العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

النهضة التعليمية في البحرين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة

بقلم: د. فاطمة ناصر {

السبت ١٨ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

لقد‭ ‬شارف‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬على‭ ‬الانتهاء،‭ ‬حامًلا‭ ‬معه‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬والامتنان‭ ‬للجهود‭ ‬التربوية‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬التربوية‭ ‬والتعليمية،‭ ‬التي‭ ‬اتسمت‭ ‬بالإخلاص‭ ‬والعطاء‭ ‬اللامحدود،‭ ‬والتي‭ ‬عملت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬وتحسين‭ ‬الممارسات‭ ‬التربوية،‭ ‬والارتقاء‭ ‬بمستوى‭ ‬أداء‭ ‬الطلبة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي،‭ ‬وهي‭ ‬فترة‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭ ‬وتقديم‭ ‬الامتحانات‭ ‬وإعلان‭ ‬النتائج‭ ‬النهائية‭.‬

ومن‭ ‬منطلق‭ ‬أهمية‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬إرجاء‭ ‬المعمورة،‭ ‬فقد‭ ‬حظي‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬باهتمامات‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬وبتوجيهات‭ ‬حكيمة‭ ‬من‭ ‬‮ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬رقم‭ (‬461‭) ‬لدعم‭ ‬وتطوير‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬اعتماد‭ ‬أسس‭ ‬وخطط‭ ‬انطلاقة‭ ‬النهضة‭ ‬التعليمية‭ ‬مؤشراتها‭ ‬ونتائجها‭ ‬نوعًا‭ ‬وكمًا،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬مواطن‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬اقتصاد‭ ‬المعرفة‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‮ ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬الوطنية‭.‬

وقد‭ ‬تترجم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تدشين‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬خطة‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬2023‭-‬2026‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬جمعة‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الخطة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للوزارة‭ ‬تأتي‭ ‬منسجمة‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬وأولويات‭ ‬برنامج‭ ‬الحكومة‭ ‬‮«‬من‭ ‬التعافي‭ ‬إلى‭ ‬النمو‭ ‬المستدام‮»‬،‭ ‬متضمنة‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬النهوض‭ ‬بمستوى‭ ‬خدمات‭ ‬الوزارة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وبخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتحسين‭ ‬أداء‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية،‭ ‬ومراجعة‭ ‬وتطوير‭ ‬المناهج‭ ‬وطرائق‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية،‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬تلبيتها‭ ‬للاحتياجات‭ ‬والمهارات‭ ‬المطلوبة،‭ ‬مع‭ ‬الارتقاء‭ ‬بكفاءة‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭.‬

إن‭ ‬النمو‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬مرهونة‭ ‬بفاعلية‭ ‬أنظمة‭ ‬التعليم،‭ ‬ومن‭ ‬يدرس‭ ‬تجربة‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬مثل‭ ‬سنغافورة‭ ‬وماليزيا‭ ‬وفنلندا‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬الفقيرة‭ ‬حققت‭ ‬نجاحًا‭ ‬باهرًا‭ ‬وتقدمت‭ ‬تقدمًا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬لأنها‭ ‬امتلكت‭ ‬نماذج‭ ‬تعليمية‭ ‬متفوقة،‭ ‬ووضعت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬والإجراءات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬اتباعها‭ ‬بهدف‭ ‬الانتقال‭ ‬بالطلبة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬أفضل،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬المعارف‭ ‬وتطبيقها؛‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الطلبة‭ ‬المعرفية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تحقيق‭ ‬سبل‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة،‭ ‬وتدريب‭ ‬المعلمين‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬الطلبة‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والبيئية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬مثل‭: ‬الديمقراطية،‭ ‬واحترام‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر،‭ ‬وبهذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬يمكننا‭ ‬إطلاق‭ ‬مفهوم‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭.‬

لذا‭ ‬فإن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬أولت‭ ‬جانب‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬خططها‭ ‬التنموية،‭ ‬ووضعت‭ ‬في‭ ‬ميزانيتها‭ ‬السنوية‭ ‬اهتمامًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬واعتبرته‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬اهتمامات‭ ‬وخطط‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للمملكة‭. ‬

وقد‭ ‬انعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬نهضة‭ ‬تنموية‭ ‬شاملة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬حيث‭ ‬تغطى‭ ‬خريطة‭ ‬المشروعات‭ ‬التنموية‭ ‬محافظات،‭ ‬ومناطق‭ ‬المملكة،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬بفضل‭ ‬توافر‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية،‭ ‬والرؤية‭ ‬الشاملة‭ ‬لما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عليه‭ ‬المملكة،‭ ‬وبما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬تاريخها‭ ‬وحضارتها،‭ ‬وإمكاناتها‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترجم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬عبر‭ ‬مسارات‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬والإرادة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬والتخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬السليم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المملكة‭ ‬نموذجا‭ ‬يحتذى‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬التنمية،‭ ‬والمشاريع‭ ‬الرائدة‭.‬

ولا‭ ‬يكاد‭ ‬يمر‭ ‬عام‭ ‬إلا‭ ‬وتشهد‭ ‬فيه‭ ‬المملكة‭ ‬مشروعات‭ ‬تنموية‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات،‭ ‬وفى‭ ‬كل‭ ‬المحافظات،‭ ‬سواء‭ ‬المشروعات‭ ‬الصحية‭ ‬أو‭ ‬التعليمية‭ ‬أو‭ ‬البنية‭ ‬الأساسية،‭ ‬والطرق‭ ‬والجسور،‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬المملكة‭ ‬وتهيئ‭ ‬البيئة‭ ‬لانطلاق‭ ‬عملية‭ ‬التنمية،‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الكهرباء،‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬توجهًا‭ ‬جديدًا‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية‭ ‬بواسطة‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭.‬

وكما‭ ‬نعرف‭ ‬فإن‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ (‬17‭ ‬هدفًا‭) ‬و‭(‬169‭ ‬غاية‭) ‬و‭(‬229‭ ‬مؤشرًا‭) ‬ويشمل‭ ‬هدف‭ ‬التعليم‭ ‬كعنصر‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الهدف‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬والمكون‭ ‬من‭ (‬7‭ ‬غايات‭) ‬و‭(‬3‭ ‬وسائل‭) ‬للتنفيذ،‭ ‬والذي‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬جودة‭ ‬2030‭. ‬ويعدُ‭ ‬عامًلا‭ ‬رئيسًا‭ ‬لتتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬جميع‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وذا‭ ‬تأثير‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الغايات‭ ‬ومنها‭: ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر،‭ ‬والصحة‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬والسلام‭ ‬والعدل‭ ‬والمؤسسات‭ ‬القوية،‭ ‬والعمل‭ ‬اللائق‭.‬

إذ‭ ‬إن‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬عمليات‭ ‬التنمية‭ ‬وأساس‭ ‬نجاحها،‭ ‬وباعتبار‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تنسيق‭ ‬إطار‭ ‬العمل‭ ‬الخاص‭ ‬بالتعليم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬2030،‭ ‬فقد أشارت‭ ‬إيرينا‭ ‬بوكوفا،‭ ‬المديرة‭ ‬العامة‭ ‬لليونسكو‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬نظرتنا‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يؤديه‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬العالمية‭ ‬تغيرًا‭ ‬جذريًا،‭ ‬فهو‭ ‬عامل‭ ‬يُحفز‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬رفاه‭ ‬الأفراد،‭ ‬وبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬كوكبنا‭ ‬الأرض‭. ‬وتمكن‭ ‬مسؤولية‭ ‬التعليم‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أيّ‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬في‭ ‬مواكبة‭ ‬تحديات‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬وتطلعاته‭ ‬وفي‭ ‬تعزيز‭ ‬القيم‭ ‬والمهارات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتحقيق‭ ‬النمو‭ ‬المستدام‭ ‬والشامل‭ ‬للجميع‭ ‬والتعايش‭ ‬السلمي‮»‬‭. ‬إنّ‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬هو‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬وتحقيق‭ ‬عنصر‭ ‬الاستمرارية،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬الجودة‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬وفهم‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬ومقوماتها‮»‬‭.‬

لذا‭ ‬فإنه‭ ‬حتى‭ ‬تتحقق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬يجب‭ ‬مراعاة‭ ‬المقومات‭ ‬الأساسية‭ ‬والإطار‭ ‬الثقافي‭ ‬والحضاري،‭ ‬والتعليم‭ ‬وفقًا‭ ‬لنموذج‭ ‬علمي‭ ‬معتمد‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬انتهجته‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التعليمية‭ ‬للمملكة،‭ ‬وكذلك‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬فلسفة‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬المستمر،‭ ‬والأخذ‭ ‬بضرورة‭ ‬مراعاة‭ ‬تطور‭ ‬حجم‭ ‬المؤسسة‭ ‬التعليمية‭ ‬وإمكانياتها،‭ ‬واستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬متطورة‭ ‬ودقيقة‭ ‬لتحليل‭ ‬المعلومات،‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬الطلبة‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬وتحمل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬واكتسابهم‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬مواقفهم‭ ‬لتولي‭ ‬أدوار‭ ‬قيادية‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والوطني،‭ ‬مما‭ ‬يُمَكّنهم‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬بشأن‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬حياتهم‭ ‬ومجتمعاتهم،‮ ‬‭ ‬وتحقيق‭ ‬مطلب‭ ‬التعلم‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭ ‬واستدامته،‭ ‬والتشجيع‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬ونوعيته‭ ‬ومتطلباته‭.‬

يجسد‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬أهم‭ ‬مراحل‭ ‬بناء‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبناء‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وبناء‭ ‬الأوطان،‭ ‬حيث‭ ‬يؤثر‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تزويده‭ ‬الأفراد‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والطلبة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بالمهارات‭ ‬اللازمة‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬مستقبًلا‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭. ‬كما‭ ‬يسهم‭ ‬بتزويد‭ ‬الأفراد‭ ‬بالمعلومات‭ ‬المهمة‭ ‬والمتخصصة،‭ ‬والتي‭ ‬توجههم‭ ‬وتساعدهم‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بدورهم‭ ‬في‭ ‬إنتاجات‭ ‬العمل‭ ‬وجودتها،‭ ‬وهو‭ ‬السبيل‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬واجتماعيًا‭ ‬وغيرها،‭ ‬ويمثل‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬لأي‭ ‬بلد،‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬ارتباط‭ ‬وثيق‭ ‬بعدة‭ ‬جوانب‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬والصحة‭ ‬والتجارة‭ ‬والصناعة‭.‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬يعمل‭ ‬ضمن‭ ‬مسارات‭ ‬متصلة‭ ‬مع‭ ‬أنظمة‭ ‬المجتمع‭ ‬ووفق‭ ‬استمرارية‭ ‬وتطوير‭ ‬لهذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬ضمن‭ ‬منظومة‭ ‬شاملة‭ ‬ومتكاملة،‭ ‬ورغمًا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬أبرزها‭: ‬صعوبة‭ ‬تفهم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬ومتطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكننا‭ ‬ربط‭ ‬التعليم‭ ‬بمختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والبيئية‭ ‬والثقافية،‭ ‬وهنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬المدروس‭ ‬والشامل‭ ‬لمستقبل‭ ‬التعليم‭ ‬ومواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التربوية‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التنوع‭ ‬في‭ ‬الأساليب‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬وتأهيل‭ ‬المعلمين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬متطلبات‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬الحكمة‭ ‬الصينية‭ ‬التي‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬الاستثمار‭ ‬لعام‭ ‬واحد‭ ‬فازرع‭ ‬الحنطة‭ ‬وإن‭ ‬أردت‭ ‬الاستثمار‭ ‬لعشر‭ ‬سنوات‭ ‬فازرع‭ ‬شجرة،‭ ‬ولكن‭ ‬إن‭ ‬أردت‭ ‬الاستثمار‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭ ‬فازرع‭ ‬في‭ ‬الناس»؛‭ ‬لذا‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يزداد‭ ‬تعقيدًا‭ ‬وترابطًا،‭ ‬يعد‭ ‬التعليم‭ ‬مفتاح‭ ‬النجاح‭ ‬الشخصي‭ ‬والمهني‭ ‬ومدى‭ ‬الحياة،‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬ارتباط‭ ‬وثيق‭ ‬بالتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وهي‭ ‬استثمار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬وللبشر،‭ ‬وينبغي‭ ‬‮ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التعليم‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير،‭ ‬وأن‭ ‬يتيح‭ ‬لنا‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مستنيرة‭ ‬وإجراءات‭ ‬فردية‭ ‬وجماعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬والعناية‭ ‬بكوكبنا‭.‬

لذا‭ ‬نرى‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬إجراء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬حول‭ ‬اقتصاديات‭ ‬التعليم،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬نحو‭ ‬التحول‭ ‬الجذري‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬التنموي‭ ‬التعليمي،‭ ‬الذي‭ ‬ركز‭ ‬اهتمامه‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬قدرات‭ ‬الإنسان‭ ‬واعتبار‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬محور‭ ‬التنمية‭ ‬الحقيقية‭ ‬وأداة‭ ‬تنمية‭ ‬قدرات‭ ‬البشر‭ .‬ويتضح‭ ‬لنا‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬بالإنسان‭ ‬إلى‭ ‬صلب‭ ‬العملية‭ ‬التنموية‭ ‬وجعله‭ ‬المكون‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬التنمية‭ ‬ورفع‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تنمية‭ ‬بلا‭ ‬بشر‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وفي‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وإن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشرى‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬الوسائل‭ ‬فعالية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬وتشجيع‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

{‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬الدراسات‭ ‬البيئية‭ ‬

وآليات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا