العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مأزق إيران.. دولة الحرب

بقلم: فاروق يوسف

السبت ٢٥ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

فعلت‭ ‬إيران‭ ‬المعجزات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭. ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬واقعيا‭ ‬وأنفقت‭ ‬عليه‭ ‬أموالا‭ ‬طائلة‭ ‬في‭ ‬محاولتها‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬تسلح،‭ ‬كان‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬قد‭ ‬سبقها‭ ‬في‭ ‬الدخول‭ ‬إليه،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬انفجاره‭ ‬وتمزقه‭.‬

طبعا‭ ‬ما‭ ‬يروّج‭ ‬له‭ ‬أتباع‭ ‬إيران‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الذي‭ ‬يعتبرونه‭ ‬إيجابيا‭. ‬ذلك‭ ‬الجانب‭ ‬الذي‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬باعتبارها‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬كبرى‭ ‬مؤهلة‭ ‬للقيام‭ ‬بدور‭ ‬مركزي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يُقال‭ ‬عن‭ ‬شرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬طرحت‭ ‬فكرته‭ ‬للتسويق‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭. ‬المهم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬النظرية‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬المناورات‭ ‬السياسية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬فإن‭ ‬سقوط‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬حسين‭ ‬أمير‭ ‬عبداللهيان‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬تهالك‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬الإيراني‭. ‬ما‭ ‬أكد‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬استعانت‭ ‬بتركيا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البحث‭ ‬والرصد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬حطام‭ ‬طائرة‭ ‬الرئيس‭.‬

واقعيا‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬بسبب‭ ‬الحصار‭ ‬المفروض‭ ‬عليها‭ ‬قد‭ ‬حُرمت‭ ‬من‭ ‬تحديث‭ ‬سلاحها‭ ‬الجوي‭. ‬كل‭ ‬طائرات‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬الإيراني‭ ‬قديمة‭ ‬تضاف‭ ‬إليها‭ ‬الطائرات‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬استولت‭ ‬عليها‭ ‬إيران‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬الكويت‭ ‬وهي‭ ‬طائرات‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬صالحة‭ ‬للاستعمال‭. ‬أما‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬طائرات‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬إيراني‭ ‬فإنه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الدعاية‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬رفع‭ ‬المعنويات‭.‬

في‭ ‬ثنايا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬طائرة‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬التي‭ ‬سقطت‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬مقتله‭ ‬وهي‭ ‬طائرة‭ ‬عسكرية‭ ‬هناك‭ ‬اعتراف‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬الطائرة‭ ‬كانت‭ ‬قديمة‭ ‬وتنقصها‭ ‬المعدات‭ ‬التي‭ ‬تسهّل‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬جوية‭ ‬قاسية‭. ‬ذلك‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تهالك‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬الإيراني‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تمكن‭ ‬فيه‭ ‬الإيرانيون‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬صواريخهم‭ ‬الباليستية‭ ‬وتصنيع‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيّرة‭ ‬فإنهم‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬طائراتهم‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬دعابة‭ ‬ولا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأماني‭.‬

لقد‭ ‬تعطلت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصنع‭ ‬بسبب‭ ‬توقف‭ ‬الشركات‭ ‬عن‭ ‬بيع‭ ‬أدواتها‭ ‬الاحتياطية‭ ‬وقطع‭ ‬الغيار‭ ‬لإيران‭. ‬المحاولات‭ ‬الإيرانية‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تخطي‭ ‬تلك‭ ‬المشكلة‭. ‬فإيران‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬العالم‭ ‬بمستقبلها‭ ‬النووي‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬رثة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة‭. ‬لو‭ ‬اطّلعنا‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬الإنفاق‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬لاكتشفنا‭ ‬حجم‭ ‬الكذبة‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬تسويقها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فرض‭ ‬واقع‭ ‬زائف‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬إيران‭ ‬القوية‭. ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬قوية‭ ‬لأن‭ ‬العراق‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تدميره‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تدمير‭ ‬العراق‭ ‬لما‭ ‬استطاعت‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬تتمدد‭ ‬من‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬إلى‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭.‬

يكذب‭ ‬الإيرانيون‭ ‬على‭ ‬الجغرافيا‭ ‬مثلما‭ ‬كانوا‭ ‬يكذبون‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬دائما‭. ‬وفي‭ ‬المجالين‭ ‬فإنهم‭ ‬ضحايا‭ ‬المرض‭ ‬ذاته‭. ‬الوهم‭ ‬الذي‭ ‬يخلقون‭ ‬من‭ ‬مادته‭ ‬حقيقتهم‭. ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬عقدة‭ ‬البرامكة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هي‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬علاقتهم‭ ‬بالعراق‭ ‬التاريخي‭. ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬الخليفة‭ ‬العباسي‭ ‬هارون‭ ‬الرشيد‭ ‬قد‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬دولته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اجتثاث‭ ‬عائلة‭ ‬البرامكة‭ ‬الفارسية،‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬تدير‭ ‬اليوم‭ ‬ماكينة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أحزابها‭ ‬ومليشياتها‭ ‬انتقاما‭.‬

كل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬قوة‭ ‬إيران‭ ‬الأسطورية‭ ‬وهو‭ ‬مرآة‭ ‬لتعالي‭ ‬الشخصية‭ ‬الفارسية‭ ‬وغرورها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفضح‭ ‬زيفه‭ ‬سقوط‭ ‬مروحية‭ ‬عجزت‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬العثور‭ ‬عليها‭ ‬لولا‭ ‬الاستعانة‭ ‬بدولة‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬تتباه‭ ‬بقوتها‭ ‬ولم‭ ‬تدخل‭ ‬علنا‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬تسلح،‭ ‬تعرف‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬لتأكيد‭ ‬وجودها‭.‬

كل‭ ‬الدول‭ ‬المستقلة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تبني‭ ‬جيوشها‭ ‬وتطور‭ ‬إمكانياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ما‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬إلا‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تصنع‭ ‬صاروخا‭ ‬جديدا‭ ‬حتى‭ ‬تعلن‭ ‬أن‭ ‬مداه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يدمّر‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬امتلاكها‭ ‬السلاح‭ ‬يهبها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تخترق‭ ‬سيادة‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬وتهدّد‭ ‬أمن‭ ‬الشعوب‭ ‬واستقرارها‭ ‬من‭ ‬حولها‭.‬

وهنا‭ ‬ينبغي‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬المليشيات‭ ‬التي‭ ‬ترعاها‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المستضعفة‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تمنع‭ ‬سقوطها‭ ‬أو‭ ‬انهيارها‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬اضطرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬والعالم‭ ‬الغربي‭ ‬عموما‭ ‬إلى‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بطريقة‭ ‬جادة‭ ‬تنهي‭ ‬خرافة‭ ‬قوّتها‭.‬

{ كاتب‭ ‬عراقي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا