العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

توفير التعليم الآمن فرصة لبناء السلام

بقلم: د. بدر محمد عادل {

الخميس ٣٠ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

إيمانا‭ ‬بأهمية‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والتعاون‭ ‬والتكامل‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة،‭ ‬وتأكيدا‭ ‬لأهمية‭ ‬التعامل‭ ‬برؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬موحدة‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬ومتطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬والنفع‭ ‬للشعوب‭ ‬العربية‭ ‬صدور‭ ‬إعلان‭ ‬البحرين‭ ‬عن‭ ‬الدورة‭ ‬العادية‭ ‬الثالثة‭ ‬والثلاثين‭ ‬لمجلس‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القمة‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬تجسد‭ ‬مفهوم‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬وقد‭ ‬تضمن‭ ‬إعلان‭ ‬البحرين‭ ‬خمس‭ ‬مبادرات‭ ‬اقترحتها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تستهدف‭ ‬خلق‭ ‬البيئة‭ ‬الآمنة‭ ‬والمستقرة‭ ‬لشعوب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كافة‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التعافي‭ ‬للمنطقة‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬التعليمية‭ ‬للمتأثرين‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬ممن‭ ‬حرموا‭ ‬من‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬النظامي‭ ‬بسبب‭ ‬الأوضاع‭ ‬الأمنية‭ ‬والسياسية‭ ‬وتداعيات‭ ‬النزوح‭ ‬واللجوء‭ ‬والهجرة،‭ ‬بالتعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ومنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للثقافة‭ ‬والعلم‭ ‬والتربية‭ (‬اليونسكو‭) ‬ومملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬إيماناً‭ ‬منها‭ ‬بجعل‭ ‬التعليم‭ ‬قوة‭ ‬دافعة‭ ‬للسلام‭ ‬تستدعي‭ ‬استجابة‭ ‬عربية‭ ‬ودولية،‭ ‬فالصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬المسلحة‭ ‬لا‭ ‬تقوض‭ ‬فرص‭ ‬إمكانية‭ ‬تعزيز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تعمل‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬أوجه‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬وإشاعة‭ ‬اليأس‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬والإحساس‭ ‬بالظلم‭ ‬مما‭ ‬يؤجج‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬ميثاق‭ ‬اليونسكو‭ ‬بنص‭ ‬ديباجته‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬جهل‭ ‬الشعوب‭ ‬بعضها‭ ‬لبعض‭ ‬كان‭ ‬مصدر‭ ‬الريبة‭ ‬والشك‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬وسبب‭ ‬تحول‭ ‬خلافاتها‭ ‬الى‭ ‬حروب‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الاحيان‭.‬

ولما‭ ‬كانت‭ ‬الحروب‭ ‬تتولد‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬البشر‭ ‬ففي‭ ‬عقولهم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبنى‭ ‬حصون‭ ‬السلام،‭ ‬وهذه‭ ‬المبادرة‭ ‬البحرينية‭ ‬حول‭ ‬التعليم‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬ما‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬المنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬إخفاق‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬السلام‭ ‬وحماية‭ ‬المدنيين‭ ‬وعدم‭ ‬تحقيق‭ ‬الانتعاش‭ ‬المبكر‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬يقوم‭ ‬بدور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬بناء‭ ‬السلام،‭ ‬فهو‭ ‬قادر‭ ‬على‭  ‬إعطاء‭ ‬ثمار‭ ‬مبكرة‭ ‬وواضحة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬اتفاقيات‭ ‬السلام،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬فرص‭ ‬التعليم‭ ‬متاحة‭ ‬وممكنة‭ ‬تعزز‭ ‬المواقف‭ ‬والتفاهمات‭ ‬المشتركة‭ ‬والتسامح‭ ‬والاحترام‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬المجتمعات‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬للوقوع‭ ‬في‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬بدوره‭ ‬تقييماً‭ ‬مستنيراً‭ ‬للطرق‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬بها‭ ‬التعليم‭ ‬تمكيناً‭ ‬آمناً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭  ‬وغير‭ ‬ملائمة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭ ‬كفيلة‭ ‬لوصول‭ ‬التعليم‭ ‬بشكل‭ ‬آمن‭ ‬وجيد‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬المتأثرين‭ ‬من‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة،‭ ‬فالمعونات‭ ‬الانسانية‭ ‬والمساعدات‭ ‬الإنمائية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭  ‬المنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬هي‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تمثل‭ ‬واجباً‭ ‬أخلاقياً‭ ‬وشرطا‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ولكنها‭ ‬تشكل‭ ‬أيضا‭ ‬استثمارا‭  ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬العالمي‭. ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬إعادة‭ ‬تقييمها‭ ‬وآلية‭ ‬تنفيذها‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬تحكمه‭ ‬الاستقطابات‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬وهناك‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬تعزيز‭ ‬المواقف‭ ‬العربية‭ ‬بشأن‭ ‬البلدان‭ ‬المتأثرة‭ ‬من‭ ‬النزعات‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬مساعدات‭ ‬محدودة‭ ‬غير‭ ‬متساوية‭  ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬المساعدات‭ ‬تؤدي‭ ‬دورا‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء‭.‬

كما‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬مقومات‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيدة‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬اللاجئين‭ ‬والمشردين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تعزيز‭ ‬ولاية‭ ‬مفوض‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستجابة‭ ‬الدولية‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬التعليم‭ ‬فرصة‭ ‬لبناء‭ ‬السلام‭ ‬والمستقبل،‭ ‬وفضلاً‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬الاشخاص‭ ‬المهجرين‭ ‬قسرياً‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬لاجئين‭ ‬أو‭ ‬المشردين‭ ‬داخلياً‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬السواء‭ ‬بمستوى‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬الحماية‭ ‬والدعم‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬المضيفة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬إلغاء‭ ‬الرسوم‭ ‬الدراسية‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬وكالات‭ ‬متخصصة‭ ‬لرعاية‭ ‬مصالحهم‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يحسب‭ ‬لهم‭ ‬حساب‭ ‬في‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬للدول‭ ‬العربية،‭ ‬وإنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬عربي‭ ‬مشترك‭ ‬للتعليم‭ ‬للاستجابة‭ ‬لحالات‭ ‬الطوارئ،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬اجراء‭ ‬مسوحات‭ ‬حقيقية‭ ‬وصادقة‭ ‬لتقييم‭ ‬احتياجات‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المتأثرة‭ ‬بالنزاعات‭ ‬المسلحة‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬تقارير‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التحرك‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬والدولي‭ ‬والتحالف‭ ‬الدولي‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وتقارير‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬لتعزيز‭ ‬الحماية‭ ‬عبر‭ ‬سياسة‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون،‭ ‬وذلك‭ ‬بالنهوض‭ ‬بالرصد‭ ‬والإبلاغ‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬ودعم‭ ‬خطط‭ ‬وطنية‭ ‬للدول‭ ‬العربية،‭ ‬وهذا‭ ‬يضع‭ ‬مسؤولية‭ ‬بشأن‭ ‬انتهاك‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الحكومات،‭ ‬ولذلك‭ ‬هناك‭ ‬ضرورة‭ ‬لتعزيز‭ ‬دور‭ ‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والمقررين‭ ‬الخاص،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬حق‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وليس‭ ‬حقاً‭ ‬اختيارياً‭  ‬يمكن‭ ‬الإعفاء‭ ‬منه‭ ‬الى‭ ‬حين‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬المسلحة‭.‬

{ استاذ‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬المشارك

‭- ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا