الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
التأهيل والتوظيف.. الجامعات والقطاع الخاص
في معظم -إن لم تكن كل- جامعات إحدى الدول، توجد إدارة تسمى «شعبة التأهيل والتوظيف والمتابعة»، وقد برز إنشاء هذه الإدارة بعد تزايد أعداد الخريجين بشكل مفرط، من دون أن يكون هناك سياسة تنظم هذه الزيادة وتعالجها.. وتهدف إدارة «التأهيل والتوظيف» إلى إيجاد حلول ناجعة، وتغيير الأنماط المتبعة والتوجهات، في البحث عن وظيفة في القطاع الخاص بدلاً من القطاع العام.
هذه الإدارة تضع الطلبة وخريجي الجامعات هدفها الأساس.. من ناحية تدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل.. ومن ناحية تأهيلهم لدخول عالم ريادة الاعمال، فضلا عن تطوير قدرات ومهارات الطلاب، حتى يتمكنوا من التقدم والمنافسة على الوظائف، من خلال برامج التدريب والتأهيل المتنوعة خلال دراستهم، وبالإضافة إلى خلق آفاق التعاون مع القطاعين العام والخاص، وتوفير خريجين مؤهلين للعمل في القطاع الخاص، عبر اتفاقيات تعاون فاعل بين الجامعات ومؤسسات القطاع الخاص، وتكون لتلك الاتفاقيات مزايا وتحفيز من الدولة لمؤسسات القطاع الخاص الأكثر تفاعلا مع الجامعات في التوظيف.
طبعا كل هذا الكلام بعيد كل البعد عن الاهتمام الواقعي في جامعاتنا المحلية، التي اكتفت بوجود قسم إداري يسمى «قسم التدريب الجامعي»، شأنه فقط في مخاطبة مؤسسات العمل العام والخاص لتوفير مساحة تدريب عملي لإكمال عدد الساعات الجامعية للطالب والطالبة، بل إن بعض الأقسام توعز للطالب أن يبحث بنفسه عن مؤسسة تقبل بتدريبه..!!
دع عنك التقارير المكتوبة وزيارة المشرفين للطلبة المتدربين، لأنها تقارير وزيارات لا تكشف الواقع، ولا تحقق الهدف الأساس وهو التوظيف.. فضلا عن طبيعة التدريب الذي يناله الطالب الجامعي، الذي يكون في معظم الأحيان «إداري»، ومخلص مهام روتينية لا يقبل بها الموظفون..!!
كثرة برنامج التدريب والتأهيل في بلادنا، بتعدد أسمائها ومسمياتها، وبتعدد مزاياها ودعمها، وزيادة أخبارها وصورها، إن لم تسفر عن توظيف الخريج والباحث عن العمل، فهي بحاجة إلى إعادة تقييم وتقويم .. بحاجة لتصحيح المسار .. بحاجة إلى قيام المجلس الأعلى للجامعات، لتعزيز مفهوم ومسؤولية «التأهيل والتوظيف» في الجامعات بشكل إلزامي.. وإنشاء شراكة «حقيقية» مع وزارة التربية ووزارة العمل، وغرفة التجارة وتمكين.. لبحث الموضوع ووضع برنامج قابل للتنفيذ، بعيدا عن التدخل الحكومي المباشر.
وزير العمل -أي وزير عمل في أي دولة- لن يتمكن وحده من القضاء على البطالة وتصفير نسبة البطالة في الدولة.. لأن الزيادة مستمرة، وخريجي المدارس والجامعات في تزايد كل عام، هذه معادلة بسيطة ومعروفة في كل المجتمعات، ولكن بعض الدول بدأت الاهتمام بالتوظيف من خلال غرس مفاهيم العمل والتربية المهنية منذ الصفوف الأولى، وبعض الدول من خلال الدراسة الجامعية وتفعيل دور الجامعات في التوظيف، قبل وصول الطالب إلى أبواب سوق العمل، وقد تمكنت تلك الدول من تغيير الثقافة المجتمعية، وتعزيز الرغبة للشباب بالعمل في القطاع الخاص لأنه يوفر فرص عمل أكثر وأكبر.
أعلم أنني أثقلت على القارئ الكريم في الحديث والكتابة عن دور الجامعات في التوظيف، طوال المقالات الماضية، ولكنه التوجه المستقبلي للجامعات حاليا، الذي لا يزال غائبا عنا وغير مفعل في بلادنا .. وقد آن الوقت لأن تبادر «الجامعات وغرفة التجارة وتمكين» لخلق مبادرة جديدة (خارج الصندوق)، وتسهم في معالجة مسألة التوظيف، وتساند الدولة وخططها الاستراتيجية، من أجل المستقبل الأفضل للوطن والشباب والأجيال القادمة.. فقط فكروا وبادروا بهذا المشروع الوطني، وخففوا الأعباء عن الدولة، وحققوا «الشراكة المجتمعية» برؤية أكثر شمولية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك