العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

نتائج القمة العربية بين التوجيه والتنفيذ

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ٢٤ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

اختتمت‭ ‬أعمال‭ ‬الدورة‭ ‬العادية‭ ‬الثالثة‭ ‬والثلاثين‭ ‬لاجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أوضاع‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬بالغة‭ ‬الدقة‭ ‬وتحديات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬مما‭ ‬يستدعي‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭ ‬ليكون‭ ‬العرب‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية،‭ ‬ويأتي‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغاشم‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬ارتكبته‭ ‬وترتكبه‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬مجازر‭ ‬وفظاعات‭ ‬وعنف‭ ‬وإرهاب‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬البشرية‭ ‬مثله‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تراع‭ ‬أبسط‭ ‬قواعد‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وقت‭ ‬السلم‭ ‬ووقت‭ ‬الحرب،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬تواصل‭ ‬همجيتها‭ ‬ضد‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬البسطاء‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬صامتا‭ ‬ولم‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬لوقف‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وهذا‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بقطاع‭ ‬غزة‭ ‬وسكانه‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬حفنة‭ ‬من‭ ‬المتطرفين‭ ‬اليمينيين،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يتصدر‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والمستمر‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬قمة‭ ‬البحرين‭ ‬العربية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تخل‭ ‬خطابات‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬الشجب‭ ‬والاستنكار‭ ‬لهذه‭ ‬الهجمة‭ ‬الصهيونية‭ ‬ضد‭ ‬إخوتنا‭ ‬وأشقائنا‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مطالبين‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والدول‭ ‬الكبرى‭ ‬ومنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬بمسؤولياتهم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬لإجبار‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬العدوان‭ ‬السافر،‭ ‬فكان‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬كلماتهم‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬موقفا‭ ‬واحد‭ ‬موحدا‭ ‬وقويا‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬للقيادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بضرورة‭ ‬وقف‭ ‬العدوان‭ ‬الغاشم‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬لتهيئة‭ ‬الظروف‭ ‬المناسبة‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬كما‭ ‬يريده‭ ‬العالم‭ ‬ويريده‭ ‬العرب‭ ‬والفلسطينيون‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬لتمكين‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬دولته‭ ‬الوطنية‭ ‬المستقلة‭ ‬ذات‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬التراب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬حزيران‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬لتتمكن‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬واستقرار‭ ‬والتفرغ‭ ‬للتنمية‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬والوئام‭.‬

إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ليس‭ ‬أمامها‭ ‬إلا‭ ‬القبول‭ ‬بهذا‭ ‬الحل‭ ‬إن‭ ‬هي‭ ‬أرادت‭ ‬سلاما‭ ‬حقيقيا‭ ‬ودائما‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬المختل‭ ‬لأن‭ ‬البديل‭ ‬هو‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬والتدمير‭ ‬والخراب‭ ‬وقد‭ ‬جربت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬أخرى‭ ‬ولم‭ ‬تجلب‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬للمنطقة‭ ‬السلام‭ ‬كما‭ ‬إنه‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬أشهر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬المؤشرات‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬قد‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬مستنقع‭ ‬غزة‭ ‬ولن‭ ‬يخرج‭ ‬منه‭ ‬خصوصا‭ ‬وإن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬مصمم‭ ‬على‭ ‬نيل‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬وأول‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولته‭ ‬الوطنية‭ ‬ذات‭ ‬السيادة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬ولذلك‭ ‬كانت‭ ‬الدعوة‭ ‬العربية‭ ‬الجماعية‭ ‬بضرورة‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬ومطالبتها‭ ‬بنشر‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬سلام‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حتى‭ ‬إعلان‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬لدعم‭ ‬الموقف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬العادل‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬كانت‭ ‬حاضرة‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬ضرورة‭ ‬إنهاء‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية‭ ‬وفق‭ ‬القرار‭ ‬2254‭ ‬ورفضت‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬أجنبي‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للقطر‭ ‬السوري‭ ‬الشقيق‭ ‬كما‭ ‬رفضت‭ ‬أي‭ ‬محاولات‭ ‬لتغير‭ ‬التركيبة‭ ‬الديمغرافية‭ ‬للمجتمع‭ ‬السوري‭ ‬لحفظ‭ ‬أمن‭ ‬سوريا‭ ‬وسيادتها‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيها‭ ‬ووحدة‭ ‬شعبها‭ ‬لتحقيق‭ ‬آمال‭ ‬وتطلعات‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬الشقيق‭ ‬بحياة‭ ‬كريمة‭ ‬بعد‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬جلبت‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار‭ ‬وشردت‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬تركوا‭ ‬ديارهم‭ ‬ومساكنهم‭ ‬هربا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬نحو‭ ‬ملاذ‭ ‬آمن‭ ‬لهم‭ ‬ولأسرهم‭ ‬ولتخليص‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬استقرت‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬السورية‭ ‬وأصبحت‭ ‬مصدر‭ ‬تهديد‭ ‬لأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬سوريا‭ ‬ولتوفير‭ ‬الظروف‭ ‬الملائمة‭ ‬لمساعدة‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬بلادهم‭.‬

وحول‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬واليمن‭ ‬أكدت‭ ‬القمة‭ ‬ضرورة‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وقوات‭ ‬التدخل‭ ‬السريع‭ ‬لحل‭ ‬الخلافات‭ ‬بينهما‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬وصالح‭ ‬السودان‭ ‬وشعبه‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬مصلحة‭ ‬السودان‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬اعتبار‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬تفاهمات‭ ‬تنقذ‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬مضى‭ ‬عليه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬لبدء‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية،‭ ‬كما‭ ‬جددت‭ ‬القمة‭ ‬دعمها‭ ‬لمجلس‭ ‬القيادة‭ ‬الرئاسي‭ ‬برئاسة‭ ‬رشاد‭ ‬محمد‭ ‬العليمي‭ ‬ومساندة‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمنية‭ ‬في‭ ‬جهودها‭ ‬لتحقيق‭ ‬المصالحة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬ينشدها‭ ‬المواطن‭ ‬اليمني‭.‬

ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬المهمة‭ ‬والحيوية‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬مستقبلنا‭ ‬كعرب‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬العمل‭ ‬العربي؟‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا