العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التجربة الكويتية وتصويب المسار الديمقراطي

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ٠١ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

الديمقراطية‭ ‬كما‭ ‬نعرفها‭ ‬ويعرفها‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬هي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬المشاركة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ممثلي‭ ‬الشعب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬فالديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬مدني‭ ‬يتمتع‭ ‬فيه‭ ‬الجميع‭ ‬بحقوق‭ ‬وواجبات‭ ‬متساوية‭ ‬ودولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬اختارت‭ ‬هذه‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الديمقراطي‭ ‬منذ‭ ‬نيلها‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كنهج‭ ‬سارت‭ ‬عليه‭ ‬وكثابت‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الكويتية‭ ‬حيث‭ ‬جرت‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬السالم‭ ‬الصباح‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬والبرلمان‭ ‬الكويتي‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمة‮»‬‭ ‬يمارس‭ ‬صلاحياته‭ ‬الدستورية‭ ‬التي‭ ‬كرسها‭ ‬دستور‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬التشريع‭ ‬ومراقبة‭ ‬أداء‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬باعتباره‭ ‬سلطة‭ ‬تشريعية‭ ‬اختارها‭ ‬الشعب‭ ‬ليكون‭ ‬ممثلا‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭.‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬الستة‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬التجربة‭ ‬البرلمانية‭ ‬الكويتية‭ ‬التزمت‭ ‬القيادة‭ ‬الكويتية‭ ‬بالنهج‭ ‬الديمقراطي‭ ‬رغم‭ ‬المتغيرات‭ ‬والتحديات‭ ‬والصعوبات‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الكويتية‭ ‬وذلك‭ ‬إيمانا‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬الكويتية‭ ‬بأهمية‭ ‬وجود‭ ‬سلطة‭ ‬تشريعية‭ ‬لتكون‭ ‬استكمالا‭ ‬لدولة‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬وقناعتها‭ ‬التامة‭ ‬بالنهج‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الذي‭ ‬أساسه‭ ‬المشاركة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد‭.‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬عمر‭ ‬التجربة‭ ‬البرلمانية‭ ‬الكويتية‭ ‬خطت‭ ‬الكويت‭ ‬خطوات‭ ‬كبيرة‭ ‬وأصبحت‭ ‬مثالا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬كنظام‭ ‬سياسي‭ ‬برلماني‭ ‬بسلطاته‭ ‬الثلاث‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭ ‬حيث‭ ‬مارس‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬صلاحياتهم‭ ‬الدستورية‭ ‬وأدواتهم‭ ‬الرقابية‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تعاون‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬التام‭ ‬مع‭ ‬المجلس‭.‬

إلا‭ ‬إنه‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬أصبح‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬معينا‭ ‬للسلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬أصبح‭ ‬معرقلا‭ ‬لعملها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬خلافات‭ ‬لا‭ ‬أول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬آخر‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الاستجوابات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬صلاحيات‭ ‬الأمير‭ ‬الدستورية‭ ‬في‭ ‬مخالفة‭ ‬صريحة‭ ‬للقانون‭ ‬الأساسي‭ ‬للدولة‭ ‬الشقيقة‭ ‬رغم‭ ‬التحذيرات‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬مشعل‭ ‬الجابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬خلال‭ ‬خطابه‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬بمناسبة‭ ‬توليه‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬خلفا‭ ‬لأخيه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الجابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬عندما‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أمن‭ ‬البلاد‭ ‬واستقرار‭ ‬المجتمع‭ ‬الكويتي‭ ‬داعيا‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يسمح‭ ‬بأي‭ ‬تجاوزات‭ ‬للإضرار‭ ‬بالكويت‭ ‬وشعبها‭.‬

وكان‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬تركيبته‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يجتمع‭ ‬بتاريخ‭ ‬17‭ ‬أبريل‭ ‬ليبدأ‭ ‬دور‭ ‬الانعقاد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬لكن‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬تفاهمات‭ ‬أجل‭ ‬الانعقاد‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬14‭ ‬مايو‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬تفاهم‭ ‬لنزع‭ ‬فتيل‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭.‬

لقد‭ ‬عاشت‭ ‬الكويت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬أزمة‭ ‬ثقة‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬والحكومة‭ ‬ودخلوا‭ ‬في‭ ‬خلافات‭ ‬حول‭ ‬التعيينات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬تدخل‭ ‬غير‭ ‬مبرر‭ ‬وغير‭ ‬قانوني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬الذي‭ ‬يخوله‭ ‬الدستور‭ ‬إعطاء‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الوزير‭ ‬بعد‭ ‬تعيينه‭ ‬كشرط‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬توليه‭ ‬المنصب‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬صلاحيات‭ ‬المقام‭ ‬السامي‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باختيار‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬لم‭ ‬تشهدها‭ ‬الكويت‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬التجربة‭ ‬البرلمانية‭. ‬وعليه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أمام‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬إلا‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬صلاحياته‭ ‬الدستورية‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬غير‭ ‬الطبيعي‭ ‬والتي‭ ‬منها‭ ‬حل‭ ‬البرلمان‭ ‬لتجنب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخلافات‭ ‬والصراعات‭ ‬والمناكفات‭ ‬التي‭ ‬تضر‭ ‬بالكويت‭ ‬وشعبها‭ ‬وتعطيل‭ ‬بعض‭ ‬مواد‭ ‬الدستور‭ ‬مدة‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭.‬

إن‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬تتطلب‭ ‬تضافر‭ ‬الجهود‭ ‬فالكويت‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬جهود‭ ‬الجميع‭ ‬لتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬الخلافات‭ ‬وعليه‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التعديلات‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬الانتخابات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬اللائحة‭ ‬الداخلية‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمة‭ ‬لتعديل‭ ‬صلاحيات‭ ‬المجلس‭ ‬خصوصا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمسألة‭ ‬الاستجوابات‭ ‬التي‭ ‬يهدد‭ ‬بها‭ ‬الأعضاء‭ ‬بسبب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سبب‭ ‬والتي‭ ‬أثرت‭ ‬سلبا‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬هي‭ ‬أداة‭ ‬دستورية‭ ‬يجب‭ ‬استخدامها‭ ‬بصورة‭ ‬صحيحة‭ ‬لمصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭ ‬وليس‭ ‬للمزايدات‭ ‬ولتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬وغايات‭ ‬شخصية‭ ‬أو‭ ‬كدعاية‭ ‬لعضو‭ ‬المجلس‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الآن‭ .. ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬الكويت‭ ‬وأهل‭ ‬وشعبها‭ ‬وحماها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكروه‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا