عزيزي القلق كم كنتُ أرغبُ في أنْ أتخلّصَ منكَ قبل أن تنهشَ ما تبقّى من رأسي، قبل فواتِ أواني،
في تلك السّاعة المتأخّرة وددتُ لو ألقاكَ ولكنّي كنتُ خائفةً من مواجهة جبروتِكَ، جهّزتُ أفكاري وعزمتُ على الاطمئنان، أيقظتُه من غيبوبتِه الّتي أثقلتْ عمُري وأتلفَتْ الكثيرَ من اللّحظاتِ الهانئة، غزتْ نومي واحتلّت قيلولتي.
المهمّ يا حضرةَ الزّائر الغامض، وضعتُ ساعتي أمامي أراقبُ الوقتَ علّني ألتقي بك لنتفاوضَ، علّني أحظَى ولو بدقيقةِ نقاشٍ معك.
يا لخيبتي البائسة وجدتُكَ غائبًا حاضِرًا، صامتًا متعجرِفًا، لم تأتِ حينَها ولم تلتزمْ بموعدِك مع أنّكَ لم تعطِني أيّ موعد، لم أنمْ طوالَ تلك اللّيلةِ، كنتُ أسمعُ دويّ أفكارٍ، أسمعُ همساتٍ وهمهماتٍ تُثيرُ استيائي وسخطي، وضعتُ رأسي بين راحتيّ، حاولتُ أنْ أُغمِضَ عينيّ ولكنّي لم أستطِعْ، رأيتُكَ طيفًا خلفَ دخانِ الاضطرابِ يقفُ في زاويةِ أيّامي ويحدّقّ بي وكأنّني شبحٌ ماكثٌ أمامَهّ، رأيتُكَ بحرًا وغرقتُ بين تلاطُمِ أمواجِكَ، رأيتُكَ خيالًا تتبّعُ خطواتي وأقداري،
أرجوكَ كفَّ عن ملاحقتي فأنتَ مازلتَ تنهشُ بي وتقيّدُني حتّى تخورَ قِواي.
عزيزي القلق
دعنا نتقاسمُ العمرَ
أنا آخذ اللّيلَ وأنتَ تأخذُ النّهارَ،
أنا آخذ الظّلامَ وأنتَ تكتفي بالضّوءِ،
لقد انتصفَ اللّيلُ وآنَ لكَ أنْ تختبِئَ، أن تتبخّرَ مع دخانِ السّوادِ وإن أردتَ أنْ تأخذَ سنيني الماضية فهي لك ولكن دعني وشأني.
{ كاتبة من سوريا
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك