زرت جمهورية أذربيجان هذه الجمهورية السوفيتية السابقة الواقعة في منطقة القوقاز على بحر قزوين الغني بالنفط بالقرب من إيران التي شكلت اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية مع أربع عشرة جمهورية أخرى على مدار أكثر من سبعة عقود من الزمان كدولة مترامية الأطراف شكلت ثلث الكرة الأرضية بمساحة تزيد على 22 مليون كيلومتر مربع بعدد سكان تجاوز 286 مليون نسمة تجمعهم اللغة الروسية كلغة رسمية للدولة السوفيتية قبل انهياره المدوي في بداية تسعينيات القرن الماضي.
جمهورية أذربيجان حالها حال الجمهوريات السوفيتية السابقة عاشت مرحلة انتقالية صعبة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات من القرن الماضي، كما أسلفنا، حيث سادت الفوضى وغاب الأمن والاستقرار وسيطرت المافيا على مفاصل الدولة الأذربيجانية، لكنها استعادت عافيتها بفضل الإجراءات التي اتخذها أول رئيس لجمهورية أذربيجان بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السيد حيدر علييف، هذه الشخصية السوفيتية المرموقة الذي كان عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي أيام الاتحاد وكان من أبرز المرشحين لتولي منصب السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي قبل اختيار ميخائيل غورباتشوف للمنصب حتى انه يقال لو اختير حيدر علييف للمنصب لما انهار الاتحاد السوفيتي. وبعد ان عاد إلى أذربيجان في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي وبسبب ظروفه الصحية ومرضه سلم السلطة قبل وفاته إلى ابنه الهام علييف الذي لا يزال رئيسا للجمهورية.
لم أزر جمهورية أذربيجان خلال دراستي في الاتحاد السوفيتي رغم أنه كان بإمكاني زيارتها لكن ظروف الدراسة وكثرة خيارات السفر المتعددة للمدن السوفيتية حالت دون ذلك، إلا انني خلال الفترة الأخيرة سمعت الكثير عن هذه الجمهورية كوجهة سياحية من الذين زاروها ضمن الرحلات السياحية التي تنظمها شركات السفر والسياحة البحرينية بأسعار تنافسية ورحلات مباشرة في إطار التسهيلات التي تقدمها جمهورية أذربيجان لتشجيع السياحة، لتكون رافدا مهما من روافد زيادة الدخل القومي للبلاد ومصدرا من مصادر تنويع الدخل لدعم الميزانية العامة للدولة.
وبمجرد أن تطأ قدمك مطار باكو تشعر بالتسهيلات التي تقدمها الدولة لتسهيل عملية الدخول الى البلاد من حيث إنهاء إجراءات استخراج الفيزا أو سرعة إتمام إجراءات الدخول.
أما مدينة باكو عاصمة الجمهورية، فهي أحد أهم المقاصد السياحية تجمع بين النمو السوفيتي والنمو الحديث المعاصر، ففي باكو لا تزال مباني الحقبة السوفيتية موجودة شاهدة على تلك المرحلة التي عاشتها الجمهورية في كنف الدولة السوفيتية. وفي باكو ترى المباني الشاهقة المبنية وفق النمط المعماري الحديث لتشكل تحفة معمارية تفخر بها المدينة لتكون مقرا للشركات والمؤسسات المحلية والأجنبية التي اختارت أذربيجان لاستثماراتها.
الشعب الأذربيجاني حاله حال بقية الشعوب السوفيتية منقسم بين الجيل السوفيتي إن صح التعبير الذي عاش المرحلة السوفيتية والجيل الجديد الذي ولد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ولا يعرف شيئا عن هذه الدولة إلا من خلال أحاديث الآباء والأجداد ومن خلال كتب التاريخ.
جيل المرحلة السوفيتية لا يزال يتذكر دولة السوفييت ويحن الى ذلك الزمن الجميل، إذ كانت الدولة السوفيتية تؤمن لهم حياة مستقرة وهانئة للمواطن السوفيتي، حيث الوظيفة المضمونة والتعليم والمجاني من الروضة إلى الجامعة والرعاية الصحية المجانية، حيث تعج المدن والقرى والاقاليم والمقاطعات السوفيتية بالمراكز الصحية والمستشفيات والحصول على الشقة بأسعار رمزية والكهرباء والماء شبه المجانية وأسعار السلع الرخيصة التي في متناول كل مواطن.
وأول ما يلفت نظرك وانت تزور باكو غياب اللغة الروسية، حيث لا وجود لهذه اللغة التي كانت اللغة الأولى أيام الاتحاد السوفيتي، فكل الكتابات باللغة الأذربيجانية أو الإنجليزية، الشباب لا يتقن اللغة الروسية التي كانت أيام الاتحاد السوفيتي المفتاح الذي من خلاله يمكن الولوج إلى المناصب والترقي، أما المدارس والجامعات فقد أصبح التدريس فيها باللغة الأذربيجانية بدلا من الروسية.
ما يثير الانتباه في جمهورية أذربيجان هو التسامح الديني الذي يتمتع به المجتمع الاذربيجاني بالذات التسامح بين المذاهب حيث المساجد المشتركة والصلوات المشتركة لا توجد مساجد لهذا المذهب أو ذاك كلها مساجد وجوامع مشتركة يؤمها المصلون من مختلف المذاهب في إطار التسامح الديني.
تتمتع جمهورية أذربيجان بأجواء لطيفة ومناخ معتدل وأسعار معقولة ومعالم سياحية تجذب السائح الخليجي وبرامج ترفيهية تناسب الجميع وتضم العديد من المتاحف الوطنية ودور الأوبرا والسينما والمسارح والنوادي الليلية التي يرتادها الشباب، ولذلك كان الاقبال كبيرا من قبل السياح الخليجيين لزيارة الجمهورية والتسوق في المجمعات التجارية والأسواق الشعبية التي تعج بالبضائع الرخيصة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك