العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قراءة في طلب «الجنائية الدولية» إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وجالانت

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٢٥ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

‭ ‬طالب‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬كريم‭ ‬خان،‭ ‬بإصدار‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬بحق‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬حربهم‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬لقي‭ ‬ترحيبًا‭ ‬واسعا،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬نشطاء‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والمراقبين‭ ‬والمحللين‭ ‬وبعض‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية،‭ ‬باعتباره‭ ‬اعترافًا،‭ ‬باستقلال‭ ‬المحكمة،‭ ‬وخطوة‭ ‬مهمة،‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬مُورست‭ ‬ضد‭ ‬المحكمة،‭ ‬ومدعيها‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التهديد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأمريكي؛‭ ‬فإن‭ ‬الرد‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل‭ ‬المتكررة،‭ ‬والموثقة‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين؛‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬الإدانة‭ ‬داخل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الاتهامات‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تنظرها‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭. ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬إصدار‭ ‬مذكرات‭ ‬الاعتقال‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬يقتضي‭ ‬موافقة‭ ‬لجنة‭ ‬من‭ ‬قضاة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬روبي‭ ‬جرامر،‭ ‬وجاك‭ ‬ديتش،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النتيجة‭ ‬تمثل‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يواجه‭ ‬فيها‭ ‬شريك‭ ‬دولي‭ ‬كبير‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اتهامات‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الدعم‭ ‬اللامحدود‭ ‬لإسرائيل‭ ‬من‭ ‬واشنطن،‭ ‬حاول‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن،‭ ‬تقويض‭ ‬شرعية‭ ‬المحكمة؛‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬رفض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأوروبية‭- ‬الموقف‭ ‬الأمريكي؛‭ ‬فإن‭ ‬الاعتراف‭ ‬القانوني‭ ‬العالمي‭ ‬بالانتهاكات‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬قد‭ ‬دحض‭ ‬إفلات‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭. ‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬التحقيق‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يوم‭ ‬20‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬أعلن‭ ‬خان،‭ ‬أن‭ ‬الأدلة‭ ‬التي‭ ‬جمعتها‭ ‬المحكمة،‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬استنتاج‭ ‬مفاده،‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬نتنياهو،‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت،‭ ‬يتحملان‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجنائية‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب،‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬المرتكبة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬تجويع‭ ‬المدنيين‭ ‬المتعمد،‭ ‬وتوجيه‭ ‬الهجمات‭ ‬قصدًا،‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬مدنية‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬وممنهج‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬وفقًا‭ ‬لسياسة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

وفي‭ ‬بيان‭ ‬رافق‭ ‬طلب‭ ‬خان،‭ ‬إصدار‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬بحق‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وغالانت،‭ ‬ومع‭ ‬تأكيده‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬شعبها،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬اعترف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعفيها‭ ‬من‭ ‬التزاماتها‭ ‬بالقانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬يتسبب‭ ‬عمدا‭ ‬في‭ ‬الموت‭ ‬والجوع‭ ‬والإصابات‭ ‬للمدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكيات،‭ ‬أوضحت‭ ‬جيسو‭ ‬نيا،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أصبحوا‭ ‬هدفا‭ ‬لتوجيه‭ ‬الاتهام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المدعي‭ ‬العام،‭ ‬وأن‭ ‬الحساسيات‭ ‬السياسية‭ ‬للقضايا‭ ‬المطروحة‭ ‬تعني‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الخبراء‭ ‬القانونيين‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬توجيه‭ ‬الاتهام‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحكمة،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬رفعتها‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية؛‭ ‬فإن‭ ‬ادعاءات‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬ضد‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لا‭ ‬تشمل‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬أو‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاتهامات‭ ‬تتطلب‭ ‬أدلة‭ ‬واضحة‭ ‬تتجاوز‭ ‬العرض‭ ‬المطلوب‭ ‬بالجرائم‭ ‬الأخرى،‭ ‬بموجب‭ ‬المادتين‭ ‬7‭ ‬و8‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭ ‬للمحكمة‭. ‬

ولأسباب‭ ‬عملية،‭ ‬أوضحت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توجيه‭ ‬تهمة‭ ‬تجويع‭ ‬المدنيين؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬حاجة‭ ‬المحققين‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬الفعلي‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لإثباته‭ -‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬ستحول‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬دونه‭ ‬حتما‭ ‬وعوضًا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬يمكنهم‭ ‬صياغة‭ ‬حججهم‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬رصد‭ ‬وتوثيق‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬العاملة‭ ‬لهذه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬والجرائم‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬رحبت‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الغربية،‭ ‬بطلب‭ ‬خان،‭ ‬إصدار‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال‭ ‬بحق‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬ووصفته‭ ‬بلقيس‭ ‬جراح،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش،‭ ‬بأنه‭ ‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬مبدئية،‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬محاكمة‭ ‬قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وأضافت‭ ‬أنياس‭ ‬كالامار،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية،‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ورسالة‭ ‬مهمة،‭ ‬إلى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬ارتكبوا‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬بأنهم‭ ‬سيحاسبون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬اقترفوه‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمساءلة‭ ‬قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭. ‬ورأت‭ ‬فرانشيسكا‭ ‬ألبانيز،‭ ‬المقررة‭ ‬الخاصة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعنية‭ ‬بحالة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬أنه‭ ‬يوم‭ ‬تاريخي‭. ‬وأكد‭ ‬رئيس‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬سيريل‭ ‬رامافوزا،‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬بحيادية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬دافع‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأوروبيون‭ ‬عن‭ ‬استقلال‭ ‬المحكمة،‭ ‬واختصاصها‭ ‬بالتحقيق‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬غزة‭. ‬وأكدت‭ ‬حجة‭ ‬لحبيب،‭ ‬وزيرة‭ ‬خارجية‭ ‬بلجيكا،‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬محاكمتهم‭ ‬على‭ ‬الجرائم‭ ‬المرتكبة‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مرتكبيها،‭ ‬وأعلنت‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬دعمها‭ ‬لاستقلال‭ ‬المحكمة،‭ ‬وكفاحها‭ ‬ضد‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭.‬

في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬تعليقات‭ ‬معارضة‭ ‬لإعلان‭ ‬خان،‭ ‬بحق‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬ووصف‭ ‬جوناثان‭ ‬بانيكوف،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بأنه‭ ‬خطأ‭ ‬استراتيجي‭ ‬وأخلاقي،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬احتمالية‭ ‬أن‭ ‬يشجع‭ ‬نتنياهو،‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬موقفه‭ ‬الداخلي؛‭ ‬حيث‭ ‬رأى‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬أولئك‭ ‬المنتقدين‭ ‬لقيادته‭ ‬وسلوكه‭ ‬سوف‭ ‬يلتفون‭ ‬حوله،‭ ‬ويرفضون‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬الأوسع‭.‬

وأشار‭ ‬جرامر،‭ ‬وديتش،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحركات‭ ‬المدعي‭ ‬العام،‭ ‬أثارت‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الانتقادات،‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬مؤيدي‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬وأوروبا،‭ ‬حيث‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تفنيد‭ ‬مبررات‭ ‬وذرائع‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وحلفائه‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬الحرب‭. ‬وتحدث‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬عن‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬حربا‭ ‬عادلة،‭ ‬وأصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬الضغط‭ ‬وعدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬لصالحه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منتدى‭ ‬دولي،‭ ‬سوف‭ ‬يمنعه‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬تدمير‭ ‬غزة‭. ‬وتماشيا‭ ‬مع‭ ‬محاولاتهم‭ ‬لنزع‭ ‬شرعية‭ ‬المحكمة،‭ ‬إزاء‭ ‬إصدار‭ ‬أي‭ ‬اتهام‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل؛‭ ‬شبه‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬إعلان‭ ‬خان،‭ ‬بالدعاية‭ ‬النازية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬علق‭ ‬بيني‭ ‬غانتس،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬قيادة‭ ‬الحرب،‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعد‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬الدول‭ ‬التزامًا‭ ‬بالقواعد‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬والتحقيقات‭ ‬القضائية‭ ‬بشأن‭ ‬سلوكياتها‭ ‬العسكرية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كالامار،‭ ‬دعت‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬شرعية‭ ‬المحكمة،‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬محاولات‭ ‬لترهيبها‭ ‬أو‭ ‬الضغط‭ ‬عليها؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬القادة‭ ‬السياسيين‭ ‬والدبلوماسيين‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬توضح‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬يريدون‭ ‬بها‭ ‬تعزيز‭ ‬موقف‭ ‬إسرائيل‭ ‬وعدم‭ ‬محاسبتها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يوضح‭ ‬معاييرها‭ ‬المزدوجة،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬ورد‭ ‬بلينكن،‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬المدعي‭ ‬العام،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬اختصاصات‭ ‬المحكمة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬رفض‭ ‬بايدن،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يوضح‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬سوف‭ ‬تذهب‭ ‬واشنطن،‭ ‬لحماية‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭. ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬أشار‭ ‬جرامر،‭ ‬وديتش،‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬دعمت‭ ‬واشنطن،‭ ‬تحقيقات‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬حول‭ ‬القادة‭ ‬الروس؛‭ ‬بسبب‭ ‬حربهم‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬والتي‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬تبادل‭ ‬الأدلة‭ ‬المؤكدة‭ ‬لتلك‭ ‬الانتهاكات‭ ‬مع‭ ‬المحكمة‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تبنيها‭ ‬لإجراءات‭ ‬المحكمة،‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ -‬أحد‭ ‬منافسيها‭ ‬الجيوسياسيين‭ ‬الأساسيين‭- ‬ومعارضة‭ ‬رفع‭ ‬أية‭ ‬دعاوى‭ ‬قضائية‭ ‬أو‭ ‬صدور‭ ‬إدانات‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل؛‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التناقض‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬ازدواجية‭ ‬معاييرها‭.‬

ومع‭ ‬رفض‭ ‬إسرائيل‭ ‬إعلان‭ ‬خان،‭ ‬وممارسة‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬عليه،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬التهديدات‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬عضوًا‭ ‬جمهوريًّا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬والذين‭ ‬حذروه‭ ‬بضرورة‭ ‬وقف‭ ‬تحقيقاته‭ ‬أو‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬وعائلته‭ ‬وزملائه؛‭ ‬فإن‭ ‬القضية‭ ‬الراهنة‭ ‬المرفوعة‭ ‬ضد‭ ‬قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تتقدم‭ ‬بلا‭ ‬أدنى‭ ‬تأثير‭. ‬وأوضح‭ ‬جرامر،‭ ‬وديتش،‭ ‬أن‭ ‬المدعي‭ ‬العام،‭ ‬سيقدم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬قائمة‭ ‬الاتهامات‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬من‭ ‬قضاة‭ ‬المحكمة‭ ‬لمراجعتها‭ ‬والفصل‭ ‬فيها،‭ ‬وأنهم‭ ‬سـيقررون‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬سيصدرون‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العقوبة‭ ‬ستحد‭ ‬من‭ ‬سفر‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وغالانت،‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المحكمة،‭ ‬البالغ‭ ‬عددها‭ ‬124‭ ‬دولة،‭ ‬فقد‭ ‬أضافا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬يقينًا‭ ‬بأن‭ ‬دولا،‭ ‬مثل‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ستكثف‭ ‬حملة‭ ‬الضغط،‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬خلص‭ ‬سكوت‭ ‬أندرسون،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬بروكينجز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أوامر‭ ‬الاعتقال‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المحكمة،‭ ‬سوف‭ ‬تدفع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأكملها،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والانعزالية‭ ‬بصورة‭ ‬أكثر‭ ‬حدة‭. ‬

وفي‭ ‬التحليل‭ ‬الغربي،‭ ‬تم‭ ‬تأكيد‭ ‬دعم‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬باعتباره‭ ‬أمرا‭ ‬ذا‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭. ‬وشدد‭ ‬خان،‭ ‬في‭ ‬تعليقاته‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬أن‭ ‬نثبت‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة؛‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬هو‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لإثبات‭ ‬أن‭ ‬حياة‭ ‬جميع‭ ‬البشر‭ ‬لها‭ ‬قيمة‭ ‬متساوية‭. ‬واعتبر‭ ‬عادل‭ ‬حق،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬روتجرز،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية،‭ ‬حيال‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬الدولي،‭ ‬سوف‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التطلعات‭ ‬ويوفر‭ ‬العدالة‭ ‬المتساوية‭ ‬لكل‭ ‬الأطراف‭. ‬

وأوضحت‭ ‬ألبانيز،‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬اختبار‭ ‬حقيقي‭ ‬لمصداقية‭ ‬المحكمة،‭ ‬وأضافت‭ ‬جراح،‭ ‬أن‭ ‬طلب‭ ‬خان،‭ ‬إصدار‭ ‬أوامر‭ ‬بالاعتقال‭ ‬أمام‭ ‬ضغوط‭ ‬المشرعين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬يؤكد‭ ‬الدور‭ ‬الحاسم‭ ‬للجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬التحرك‭ ‬يتحدى‭ ‬مسألة‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬التي‭ ‬حمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬لعقود‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وحثت‭ ‬الموقعين‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭ ‬على‭ ‬الاستعداد‭ ‬لحماية‭ ‬استقلال‭ ‬المحكمة،‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬الضغوط‭ ‬العدائية‭.  ‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اتهامات‭ ‬سموتريتش،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الصحة‭ ‬بمعاداة‭ ‬السامية‭ ‬ضد‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬انتقاد‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬لدورهم‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬غزة،‭ ‬واستشهاد‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬فإن‭ ‬تصريحه‭ ‬بأن‭ ‬إصدار‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬بحق‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وغالانت،‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬مذكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬لنا‭ ‬جميعا؛‭ ‬يعد‭ ‬اعترافا،‭ ‬بمدى‭ ‬تشديد‭ ‬نطاق‭ ‬المساءلة‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬حلفائها‭ ‬الغربيين‭ -‬وأبرزهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭- ‬تشويه‭ ‬سمعة‭ ‬المحكمة‭ ‬وتهديد‭ ‬مسؤوليها‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬رأى‭ ‬جرامر،‭ ‬وديتش،‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬خان،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلحق‭ ‬الضرر‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬بعلاقة‭ ‬واشنطن‭ ‬بالمحكمة،‭ ‬فمن‭ ‬المهم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬وقوف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬شرعية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ودعم‭ ‬حقها‭ ‬للتحقيق‭ ‬في‭ ‬السلوكيات‭ ‬المتطرفة‭ ‬لـ‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وغالانت‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحركات‭ ‬والخطوات‭ ‬الإيجابية‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬دانييل‭ ‬ماشوفر،‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬المحامين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الفلسطينية‭ -‬والذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قائمة‭ ‬المتهمين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬المحتملين‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬نتنياهو‭ ‬وغالانت‭- ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القائمة‭ ‬استغرق‭ ‬إعدادها‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬للغاية،‭ ‬وأن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬فشل‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬تفاقم‭ ‬الحرب،‭ ‬وهذه‭ ‬المأساة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الجماعية‭. ‬وأشارت‭ ‬ألبانيز‭ ‬أيضًا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العقوبات‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬ضد‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬بسبب‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬عن‭ ‬عمد،‭ ‬تأتي‭ ‬متأخرة‭ ‬للغاية،‭ ‬بحيث‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬منع‭ ‬وقوع‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية،‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا