العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٩ - الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

اليوم التالي لن يكون إسرائيليا

بقلم: إحسان الفقيه {

السبت ٠٨ يونيو ٢٠٢٤ - 02:00

خلافا‭ ‬لمنطق‭ ‬الحكمة‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تبغ‭ ‬فراء‭ ‬الدُبّ‭ ‬قبل‭ ‬صيده‮»‬،‭ ‬تدور‭ ‬معارك‭ ‬طاحنة‭ ‬داخل‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب‭.‬

حامدين‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بأسهم‭ ‬بينهم‭ ‬شديد،‭ ‬وأن‭ ‬قلوبهم‭ ‬شتى،‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الاختلاف‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬أوجه‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬نتنياهو‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬جالانت،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬فهي‭ ‬محل‭ ‬اتفاق‭ ‬بينهما،‭ ‬ولكن‭ ‬فيمن‭ ‬يدير‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬هل‭ ‬تخضع‭ ‬للحكم‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬أم‭ ‬تديرها‭ ‬سلطة‭ ‬محلية‭ ‬بديلة؟

جالانت‭ ‬يعارض‭ ‬أي‭ ‬حكم‭ ‬عسكري‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬لأن‭ ‬كلفته‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬والأموال،‭ ‬ووفقا‭ ‬لصحف‭ ‬إسرائيلية‭ ‬فإنه‭ ‬إذا‭ ‬قررت‭ ‬الحكومة‭ ‬فرض‭ ‬الحكم‭ ‬العسكري‭ ‬بغزة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬سيتطلب‭ ‬سحب‭ ‬قوات‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وجبهة‭ ‬الشمال،‭ ‬بينما‭ ‬تقدر‭ ‬كلفة‭ ‬السيطرة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬بحوالي‭ ‬خمسة‭ ‬مليارات‭ ‬ونصف‭ ‬المليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويا،‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬أزمة‭ ‬في‭ ‬الموازنة‭ ‬العامة‭. ‬جالانت‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬من‭ ‬تكلموا‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬حيث‭ ‬دعا‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتشكيل‭ ‬قوة‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬بقيادة‭ ‬أمريكية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬شركاء‭ ‬أوروبيين‭ ‬وشرق‭ ‬أوسطيين‭ ‬للإشراف‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬القطاع،‭ ‬وتتولى‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إدارة‭ ‬القطاع‭ ‬بعد‭ ‬تأهيلها‭ ‬بمساعدة‭ ‬دولية‭. ‬وتدعم‭ ‬جالانت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬شخصيات‭ ‬محسوبة‭ ‬على‭ ‬تيار‭ ‬الوسط‭ ‬أبرزهم‭ ‬بيني‭ ‬جانتس‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬السابق،‭ ‬لكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬عارض‭ ‬وبشدة‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لن‭ ‬تقبل‭ ‬بحكم‭ ‬حماستان‭ ‬ولا‭ ‬فتحستان،‭ ‬وأيده‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الرفض‭ ‬بالطبع‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬ووزير‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬ايتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير،‭ ‬الذي‭ ‬هاجم‭ ‬بشدة‭ ‬جالانت‭ ‬وطالب‭ ‬بإقالته‭. ‬نتنياهو‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬لليوم‭ ‬التالي،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬نهائيا‭ ‬وتحرير‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬هو‭ ‬شرط‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتعاظم‭ ‬الخلاف‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬حول‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب،‭ ‬وكأن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬قاب‭ ‬قوسين‭ ‬أو‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬النصر،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تضرب‭ ‬بعنف‭ ‬وتقاتل‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬240‭ ‬يوما‭ ‬وكأنها‭ ‬في‭ ‬يومها‭ ‬الأول‭.‬

الحديث‭ ‬عن‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬يعلو‭ ‬صوته‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الاحتلال‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أهدافه،‭ ‬فقد‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬الأسرى،‭ ‬وثار‭ ‬عليه‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬الذي‭ ‬أحسن‭ ‬الإعلام‭ ‬القسامي‭ ‬إدارته‭ ‬بامتياز‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬فشل‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وظهرت‭ ‬تقاتل‭ ‬بشراسة‭ ‬في‭ ‬المناطق،‭ ‬التي‭ ‬زعم‭ ‬الاحتلال‭ ‬أنه‭ ‬سيطر‭ ‬عليها،‭ ‬بينما‭ ‬تتواتر‭ ‬الأنباء‭ ‬والتصريحات‭ ‬عن‭ ‬التنبؤ‭ ‬بعدم‭ ‬قدرة‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭.‬

فشل‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أهدافه،‭ ‬سوى‭ ‬القصف‭ ‬الوحشي‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬والمدنيين،‭ ‬وأخفق‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬العشائر‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬تاريخ‭ ‬من‭ ‬الخلاف‭ ‬مع‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جسما‭ ‬بديلا‭ ‬لإدارة‭ ‬القطاع‭. ‬

في‭ ‬الأوساط‭ ‬العربية‭ ‬والأمريكية‭ ‬يدور‭ ‬الحديث‭ ‬كذلك‭ ‬عن‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬لانتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وكل‭ ‬الأطروحات‭ ‬على‭ ‬اختلافها‭ ‬تتفق‭ ‬على‭ ‬أمر‭ ‬واحد،‭ ‬وهو‭ ‬عدم‭ ‬إدراج‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬المحتملة‭ ‬للقطاع،‭ ‬إما‭ ‬بالقضاء‭ ‬عليها،‭ ‬وإدارة‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوات‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات،‭ ‬أو‭ ‬بدمجها‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬المسار‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬خيارا‭ ‬استراتيجيا‭. ‬إذن،‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأطروحات‭ ‬بلا‭ ‬حماس،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬انتهاء‭ ‬عهد‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬يعنيه‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬أو‭ ‬نزع‭ ‬سلاحها؟

فلسطين‭ ‬بلا‭ ‬مقاومة‭ ‬مسلحة،‭ ‬يعني‭ ‬فقدان‭ ‬الردع‭ ‬الذي‭ ‬يجبر‭ ‬حكومة‭ ‬ملطخ‭ ‬تاريخها‭ ‬بنقض‭ ‬العهود،‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬المآلات،‭ ‬قبل‭ ‬شن‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬بقاع‭ ‬فلسطين،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬التعويل‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬ضمانات‭ ‬لالتزام‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بالاتفاقيات‭ ‬والمعاهدات‭. ‬المقاومة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وقامت‭ ‬بإحياء‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬الذي‭ ‬تنكرت‭ ‬له‭ ‬أمريكا‭ ‬وصار‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭ ‬ضربا‭ ‬من‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬الوهم‭. ‬المقاومة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬حركت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لاعتماد‭ ‬قرار‭ ‬يدعم‭ ‬طلب‭ ‬فلسطين‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عضوية‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬صفة‭ ‬مراقب،‭ ‬وكالعادة‭ ‬يجد‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬لصالح‭ ‬فلسطين‭ ‬وضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الفيتو‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬انتظاره‭.‬

المقاومة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬فضحت‭ ‬الصهيونية‭ ‬وتدثرها‭ ‬باليهودية،‭ ‬وقضت‭ ‬على‭ ‬ادعاءات‭ ‬المظلومية‭ ‬التي‭ ‬خيمت‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية،‭ ‬ولا‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انتفاضة‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬للصهاينة‭ ‬وتبعتها‭ ‬الجامعات‭ ‬الأوروبية‭.‬

مازال‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬مبكرا،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬صامدة‭ ‬وتفاجئ‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬بأنها‭ ‬لم‭ ‬ينفد‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬جعبتها،‭ ‬وأن‭ ‬القضاء‭ ‬عليها‭ ‬ليس‭ ‬أمرا‭ ‬هينا‭. ‬صمود‭ ‬المقاومة‭ ‬وشعب‭ ‬غزة‭ ‬يطيل‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يكلف‭ ‬الاحتلال‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬والمالية،‭ ‬وتثوّر‭ ‬عليه‭ ‬الجماهير‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الغاضبة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إحراج‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الداعمة‭ ‬للاحتلال‭ ‬وتأزيم‭ ‬علاقتها‭ ‬بشعبها‭. ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وحده،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يقرر‭ ‬من‭ ‬يبقى‭ ‬ومن‭ ‬يرحل،‭ ‬لا‭ ‬حق‭ ‬لأحد‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬الوصاية‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬النيابة‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬من‭ ‬يدير‭ ‬شؤونه،‭ ‬وحتما‭ ‬سوف‭ ‬نشهد‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب،‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬إسرائيليا،‭ ‬والله‭ ‬غالب‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬ولكن‭ ‬أكثر‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭.‬

{‭ ‬كاتبة‭ ‬أردنية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا