العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الدور الحاسم للتوجيه المناسب والإرشاد المبكر في معالجة مسألة البطالة

بقلم: علي فقيه

الأحد ١٩ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

يقول‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬السيد‭ ‬جمال‭ ‬فخرو‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬بصريح‭ ‬العبارة‮»‬‭ ‬لـ«أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬مقدم‭ ‬عن‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الفرص‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬‮«‬بلد‭ ‬فيها‭ ‬450‭ ‬ألف‭ ‬أجنبي،‭ ‬هل‭ ‬أعجز‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬بحريني‮»‬‭. ‬وبصحيح‭ ‬العبارة،‭ ‬فإن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬فعلاً‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬آلاف‭ ‬البحرينيين،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬من‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬اليوم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬حديث‭ ‬الشارع‭ ‬البحريني‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭. ‬ولكي‭ ‬نجيب‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال،‭ ‬يجب‭ ‬معرفة‭ ‬المشكلة‭ ‬قبل‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬لها،‭ ‬فإيجاد‭ ‬الحل‭ ‬للمشكلة‭ ‬الخاطئة‭ ‬يتسبب‭ ‬بعواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬سيستوجب‭ ‬دفع‭ ‬ثمنها‭ ‬كأي‭ ‬سياسة‭ ‬خاطئة‭. ‬

عندما‭ ‬يتخرج‭ ‬الطالب‭ ‬البحريني،‭ ‬يقال‭ ‬له‭.. ‬‮«‬دور‭ ‬على‭ ‬وظيفة‮»‬،‭ ‬فعلاً،‭ ‬فالبحث‭ ‬عن‭ ‬الوظيفة‭ ‬هي‭ ‬المهمة‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الشباب‭ ‬أن‭ ‬يبحثوا‭ ‬عنها‭ ‬بعد‭ ‬تخرجهم‭. ‬ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الوظيفة‭ ‬المناسبة،‭ ‬بل‭ ‬يقال‭ ‬له‭ ‬‮«‬دور‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬وظيفة‮»‬‭ ‬و«قدم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‮»‬‭ ‬وكأن‭ ‬الحل‭ ‬لمشكلة‭ ‬البطالة‭ ‬ذاتها‭ ‬هي‭ ‬‮«‬البحث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الوظيفة‭. ‬فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬للخريج‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬وظيفة‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬عدد‭ ‬المتقدمين‭ ‬المؤهلين‭ ‬للوظيفة‭ ‬كبيرا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬رحلة‭ ‬‮«‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الوظيفة‮»‬‭ ‬صعبة‭ ‬نظراً‭ ‬للمنافسة‭ ‬الشرسة،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬أغلب‭ ‬الخريجين‭ ‬أقل‭ ‬خبرة‭ ‬عن‭ ‬غيرهم‭.‬

أود‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬ليس‭ ‬عدواً‭ ‬لدوداً‭ ‬للخريجين،‭ ‬ولا‭ ‬يفضلون‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬البحرينيين،‭ ‬ولا‭ ‬يعتبر‭ ‬الموظف‭ ‬الأجنبي‭ ‬ذا‭ ‬إنتاجية‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬الموظف‭ ‬البحريني‭. ‬فالبحريني‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬موظف‭ ‬ذكي‭ ‬ويعمل‭ ‬بقلبه‭ ‬وبضميره‭ ‬وبكل‭ ‬طاقته‭ ‬وجهده‭. ‬لذا،‭ ‬فعندما‭ ‬يتقدم‭ ‬الخريج‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬ما،‭ ‬فإن‭ ‬أغلب‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬يطرحون‭ ‬السؤال‭ ‬الآتي‭: ‬‮«‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬للمقدم‭ ‬على‭ ‬الوظيفة‭ ‬أن‭ ‬ينجز‭ ‬الأعمال‭ ‬الموكلة‭ ‬إليه؟‮»‬‭ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬العوامل‭ ‬الأخرى‭ ‬كمهارة‭ ‬التواصل،‭ ‬التعليم،‭ ‬والشهادات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬يحددها‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭. ‬ولكن‭ ‬لماذا‭ ‬يخفق‭ ‬بعض‭ ‬الخريجين‭ ‬لسنوات‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬تليق‭ ‬بهم؟‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الأسباب‭ ‬عديدة،‭ ‬ولكن‭ ‬أهمها‭ ‬في‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬هي‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬التوجيه‭.‬

أغلب‭ ‬الذين‭ ‬ينجحون‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الوظائف‭ ‬يكون‭ ‬لديهم‭ ‬موجه‭ ‬أو‭ ‬مرشد‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬العائلة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬العائلة‭. ‬يكتشف‭ ‬الموجه‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬لدى‭ ‬الشخص،‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬موازنة‭ ‬توقعاته‭ ‬حول‭ ‬الوظائف‭ ‬والرواتب،‭ ‬وتلك‭ ‬المطلوبة‭ ‬وغير‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬والأهم‭ ‬أن‭ ‬الموجه‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬للشخص،‭ ‬فعندما‭ ‬تكون‭ ‬لديه‭ ‬نقاط‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬مهارات‭ ‬معينة‭ (‬مثلاً،‭ ‬المهارات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالبحث‭ ‬العلمي‭ ‬أو‭ ‬الهندسة‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬الموجه‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تعزيزها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إرشاده‭ ‬إلى‭ ‬الدورات‭ ‬التعليمية،‭ ‬وتشجيعه‭ ‬على‭ ‬التقدم‭ ‬للتدريب‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬الصحيحة‭ ‬قبل‭ ‬التقديم‭ ‬للوظيفة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬صقل‭ ‬مهاراته‭ ‬الشخصية‭. ‬

لدى‭ ‬الموجه‭ ‬دراية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عشرات‭ ‬الخريجين‭ ‬المتقدمين‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الوظيفة،‭ ‬مثلاً‭ ‬المقدمين‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬المحاسبة،‭ ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬الشخص‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المتقدمين‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬فرصة‭ ‬العمل؟‭ ‬قد‭ ‬يستشعر‭ ‬الموجه‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬أو‭ ‬الشهادات‭ ‬المهنية‭ ‬المعتمدة‭ ‬أو‭ ‬صقل‭ ‬مهارة‭ ‬الكتابة‭ ‬والتحدث‭ ‬أو‭ ‬التدرب‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬المحاسبة‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬مهمة‭ ‬لاكتساح‭ ‬المنافسة‭ ‬الشرسة‭ ‬والفوز‭ ‬باختيار‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬له‭ ‬وبالتالي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الوظيفة‭. ‬فهناك‭ ‬نقاط‭ ‬عديدة‭ ‬للقوة‭ ‬والضعف‭ ‬يمكن‭ ‬للموجه‭ ‬اكتشافها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تحسينها‭.‬

ومن‭ ‬هنا،‭ ‬فعندما‭ ‬يتقدم‭ ‬الشخص‭ ‬لوظيفة‭ ‬معينة‭ ‬وبفضل‭ ‬التوجيه‭ ‬والإرشاد‭ ‬المستمرين،‭ ‬تكون‭ ‬سيرته‭ ‬الذاتية‭ ‬وقدراته‭ ‬ومهاراته‭ ‬مناسبة‭ ‬لإنجاز‭ ‬الأعمال‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬اللائقة،‭ ‬كما‭ ‬يجعل‭ ‬فرصته‭ ‬وثقته‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬العمل‭ ‬أكبر‭ ‬مقارنة‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬المقدمين‭ ‬المنافسين‭ ‬له‭ ‬لنفس‭ ‬الوظيفة‭.‬

لذلك،‭ ‬فأهمية‭ ‬عنصر‭ ‬التوجيه‭ ‬والإرشاد‭ ‬المبكر‭ ‬لاكتشاف‭ ‬المهارات‭ ‬ونقاط‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬للطلاب‭ ‬والخريجين‭ ‬حاسمة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الوظائف‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬تليق‭ ‬بهم‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬وظيفة‭.‬

 

مركز‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬والطاقة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا