العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

الكويت: حلّ البرلمان لإنقاذ البلاد!

{‭ ‬حين‭ ‬تتحوّل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬تأزيم‭ ‬وإعاقة‭ ‬للتنمية،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عامل‭ ‬تطوير‭ ‬ونضج‭ ‬سياسي‭ ‬وتغليب‭ ‬لمصالح‭ ‬الدولة‭ ‬والوطن‭ ‬والشعب‭ ‬حينها‭ ‬تكون‭ ‬تلك‭ ‬الديمقراطية‭ ‬‮«‬عامل‭ ‬تدمير‮»‬‭ ‬يتم‭ ‬استغلالها‭ ‬بشكل‭ ‬يسيئ‭ ‬للوطن‭ ‬إساءة‭ ‬بالغة‭ ‬ويعطل‭ ‬المصالح‭ ‬الحقيقية‭ ‬للشعب،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬الممارسات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭! ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬مشعل‭ ‬الأحمد‮»‬‭ ‬يعلن‭ ‬مساء‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي‭ ‬10‭ ‬مايو‭ (‬حلّ‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭) ‬لتلافي‭ ‬الانعكاسات‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬العام‭ ‬للكويت‭! ‬وحيث‭ ‬أكد‭ ‬الأمير‭ (‬صفة‭ ‬التمادي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القبول‭ ‬بها،‭ ‬وزيادة‭ ‬المصاعب‭ ‬والعراقيل‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬صلاحيات‭ ‬حاكم‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬‮«‬ولي‭ ‬العهد‮»‬،‭ ‬وحيث‭ ‬كان‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬يظهرون‭ ‬سلوكيات‭ ‬وتصرفات‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬الدستور،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التفريط‭ ‬بمصادر‭ ‬الثروة‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬استخدامها‭ ‬للاستنزاف‭ ‬مما‭ ‬يستدعي‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬حلّ‭ ‬البرلمان‭ ‬إنقاذًا‭ ‬للبلاد‭)!‬

{‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وغيره‭ ‬جاء‭ ‬في‭ (‬الخطاب‭ ‬الصريح‭) ‬للأمير‭ ‬‮«‬مشعل‭ ‬الأحمد‮»‬‭ ‬أمير‭ ‬الكويت،‭ ‬وهو‭ ‬يراقب‭ ‬اضطراب‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي،‭ ‬حتى‭ ‬تحولت‭ ‬مؤسسات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬إلى‭ ‬مسرح‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬النواب‭! ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬ورجال‭ ‬الحكم‭ ‬والمساس‭ ‬بهيبتهم،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬وهو‭ ‬يُلقي‭ ‬بيان‭ ‬حلّ‭ ‬البرلمان‭! ‬معلنًا‭ ‬ضبط‭ ‬من‭ ‬أُدين‭ ‬بالخيانة‭ ‬واستغلال‭ ‬البرلمان‭ ‬والديمقراطية‭ ‬لأهداف‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬تدمير‭ ‬الوطن‭! ‬مؤكدًا‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ (‬لا‭ ‬أحد‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭) ‬ومن‭ ‬نال‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬فسينال‭ ‬عقابه‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬موقعه‭ ‬أو‭ ‬صفته‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬الأميري‭ ‬المفعم‭ ‬بالأسى‭ ‬والقلق‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لضرب‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تغلغل‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬مرافق‭ ‬الدولة‭ ‬وحتى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬الأمير‭! ‬ليجعل‭ ‬الوقوف‭ ‬أمام‭ ‬إشكالية‭ ‬تعطيل‭ ‬البلاد‭ ‬تنمويا‭ ‬واقتصاديًا،‭ ‬بما‭ ‬استدعى‭ ‬استياء‭ ‬حاكم‭ ‬البلاد‭ ‬والاستياء‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬البرلمان‭ ‬والبرلمانيين‭! ‬ليفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬أسئلة‭ ‬إشكالية‭ ‬كبرى‭ ‬حول‭ ‬قيمة‭ ‬وأهمية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬وحدها‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬أخرى،‭ ‬خاصة‭ ‬حين‭ ‬تكون‭ ‬بوابة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬التأزيم‭ ‬وصناعة‭ ‬الأزمات،‭ ‬وفتح‭ ‬الساحة‭ ‬لأصوات‭ ‬ترتهن‭ ‬في‭ ‬أهدافها‭ ‬وغاياتها‭ ‬لتوجهات‭ ‬غير‭ ‬وطنية‭! ‬وبما‭ ‬يجعل‭ ‬الفشل‭ ‬ملاحقًا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الدورات‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬عبر‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الممارسة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬التي‭ ‬وضع‭ ‬‮«‬النواب‮»‬‭ ‬أنفسهم‭ ‬كالعربة‭ ‬أمام‭ ‬الحصان‭! ‬لتتراكم‭ ‬المشاكل‭ ‬وسط‭ ‬ضجيج‭ ‬الصراخ‭ ‬غير‭ ‬المجدي،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التفكير‭ ‬السياسي‭ ‬والوطني‭ ‬الناضج،‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬إخراج‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬أزماتها،‭ ‬فيتحول‭ ‬بذلك‭ ‬البرلمان‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬مشكلة‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬مؤسسات‭ ‬الحكم‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬الأخرى،‭ ‬تمتاز‭ ‬بخصوصيتها‭ ‬وحيث‭ ‬العامل‭ ‬الأساس‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬ضمان‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬عالمي‭ ‬يمتاز‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬بعوامل‭ ‬التوتر‭ ‬والصراع‭ ‬والحروب‭ ‬والأطماع‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭! ‬ولعل‭ ‬استغلال‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لغير‭ ‬أهدافها‭ ‬الوطنية،‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬المؤلمة‭ ‬التي‭ ‬مرّت‭ ‬بها‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬2011‭ ‬وما‭ ‬أعقبها‭! ‬حتى‭ ‬كادت‭ ‬البلاد‭ ‬أن‭ ‬تضيع‭ ‬تمامًا،‭ ‬وحتى‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬أطر‭ ‬هويتها‭ ‬وانتمائها‭ ‬العربي‭! ‬لولا‭ ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬لها‭ ‬وحنكة‭ ‬الدولة‭ ‬وتدخل‭ ‬درع‭ ‬الجزيرة،‭ ‬لإعادة‭ ‬البوصلة‭ ‬إلى‭ ‬مكانها‭! ‬والكويت‭ ‬وطوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬شهدت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاستهدافات‭ ‬الأمنية‭ ‬والخيانات‭ ‬لصالح‭ ‬دولة‭ ‬إقليمية‭ ‬توسعية،‭ ‬وضبط‭ ‬خلايا‭ ‬إرهابية‭ ‬منها‭ ‬‮«‬خلية‭ ‬العبدلي‮»‬‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬يوجب‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأحداث‭ ‬والاستهداف،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬بيان‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الصريح،‭ ‬أن‭ ‬البرلمانيين‭ ‬أغلبهم‭ ‬أو‭ ‬بعضهم‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬المسؤولية‭! ‬

وإنما‭ ‬عرضوا‭ ‬بدورهم‭ ‬بلدهم‭ ‬لمخاطر‭ ‬داخلية‭ ‬وخارجية،‭ ‬وتمادوا‭ ‬في‭ ‬الفساد‭ ‬والاستهتار‭ ‬بهيبة‭ ‬الأمن‭ ‬والدولة‭! ‬فأصبحوا‭ ‬هم‭ ‬أكبر‭ ‬مشكلة‭! ‬وعامل‭ ‬تأزيم‭ ‬وتعطيل‭ ‬للمصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬والتنموية،‭ ‬وبما‭ ‬استوجب‭ ‬حّل‭ ‬‮«‬البرلمان‮»‬‭ ‬لإنقاذ‭ ‬البلاد‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬النضج‭ ‬الديموقراطي‭ ‬وحده‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتطلع‭ ‬إليه‭ ‬أي‭ ‬شعب،‭ ‬يريد‭ ‬ممارسة‭ ‬النموذج‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬على‭ ‬مقاس‭ ‬القيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الغربية‭! ‬من‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬النضج‭ ‬يتحوّل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬بحث‭ ‬عن‭ ‬الوجاهة‭ ‬والمصالح‭ ‬الشخصية،‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يدخل‭ ‬البرلمان‭ ‬وينقصه‭ ‬الوعي‭ ‬السياسي‭ ‬والوعي‭ ‬الوطني،‭ ‬والإلمام‭ ‬بالتحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬حتى‭ ‬اعتبر‭ ‬البعض‭ ‬نفسه،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬فوق‭ ‬القانون،‭ ‬وفوق‭ ‬المساءلة‭ ‬وفوق‭ ‬المحاسبة‭!‬

{‭ ‬شعوب‭ ‬الخليج‭ ‬بهمّها‭ ‬كما‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬وكل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬تحقيق‭ ‬طموحاتها‭ ‬وتطلعاتها‭ ‬المعيشية‭ ‬التنموية‭ ‬والمشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬البناءة،‭ ‬وليس‭ ‬البرلمان‭ ‬كغاية‭ ‬خاصة‭ ‬حين‭ ‬يتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬تأزيم‭ ‬وتعطيل‭! ‬حينها‭ ‬لا‭ ‬يهمها‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬ويستمر‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬البرلمان‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تتمنى‭ ‬زواله،‭ ‬بسبب‭ ‬الأداء‭ ‬البرلماني‭ ‬الفاشل‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ ‬الغايات‭ ‬الشعبية‭ ‬والغايات‭ ‬الوطنية،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬البلاد،‭ ‬كعامل‭ ‬أساس‭ ‬لاستمرار‭ ‬النهضة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭!‬

ولقد‭ ‬أثبتت‭ ‬أنماط‭ ‬الحكم‭ ‬الملكية‭ ‬كمثال‭ ‬أنها‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارًا‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬احتواء‭ ‬الأزمات‭ ‬من‭ ‬الأنماط‭ ‬الجمهورية،‭ ‬التي‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬تعرضها‭ ‬أساليب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الفاشلة‭ ‬إلى‭ ‬الاهتزاز،‭ ‬خاصة‭ ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬ممثلو‭ ‬تلك‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالنضج‭ ‬أو‭ ‬الوعي‭ ‬الوطني‭ ‬والوعي‭ ‬السياسي‭!‬

حفظ‭ ‬الله‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شرّ‭ ‬وحفظ‭ ‬كل‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬والعرب‭ ‬من‭ ‬الاستهدافات‭ ‬الشريرة‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خارجها‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬داخلها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا