العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

فضائح انحياز الإعلام الأمريكي في تغطية العدوان على غزة

بقلم: د. رمزي بارود {

الأربعاء ٢٤ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

إن‭ ‬التغطية‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬للمذبحة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ومثلها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كمثل‭ ‬تغطية‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية‭ ‬الرئيسية‭ ‬الأخرى،‭ ‬تشكل‭ ‬عاراً‭ ‬على‭ ‬الصحافة‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬التأكيد‭ ‬بأن‭ ‬يفاجئ‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬بالذات‭. ‬إن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تحركها‭ ‬الحقائق‭ ‬ولا‭ ‬الأخلاق،‭ ‬بل‭ ‬تحركها‭ ‬الأجندات‭ ‬والحسابات‭ ‬المتعطشة‭ ‬للسلطة‭.‬

إن‭ ‬إنسانية‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬قتيل‭ ‬وجريح‭ ‬فلسطيني‭ ‬بسبب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ليست‭ ‬ببساطة‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأجندة‭.‬

في‭ ‬أحد‭ ‬التقارير‭ ‬‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬مذكرة‭ ‬مسربة‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬‭ ‬اكتشف‭ ‬موقع‭ ‬إنترسبت‭ ‬The‭ ‬Intercept‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالصحيفة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المسجلة‭ ‬كانت‭ ‬تغذي‭ ‬صحفييها‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬إرشادات‮»‬‭ ‬يتم‭ ‬تحديثها‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر‭ ‬حول‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬استخدامها‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬استخدامها‭ ‬عند‭ ‬وصف‭ ‬المذبحة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المروعة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬فإن‭ ‬معظم‭ ‬الكلمات‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الفقرة‭ ‬أعلاه‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬مناسبة‭ ‬للطباعة‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬وفقًا‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬إرشاداتها‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬المثير‭ ‬للصدمة‭ ‬أن‭ ‬المصطلحات‭ ‬والعبارات‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬دوليًا‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬،‭ ‬و«الأراضي‭ ‬المحتلة‮»‬،‭ ‬و«التطهير‭ ‬العرقي‮»‬،‭ ‬وحتى‭ ‬‮«‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الرفض‭ ‬بالصحيفة‭ ‬الأمريكية‭.‬

ويصبح‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬قسوة‭ ‬ووحشية‭ ‬ولامبالاة‭. ‬‮«‬إن‭ ‬كلمات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬مذبحة‮»‬‭ ‬و«مجزرة‮»‬‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تنقل‭ ‬مشاعر‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تنقله‭ ‬المعلومات‭ ‬نفسها‭. ‬‮«‬فكر‭ ‬مليًا‭ ‬قبل‭ ‬استخدامها‭ ‬بصوتنا‮»‬،‭ ‬وفقًا‭ ‬للمذكرة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تسريبها‭ ‬والتحقق‭ ‬منها‭ ‬بواسطة‭ ‬إنترسبت‭ ‬ووسائل‭ ‬إعلام‭ ‬مستقلة‭ ‬أخرى‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السيطرة‭ ‬اللغوية،‭ ‬وفقًا‭ ‬لصحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬‮«‬لجميع‭ ‬الأطراف‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬تطبيقها‭ ‬كان‭ ‬تقريبًا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ ‬بالكامل‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أظهر‭ ‬تقرير‭ ‬سابق‭ ‬لموقع‭ ‬إنترسبت‭ ‬أن‭ ‬الصحيفة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذكرت،‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬و14‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023،‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬مذبحة‮»‬‭ ‬53‭ ‬مرة‭ ‬عندما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬إسرائيليين‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ومرة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬إسرائيل‭.‬

وبحلول‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ،‭ ‬كان‭ ‬آلاف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قد‭ ‬لقوا‭ ‬حتفهم،‭ ‬وكانت‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬وقُتل‭ ‬معظمهم‭ ‬داخل‭ ‬منازلهم‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬أو‭ ‬المدارس‭ ‬أو‭ ‬ملاجئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية‭ ‬شككت‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فإنه‭ ‬تم‭ ‬قبوله‭ ‬لاحقًا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬دقيق،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬تحذير‭: ‬نسبة‭ ‬مصدر‭ ‬الرقم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬التي‭ ‬تديرها‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الصياغة‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬كافية‭ ‬لتقويض‭ ‬دقة‭ ‬الإحصاءات‭ ‬التي‭ ‬جمعها‭ ‬متخصصو‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬الذين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬حظهم‭ ‬إنتاج‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإحصائيات‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬الماضي‭.‬

ونادرا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬الأرقام‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬كشفت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أنهم‭ ‬قتلوا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬حماس‭ ‬لقوا‭ ‬حتفهم‭ ‬في‭ ‬‮«‬نيران‭ ‬صديقة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬قُتلوا‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬كانوا‭ ‬نشطين‭ ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬الخدمة‭ ‬أو‭ ‬احتياطيين‭ ‬عسكريين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مصطلحات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬مذبحة‮»‬‭ ‬و«ذبح‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تستخدم‭ ‬بكثرة‭.‬

ولم‭ ‬يتم‭ ‬ذكر‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬‮«‬ذبحتهم‮»‬‭ ‬حماس‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬متورطين‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والمجازر‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الذبح‮»‬،‭ ‬تم‭ ‬استخدام‭ ‬المصطلح،‭ ‬وفقًا‭ ‬لموقع‭ ‬إنترسبت،‭ ‬لوصف‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يُزعم‭ ‬أنهم‭ ‬قتلوا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المسلحين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مقابل‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬قتلتهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بنسبة‭ ‬22‭ ‬إلى‭ ‬1‭.‬

أكتب‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬كما‭ ‬يُزعم‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬الجيش‭ ‬والحكومة‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لم‭ ‬يسمحا‭ ‬بعد‭ ‬بالتحقق‭ ‬المستقل‭ ‬من‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬قاموا‭ ‬بإنتاجها‭ ‬وتغييرها‭ ‬وإعادة‭ ‬إنتاجها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

تعتبر‭ ‬الأرقام‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مقبولة‭ ‬الآن‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وعندما‭ ‬سُئل‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬لويد‭ ‬أوستن،‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي،‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬ألفًا‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتجاوز‭ ‬الرقم‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬تدقيق‭ ‬الأرقام‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وإثباتها‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصادر‭ ‬مستقلة‭ ‬حقًا،‭ ‬فإن‭ ‬تغطية‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬لحرب‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مصداقية‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أجنداتها‭ ‬وأيديولوجياتها‭.‬

يمكن‭ ‬تبرير‭ ‬هذا‭ ‬التعميم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غريب‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬أكثر‭ ‬عدالة‭ ‬نسبيًا‭ ‬من‭ ‬غيرها‭.‬

ووفقاً‭ ‬لهذا‭ ‬المعيار‭ ‬المزدوج،‭ ‬يتم‭ ‬تصوير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬تحت‭ ‬نير‭ ‬الاحتلال‭ ‬ويتم‭ ‬اضطهادهم‭ ‬وتقتيلهم‭ ‬بشكل‭ ‬روتيني‭ ‬باللغة‭ ‬المناسبة‭ ‬لإسرائيل؛‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كيان‭ ‬عنصري‭ ‬وقاتل‭ ‬يكرس‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬مثل‭ ‬إسرائيل‭ ‬كضحية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يزال،‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‮»‬‭.‬

وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬تنفخ‭ ‬بلا‭ ‬خجل‭ ‬وبشكل‭ ‬مستمر‭ ‬أبواقها‭ ‬وتتبجح‭ ‬لكونها‭ ‬واحة‭ ‬للمصداقية‭ ‬والتوازن‭ ‬والدقة‭ ‬والموضوعية‭ ‬والكفاءة‭ ‬المهنية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬الذين‭ ‬يقبعون‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬هم‭ ‬الأشرار‭: ‬أي‭ ‬الطرف‭ ‬الذي‭ ‬يرتكب‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬المذابح‭ ‬والمجازر‭!‬

وينطبق‭ ‬نفس‭ ‬المنطق‭ ‬المنحرف‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬خطابها‭ ‬السياسي‭ ‬اليومي‭ ‬حول‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والعدالة‭ ‬والسلام‭ ‬يتقاطع‭ ‬مع‭ ‬دعمها‭ ‬الفج‭ ‬لقتل‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القنابل‭ ‬الغبية،‭ ‬والقنابل‭ ‬الخارقة‭ ‬للمخابئ،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬والذخائر‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭.‬

إن‭ ‬تقارير‭ ‬موقع‭ ‬إنترسبت‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭. ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬المذكرات‭ ‬المسربة،‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬نزاهة‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬‭ ‬المتعاطفة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وغير‭ ‬المبالية‭ ‬بمعاناة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬مجالاً‭ ‬للشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬مثلها‭ ‬كمثل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬الوقوف‭ ‬بحزم‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭.‬

وبينما‭ ‬تستمر‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬مقاومة‭ ‬الظلم‭ ‬الذي‭ ‬يفرضه‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والحرب،‭ ‬فإن‭ ‬بقيتنا،‭ ‬الذين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالقلق‭ ‬إزاء‭ ‬الحقيقة‭ ‬والدقة‭ ‬في‭ ‬التقارير‭ ‬والعدالة‭ ‬للجميع،‭ ‬يجب‭ ‬عليهم‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬يتحدوا‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬من‭ ‬الصحافة‭ ‬المزرية‭ ‬والمتحيزة‭.‬

ونحن‭ ‬نفعل‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬نقوم‭ ‬بإنشاء‭ ‬مصادرنا‭ ‬المهنية‭ ‬البديلة‭ ‬للمعلومات،‭ ‬حيث‭ ‬نستخدم‭ ‬اللغة‭ ‬المناسبة،‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬المؤلم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬مزقتها‭ ‬الحرب‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية،‭ ‬ومذبحة‭ ‬مروعة‭ ‬ومجازر‭ ‬يومية‭ ‬ضد‭ ‬الأبرياء،‭ ‬جريمتهم‭ ‬الوحيدة‭ ‬هي‭ ‬أنهم‭ ‬يقاومون‭ ‬احتلالاً‭ ‬عسكرياً‭ ‬وحشيا‭ ‬ونظام‭ ‬فصل‭ ‬عنصري‭ ‬مقيت‭.‬

وإذا‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬جدال‭ ‬فيها‭ ‬تولد‭ ‬استجابة‭ ‬‮«‬عاطفية‮»‬،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬جيد؛‭ ‬وربما‭ ‬يتبع‭ ‬ذلك‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراء‭ ‬حقيقي‭ ‬لإنهاء‭ ‬المذبحة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ويبقى‭ ‬السؤال‭: ‬لماذا‭ ‬يجد‭ ‬محررو‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬غير‭ ‬مقبول؟

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا