العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

مروحية الرئيس الإيراني وغموض الحادث!

{‭ ‬الأحد‭ ‬‮«‬19‭ ‬مايو‮»‬‭ ‬وأنا‭ ‬أكتب‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المساء‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬حادث‭ ‬مروحية‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني،‭ ‬الذي‭ ‬تصدّر‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وحظي‭ ‬بمتابعة‭ ‬لمعرفة‭ ‬التفاصيل‭ ‬وفك‭ ‬الغموض‭ ‬المحيط‭ ‬به،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المروحية‭ ‬‮«‬أمريكية‭ ‬الصنع‮»‬‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقلها‭ ‬شملت‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬‮«‬عبداللهيان‮»‬‭ ‬ومحافظ‭ ‬أذربيجان‭ ‬معه،‭ ‬وحيث‭ ‬تضاربت‭ ‬الأنباء‭ ‬حول‭ ‬رحلة‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬رئيسي‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬أذربيجان‮»‬‭ ‬بين‭ ‬هبوط‭ ‬المروحية‭ ‬اضطراريا‭ ‬وصعبًا،‭ ‬وتحطم‭ ‬الطائرة‭ ‬وعدم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬حطامها‭ ‬حتى‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬منتصف‭ ‬ليلة‭ ‬الحادث،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬فقدان‭ ‬الاتصال‭ ‬بالمروحية‭ ‬منذ‭ ‬الساعة‭ (‬الواحدة‭ ‬والنصف‭ ‬ظهرًا‭)! ‬وكل‭ ‬الحديث‭ ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬سيناريو‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬الصعبة‭ ‬والضباب‭ ‬والأمطار‭ ‬والمنطقة‭ ‬الجبلية‭ ‬الوعرة‭ ‬والغابات،‭ ‬وكان‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬رحلة‭ ‬العودة‭ ‬ضمّت‭ (‬ثلاث‭ ‬مروحيات‭) ‬لف‭ ‬غموض‭ ‬سقوط‭ ‬مروحية‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬وحدها،‭ ‬فيما‭ ‬المروحيتان‭ ‬الأخريان‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬عنهما‭ ‬نبأ‭ ‬السقوط‭ ‬أو‭ ‬التعثر‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الحالة‭ ‬المناخية‭ ‬والبيئية‭ ‬الوعرة‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عدم‭ ‬ورود‭ ‬أي‭ ‬اتصال‭ ‬من‭ ‬المروحيتين‭ ‬لتوضيح‭ ‬غموض‭ ‬ما‭ ‬حدث‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬أشار‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬سيناريو‭ ‬آخر‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬به،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الإيراني‭ ‬‮«‬وجدان‭ ‬عبدالرحمن‮»‬‭ ‬لقناة‭ ‬الحدث‭ ‬أن‭ (‬موقع‭ ‬الهبوط‭ ‬الاضطراري‭ ‬للمروحية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقل‭ ‬‮«‬رئيسي‮»‬‭ ‬في‭ ‬أذربيجان‭ ‬يضم‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬ولا‭ ‬نستبعد‭ ‬حدوث‭ ‬هجوم‭ ‬سيبراني‭)!‬

ولأن‭ ‬المعلومات‭ ‬شحيحة‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬ليلة‭ ‬الحادث‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬السيناريوهين‭ ‬غير‭ ‬مستبعد،‭ ‬سواء‭ ‬ظروف‭ ‬المناخ‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الهجوم‭ ‬السيبراني‮»‬‭! ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬العلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬أذربيجان‭ ‬بالكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ووجود‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬أراضيها‭! ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الأخبار‭ ‬المتضاربة‭ ‬حول‭ ‬مروحية‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى،‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬تدارك‭ ‬إيراني‭ ‬بعدم‭ ‬الإفصاح‭ ‬حتى‭ ‬معرفة‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التعتيم‭ ‬الأولي‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬المروحية‭ ‬لمنع‭ ‬حدوث‭ ‬أي‭ ‬اضطراب‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬الحدث،‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬‮«‬المرشد‭ ‬الأعلى‮»‬‭ ‬الإيراني‭ ‬يظهر‭ ‬إعلاميًّا،‭ ‬ليطمئن‭ ‬الناس‭ ‬ويبدد‭ ‬القلق‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬وبأن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬سيكون‭ ‬طبيعيًا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة‭ ‬كما‭ ‬قال‭!‬

{‭ ‬محافظة‭ ‬أذربيجان‭ ‬الشرقية‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬إيران،‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬افتتاح‭ ‬أحد‭ ‬السدود،‭ ‬ومشاركة‭ ‬المحافظ‭ ‬مروحية‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬رئيسي‮»‬‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬العودة،‭ ‬فكيف‭ ‬لم‭ ‬يلتفت‭ ‬أحد‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬العارفين‭ ‬بظروف‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬أذربيجان‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬صعوبة‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم،‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬الأسباب‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمصير‭ ‬المروحية‭ ‬هي‭ ‬أسباب‭ ‬مناخية؟‭! ‬وهل‭ ‬بحيلنا‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭ ‬متعلقة‭ ‬بالمروحية‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬القديمة‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬البعض،‭ ‬أو‭ ‬بالهجوم‭ ‬السيبراني‭ ‬كما‭ ‬خمن‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭! ‬أو‭ ‬باستهداف‭ ‬صاروخي‭ ‬كما‭ ‬لمح‭ ‬طرف‭ ‬ثالث؟‭!‬

{‭ ‬إيران‭ ‬بفقدها‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية،‭ ‬وكلاهما‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬يتصفان‭ ‬بالبرجماتية‭ ‬والمراوحة‭ ‬بين‭ ‬الحدة‭ ‬والاعتدال‭ ‬حسب‭ ‬المصالح‭ ‬أو‭ ‬الرؤى‭ ‬الإيرانية،‭ ‬تكون‭ ‬خسارة‭ ‬وجودهما‭ ‬قد‭ ‬تفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬على‭ ‬احتمالات‭ ‬سياسية‭ ‬مختلفة‭ ‬ليست‭ ‬بالضرورة‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تغير‭ ‬إيراني‭ ‬في‭ ‬رؤيتها‭ ‬السياسية‭ ‬إقليمياً‭ ‬ودولياً‭ ‬وإنما‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬الأوضاع‭ ‬الداخلية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ستكشفه‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬القادم‭ ‬للحكم‭ ‬سيحمل‭ ‬معه‭ ‬اختلافاً‭ ‬في‭ ‬النماذج‭ ‬التي‭ ‬ستقود‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يلفه‭ ‬الغموض‭ ‬سواء‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬حادث‭ ‬المروحية،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬سيعقب‭ ‬الحادث‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مدبراً‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬خارجي‭! ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬محطة‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الداخلية‭ ‬لم‭ ‬تهدأ‭ ‬ولم‭ ‬ترسو‭ ‬بعد‭ ‬على‭ ‬ميناء‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬للمشاكل‭ ‬والمطالبات‭ ‬الشعبية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬فراغ‭ ‬محتمل‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مؤقتاً،‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬مجدداً‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬شحنة‭ ‬التيارات‭ ‬السياسية‭ ‬المتضاربة،‭ ‬والرؤى‭ ‬المختلفة‭ ‬حول‭ ‬المنطلقات‭ ‬الجيوستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬تتخذها‭ ‬حتى‭ ‬ترسو‭ ‬سفينة‭ ‬الحكم‭ ‬بأمان‭! ‬

ننتظر‭ ‬مآلات‭ ‬الحدث‭ ‬وانعكاساته‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬وحتماً‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬تحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التوضيحات‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬وكيف‭ ‬حدث،‭ ‬وكيف‭ ‬سيتصرف‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬الإيراني‭! ‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا