العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أصوات أمريكية مؤيدة للحقوق الفلسطينية المشروعة

بقلم: د. جيمس زغبي {

الثلاثاء ٢٨ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

توفي‭ ‬عضو‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬96‭ ‬عاماً‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬الفقيد‭ ‬بطلاً‭ ‬بأتم‭ ‬معنى‭ ‬للكلمة‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬شجاعاً‭ ‬ومثالا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬نكران‭ ‬الذات‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬جريئا‭ ‬ومبدئياً‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬الانتخابية،‭ ‬ومدافعاً‭ ‬عن‭ ‬العدالة‭ ‬والإنصاف،‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬الحالات،‭ ‬صادقاً‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬دفع‭ ‬ثمن‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬علناً‭.‬

احتل‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬مكانة‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬الجمعي‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬العضو‭ ‬السابق‭ ‬وأصبح‭ ‬مقعده‭ ‬شاغرا،‭ ‬حيث‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬النيابية‭ ‬الجزئية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالكونغرس،‭ ‬وقد‭ ‬تنافس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الانتخابات‭ ‬مرشحان‭ ‬جذبا‭ ‬الانتباه‭.‬

كان‭ ‬الخصم‭ ‬الرئيسي‭ ‬لبيت‭ ‬هي‭ ‬النجمة‭ ‬السينمائية‭ ‬السابقة‭ ‬شيرلي‭ ‬تمبل‭ ‬بلاك‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تلك‭ ‬المرشحة‭ ‬‮«‬محبوبة‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬حظيت‭ ‬بتأييد‭ ‬زميلها‭ ‬الممثل‭ ‬رونالد‭ ‬ريغان،‭ ‬النجم‭ ‬الصاعد‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬الاهتمام‭ ‬أن‭ ‬بيت‭ ‬كان‭ ‬عقيدًا‭ ‬بحريًا‭ ‬حاصلًا‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬عالية،‭ ‬وقد‭ ‬ترشح‭ ‬لخوض‭ ‬تلك‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجزئية‭ ‬حيث‭ ‬عرف‭ ‬بمواقفه‭ ‬المنهضة‭ ‬لحرب‭ ‬فيتنام‭.‬

لم‭ ‬يكتف‭ ‬بيت‭ ‬بالفوز‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الانتخابات،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬حقق‭ ‬الفوز‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬وأعيد‭ ‬انتخابه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬سبع‭ ‬مرات‭ ‬أخرى‭ ‬متتالية‭ ‬التالية،‭ ‬وقد‭ ‬أرسل‭ ‬ذلك‭ ‬الفوز،‭ ‬وهو‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬يحققه‭ ‬معارض‭ ‬جمهوري‭ ‬لحرب‭ ‬فيتنام،‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬الصدمة‭ ‬عبر‭ ‬الكونجرس،‭ ‬وبعث‭ ‬برسالة‭ ‬إلى‭ ‬زملائه‭ ‬والمرشحين‭ ‬المستقبليين‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬الفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معارضة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭.‬

وبمجرد‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬الكونجرس،‭ ‬واصل‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬تحدي‭ ‬حزبه‭ ‬والأمة‭ ‬بأكملها،‭ ‬بصفته‭ ‬حاصلًا‭ ‬على‭ ‬اثنتين‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬الجوائز‭ ‬التي‭ ‬يمنحها‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬للبسالة‭ ‬وجائزتين‭ ‬أخريين‭ ‬من‭ ‬صنف‭ ‬القلوب‭ ‬الأرجوانية،‭ ‬حيث‭ ‬عاش‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬أهوال‭ ‬القتال‭ ‬واضطر‭ ‬إلى‭ ‬معارضة‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬أودت‭ ‬بالفعل‭ ‬بحياة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يمكن‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬منتصرة‭ ‬منها‭. ‬

كان‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬يعارض‭ ‬سياسة‭ ‬الرئيس‭ ‬ريتشارد‭ ‬نيكسون‭ ‬بالاستمرار‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬المدمرة‭ ‬وبعد‭ ‬انتخابات‭ ‬عام‭ ‬1972‭ - ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬آنذاك‭ ‬أمر‭ ‬عملاء‭ ‬سريين‭ ‬باقتحام‭ ‬مقر‭ ‬خصمه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬ثم‭ ‬حاول‭ ‬التستر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعرف‭ ‬بفضيحة‭ ‬‮«‬ووترجيت‮»‬‭ ‬أصبح‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬أول‭ ‬جمهوري‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬يدعو‭ ‬الرئيس‭ ‬ريتشارد‭ ‬نيكسون‭ ‬إلى‭ ‬الاستقالة‭ ‬من‭ ‬منصبه‭.‬

التقيت‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬اللقاء‭ ‬الأول‭ ‬علمني‭ ‬درسًا‭ ‬لم‭ ‬أنسه‭ ‬أبدًا‭. ‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬حملة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وكنت‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬الكونغرس‭ ‬لدعم‭ ‬قضايا‭ ‬ضحايا‭ ‬انتهاكات‭ ‬الحقوق‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ونظرا‭ ‬الى‭ ‬علمي‭ ‬التام‭ ‬بأن‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬كان‭ ‬مدافعًا‭ ‬شجاعًا،‭ ‬فقد‭ ‬ذهبت‭ ‬لمقابلته‭. ‬وبما‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬شابًا‭ ‬يافعا‭ ‬متحمسًا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬فقد‭ ‬جلست‭ ‬يومها‭ ‬قبالته‭ ‬وبدأت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬أدافع‭ ‬عنها‭. ‬

وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬اللقاء،‭ ‬حكى‭ ‬لي‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬نكتة‭ ‬مضحكة‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يثننِ‭ ‬عن‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬أدافع‭ ‬عنها‭. ‬عندها‭ ‬توقف‭ ‬وسألني‭ ‬عن‭ ‬رأيي‭ ‬فيما‭ ‬قاله‭. ‬أجبته‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أقوله‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬الجدية‭. ‬

عندها‭ ‬قاطعني‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬قائلا‭:‬

سأقول‭ ‬لك‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جدي‭. ‬لدي‭ ‬أنصار‭ ‬في‭ ‬منطقتي‭ ‬كانوا‭ ‬أصدقاء‭ ‬لي‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬وسوف‭ ‬ينزعجون‭ ‬إذا‭ ‬علموا‭ ‬أنني‭ ‬سأجتمع‭ ‬معك‭ ‬لمناقشة‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭. ‬أنت‭ ‬لا‭ ‬تعرفني،‭ ‬لكن‭ ‬تريد‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أتخذ‭ ‬موقفًا‭ ‬بشأن‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يسيء‭ ‬إليهم‭. ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وتتمتع‭ ‬بروح‭ ‬الدعابة،‭ ‬وتعود‭ ‬لرؤيتي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى؟‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬أبديت‭ ‬دهشتي‭ ‬من‭ ‬كلامه‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬لبثت‭ ‬أن‭ ‬غادرت‭ ‬المكان‭. ‬وبعد‭ ‬التأمل‭ ‬فيما‭ ‬قاله‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي،‭ ‬لم‭ ‬أتعامل‭ ‬قط‭ ‬مع‭ ‬مسؤول‭ ‬منتخب‭ ‬آخر‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭. ‬لقد‭ ‬تعلمت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬بناء‭ ‬العلاقات‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬تريد‭ ‬التأثير‭ ‬عليهم‭ ‬والسماح‭ ‬لهم‭ ‬بمعرفتك‭. ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬نجح‭ ‬بها‭ ‬والدي‭ ‬في‭ ‬متجر‭ ‬البقالة‭ ‬الخاص‭ ‬به‭. ‬لقد‭ ‬أحبه‭ ‬عملاؤه‭ ‬ووثقوا‭ ‬به‭. ‬وفي‭ ‬السياسة،‭ ‬كنت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭.‬

على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬عدت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬لرؤية‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭. ‬لقد‭ ‬أدركت‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يؤيد‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أعرضها‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬أصبح‭ ‬أيضًا‭ ‬مؤيدًا‭ ‬قويًا‭ ‬للحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كما‭ ‬أبدى‭ ‬تأييده‭ ‬القوي‭ ‬لحملتنا‭ ‬المؤيدة‭ ‬لحقوق‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

خلال‭ ‬فترة‭ ‬وجوده‭ ‬كنائب‭ ‬في‭ ‬الكونغرس،‭ ‬كان‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬مدافعًا‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والبيئة‭ (‬بصفته‭ ‬مؤلف‭ ‬قانون‭ ‬الأنواع‭ ‬المهددة‭ ‬بالانقراض‭ ‬والمؤسس‭ ‬المشارك‭ ‬ليوم‭ ‬الأرض‭)‬،‭ ‬وبالطبع‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1980،‭ ‬سافر‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬إلى‭ ‬بيروت‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬النواب‭ ‬نيك‭ ‬رحال،‭ ‬وماري‭ ‬روز‭ ‬أوكار،‭ ‬وميرف‭ ‬ديمالي‭ ‬للقاء‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات،‭ ‬متحديًا‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬التفاوض‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وفيما‭ ‬كانت‭ ‬القنابل‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تتساقط‭ ‬على‭ ‬العاصمة‭ ‬بيروت‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬عادوا‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للقاء‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات،‭ ‬حيث‭ ‬حصل‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاجتماع‭ ‬على‭ ‬توقيع‭ ‬عرفات‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬‮«‬تقبل‭ ‬جميع‭ ‬قرارات‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭.‬

وعقب‭ ‬زيارة‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تلك‭ ‬الجولة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬أدلى‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬بالتصريح‭ ‬التالي‭ ‬للصحافة‭: ‬‮«‬في‭ ‬كل‭ ‬قلب‭ ‬عربي‭ ‬هناك‭ ‬قناعة‭ ‬راسخة‭ ‬‮«‬بأن‭ ‬الغزو‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لن‭ ‬يحدث‮»‬‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.... ‬نحن‭ ‬ندفع‭ ‬ثمن‭ ‬تلك‭ ‬الكراهية‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬غادر‭ ‬الكونجرس،‭ ‬استمر‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬الأنشطة‭ ‬المؤيدة‭ ‬لقضية‭ ‬العدالة‭. ‬وفي‭ ‬أواخر‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬أسس‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬مع‭ ‬عضو‭ ‬الكونجرس‭ ‬السابق‭ ‬بول‭ ‬فيندلي‭ ‬مجلس‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتغيير‭ ‬سياسة‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لتتماشى‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭.‬

كما‭ ‬قدم‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬الدعم‭ ‬القانوني‭ ‬للناجين‭ ‬من‭ ‬سفينة‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إس‭ ‬ليبرتي،‭ ‬السفينة‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬استهدفتها‭ ‬القنابل‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وأغرقتها‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬عام‭ ‬1967‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1993،‭ ‬رفع‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬دعوى‭ ‬قضائية‭ ‬ضد‭ ‬رابطة‭ ‬مكافحة‭ ‬التشهير،‭ ‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬حقوق‭ ‬مدنية‭ ‬يهودية‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النشطاء‭ ‬المؤيدين‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬والمناهضين‭ ‬للفصل‭ ‬العنصري‭ ‬الذين‭ ‬اتهموا‭ ‬رابطة‭ ‬مكافحة‭ ‬التشهير‭ ‬بانتهاك‭ ‬الحق‭ ‬الدستوري‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬في‭ ‬الخصوصية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحصول‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬الشخصية‭ ‬للناشطين‭ ‬واستخدامها‭ ‬للتشهير‭ ‬بهم‭ ‬أو‭ ‬إسكاتهم‭.‬

قبل‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬وفاة‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي،‭ ‬أتيحت‭ ‬لي‭ ‬الفرصة‭ ‬للتحدث‭ ‬معه،‭ ‬حيث‭ ‬ذكّرته‭ ‬بالدروس‭ ‬التي‭ ‬علمني‭ ‬إياها‭ ‬وبأنه‭ ‬كان‭ ‬دائمًا‭ ‬بطلاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬ولكل‭ ‬الذين‭ ‬مازالوا‭ ‬يريدون‭ ‬تصديق‭ ‬وجود‭ ‬مسؤولين‭ ‬منتخبين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬مناضلين‭ ‬مبدئيين‭ ‬وغير‭ ‬حزبيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نصرة‭ ‬العدالة‭. ‬لقد‭ ‬أبكاني‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬أعمالي‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬أيضًا‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭.‬

قد‭ ‬يكون‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي‭ ‬وافاه‭ ‬الأجل‭ ‬ورحل‭ ‬عن‭ ‬دنيانا،‭ ‬لكن‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬علمها‭ ‬لي‭ ‬ولغيري‭ ‬ستبقى‭ ‬حية‭ ‬وملهمة‭ ‬لنا‭. ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مبدئيًا‭ ‬ومتفردا‭ ‬وثابتا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السياسة،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬الأعمال،‭ ‬تلعب‭ ‬العلاقات‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭. ‬وإذا‭ ‬حاربت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ما‭ ‬تؤمن‭ ‬به،‭ ‬فلن‭ ‬تشعر‭ ‬بالرضا‭ ‬عن‭ ‬نفسك‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنك‭ ‬ستدرك‭ ‬أنك‭ ‬كنت‭ ‬تعيش‭ ‬حياتك‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الراحل‭ ‬بيت‭ ‬مكلوسكي،‭ ‬ذلك‭ ‬الرجل‭ ‬المبدئي‭.‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا