العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

العام الثالث للحرب الروسية – الأوكرانية

بقلم: د. أشرف محمد كشك {

الخميس ١٦ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

منذ‭ ‬فبراير‭ ‬2024‭ ‬دخلت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬‭ ‬الأوكرانية‭ ‬عامها‭ ‬الثالث‭ ‬بلا‭ ‬منتصر‭ ‬ولا‭ ‬مهزوم،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬معروفاً‭ ‬أسباب‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬وتطوراتها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إطالة‭ ‬أمدها‭ ‬يستدعي‭ ‬الوقوف‭ ‬أمام‭ ‬أسبابها‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬والأمن‭ ‬العالمي‭ ‬بل‭ ‬والشرق‭ ‬أوسطيا‭.‬

وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬تعد‭ ‬نموذجاً‭ ‬واضحاً‭ ‬لتغير‭ ‬المفاهيم‭ ‬التقليدية‭ ‬للحروب‭ ‬والأفكار‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مثار‭ ‬اهتمام‭ ‬نظريات‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬خلت،‭ ‬فوفقاً‭ ‬للمفاهيم‭ ‬التقليدية‭ ‬وبمنطق‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬العسكري‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬للمقارنة‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬والجيش‭ ‬الروسي‭ ‬الذي‭ ‬يصنف‭ ‬كثاني‭ ‬أكبر‭ ‬جيوش‭ ‬العالم‭ ‬بعدد‭ ‬جنود‭ ‬يبلغ‭ ‬مليونا‭ ‬و300‭ ‬ألف‭ ‬جندي،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬التفوق‭ ‬النووي‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬الناتو،‭ ‬فلدى‭ ‬روسيا‭ ‬6255‭ ‬رأسا‭ ‬نوويا‭ ‬مقابل‭ ‬6065‭ ‬رأسا‭ ‬نوويا‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬النووية‭ ‬الثلاث‭ ‬في‭ ‬الناتو‭ ‬مجتمعة‭ ‬وهي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وفرنسا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬صدور‭ ‬تقارير‭ ‬تؤكد‭ ‬قدرة‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬بنفس‭ ‬الوتيرة‭ ‬الحالية‭ ‬مدة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬ميزانيتها‭ ‬الدفاعية‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬60%،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تتفوق‭ ‬جيوش‭ ‬سبع‭ ‬دول‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الناتو‭ ‬الـ32‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬بالطبع‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي،‭ ‬ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬أكدت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬التبسيط‭ ‬تطبيق‭ ‬نظرية‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬على‭ ‬مضامينها‭ ‬ومساراتها،‭ ‬فقد‭ ‬لعب‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭  ‬فيها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توظيف‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬‮«‬الدرونز‮»‬‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬إمداد‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬بالأسلحة،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬نية‭ ‬أحدها‭ ‬مهاجمة‭ ‬الآخر‭ ‬عسكرياً‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬فإن‭ ‬الحقائق‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬تؤكد‭ ‬وبما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالاً‭ ‬للشك‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬محتدمة‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬خطط‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬الطرفين‭ ‬الدفاعية،‭ ‬ففي‭ ‬تصريح‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬قالت‭ ‬ماريا‭ ‬زاخاروفا‭ ‬المتحدثة‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسية‭: ‬‮«‬إن‭ ‬التدريبات‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬يجريها‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬قرب‭ ‬حدود‭ ‬روسيا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحلف‭ ‬يستعد‭ ‬لصراع‭ ‬محتمل‭ ‬معها‮»‬،‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الناتو‭ ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬يناير‭ ‬2024‭ ‬تدريبات‭ ‬تضم‭ ‬90‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬تستهدف‭ ‬كيفية‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬للحلفاء‭ ‬الأوروبيين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المتاخمة‭ ‬لروسيا‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الشرقي‭ ‬للحلف‭ ‬حال‭ ‬اندلاع‭ ‬صراع‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬قال‭ ‬روب‭ ‬باور‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭: ‬‮«‬يتعين‭ ‬علينا‭ ‬الاستعداد‭ ‬للنزاع‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬وأن‭ ‬نكون‭ ‬مستعدين‭ ‬لكل‭ ‬شيء‮»‬‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬يسمح‭ ‬لنا‭ ‬بتدريب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‮»‬،‭ ‬ويعني‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬نفي‭ ‬الطرفين‭ ‬نية‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬المباشرة‭ ‬‭ ‬وهو‭ ‬برأيي‭ ‬أمر‭ ‬لايزال‭ ‬مستبعداً‭ ‬‭ ‬فإن‭ ‬المؤشرات‭ ‬تعكس‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬وساق‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬بشكل‭ ‬احترازي‭ ‬تحسباً‭ ‬لأي‭ ‬تطورات‭ ‬طارئة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬أثرتها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬كتاباتي‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إصرارا‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬المعادلة‭ ‬الصفرية‮»‬‭ ‬في‭ ‬نظريات‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬المكاسب‭ ‬الكاملة‭ ‬لطرف‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬خسائر‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭ ‬وهذه‭ ‬حالة‭ ‬نادرة‭ ‬الحدوث‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬أشرت‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬سابق‭ ‬بشأن‭ ‬تأثير‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬والتي‭ ‬أتاحت‭ ‬حتى‭ ‬للجماعات‭ ‬دون‭ ‬الدول‭ ‬الدخول‭ ‬وبقوة‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬التفاعلات‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬الصراعات‭ ‬ومنها‭ ‬حالة‭ ‬الحوثيين‭ ‬وتهديد‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬ومضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مصالح‭ ‬الناتو‭ ‬التوسعية‭ ‬ومعضلة‭ ‬روسيا‭ ‬الأمنية‭ ‬فإن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬سبيلها‭ ‬نحو‭ ‬الاستمرار‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المنظور‭.‬

ولعل‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬أثير‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يطرح‭ ‬ذاته‭ ‬هل‭ ‬سوف‭ ‬تؤثر‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬معادلة‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬بل‭ ‬والعالمي؟‭ ‬وواقع‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬الأثر‭ ‬الأول‭ ‬والمباشر‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬أعادت‭ ‬تأكيد‭ ‬حقيقة‭ ‬مهمة‭ ‬إنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬اعتماد‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭  ‬نشأته‭ ‬بغرض‭ ‬الدفاع‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬فإن‭ ‬أوروبا‭ ‬تشعر‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬الانكشاف‭ ‬الأمني‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬،‭ ‬فأمنها‭ ‬يظل‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بما‭ ‬يقرره‭ ‬الحلف‭ ‬بشأن‭ ‬زيادة‭ ‬أو‭ ‬خفض‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تهديدات‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بشأن‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬‭ ‬وهي‭ ‬برأيي‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬مفردات‭ ‬انتخابية‭  ‬محضة‭ ‬‭ ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬المهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬التي‭ ‬نجحت‭ ‬نسبياً‭ ‬في‭ ‬بدء‭ ‬الاستقلال‭ ‬التدريجي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بالأمر‭ ‬ذاته‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الدفاعي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تباين‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬دولها‭ ‬وخاصة‭ ‬الصغرى‭ ‬بشأن‭ ‬الاختيار‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬إطار‭ ‬أمني‭ ‬أوروبي‭ ‬جديد‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الناتو‭ ‬حيث‭ ‬تتداخل‭ ‬عضوية‭ ‬23‭ ‬دولة‭ ‬أوروبية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المنظمتين،‭ ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬ربما‭ ‬ترسم‭ ‬ملامح‭ ‬مشهد‭ ‬دولي‭ ‬يتضمن‭ ‬تقارباً‭ ‬روسياً‭ ‬‭ ‬صينياً‭ ‬كانت‭ ‬آخر‭ ‬مؤشراته‭ ‬زيارة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسي‭ ‬سيرجي‭ ‬لافروف‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2024‭ ‬ولقائه‭ ‬نظيره‭ ‬الصيني‭ ‬وانج‭ ‬ينج‭ ‬وهي‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تبد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ارتياحاً‭ ‬بشأنها‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬نائب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬رسم‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬آسيا‭.‬،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬التقارب‭ ‬لن‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬تحالف‭ ‬ولكنه‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬تناوئ‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وتضمها‭ ‬تجمعات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تجمع‭ ‬البريكس‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التجمع،‭ ‬وفي‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬سوف‭ ‬تترك‭ ‬آثاراً‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬والأمن‭ ‬العالمي‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التداخل‭ ‬الشديد‭ ‬بين‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬ونظيره‭ ‬العالمي،‭ ‬فإن‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬البعيدة‭ ‬جغرافياً‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬لم‭ ‬تنج‭ ‬من‭ ‬تداعياته‭ ‬لسبب‭ ‬مؤداه‭ ‬ارتباط‭ ‬أطرافها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬وثيق‭ ‬بشراكات‭ ‬سواء‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬كمنظمة،‭ ‬وقد‭ ‬انعكس‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬فللمرة‭ ‬الأولى‭ ‬تشير‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬الروسي‭ ‬المحدثة‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهدافها‭ ‬إيجاد‭ ‬نقاط‭ ‬ارتكاز‭ ‬لوجيستي‭ ‬لروسيا‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وهي‭ ‬المنطقة‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬تأسيس‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬حارس‭ ‬الازدهار‮»‬‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لحماية‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬من‭ ‬هجمات‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023،‭ ‬ولم‭ ‬يقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬حرص‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬شراكاتها‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السعي‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬تجمع‭ ‬البريكس‭ ‬أو‭ ‬قبول‭ ‬رعاية‭ ‬الصين‭ ‬لاتفاق‭ ‬استئناف‭ ‬العلاقات‭ ‬السعودية‭ ‬‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وإبرام‭ ‬شراكات‭ ‬استراتيجية‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬جميعها‭ ‬مؤشرات‭ ‬يتعين‭ ‬أن‭ ‬تؤخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭.‬

ولا‭ ‬يعني‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أنه‭ ‬صراع‭ ‬‮«‬حافة‭ ‬الهاوية‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬كل‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاتصال‭ ‬قائم‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬التفكير‭ ‬فيه‭ ‬هو‭ ‬تأثير‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬وتأثير‭ ‬الأزمات‭ ‬على‭ ‬مسارات‭ ‬الشراكات‭ ‬وأهمية‭ ‬بناء‭ ‬الأمن‭ ‬الذاتي‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإقليمية‭.‬

{‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا