العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كيف استغل الخطاب السياسي الصهيوني الدين لتأجيج الكراهية ضد الفلسطينيين؟

بقلم: د. ياسر أَحمد جمعة

السبت ٠٨ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

فِي‭ ‬خِضمِّ‭ ‬الحرْب‭ ‬الوحشية‭ ‬على‭ ‬قِطَاع‭ ‬غَزَّة‭ ‬وانْتهاكات‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬الإرْهابيِّ‭ ‬الفاشيِّ‭ ‬والدَّمويِّ‭ ‬المروِّعة‭ ‬بِحقِّ‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬الأبْرياء‭ ‬العزْل،‭ ‬برز‭ ‬اِسْتغْلال‭ ‬الدِّين‭ ‬كَأَداة‭ ‬قَويَّة‭ ‬فِي‭ ‬تَشكِيل‭ ‬وَتوجِيه‭ ‬الرَّأْي‭ ‬اَلْعام‭ ‬والسِّياسات‭ ‬الدَّاخليَّة‭ ‬والْخارجيَّة‭ ‬الصَّهْيونيَّة‭. ‬ومع‭ ‬اِسْتمْرار‭ ‬الانْتهاك‭ ‬الممنْهج‭ ‬لِكل‭ ‬الأعْراف‭ ‬والْقوانين‭ ‬الدَّوْليَّة،‭ ‬اَلتِي‭ ‬ضرب‭ ‬بِهَا‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيُّ‭ ‬عُرْض‭ ‬الحائط‭ ‬فِي‭ ‬سَابِقة‭ ‬يَندَى‭ ‬لَهَا‭ ‬جبين‭ ‬العالم،‭ ‬أَصبَح‭ ‬اِسْتغْلال‭ ‬أَشبَاه‭ ‬القادة‭ ‬فِي‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬الغاشم‭ ‬لِلدِّين‭ ‬فِي‭ ‬الخطَاب‭ ‬السِّياسيِّ‭ ‬التَّحْريضيِّ‭ ‬أَدَاة‭ ‬مَركزِية‭ ‬لِتعْزِيز‭ ‬مواقفهم‭ ‬وكسْب‭ ‬التَّأْييد‭ ‬اَلشعْبِي‭ ‬والدَّوْليِّ‭. ‬وَمِن‭ ‬بَيْن‭ ‬هؤلاء،‭ ‬يُبْرِز‭ ‬بِنْيامين‭ ‬نَّتنْياهو،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الصَّهْيونيِّ،‭ ‬كَأحَد‭ ‬أَبرَز‭ ‬الَّذين‭ ‬يسْتخْدمون‭ ‬الدِّين‭ ‬بِشَكل‭ ‬مُمنْهَج‭ ‬لِتحْقِيق‭ ‬أهْدافهم‭ ‬السِّياسيَّة‭ ‬الدَّنيئة‭.‬

نَستعْرِض‭ ‬فِيمَا‭ ‬يَلِي‭ ‬كَيفِية‭ ‬اِسْتغْلال‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬لِلنُّصوص‭ ‬الدِّينيَّة‭ ‬اليهوديَّة،‭ ‬خَاصَّة‭ ‬العهْد‭ ‬اَلقدِيم،‭ ‬لِتعْزِيز‭ ‬مَوقفِه‭ ‬السِّياسيِّ‭ ‬فِي‭ ‬الدَّاخل‭ ‬والْخارج،‭ ‬ودوْره‭ ‬فِي‭ ‬تَأجِيج‭ ‬الكراهية‭ ‬ضِد‭ ‬الفلسْطينيِّين،‭ ‬وَتنفِيذ‭ ‬مَجْزَرة‭ ‬رفح‭ ‬الدَّمويَّة‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬السَّابع‭ ‬والْعشْرين‭ ‬مِن‭ ‬مَايُو‭ ‬2024‭.‬

اسْتعَان‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيُّ‭ ‬فِي‭ ‬حَربِه‭ ‬الدَّامية‭ ‬على‭ ‬قِطَاع‭ ‬غَزَّة‭ ‬بِالنُّصوص‭ ‬التَّوْراتيَّة‭ ‬لِتحْرِيض‭ ‬وَتجنِيد‭ ‬الصَّهاينة‭ ‬لِقَتل‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬العزْل‭. ‬فَعلَى‭ ‬سبيل‭ ‬المثَال‭ ‬لَا‭ ‬الحصْر،‭ ‬أَصدَر‭ ‬نَّتنْياهو‭ ‬فِي‭ ‬الخامس‭ ‬والْعشْرين‭ ‬مِن‭ ‬أُكتُوبَر‭ ‬2023‭ ‬بيانًا‭ ‬بِاللُّغتيْنِ‭ ‬العبْريَّة‭ ‬والْإنْجليزيَّة،‭ ‬اِقتبَس‭ ‬فِيه‭ ‬فِقْرَات‭ ‬مِن‭ ‬العهْد‭ ‬اَلقدِيم‭ ‬فِي‭ ‬سِفْر‭ ‬التَّثْنية‭ ‬وَسفَر‭ ‬أَشعِياء،‭ ‬اَلتِي‭ ‬ذَكرَت‭ ‬‮«‬أَمْر‭ ‬اَلرَّب‮»‬‭ ‬لِجَيش‭ ‬‮«‬العبْرانيِّين‮»‬،‭ ‬عِنْدمَا‭ ‬دخل‭ ‬أَرِيحَا‭ ‬فِي‭ ‬زمن‭ ‬اَلنبِي‭ ‬يُوشَع‭ ‬بْن‭ ‬نُون،‭ ‬بِأن‭ ‬يَقتُل‭ ‬كُلُّ‭ ‬نَفْس‭ ‬حَيَّة‭ ‬فِيهَا،‭ ‬نِسَاء‭ ‬وأطْفَال،‭ ‬وحيوانات،‭ ‬بِالْإضافة‭ ‬إِلى‭ ‬حَرْق‭ ‬الزَّرْع‭ ‬وهدْم‭ ‬اَلبُيوت‭. ‬

فَفِي‭ ‬بَيانِه‭ ‬شَبهَ‭ ‬نَّتنْياهو‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬‮«‬بِالْعماليق‮»‬‭ ‬والْجَيْش‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬‮«‬بِأداة‭ ‬اَلرَّب‮»‬‭ ‬اَلتِي‭ ‬تُنفِّذ‭ ‬إِرادة‭ ‬اَلرَّب‭ ‬فِي‭ ‬العهْد‭ ‬اَلقدِيم‭ ‬وَتَخلَّص‭ ‬الصَّهاينة‭ ‬مِن‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسْطينيَّة‭ ‬حِين‭ ‬قال‭: ‬‮«‬يَجِب‭ ‬أن‭ ‬تتذكَّروا‭ ‬مَا‭ ‬فَعلَه‭ ‬عَمالِيق‭ ‬بِكم،‭ ‬كمَا‭ ‬يَقُول‭ ‬لَنَا‭ ‬كِتابِنَا‭ ‬اَلمُقدس،‭ ‬ونحْن‭ ‬نَتَذكَّر‭ ‬ذَلِك‭ ‬بِالْفِعْل،‭ ‬ونحْن‭ ‬نُقَاتِل‭ ‬بِجنودنَا‭ ‬الشُّجْعان‭ ‬وَفرقِنا‭ ‬الَّذين‭ ‬يُقاتلون‭ ‬الآن‭ ‬فِي‭ ‬غَزَّة‭ ‬وَحَولهَا‭ ‬وَفِي‭ ‬جميع‭ ‬المناطق‭ ‬اَلأُخرى‭ ‬فِي‭ ‬إِسْرائيل‮»‬‭. ‬والْجدير‭ ‬بِالذِّكْر‭ ‬هُنَا‭ ‬أنَّ‭ ‬كَلمَة‭ ‬‮«‬عَمالِيق‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬وَردَت‭ ‬فِي‭ ‬العهْد‭ ‬اَلقدِيم،‭ ‬تُشير‭ ‬إِلى‭ ‬قَوْم‭ ‬مِن‭ ‬البدْو‭ ‬الَّذين‭ ‬سَكنُوا‭ ‬شِبْه‭ ‬جَزِيرَة‭ ‬سَيْناء‭ ‬وَجنُوبي‭ ‬أَرْض‭ ‬كَنْعان‭ (‬فِلسْطِين‭ ‬اليوْم‭) ‬كَانُوا‭ ‬يخوضون‭ ‬حرْبًا‭ ‬مع‭ ‬بَنِي‭ ‬إِسْرائيل‭.‬

وَبِحسَب‭ ‬مَا‭ ‬ذكر‭ ‬جِيرالْد‭ ‬كُرُومَر‭ ‬فِي‭ ‬كِتابة‭ ‬الإرْهاب‭ ‬المتمرِّد،‭ ‬فَإِن‭ ‬كَلمَة‭ ‬‮«‬عَمالِيق‮»‬‭ ‬فِي‭ ‬التَّقْليد‭ ‬اليهوديِّ‭ ‬تَرمُز‭ ‬إِلى‭ ‬الشُّعوب‭ ‬اَلتِي‭ ‬تُهدِّد‭ ‬اَلوُجود‭ ‬اليهوديَّ‭. ‬وَهدَف‭ ‬نَّتنْياهو،‭ ‬مِن‭ ‬خِلَال‭ ‬اِقتِباس‭ ‬كَلمَة‭ ‬‮«‬العماليق‮»‬،‭ ‬إِلى‭ ‬إِعطَاء‭ ‬غِطَاء‭ ‬دِينيًّا‭ ‬وتسْويغًا‭ ‬أخْلاقيًّا‭ ‬لِإبادة‭ ‬عَمالِيق‭ ‬اليوْم‭ (‬الفلسْطينيُّين‭)‬،‭ ‬الَّذين‭ ‬يُجسِّدون‭ ‬عنده‭ ‬‮«‬ذُروَة‭ ‬اَلشَّر‮»‬،‭ ‬وَهُو‭ ‬مَا‭ ‬لَا‭ ‬يملُّ‭ ‬الخطَاب‭ ‬السِّياسيُّ‭ ‬والْإعْلاميُّ‭ ‬الصَّهْيونيُّ‭ ‬التَّحْريضيُّ‭ ‬مِن‭ ‬ترْديده‭.‬

أَشَار‭ ‬نَّتنْياهو،‭ ‬أيْضًا،‭ ‬فِي‭ ‬بَيانِه‭ ‬إِلى‭ ‬التَّاريخ‭ ‬اليهوديِّ‭ ‬والتُّراث‭ ‬الدِّينيِّ،‭ ‬مُسْتخْدمًا‭ ‬مُصْطلحات‭ ‬مِثْل‭ ‬‮«‬الأبْطال‭ ‬اليهود‮»‬‭ ‬و«المقاتلين‭ ‬الشُّجْعان‮»‬‭ ‬لِوَصف‭ ‬جُنُود‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬الغاشم‭. ‬بِالْإضافة‭ ‬إِلى‭ ‬ذَلِك،‭ ‬وَظَّف‭ ‬نتنياهو‭ ‬القوانين‭ ‬الدِّينيَّة‭ ‬كَمرجِع‭ ‬لِسياسة‭ ‬حُكومَته‭ ‬الهمجيَّة،‭ ‬وضح‭ ‬ذَلِك‭ ‬جليًّا‭ ‬فِي‭ ‬حَديثِه‭ ‬عن‭ ‬‮«‬أَرْض‭ ‬الميعاد‮»‬‭ ‬وحقِّ‭ ‬الصَّهاينة‭ ‬المزْعوم‭ ‬فِي‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسْطينيَّة‭ ‬المحْتلَّة‭ ‬اَلتِي‭ ‬وَردَت‭ ‬فِي‭ ‬الكتَاب‭ ‬اَلمُقدس‭. ‬كمَا‭ ‬اِسْتدْعى‭ ‬نتنْياهو‭ ‬نصًّا‭ ‬دِينيًّا‭ ‬آخرا‭ ‬مِن‭ ‬أَسفَار‭ ‬الأنْبياء،‭ ‬حِين‭ ‬قال‭: ‬‮«‬نَحْن‭ ‬أَبنَاء‭ ‬النُّور‭ (‬يَقصِد‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيُّ‭)‬،‭ ‬بيْنمَا‭ ‬هُم‭ ‬أَبنَاء‭ ‬الظَّلَام‭ (‬يَقصِد‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسْطينيَّة‭)‬،‭ ‬وسينْتصر‭ ‬النُّور‭ ‬على‭ ‬الظَّلَام،‭ ‬سنحقِّق‭ ‬نُبُوءَة‭ ‬أَشعِياء،‭ ‬لَن‭ ‬تسْمعوا‭ ‬بَعْد‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬الخرَاب‭ ‬فِي‭ ‬أَرضِكم،‭ ‬سَنكُون‭ ‬سببًا‭ ‬فِي‭ ‬تَكرِيم‭ ‬شعْبكم،‭ ‬سنقاتل‭ ‬معًا‭ ‬وَسنُحقق‭ ‬النَّصْر‮»‬‭.‬

وَفِي‭ ‬هذَا‭ ‬السِّيَاق‭ ‬أيْضًا،‭ ‬أَكَّد‭ ‬الحاخام‭ ‬مانيس‭ ‬فريدمان‭ ‬أنَّ‭ ‬النُّصوص‭ ‬الدِّينيَّة‭ ‬اَلتِي‭ ‬اِسْتعَان‭ ‬بِهَا‭ ‬نتنْياهو‭ ‬فِي‭ ‬بَيانِه‭ ‬تَعكِس‭ ‬قِيم‭ ‬التَّوْراة‭ ‬اَلتِي‭ ‬ستجْعل‭ ‬الصَّهاينة‭ ‬‮«‬النُّور‮»‬‭ ‬اَلذِي‭ ‬يَشِع‭ ‬لِلْأمم‭ ‬اَلتِي‭ ‬تُعَانِي‭ ‬الهزيمة‭ ‬بِسَبب‭ ‬الأخْلاقيَّات‭ ‬المدمِّرة‭ ‬اَلتِي‭ ‬اِخْترعهَا‭ ‬الإنْسان،‭ ‬وَأكَّد‭ ‬أيْضًا،‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬هَذِه‭ ‬النُّصوص‭ ‬تُشكِّل‭ ‬الرَّادع‭ ‬اَلوحِيد‭ ‬والْحقيقيَّ‭ ‬لِلتَّخَلُّص‭ ‬مِن‭ ‬ثَبَات‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬ومقاومتهم‭ ‬المسْتمرَّة‭.‬

إِنَّ‭ ‬اِسْتدْعاء‭ ‬نتنْياهو‭ ‬لِهَذه‭ ‬النُّصوص‭ ‬الدِّينيَّة‭ ‬مِن‭ ‬العهْد‭ ‬اَلقدِيم‭ ‬لَيْس‭ ‬مُجرَّد‭ ‬تَكتِيك‭ ‬سِياسيٍّ،‭ ‬بل‭ ‬هُو‭ ‬اِسْتراتيجيَّة‭ ‬مُتكاملة‭ ‬تَهدِف‭ ‬إِلى‭ ‬تَصوِير‭ ‬اِسْتخْدامه‭ ‬لِلْقوَّة‭ ‬الغاشمة‭ ‬ضِد‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬كحرْب‭ ‬دِينيَّة‭ ‬مُقَدسَة‭. ‬وَبذَلِك‭ ‬وَظَّف‭ ‬نتنْياهو‭ ‬الدِّين‭ ‬بِشَكل‭ ‬مُمنْهَج‭ ‬لِتحْقِيق‭ ‬أهْدافه‭ ‬السِّياسيَّة‭ ‬الإجْراميَّة‭ ‬الدَّنيئة،‭ ‬وإضْفَاء‭ ‬طَابَع‭ ‬دِينيٍّ‭ ‬وَهمِي‭ ‬على‭ ‬سِياساته‭ ‬العدْوانيَّة،‭ ‬وإكْسَاب‭ ‬حَربِه‭ ‬الغاشمة‭ ‬ضِد‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬اَلعُزل‭ ‬شَرعِية‭ ‬مَزعُومة‭ ‬فِي‭ ‬أَعيُن‭ ‬مُؤيِّدِيه‭ ‬محلِّيًّا‭ ‬وَدولِيا،‭ ‬وجذْب‭ ‬الجماعات‭ ‬اليهوديَّة‭ ‬المتطرِّفة‭ ‬لِدَعم‭ ‬سِياساته‭ ‬العدْوانيَّة،‭ ‬وَتحفِيز‭ ‬المجْتمع‭ ‬الدِّينيِّ‭ ‬فِي‭ ‬الاشْتراك‭ ‬فِي‭ ‬هَذِه‭ ‬الحرْب،‭ ‬وفرْض‭ ‬الخدْمة‭ ‬العسْكريَّة‭ ‬على‭ ‬اليهود‭ ‬المتديِّنين‭ ‬المتشددين‭  ‬‮«‬الحريْديم‮»‬‭ ‬فِي‭ ‬الجيْش‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬التَّتَريِّ‭ ‬الهمَجيِّ،‭ ‬وَترمِيم‭ ‬قاعدَته‭ ‬الانْتخابيَّة‭ ‬والشَّعْبيَّة،‭ ‬خَاصَّة‭ ‬فِي‭ ‬ظِلِّ‭ ‬تَراجُع‭ ‬شعْبيَّته‭ ‬وَفْق‭ ‬اسْتطْلاعات‭ ‬الرَّأْي‭ ‬الأخيرة‭.‬

كان‭ ‬بَيَان‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بِالْإضافة‭ ‬إلى‭ ‬خطابات‭ ‬أَشبَاه‭ ‬القادة‭ ‬الصَّهاينة‭ ‬الآخرين‭ ‬مِثْل‭ ‬أَريِيه‭ ‬كِينْغ،‭ ‬نَائِب‭ ‬رئيس‭ ‬بَلَديَّة‭ ‬اَلقُدس‭ ‬اَلذِي‭ ‬دعَا‭ ‬إِلى‭ ‬‮«‬حَفْر‭ ‬قُبُور‭ ‬جَماعِية‭ ‬ودفْن‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬وَهُم‭ ‬أَحيَاء‮»‬،‭ ‬دَعوَة‭ ‬رَسمِية‭ ‬صَرِيحَة‭ ‬لِلْعنْف‭ ‬ضِد‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬اَلعُزل‭ ‬وارْتكاب‭ ‬قُوَّات‭ ‬الاحْتلال‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬اَلعدِيد‭ ‬مِن‭ ‬المجازر‭ ‬الدَّمويَّة‭ ‬فِي‭ ‬قِطَاع‭ ‬غَزَّة‭ ‬المحْتلَّة‭. ‬أَحدَث‭ ‬هَذِه‭ ‬المجازر‭ ‬هِي‭ ‬مَجْزَرة‭ ‬رفح،‭ ‬حَيْث‭ ‬قَصْف‭ ‬جَيْش‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬الغاشم‭ ‬فِي‭ ‬السَّابع‭ ‬والْعشْرين‭ ‬مِن‭ ‬مَايُو‭ ‬2024‭ ‬مُخيَّم‭ ‬لِلنَّازحين‭ ‬المعْروف‭ ‬بِاسْم‭ ‬‮«‬مُخيَّم‭ ‬السَّلَام‭ ‬الكويْتيِّ‮»‬‭ ‬فِي‭ ‬مِنطَقة‭ ‬تلِّ‭ ‬السُّلْطان‭ ‬شَمَال‭ ‬غَربِي‭ ‬مَدِينَة‭ ‬رفح‭ ‬الفلسْطينيَّة‭ ‬جَنوبِي‭ ‬قِطَاع‭ ‬غَزَّة‭. ‬أَدَّى‭ ‬هذَا‭ ‬القصْف‭ ‬اَلعنِيف‭ ‬اَلوحْشِي‭ ‬الغادر‭ ‬إِلى‭ ‬اِسْتشْهاد‭ ‬خَمسَة‭ ‬وأرْبعين‭ ‬شخْصًا،‭ ‬مِنْهم‭ ‬ثَلَاثة‭ ‬وعشْرون‭ ‬مِن‭ ‬النِّسَاء‭ ‬والْأطْفال‭ ‬وكبار‭ ‬السِّنِّ،‭ ‬فِيمَا‭ ‬أُصيب‭ ‬مِائتَان‭ ‬وَتِسعَة‭ ‬وأرْبعون‭ ‬آخرون‭ ‬بِجروح‭. ‬كمَا‭ ‬تَجَاوزَت‭ ‬الآثَار‭ ‬اَلبشِعة‭ ‬لِهَذا‭ ‬القصْف‭ ‬الجرَّاح‭ ‬الجسديَّة،‭ ‬لِتمْتدّ‭ ‬إِلى‭ ‬الأرْواح‭ ‬المشوَّهة‭ ‬والْأحْلام‭ ‬المحطَّمة،‭ ‬حَيْث‭ ‬تَتَفاقَم‭ ‬الأزْمة‭ ‬الإنْسانيَّة‭ ‬اَلتِي‭ ‬يُواجههَا‭ ‬سُكَّان‭ ‬رفح‭. ‬واضْطرَّ‭ ‬مِئَات‭ ‬الآلَاف‭ ‬مِنْهم‭ ‬إلى‭ ‬النُّزوح،‭ ‬تَاركِين‭ ‬وراءَهم‭ ‬منازلهم‭ ‬وممْتلكاتهم،‭ ‬بحْثًا‭ ‬عن‭ ‬مَلَاذ‭ ‬آمن‭. ‬بِالْإضافة‭ ‬إِلى‭ ‬ذَلِك،‭ ‬تُعَانِي‭ ‬المسْتشْفيات‭ ‬المحلِّيَّة‭ ‬والْمرافق‭ ‬الطِّبِّيَّة‭ ‬مِن‭ ‬نَقْص‭ ‬الإمْدادات‭ ‬الطِّبِّيَّة‭ ‬الأساسيَّة،‭ ‬وتواجه‭ ‬تحدِّيَات‭ ‬كَبِيرَة‭ ‬فِي‭ ‬تَلبِية‭ ‬اِحْتياجات‭ ‬الجرْحى‭ ‬والْمصابين‭.‬

أَكدَت‭ ‬هَذِه‭ ‬المجْزرة‭ ‬اَلبشِعة‭ ‬بِوضوح‭ ‬وَحشِية‭ ‬وَهمجِية‭ ‬الكيَان‭ ‬الصَّهْيونيِّ‭ ‬الفاشيِّ،‭ ‬اَلذِي‭ ‬يَفتَقِد‭ ‬إِلى‭ ‬الرَّحْمة‭ ‬والْإنْسانيَّة،‭ ‬كمَا‭ ‬أَبرَزت‭ ‬سُلُوكَه‭ ‬العدْوانيَّ‭ ‬اَلعنِيف‭ ‬والْمتطرِّف‭ ‬النَّاجم‭ ‬عن‭ ‬اِسْتخْدام‭ ‬القادة‭ ‬الصَّهاينة‭ ‬لِلدِّين‭ ‬فِي‭ ‬خطاباتهم‭ ‬السِّياسيَّة‭ ‬التَّحْريضيَّة‭.‬

إِنَّ‭ ‬تَجرِيم‭ ‬الآخر‭ ‬وَتحرِيض‭ ‬النَّاس‭ ‬بِواسِطة‭ ‬الدِّين‭ ‬يُمْكِن‭ ‬أن‭ ‬يُفجِّر‭ ‬الصِّراعات‭ ‬ويؤدِّي‭ ‬إِلى‭ ‬مَجازِر‭ ‬مُرَوعَة‭ ‬كمَا‭ ‬حدث‭ ‬فِي‭ ‬غزة‭. ‬لَا‭ ‬نَستطِيع‭ ‬أن‭ ‬نَتَجاهَل‭ ‬حَقِيقَة‭ ‬أنَّ‭ ‬الدِّين‭ ‬يُمثِّل‭ ‬عُنْصُرا‭ ‬قويًّا‭ ‬فِي‭ ‬الحيَاة‭ ‬السِّياسيَّة‭ ‬والاجْتماعيَّة،‭ ‬حَيْث‭ ‬يُمْكِن‭ ‬اِسْتخْدامه‭ ‬لِتحْفِيز‭ ‬الجماهير‭ ‬وَتوجِيه‭ ‬تصرُّفاتهم‭. ‬ومع‭ ‬ذَلِك،‭ ‬يَجِب‭ ‬أن‭ ‬نَعِي‭ ‬بِأنَّ‭ ‬الدِّين‭ ‬لَيْس‭ ‬فقط‭ ‬وَسِيلَة‭ ‬لِتحْقِيق‭ ‬الأهْداف‭ ‬السِّياسيَّة،‭ ‬بل‭ ‬يَنبَغِي‭ ‬أن‭ ‬يَكُون‭ ‬مَصدَر‭ ‬إِلهَام‭ ‬لِلسَّلَام‭ ‬والتَّعايش‭ ‬والْعدالة‭.‬

وَمِن‭ ‬خِلَال‭ ‬هذَا‭ ‬المنْبر‭ ‬الإعْلاميِّ‭ ‬اَلذِي‭ ‬يَنبِض‭ ‬بِعروبته‭ ‬وَحُبه‭ ‬لِفلسْطين‭ ‬اَلأبِية،‭ ‬أُطَالِب‭ ‬المجْتمع‭ ‬اَلدوْلِي‭ ‬بِمحاكمة‭ ‬نَّتنياهو‭ ‬وَغيرِه‭ ‬مِن‭ ‬القادة‭ ‬الصَّهاينة‭ ‬المجْرمين،‭ ‬الَّذين‭ ‬يسْتغلُّون‭ ‬الدِّين‭ ‬فِي‭ ‬خِطاباتهم‭ ‬السِّياسيَّة‭ ‬التَّحْريضيَّة‭ ‬لِخدْمة‭ ‬أهْدافهم‭ ‬السِّياسيَّة‭ ‬الماكرة‭. ‬كمَا‭ ‬أُطَالِب‭ ‬بِتوْثِيق‭ ‬الجرائم‭ ‬اَلتِي‭ ‬اِرْتكبوهَا،‭ ‬وَتطبِيق‭ ‬إِطَار‭ ‬قَانُوني‭ ‬دَولِي‭ ‬وَاضِح‭ ‬لِمحاسبتهم‭ ‬على‭ ‬اِنْتهاكات‭ ‬حُقُوق‭ ‬الإنْسان‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرْب‭ ‬اَلتِي‭ ‬اِرْتكبوهَا‭ ‬ضِد‭ ‬الفلسْطينيِّين‭ ‬اَلعُزل‭ ‬لِضمان‭ ‬عدم‭ ‬وُقُوع‭ ‬مَجازِر‭ ‬أُخرَى‭ ‬فِي‭ ‬المسْتقْبل‭. ‬كمَا‭ ‬أُطَالِب‭ ‬بِوَقف‭ ‬الأعْمال‭ ‬العدائيَّة‭ ‬الوحشية‭ ‬ضِد‭ ‬الفلسْطينيِّين،‭ ‬وَضَمان‭ ‬بناء‭ ‬مُسْتقْبَل‭ ‬أَكثَر‭ ‬إِنْسانيَّة‭ ‬وَسَلام‭ ‬لِلْفلسْطينيِّين‭. ‬حِفْظ‭ ‬اَللَّه‭ ‬وَكلَأ‭ ‬فِلسْطِين‭ ‬اَلأبِية،‭ ‬وَمَملكَة‭ ‬البحْرين،‭ ‬وجميع‭ ‬البلَاد‭ ‬الإسْلاميَّة‭ ‬والْعربيَّة‭ ‬مِن‭ ‬عبث‭ ‬العابثين،‭ ‬وكيْد‭ ‬الكائدين،‭ ‬وعدْوَان‭ ‬المعْتدين‭.‬

{ أُسْتاذ‭ ‬اللُّغويَّات‭ ‬–‭ ‬وزميل‭ ‬أكاديميَّة‭ ‬

التَّعْليم‭ ‬العالي‭ ‬البريطانيَّة

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا