العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

في رواية وليد هاشم: «ليلى دوقة قلالي» تقودنا نحو الهوس الجنوني الشفيف في الحب!

بقلم: علي الستراوي

السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

لم‭ ‬تكن‭ ‬صدفة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬علقت‭ ‬بمشجاب‭ ‬قلمي،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬الواقعة‭ ‬بين‭ ‬الدم‭ ‬وبين‭ ‬انشغالات‭ ‬مشحونة‭ ‬بهوس‭ ‬بطلة‭ ‬الرواية‭ ‬‮«‬ليلى‭ ‬دوقة‭ ‬قلالي‮»‬‭ ‬رواية‭ ‬تأخذ‭ ‬بقارئها‭ ‬نحو‭ ‬صراع‭ ‬مرير‭ ‬واحداث‭ ‬متلاحقة،‭ ‬ينشغل‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬يعيد‭ ‬سيرتها‭ ‬الأولى‭.‬

إنها‭ ‬‮«‬ليلى‮»‬‭ ‬الفتاة‭ ‬البحرينية‭ ‬ذات‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬ربيعاً‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬مأمن‭ ‬في‭ ‬حيها‭ ‬المعروف‭ ‬بقلالي،‭ ‬المدينة‭ ‬الهادئة‭ ‬المشحونة‭ ‬بالذكريات‭ ‬وبصحبة‭ ‬ألفت‭ ‬التعاطي‭ ‬معهم،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬الحلم‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬حيها‭ ‬بقلالي‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬الضباب‭ ‬‮«‬لندن‮»‬‭ ‬لتجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬مكتظة‭ ‬بالبشر‭ ‬وبصراعات‭ ‬وإغراءات‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬مصراعيها،‭ ‬إنها‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬عالم‭ ‬غريب‭ ‬يدفعها‭ ‬نحو‭ ‬التحدي،‭ ‬بين‭ ‬واقع‭ ‬تعيشه‭ ‬وحلم‭ ‬فرض‭ ‬نفسه‭ ‬عليها،‭ ‬مختلف‭ ‬الطباع‭ ‬ذو‭ ‬غموض‭ ‬قادها‭ ‬نحو‭ ‬التحدي‭.‬

وبين‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬ترى‭ ‬نفسها‭ ‬بنت‭ ‬قلالي‭ ‬الفتاة‭ ‬الحالمة‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬زوبعة‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬ذات‭ ‬الحكايات‭ ‬المختلفة‭ ‬والاشخاص‭ ‬المختلفين‭ ‬اصحاب‭ ‬المناصب‭ ‬العُليا‭ ‬والرتب‭ ‬ذوات‭ ‬الاختلاف،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ليلى‭ ‬مدركة‭ ‬لعالمها‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬قادها‭ ‬دون‭ ‬رغبة‭ ‬منها‭ ‬لعالم‭ ‬غير‭ ‬عالمها‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬وهي‭ ‬الفتاة‭ ‬الهادئة‭ ‬عبر‭ ‬أحداث‭ ‬متسارعة‭ ‬وغموض‭ ‬لجريمة‭ ‬تعيش‭ ‬أحداثها،‭ ‬برغبة‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬دون‭ ‬رغبة‭ ‬أنها‭ ‬واقعة‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬لا‭ ‬تحسد‭ ‬عليه‭.‬

لتجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عالمها‭ ‬الجديد‭ ‬والغريب‭ ‬المليء‭ ‬بالتحديات‭ ‬والغموض‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتكرر‭ ‬عليها‭ ‬حلم‭ ‬رؤيتها‭ ‬لجثة‭ ‬فتاة‭ ‬محاطة‭ ‬ببركة‭ ‬دم‭.‬

إنها‭ ‬دوقة‭ ‬قلالي‭ ‬صورة‭ ‬لمعنى‭ ‬الخوف‭ ‬حينما‭ ‬تسكننا‭ ‬احداثها،‭ ‬وحينما‭ ‬نتبرأ‭ ‬من‭ ‬واقعنا‭ ‬الذي‭ ‬اعتدنا‭ ‬عليه،‭ ‬نراها‭ ‬تقودنا‭ ‬نحو‭ ‬الشفيف‭ ‬من‭ ‬الحب‭.‬

هكذا‭ ‬هي‭ ‬رواية‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭ ‬الذي‭ ‬أمسك‭ ‬بتلابيب‭ ‬رقابنا‭ ‬ليقودنا‭ ‬نحو‭ ‬هذا‭ ‬الهوس‭ ‬الجنوني‭ ‬ويرمي‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬اتون‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬أحداثها‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬والإمارات‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬‮«‬لندن‮»‬‭ ‬رسائل‭ ‬أدركها‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭:‬

في‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الروائي‭ ‬استطاع‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭ ‬أن‭ ‬يحرك‭ ‬الأحداث‭ ‬بواسطة‭ ‬الشخوص‭ ‬دراماتيكية،‭ ‬جاعلا‭ ‬من‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬التمثيل‭ ‬المسرحي‭ ‬أو‭ ‬السينمائي‭ ‬المؤذي‭ ‬إلى‭ ‬الحزن‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬البشري‭.‬

فالحكاية‭ ‬في‭ ‬مصلها‭ ‬الأول‭ ‬عند‭ ‬بداية‭ ‬سرد‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬مداهمة‭ (‬الأحلام‭) ‬له‭ ‬وهو‭ ‬الفاعل‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬أو‭ ‬ابتدأ‭ ‬به‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭ ‬سرد‭ ‬دوقة‭ ‬قلالي،‭ ‬خارجاً‭ ‬بحلمه‭ ‬الذي‭ ‬حمّله‭ ‬وجع‭ ‬اكتشاف‭ ‬تلك‭ ‬الجثة‭ ‬التي‭ ‬رآها‭ ‬ممددة‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬محاطة‭ ‬ببركة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الدماء،‭ ‬رغم‭ ‬يقينه‭ ‬أنه‭ ‬يعرف‭ ‬تلك‭ ‬الفتاة،‭ ‬كان‭ ‬الحلم‭ ‬رسالته‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬بداية‭ ‬اشتعال‭ ‬الجمر‭ ‬في‭ ‬مصل‭ ‬الحكاية‭.‬

بين‭ ‬عالمين‭ ‬مختلفين‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬الهجس‭ ‬بملاقاة‭ ‬ذلك‭ ‬الحلم‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬يبصره‭ ‬دون‭ ‬ريب‭ ‬أو‭ ‬قصة‭ ‬لمعنى‭ ‬التحري،‭ ‬أو‭ ‬لغز‭ ‬القتل،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الجريمة‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭ ‬قد‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يجعلنا‭ ‬كقراء‭ ‬لعمله‭ ‬الروائي‭ ‬ضمن‭ ‬شخوص‭ ‬أحداث‭ ‬عمله‭ ‬الروائي‭ ‬وذلك‭ ‬بوشمنا‭ ‬بما‭ ‬لم‭ ‬ندركه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬بل‭ ‬أدركناها‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬لنعيد‭ ‬ما‭ ‬قاله‭: ‬النبي‭ ‬يوسف‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬تفسيره‭ ‬لواقع‭ ‬الحلم‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬يوسف‭ ‬‮«‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الابتلاء‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬فيه‭ ‬الرائي‮»‬‭.‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬الديني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬الابتلاء‭ ‬هو‭ ‬نتاج‭ ‬واقع‭ ‬لعمل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬خير‭ ‬أو‭ ‬سيئ‭ ‬عبر‭ ‬واقع‭ ‬يسوده‭ ‬أو‭ ‬رواية‭ ‬الغموض،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالرواية‭ ‬البوليسية‭.‬

وليد‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬ينقلنا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الخيال‭ ‬للفعل‭ ‬الإجرامي‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬سرديات‭ ‬الرواية،‭ ‬مثل‭ ‬اكتظاظ‭ ‬الصراع‭ ‬وصيرورة‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬القتل،‭ ‬وبالخصوص‭ (‬عالم‭ ‬جريمة‭ ‬القتل‭). ‬ويتمثل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬السرد‭ ‬الروائي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬تميز‭ ‬البعد‭ ‬الخيالي‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬شخوص‭ ‬الأحداث‭ ‬الرئيسية‭ ‬وإبرازها‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬العمل‭ ‬الإنمائي‭ ‬للصراع‭ ‬الدائر‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬أدب‭ ‬الجريمة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬وليد‭ ‬صدفة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬وليد‭ ‬واقع‭ ‬سنوات‭ ‬عمر‭ ‬وجود‭ ‬الأرض‭ ‬والبشر‭ ‬والذي‭ ‬بدأ‭ ‬بقول‭ ‬الباري‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬المائدة‭ ‬الآية‭ ‬31‭ ‬‮«‬فَبَعَثَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬غُرَابًا‭ ‬يَبْحَثُ‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬لِيُرِيَهُ‭ ‬كَيْفَ‭ ‬يُوَارِي‭ ‬سَوْءَةَ‭ ‬أَخِيهِ‭ ‬قَالَ‭ ‬يَا‭ ‬وَيْلَتَا‭ ‬أَعَجَزْتُ‭ ‬أَنْ‭ ‬أَكُونَ‭ ‬مِثْلَ‭ ‬هَذَا‭ ‬الْغُرَابِ‭ ‬فَأُوَارِيَ‭ ‬سَوْءَةَ‭ ‬أَخِي‭ ‬فَأَصْبَحَ‭ ‬مِنَ‮»‬‭ ‬والإشارة‭ ‬للبعد‭ ‬التاريخي‭ ‬والديني‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الدقة‭ ‬لواقع‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬دوقة‭ ‬قلالي‭ ‬إنما‭ ‬أردتُ‭ ‬منه‭ ‬الإشارة‭ ‬لفعل‭ ‬واقع‭ ‬الجريمة،‭ ‬باختلاف‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭.‬

وتاريخ‭ ‬أدب‭ ‬الجريمة‭ ‬حوته‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬وبالخصوص‭ ‬ما‭ ‬حوته‭ ‬سيرة‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭ (‬الليالي‭ ‬العربية‭) ‬وهي‭ ‬أقدم‭ ‬السرديات‭ ‬كأمثلة‭ ‬جوهرية‭ ‬عن‭ ‬أدب‭ ‬الجريمة‭.‬

استطاع‭ ‬وليد‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬لنا‭ ‬تسلسل‭ ‬زمني‭ ‬لواقع‭ ‬أحداث‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬روايته،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬الحلم‭ ‬حتى‭ ‬اشتعال‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬في‭ ‬جذوة‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب،‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬والأوربي‭.‬

الصورة‭ ‬جلية‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭ ‬عندما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأحلام‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬بطلة‭ ‬الرواية‭ ‬ليلى‭ ‬والجدة‭ ‬وعذيجة‭ ‬صديقة‭ ‬العائلة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وميرا‭ ‬المدللة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭. ‬ومع‭ ‬متابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬تبدأ‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬لنقرأ‭ ‬عبرها‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬تتناغم‭ ‬عبرها‭ ‬سرديات‭ ‬العمل‭ ‬الروائي،‭ ‬وتكون‭ ‬أحداث‭ ‬الجريمة‭ ‬واقع‭ ‬ملموس‭ ‬والمجرم‭ ‬في‭ ‬طيات‭ ‬الأحداث‭ ‬رسالة‭ ‬تبوء‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬بالفعل‭ ‬لدى‭ ‬أكثر‭ ‬الناس‭ ‬اقتراباً‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬ليلى‭ ‬دوقة‭ ‬قلالي‭ ‬وميرا‭ ‬المددلة‭.‬

ولو‭ ‬بعدنا‭ ‬قليل‭ ‬عن‭ ‬أحداث‭ ‬رواية‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭ ‬واقتربنا‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬المعاصر‭ ‬للجريمة‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬مبدعيها‭ ‬المعاصرين‭ ‬لنقف‭ ‬على‭ ‬أقدم‭ ‬روايات‭ ‬الجريمة‭ ‬الحديثة‭ ‬المعروفة‭ ‬هي‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬مادموزيل‭ ‬دي‭ ‬سكوديري‭ ‬1819‭ ‬للكاتب‭ ‬إرنست‭ ‬هوفمان‭. ‬وهناك‭ ‬أيضًا‭ ‬رواية‭ ‬المجهول‭ ‬ريشموند‭ ‬أو‭ ‬قصص‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬ضابط‭ ‬شارع‭ ‬بو‭ (‬1827‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬أيضًا‭ ‬هناك‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬الكاملة‭ ‬للمؤلف‭ ‬الدنماركي‭ ‬ستين‭ ‬ستينسين‭ ‬بليشر‭ ‬وهي‭ ‬عميد‭ ‬فيلبي،‭ ‬التي‭ ‬نُشرت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1829‮»‬‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬الروائي‭ ‬لواقع‭ ‬الجريمة‭ ‬قد‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭ ‬اقترب‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬الروائية‭ ‬اجاثا‭ ‬كرستي‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬الروائية‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الذهبي‭ ‬للروايات‭ ‬البوليسية‭ ‬كونها‭ ‬لقبة‭ ‬بملكة‭ ‬الجريمة‭.‬

في‭ ‬تمكن‭ ‬وليد‭ ‬إدخالنا‭ ‬تلك‭ ‬اللعبة‭ ‬الدامية،‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬الحلم‭ ‬حتى‭ ‬واقع‭ ‬الحدث،‭ ‬وإن‭ ‬اختلف‭ ‬البعد،‭ ‬ففي‭ ‬الحكاية‭ ‬مصل‭ ‬واقع‭ ‬الزمن‭ ‬الذي‭ ‬يهز‭ ‬بهودج‭ ‬نياق‭ ‬المسافرين‭ ‬التائهين‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬التعب،‭ ‬والشمس‭ ‬الحارقة‭.‬

ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موفقا‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭:‬

يمتلك‭ ‬وليد‭ ‬هاشم‭ ‬كروائي‭ ‬وقاص‭ ‬خيال‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬سردياته‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬متمكن‭ ‬من‭ ‬لغته‭ ‬تمكناً‭ ‬عالياً‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أعماله‭ ‬التي‭ ‬وظف‭ ‬فيها‭ ‬السرد‭ ‬بلغة‭ ‬عربية‭ ‬سليمة‭ ‬وجميلة‭ ‬يقود‭ ‬زمام‭ ‬نياطها‭ ‬امتلاكه‭ ‬لثقافة‭ ‬عالية‭.‬

‭ ‬وما‭ ‬لفت‭ ‬نظري‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬ليلى‭ ‬دوقة‭ ‬قلالي‭ ‬عدم‭ ‬توظيفه‭ ‬للغة‭ ‬الأم‭ ‬الفصحى‭ ‬بشكل‭ ‬تام،‭ ‬معتمداً‭ ‬اللهجة‭ ‬العامية‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬أبطاله‭ ‬ما‭ ‬أربك‭ ‬العمل‭ ‬بحسب‭ ‬وجهة‭ ‬نظري،‭ ‬لأن‭ ‬بعض‭ ‬اللهجات‭ ‬ثقيلة‭ ‬عبر‭ ‬توظيفا‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الروائية‭ ‬التي‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬متكامل‭ ‬البصيرة،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬التوظيف‭ ‬عيباً‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬السردي‭ ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬المشحونة‭ ‬بالدراما‭ ‬وسرعة‭ ‬الأحداث‭ ‬وصراع‭ ‬الشخوص‭ ‬وتنوع‭ ‬الأمكنة‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬الأم‭ ‬الفصحى‭ ‬تضيف‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬جمالا‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬وتترك‭ ‬للقارئ‭ ‬العربي‭ ‬سعة‭ ‬وسلامة‭ ‬القراءة،‭ ‬فأرى‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬الموحدة‭ ‬للحدث‭ ‬لكل‭ ‬أبطال‭ ‬الرواية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مدروسة‭ ‬وذات‭ ‬صلة‭ ‬واحدة‭ ‬دون‭ ‬تنوع‭ ‬درجات‭ ‬الصعود‭ ‬والنزول‭. ‬

أخيراً‭ ‬أؤكد‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬جميلة‭ ‬ومتماسكة‭ ‬في‭ ‬سرديات‭ ‬ليلى‭ ‬دوقة‭ ‬قلالي،‭ ‬وكعادة‭ ‬وليد‭ ‬لا‭ ‬يتركنا‭ ‬حتى‭ ‬يحرك‭ ‬ما‭ ‬بداخلنا‭ ‬من‭ ‬وجع‭ ‬أو‭ ‬فرح‭ ‬نحن‭ ‬نرفع‭ ‬له‭ ‬القبعة‭ ‬ولن‭ ‬نصرخ‭ ‬أو‭ ‬نستغيث‭ ‬في‭ ‬أتون‭ ‬هوس‭ ‬جنون‭ ‬جمر‭ ‬المعركة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا