يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
العرب وتحولات الغرب
تشهد الدول الغربية منذ فترة عددا من التحولات الكبرى فيما يتعلق بحرب الإبادة الصهيونية في غزة والموقف العام من القضية الفلسطينية. هذه التحولات لا يجب التقليل من شأنها ويجب التفكير في كيفية استثمارها عربيا من أجل دعم القضية الفلسطينية والمواقف العربية عموما.
على الرغم من أن الدول الغربية اصطفت كما هو معروف إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي ودعَّمته بشكل كامل في حرب الإبادة التي يشنها، وما زالت تدعمه إلى حد كبير بالسلاح والدعم السياسي والإعلامي، إلا أن الدول والمجتمعات الغربية شهدت عددا من التحولات الكبرى تختلف عن هذه المواقف الرسمية.
من المفهوم بالطبع أن هذه التحولات حدثت نتيجة ما وصلت إليه حرب الإبادة من وحشية وهمجية لم يعرفها العالم من قبل، ونتيجة ما اكتشفه الكثيرون في الغرب عن طبيعة الكيان الصهيوني.
يمكن أن نلخص أهم هذه التحولات فيما يلي:
أولا: الانتفاضة الشعبية التي حدثت في الغرب دفاعا عن الشعب الفلسطيني وإدانة للاحتلال الإسرائيلي.
هذه الانتفاضة تجسدت في المظاهرات الشعبية العارمة التي شهدتها وتشهدها عواصم الدول الغربية نصرة لفلسطين. وتجسدت في انتفاضة طلاب الجامعات التي بدأت في أمريكا وامتدت إلى باقي الدول الغربية وغير هذا كثير من صور الاحتجاج الشعبي.
هذه الانتفاضة الشعبية غير مسبوقة في الغرب من حيث اتساع نطاقها ومن حيث الموقف الحازم الذي تتبناه.
وقد نجحت هذه الانتفاضة بالفعل في إجبار الحكومات الغربية على تعديل بعض مواقفها ومحاولة إظهار أنها لا تؤيد الإبادة الإسرائيلية بشكل أعمي أو إنها حريصة على حماية المدنيين الفلسطينيين.
ثانيا: إنه لأول مرة تنطلق وعلى نطاق واسع في الغرب مطالبات باتخاذ مواقف جذرية حازمة ضد الاحتلال الإسرائيلي لم تكن مطروحة بهذا الوضوح من قبل.
على سبيل المثال، المطالبة بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل لإجبارها على وقف حرب الإبادة الوحشية، أصبحت مطالبة واسعة النطاق على مستويات كثيرة.
هذه المطالبة لم تنطلق فقط من الاحتجاجات الشعبية في الشوارع وفي الجامعات، وإنما أصبحت تصدر من نواب وساسة ومسئولين في الغرب.
هذا المطلب بوقف تصدير السلاح للكيان الإسرائيلي غير مسبوق في الغرب ويعكس تحولا هائلا.
يرتبط بهذا أيضا المطالبات التي انتشرت في الغرب بمقاطعة الشركات الإسرائيلية أو حتى بقطع العلاقات.
ثالثا: الانشقاق الذي حدث بين الدول الغربية في مواقفها الرسمية من الكيان الإسرائيلي والقضية الفلسطينية.
في الوقت الذي ما زالت فيه أمريكا وأغلب الدول الأوروبية تدعم حرب الإبادة الصهيونية، ومازالت أبعد ما يكون عن الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة، وجدنا دولا أوروبية تنشق عن هذا الموقف.
قرار النرويج وإيرلندا وإسبانيا الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية خطوة كبرى تجسد هذا الانشقاق. بغض النظر عن النتائج العملية لهذا الاعتراف إلا أن هذه الخطوة تمثل دعما كبيرا لقضية الشعب الفلسطيني وإدانة مباشرة واضحة للكيان الإسرائيلي. كما إن هذه الخطوة تحرج الدول الغربية الأخرى وتظهر مدى دعمها للاحتلال وتنكرها للقانون الدولي والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
هذه بعض التحولات الجديدة في الدول الغربية.
كما ذكرت في البداية لا يجب أن نقلل من شأن هذه التحولات وما تعنيه وما يمكن أن يترتب عليها من تداعيات. هي تحولات تاريخية فعلا من الصراع العربي الصهيوني.
القضية المهمة هنا، كيف يمكن للعرب أن يستغلوا هذه التحولات ويستثمروها من أجل دعم قضية فلسطين والقضايا العربية عموما.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك