمعات‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬كانت‭ ‬الكنائس‭ ‬أو‭ ‬المساجد‭ ‬هي‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬نظمت‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأوائل‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

بعد‭ ‬رفع‭ ‬التجميد‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يمنع‭ ‬الهجرة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬المهاجرين‭ ‬العرب‭ ‬وأصبح‭ ‬أكثر‭ ‬تنوعًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬ببلدانهم‭ ‬الأصلية‭ ‬وانتماءاتهم‭ ‬الدينية‭.‬

هذا‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬الأطفال‭ ‬والأحفاد‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬جاءوا‭ ‬قبل‭ ‬وأثناء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تسريع‭ ‬عملية‭ ‬تشكل‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‭.‬

جلبت‭ ‬المجموعة‭ ‬الجديدة‭ ‬والأكثر‭ ‬تنوعًا‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬والطلاب‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬قدموا‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ألأمريكية‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬معهم‭ ‬أفكار‭ ‬القومية‭ ‬العربية‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬اكتسبت‭ ‬رواجًا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬

لقد‭ ‬اعتنق‭ ‬نسل‭ ‬الجيل‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لأسباب‭ ‬مختلفة‭. ‬لقد‭ ‬كانوا‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الحركة،‭ ‬وأكثر‭ ‬اندماجا‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وبلغوا‭ ‬سن‭ ‬الرشد‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عندما‭ ‬نشأ‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬الهوية‭ ‬العرقية‭. ‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬الهويات‭ ‬الضيقة‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬البلد‭ ‬أو‭ ‬القرية‭ ‬أو‭ ‬الطائفة،‭ ‬انجذب‭ ‬نسل‭ ‬الجيل‭ ‬السابق‭ ‬إلى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يشاركونهم‭ ‬تراثهم‭ ‬الثقافي‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬والموسيقى‭ ‬وحتى‭ ‬الطعام‭. ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬جمعتهم،‭ ‬بل‭ ‬التراث‭ ‬المشترك‭.‬

والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬فلسطين‭ ‬أيضًا،‭ ‬وهي‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬المشترك‭ ‬للمجتمع،‭ ‬وذلك‭ ‬لسببين‭ ‬اثنين‭ ‬وهما‭: ‬

أولاً،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفهوم‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بظلم‭ ‬جسيم‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬للعديد‭ ‬منهم‭ ‬عائلات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬أعدادهم‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المهاجرين‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬عام‭ ‬1967‭.‬

والسبب‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬التمييز‭ ‬والإقصاء‭ ‬الذي‭ ‬يواجهه‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬بلدهم‭ ‬الأصلي‭ ‬‭ ‬إذا‭ ‬أعربوا‭ ‬عن‭ ‬تعاطفهم‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يقولوا‭ ‬شيئا‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أنهم‭ ‬مؤيدون‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬لأنهم‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬عربي‭. ‬لقد‭ ‬تفاقم‭ ‬‮«‬الظلم‭ ‬هناك‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬الظلم‭ ‬هنا‮»‬‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬المنظمات‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬رابطة‭ ‬خريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والرابطة‭ ‬الوطنية‭ ‬للأمريكيين‭ ‬العرب،‭ ‬كانت‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬والتكوين،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬التقت‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬ببناء‭ ‬مجتمع‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬والهوية‭ ‬المشتركة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قضية‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭. ‬لقد‭ ‬قللت‭ ‬تلك‭ ‬المنظمات‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الانقسامات‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الانتماء‭ ‬الديني‭ ‬أو‭ ‬الأصل‭ ‬القومي‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬المهاجر‭/‬المولد‭ ‬الأصلي‭.‬

وقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬لبناء‭ ‬صوت‭ ‬موحد‭ ‬سهل‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبعض،‭ ‬ولكنه‭ ‬يمثل‭ ‬تحديًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبعض‭ ‬الآخر،‭ ‬خاصة‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬نشبت‭ ‬في‭ ‬لبنان‭. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬الذين‭ ‬فروا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬الأهلي‭ ‬اللبناني‭ ‬قد‭ ‬جلبوا‭ ‬معهم‭ ‬هويتهم‭ ‬الطائفية‭ ‬ومظالمهم‭.‬

كما‭ ‬أثر‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬عرفوا‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬لبنانيون‭ ‬أو‭ ‬فلسطينيون‭ ‬أو‭ ‬سوريون،‭ ‬أو‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬أكدوا‭ ‬هوياتهم‭ ‬المسيحية‭ ‬أو‭ ‬الإسلامية،‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لبناء‭ ‬مجتمع‭ ‬موحد‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬استمرت‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬وثابرت‭ ‬في‭ ‬عملها‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1980،‭ ‬قمنا‭ ‬أنا‭ ‬والسيناتور‭ ‬السابق‭ ‬جيمس‭ ‬أبو‭ ‬رزق‭ ‬بإطلاق‭ ‬اللجنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬العربية‭ ‬لمكافحة‭ ‬التمييز‭ ‬لمعالجة‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬السلبية‭ ‬عن‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والثقافة‭ ‬الشعبية،‭ ‬والتمييز‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭. ‬كان‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬جاهزا‭.‬

وبينما‭ ‬كنا‭ ‬نسافر‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬ساهمت‭ ‬الفعاليات‭ ‬والأنشطة‭ ‬التي‭ ‬عقدناها‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬صفوفنا‭ ‬بعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جيل‭ ‬وبلد‭ ‬وانتماء‭ ‬ديني‭.‬

أتذكر‭ ‬حفل‭ ‬عشاء‭ ‬أقيم‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬شيكاغو‭ ‬عام‭ ‬1981‭ ‬شارك‭ ‬فيه‭ ‬حوالي‭ ‬1500‭ ‬شخص‭. ‬بدأ‭ ‬المنظم‭ ‬المحلي‭ ‬ذلك‭ ‬الحفل‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬مطالبًا‭ ‬بدوره‭ ‬من‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬وفلسطين‭ ‬ومصر‭ ‬والأردن‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الأسفل‭ ‬بالوقوف‭. ‬واختتم‭ ‬كلامه‭ ‬بالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬كم‭ ‬كان‭ ‬رائعًا‭ ‬أننا‭ ‬جمعنا‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الحشد‭ ‬المتنوع‭ ‬بهوية‭ ‬مشتركة‭ ‬ووحدة‭ ‬في‭ ‬الهدف‭.‬

وبعد‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لبيروت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬أطلقنا‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬أنقذوا‭ ‬لبنان‮»‬‭ ‬لجلب‭ ‬الأطفال‭ ‬اللبنانيين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬الجرحى‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬غير‭ ‬المتاح‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬نظراً‭ ‬للدمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بمستشفيات‭ ‬بيروت‭ ‬الغربية‭.‬

وبعد‭ ‬إرسال‭ ‬أولئك‭ ‬الأطفال‭ ‬اللبنانيين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإلى‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬عرضت‭ ‬استضافتهم،‭ ‬سمعت‭ ‬شكاوى‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭.‬

لقد‭ ‬كانوا‭ ‬يقولون‭ ‬آنذاك‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأماكن‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬فلسطينيون‭ ‬وقد‭ ‬أرسلتم‭ ‬لنا‭ ‬طفلاً‭ ‬لبنانياً‭ ‬[أو‭ ‬العكس]‮»‬‭. ‬أو‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬مسيحيون‭ ‬وأرسلت‭ ‬لنا‭ ‬طفلا‭ ‬مسلماً‭ ‬[أو‭ ‬العكس]‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬واصلنا‭ ‬وثابرنا‭.‬

وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬وقع‭ ‬كل‭ ‬مجتمع‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬استضافوهم،‭ ‬واحتضنوا‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬ما‭ ‬فعلوه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضحايا‭ ‬الحرب‭ ‬الأبرياء‭. ‬وبينما‭ ‬كنا‭ ‬نتنقل‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬لجمع‭ ‬الأموال‭ ‬لجلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العناق‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬أحضرنا‭ ‬الأطفال‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬لنعالجهم‭ ‬وقد‭ ‬تعافينا‭ ‬نحن‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬النهاية‮»‬‭.‬

خلال‭ ‬العقد‭ ‬التالي،‭ ‬شهدت‭ ‬المنظمات‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬الرئيسية‭ ‬نذكر‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬الحملات‭ ‬الرئاسية‭ ‬لجيسي‭ ‬جاكسون،‭ ‬وهي‭ ‬أول‭ ‬حملة‭ ‬رحبت‭ ‬بالعرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬التيار‭ ‬السياسي‭ ‬الرئيسي؛‭ ‬وتعزيز‭ ‬نمو‭ ‬المؤسسات‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬والثقافة‭ ‬العربية‭ ‬وتعزيزهما؛‭ ‬ورد‭ ‬فعل‭ ‬الجماعات‭ ‬اليهودية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬والتي‭ ‬وصفت‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬خيال‮»‬‭ ‬وضغطت‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬لاستبعاده‭ ‬وإقصائه؛‭ ‬وإنشاء‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬تعبئة‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والخدمة‭ ‬العامة‭ ‬ــ‭ ‬تعبئة‭ ‬الناخبين،‭ ‬ودعم‭ ‬المرشحين،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬مداولات‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭.‬

لقد‭ ‬شهدت‭ ‬العقود‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭ ‬إنجازات‭ ‬كبيرة‭ ‬وتحديات‭ ‬جديدة‭ ‬للمجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭. ‬فقد‭ ‬برز‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيون‭ ‬كجمهور‭ ‬انتخابي‭ ‬مهم‭ ‬تتودد‭ ‬إليه‭ ‬الحملات‭ ‬السياسية،‭ ‬ويتم‭ ‬انتخابهم‭ ‬لمستويات‭ ‬الحكومة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬ومستوى‭ ‬الولايات‭ ‬والمستوى‭ ‬المحلي‭. ‬تقوم‭ ‬وكالات‭ ‬الخدمة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬برعاية‭ ‬المهاجرين‭ ‬الجدد‭ ‬وتثقيف‭ ‬الآخرين‭ ‬حول‭ ‬مساهمات‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الأمريكية‭.‬

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬شهر‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬معترفاً‭ ‬به‭ ‬رسمياً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعلان‭ ‬رئاسي،‭ ‬ويحتفل‭ ‬به‭ ‬حكام‭ ‬الولايات‭ ‬والمجالس‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ولاية‭ ‬تقريباً،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬المؤسسة‭ ‬العربية‭ ‬الأمريكية‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬المتزايد‭ ‬يأتي‭ ‬الضغط‭ ‬المتزايد‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إحباط‭ ‬نمو‭ ‬المجتمع‭ ‬وإسكات‭ ‬أصواته‭. ‬لقد‭ ‬أصبح‭ ‬أعضاؤها‭ ‬يتوقعون‭ ‬ذلك‭ ‬وقد‭ ‬عززوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬للقتال‭. ‬أما‭ ‬الأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬فهي‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لتقسيم‭ ‬المجتمع‭.‬

بدءاً‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭ ‬الابن،‭ ‬ومروراً‭ ‬بإدارة‭ ‬أوباما،‭ ‬والآن‭ ‬تسارعت‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬لإضفاء‭ ‬طابع‭ ‬طائفي‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخلط‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والمسلمين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تقسيم‭ ‬جهود‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬‮«‬العرب‭ ‬المسيحيين‮»‬‭. ‬ولأن‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬الحكومية،‭ ‬فقد‭ ‬امتد‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وحتى‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬مبادرات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭.‬

لقد‭ ‬اتحدت‭ ‬المنظمات‭ ‬الوطنية‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬الرامي‭ ‬إلى‭ ‬محو‭ ‬الهوية‭ ‬العرقية‭ ‬وغير‭ ‬الطائفية‭ ‬للمجتمع‭ ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬أيام‭ ‬الانقسام‭.‬

يحتفظ‭ ‬الأمريكيون‭ ‬العرب‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬تعريف‭ ‬أنفسهم‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬تاريخهم‭ ‬وتراثهم‭ ‬المشترك‭. ‬إنهم‭ ‬يظلون‭ ‬موحدين‭ ‬في‭ ‬جهودهم‭ ‬لمكافحة‭ ‬التمييز‭ ‬والإقصاء‭ ‬السياسي،‭ ‬والتزامهم‭ ‬المشترك‭ ‬بالنضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العدالة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وسياسة‭ ‬خارجية‭ ‬أمريكية‭ ‬أكثر‭ ‬توازنًا‭ ‬تعزز‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والازدهار‭ ‬لجميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬

{‭ ‬رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا