الطريق نحو مفهوم الهوية في البعد الإنساني، طريق يفتح أمام المنتمي إليه مداخل عدة يتلون ويختلف فيها أو يتفق ذلك البعد مع الهوية.
ولكل أديب جهة ينتمي إليها، يعيد فيها هويته نحو جادة الطريق الذي سلكه، كقول الروائي والأديب أمين معلوف في كتابه: «الهويات القاتلة» ... «لي انتماءات مشتركة مع كل كائن حي، لكن لا يوجد كائن في الكون يشاطرني كلَّ انتماءاتي»!
من هذا المفهوم نستطيع أن نقول: «إننا دون هذه الثيمة في الهوية لا نستطيع أن نبحر نحو صوابية الهدف».
فأي هدف نريد له هوية لابد لنا من الانتماء للهوية، فلا أتشابه مع نفسي دون أن أقترب من مشابهة الآخرين، فالهوية بالنسبة إلى المبدع كان روائياً او شاعراً أو أديباً له مفاصل أخرى تقوده نحو ذلك البعد الإنساني الذي يبدأ مع الانتماء والتعلق بالهوية.
قد يقول لك أحدهم أنت متهم بالهوية، وهذا الاتهام ليس وليد صدفة ولا وليد لحظة، بل هو مكون أساسي لبناء العلاقة الوثيقة بين الكاتب والهوية.
الكثير من الأدباء والشعراء والروائيين ينحون نحو هذا الانتماء الإنساني في بناء هويتهم والتركيز عليها في الظهور، وبالأخص كتاب الرواية والشعراء لأنهم دون الهوية يفقدون أقدامهم ويضيع توجههم في هوايات أخرى لا تشبههم ولا ينتمون لها.
فالروائي حينما يكتب بهوية انتمائه فإنه يكتب الصدق المفروض عليه، فدون ذلك تكون الكتابة من دون أقدام وعيون حصيفة بصيرة لما يدور ويحصل حولها.
فأكثر الروائيين أو الشعراء حينما نقرأ أدبهم، يقودنا هذا الأدب نحو بعدهم الإنساني الذي جاء بالهوية، ليتشكل في مفهوم الكاتب الذي يرتدي البعد الإنساني ويوظفه ضمن أعماله، ضمن محيط لا يمكن لروائي أو أديب الهروب منه دون أن يغوص في بعده الإنساني المرتبط بالحياة كمكون أول متصل بوجود الإنسان وهو الركيزة الأولى نحو الانتماء.
فلا يستطيع الروائي أو أي أديب أن يحمل أمانة صدق الكتابة دون أن يكون جزءاً فاعلاً وحيوياً في تحديد ذلك البعد من الهدف الإنساني.
فاكثر الروائيين أمثال همنجواي ومكسيم غوركي ودوستويفسكي وفيكتور هوجو .. إلخ من الكتاب العالمين البارزين الذين أبدعوا باتصالهم وتوظيفهم البعد الإنساني من خلال التصاقهم بالهوية.
وفي الأدب العربي نرى الروائي نجيب محفوظ وحنا منه وخالد خليفة وواسيني الأعرج وعبد الرحمن منيف وآخرين أبدعوا في هذا الجانب من البعد الإنساني، فكانت رواياتهم تعكس الواقع المعاش وتؤكد أهمية الهوية في ذلك المتصل بالإنسان ومشاغله.
إذاً لاي مكن لأي روائي أو أديب التملص من هويته. فالهوية هي التي تحدد مفهوم الكاتب أو الروائي.
فمن الممكن لنا أن نُصنف نحو هذا الانتماء من خلال قراءتنا الدقيقة للأدب الروائي، وما يتصل بمفهوم الهوية.
فالأدب الإنساني محور أساسي في الإبداع الروائي العالمي والعربي، هو الاتجاه الحيوي والصحيح الذي يقود الأديب نحو اتجاهات إبداعية بمفهوم الهوية الفاعلة ضمن محيط إنساني متفاعل مع مجتمعه ومحيطه الجغرافي.
فلكل أديب رسالة تحدد نوعية ما يكتب، ويقف بنا على هويته في الجانب الإنساني.
فالآلام والاكتظاظات المعيشية التي يعيشها الفرد في محيطه الإنساني ضمن حركة الحياة بما تحويه من أبعاد إنسانية هي التي تترك لنا التمسك بخيط أو نوع الكتابة التي يبرز من خلالها الأديب.
فكل الجهات التي من الممكن لنا معرفتها في إبداعات المبدعين، تنتمي أولاً وأخيراً للهوية وإصرار المنتمي على إبرازها، ولا يأتي هذا البروز دون الغوص في الجوانب الإنسانية للمجتمعات، التي هي انعكاس واقع معاش يعيشه المبدع ويؤثر فيه ويتأثر من خلاله، فتبرز كل المعطيات التي لها قيمة الفعل الإنساني من خلال التركيز على الجوانب المهمة التي يفرزها المجتمع، كونه المحرك الرئيسي للانتماء وتحديد ضالة الهوية وانشغالاتها في مدى تكويني يتلمس من خلاله الروائي أو الأديب جانب لا يحيد عن الهوية التي ينتمي إليها، فمن هذا الجانب يصبح التكوين الإبداعي في أعلى الهرم كونه متصلا بعالمه الذي ينفعل ويتفاعل معه كأديب يفرحه ما يفرح المجتمع ويحزنه ما يحزنهم، ومن هذا المنطلق يكون القيس الثابت في معادلة انتماء الإنسان للإنسان عبر هوية تفند بعدها الإنساني من خلال الإندماج والتفاعل مع محيطه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك