العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

البيان الحكومي والمسؤولية الوطنية

لابد‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التأمل‭ ‬والتقدير‭ ‬أمام‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬ألقاه‭ ‬وزير‭ ‬شؤون‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬غانم‭ ‬بن‭ ‬فضل‭ ‬البوعينين‭ ‬باسم‭ ‬الحكومة‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬جلسته‭ ‬الأخيرة‭.‬

هذا‭ ‬البيان‭ ‬يضع‭ ‬النقاط‭ ‬فوق‭ ‬الحروف‭ ‬ويغلق‭ ‬باب‭ ‬الجدل‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬الجدل‭ ‬فيها‭ ‬أصلا‭. ‬وأهم‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬أنه‭ ‬ينبه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تقتضيه‭ ‬مصلحة‭ ‬البحرين‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬وطنية‭.‬

كما‭ ‬نعلم‭ ‬البيان‭ ‬جاء‭ ‬تعليقا‭ ‬على‭ ‬تصريحات‭ ‬ومطالب‭ ‬أطلقها‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬أثناء‭ ‬جلسة‭ ‬سابقة‭ ‬للمجلس‭ ‬حول‭ ‬‮«‬سجناء‭ ‬الرأي‮»‬‭ ‬و«تبييض‭ ‬السجون‮»‬‭ ‬و«عودة‭ ‬المهجرين‮»‬‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭.‬

البيان‭ ‬أكد‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بديهية‭ ‬يعلمها‭ ‬الكل‭ ‬هي‭ ‬باختصار‭ ‬شديد‭:‬

1‭ - ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬التشريعي‭ ‬البحريني‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ«جريمة‭ ‬الرأي‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬مكفولة‭ ‬دستوريا‭ ‬وقانونيا‭.‬

2‭ - ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬‮«‬سجناء‭ ‬رأي‮»‬‭ ‬والقول‭ ‬بهذا‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬المبادئ‭ ‬الوطنية‭.‬

3‭ - ‬انه‭ ‬ليس‭ ‬مقبولا‭ ‬أبدا‭ ‬اعتبار‭ ‬مرتكبي‭ ‬جرائم‭ ‬العنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬والتخابر‭ ‬ومحاولة‭ ‬قلب‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬بأنهم‭ ‬سجناء‭ ‬رأي‭.‬

4‭ - ‬ان‭ ‬من‭ ‬يرددون‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬ويرفعون‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬ينتهكون‭ ‬مبدأ‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬ومبدأ‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات،‭ ‬ويتطاولون‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬المستقل‭.‬

5‭ - ‬ان‭ ‬الذين‭ ‬فروا‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬العدالة‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬ارتكبوها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وصفهم‭ ‬بالمبعدين‭ ‬أو‭ ‬المهجرين‭.‬

تذكير‭ ‬البيان‭ ‬الحكومي‭ ‬بهذه‭ ‬الحقائق‭ ‬الوطنية‭ ‬والدستورية‭ ‬والقانونية‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬أساسي‭ ‬منه‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬تنبيه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬به‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬النواب،‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬وطنية‭ ‬تحتمها‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭.‬

قمة‭ ‬عدم‭ ‬الإحساس‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬الوطنية‭ ‬ومن‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬أن‭ ‬يعطي‭ ‬أحد،‭ ‬أي‭ ‬أحد،‭ ‬مبررا‭ ‬أو‭ ‬ذريعة‭ ‬أو‭ ‬عذرا‭ ‬لجرائم‭ ‬كبرى‭ ‬ارتكبت‭ ‬بحق‭ ‬الوطن‭. ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬أي‭ ‬جرائم‭ ‬عادية‭. ‬هي‭ ‬جرائم‭ ‬عنف‭ ‬وإرهاب‭ ‬وتخريب‭ ‬ومحاولة‭ ‬قلب‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬وتخابر‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬وقوى‭ ‬أجنبية‭.‬

نفهم‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬هذا‭ ‬قوى‭ ‬ومنظمات‭ ‬أجنبية‭ ‬معادية‭ ‬للبحرين‭ ‬وتتآمر‭ ‬عليها‭ ‬وتتبنى‭ ‬أجندات‭ ‬مشبوهة‭ ‬تستهدف‭ ‬البلاد،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬أو‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬ليردد‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬ويتبنى‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭.‬

ترديد‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬ورفع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬يقدم‭ ‬للعالم‭ ‬صورة‭ ‬خاطئة‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬والأوضاع‭ ‬الدستورية‭ ‬والحقوقية‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الواقع،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬الظالمة‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬جهات‭ ‬وقوى‭ ‬خارجية‭ ‬مشبوهة‭ ‬على‭ ‬البلاد‭.‬

والأخطر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬مواقف‭ ‬البعض‭ ‬ومطالباته‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬وبهذه‭ ‬التعبيرات‭ ‬يعني‭ ‬مباشرة‭ ‬تشجيعا‭ ‬للقوى‭ ‬المخربة‭ ‬والمتآمرة‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬معاودة‭ ‬ارتكاب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬معتقدة‭ ‬أن‭ ‬وراءها‭ ‬سندا‭ ‬نيابيا‭ ‬أو‭ ‬سياسيا‭ ‬أو‭ ‬مجتمعيا‭.‬

وعلى‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬بمناسبة‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬وما‭ ‬ورد‭ ‬بالبيان‭ ‬الحكومي،‭ ‬نرى‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التنبيه‭ ‬إلى‭ ‬جوانب‭ ‬اساسية‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الكل‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

أولا‭: ‬البحرين‭ ‬مرت‭ ‬بتجربة‭ ‬مريرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬بمحاولة‭ ‬الانقلاب‭ ‬الطائفي‭ ‬الغادرة‭. ‬وقد‭ ‬تجاوزت‭ ‬البحرين‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬بحكمة‭ ‬قيادتها‭ ‬ورشدها‭ ‬وبتكاتف‭ ‬الشعب‭.‬

من‭ ‬الخطأ‭ ‬الوطني‭ ‬الجسيم‭ ‬نسيان‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬أو‭ ‬التهوين‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬غض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الدروس‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعلمها‭ ‬الكل‭ ‬مما‭ ‬جرى‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬نسيان‭ ‬دروس‭ ‬التجربة‭ ‬خطأ‭ ‬وطني‭ ‬جسيم،‭ ‬فإنها‭ ‬جريمة‭ ‬كبرى‭ ‬أن‭ ‬يحاول‭ ‬البعض‭ ‬إضفاء‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬إعادة‭ ‬خطابها‭ ‬التخريبي‭ ‬بأثر‭ ‬رجعي‭.‬

ثانيا‭: ‬ان‭ ‬الأوضاع‭ ‬والتطورات‭ ‬والظروف‭ ‬الحالية‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬المنطقة‭ ‬تحتم‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬وطني‭ ‬مسؤول‭ ‬من‭ ‬الكل‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬وقت‭ ‬المزايدات‭ ‬ولا‭ ‬وقت‭ ‬التطرف‭ ‬في‭ ‬المطالب‭.‬

الظروف‭ ‬الحالية‭ ‬بأبعادها‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬يعلمها‭ ‬الكل‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬أولوية‭ ‬كبرى‭ ‬لا‭ ‬تسبقها‭ ‬أي‭ ‬أولوية‭ ‬أخرى‭.‬

وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬مسؤولية‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وليس‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدولة‭ ‬وحدها‭.‬

ثالثا‭: ‬ان‭ ‬أبواب‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتغيير‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬يوما‭ ‬مغلقة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

منذ‭ ‬أن‭ ‬أطلق‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬الكبير‭ ‬وجلالته‭ ‬يؤكد‭ ‬دوما‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬مفتوح‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬اصلاح‭ ‬وتغيير‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬محصلة‭ ‬للتوافق‭ ‬الوطني‭.‬

وليس‭ ‬مقبولا‭ ‬تحت‭ ‬دعوى‭ ‬أو‭ ‬ذريعة‭ ‬الإصلاح‭ ‬طرح‭ ‬مطالب‭ ‬ورفع‭ ‬شعارات‭ ‬تناقض‭ ‬الثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬ودستور‭ ‬وقوانين‭ ‬البلاد،‭ ‬وتثير‭ ‬البلبلة‭ ‬والفوضى‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا